فقراء جدد في أميركا بسبب الأزمة المالية
يتقدم دونالد فورتون بين صفوف عدة من الكراسي التي أقيمت في قاعة انتظار يتجمع فيها طالبو «كوبونات الغذاء» في شمال شرق العاصمة الأميركية واشنطن، فقد قرر هذا الرجل البالغ ٤٥ عاما، أن يأتي بحثا عن مساعدة.
وما يريده الرجل «ليس إلا أن يأكل حتى الشبع»، بحسب تصريحاته، الأمر الذي لم يعد ممكنا منذ «ان فقد عمله قبل أربعة أشهر». وقال: «وضعت اعتدادي بنفسي جانبا وجئت اليوم للحصول على كوبونات غذاء».
وهذه الكوبونات هي في الواقع بطاقات حسم تستخدم في معظم المراكز التجارية. وللحصول عليها ينبغي أن يكون الدخل الشهري لأسرة من أربعة أشخاص أدنى من 2300 دولار.
وفي سبتمبر الماضي، فاق عدد الأميركيين الفقراء الذين لجأوا إلى هذه الكوبونات للمرة الأولى 30 مليون شخص، أي نحو 10٪ من السكان.
وأوضحت مديرة قسم الخدمات الاجتماعية في واشنطن، كلارينس كارتر، «شاهدت زيادة في عدد الفقراء من مستخدمي كوبونات الغذاء حين يكون الوضع الاقتصادي سيئا، لكني لم اشهد مثيلا لهذا الوضع من قبل».
المسؤول الأول عن ذلك هو البطالة التي وصلت الى مستوى قياسي لم يسجل منذ 15 عاما، وبلغت نسبتها 7.6٪ من الفئات العاملة، إضافة إلى ارتفاع الأسعار.
وقالت فيليسيا براون ـ التي تهتم بملفات التسجيل في هذه الوكالة التابعة لوزارة الخدمات الاجتماعية الواقعة شمال شرق واشنطن ـ «يأتينا عدد اكبر من العاطلين الذين تم طردهم للتو بسبب الوضع الاقتصادي، وعدد اكبر من الشبان».
وزار دونالد الوكالة في الصباح الباكر حتى لا يخسر يومه الذي يمضيه في البحث عن عمل وزيارة مؤسسات، وقد يزور أحيانا 30 شركة في يوم واحد.
وقال «كل المؤسسات تقول إنها لا تملك أموالا، وإنها لا توظف في هذه الفترة، بحثت عن عمل في كل مكان». وأضاف «في السابق كان يكفي أن تنزل إلى الشارع وسيوظفك (ماكدونالد) في الحال بكل بساطة، غير ان هذا الوضع انتهى». وبعد دونالد استقبلت فيليسيا، طالبة في جامعة هاورد، لمساعدتها في إعداد أول ملف طلب كوبونات غذاء.
وأوضحت نيكيتا فورد (20 عاما) انه ليس أمامها خيار آخر غير الكوبونات لتحصل على الغذاء الملائم.
وقالت إن «نفقات الدراسة والسكن والغذاء.. كل الأسعار ارتفعت»، مشيرة أيضا إلى أنها تريد تخفيف وطأة العبء على كاهل أبويها. وأضافت «بسبب الأزمة أصبح يصعب عليهما بين الفينة والأخرى مدي بالمال».
وأوضح رئيس العمليات في احد بنوك الغذاء في واشنطن، بريان سميث، أن «وجوه الجوع بصدد التغير، والأشخاص المرشحون لم يعودوا بالضرورة من الطبقات الاجتماعية الأشد فقرا، بل من الطبقة المتوسطة المتواضعة التي أصبحت اليوم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، تملك الحق في الحصول على كوبونات الغذاء». وخصص هذا البنك خطاً للطوارئ ضد الجوع، وقد ارتفع عدد المكالمات التي تلقاها الخط بنسبة 248٪ خلال الأشهر الستة الأخيرة.
وقالت الخبيرة الاقتصادية في معهد بروكينغز للدراسات ومديرة الميزانية سابقا في عهد بيل كلينتون، آليس ريفلين، إننا «بحاجة إلى خطة إنعاش للنهوض بالاقتصاد أو على الأقل الحد من الأضرار».
وأضافت «سيكون الانكماش شديدا جدا، واعتقد أن أفضل ما يمكن ان نأمل به على المدى القريب هو الا يتفاقم الوضع ولن تتحسن الأمور سريعا حتى باعتماد خطة إنعاش واسعة النطاق».
من جهة أخرى، تعتزم إدارة الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما طرح خطة إنعاش للاقتصاد الأميركي قد تصل قيمتها إلى ٨٥٠ مليار دولار منذ الأيام الأولى لتولي الرئيس المنتخب السلطة رسميا في 20 من يناير، فيما ذكرت بعض الصحف مبلغا يصل إلى 1000 مليار دولار. إذ يعتبر الوضع الاقتصادي أولى أولويات الديمقراطيين في البيت الأبيض والكونغرس.
وأعلن زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس النواب، ستيني هوير، خلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي ان خطة الإنعاش ستكون «الأولوية الأولى خلال الأيام الـ100 الأولى» من عهد الكونغرس الجديد، حيث عزز الديمقراطيون غالبيتهم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news