شاشات التداول لم تعـرف «الأخضر» طوال أسبوع
واصل المؤشر العام لسوق الإمارات المالي اتجاهه السلبي خلال هذا الأسبوع مقارنة بالأسبوع السابق، حيث انخفض انخفاضا حادا بنسبة 14.3% مقارنة بنسبة انخفاضه خلال الأسبوع الماضي، والتي بلغت 3.02% . كما انخفض مؤشر سوق أبوظبي بنسبة 14.73 وانخفض سوق دبي بنسبة 16.88% وتراجعت قيمة التداولات الأسبوعية لتصبح 1.9 مليار درهم مقارنة بـ 2.4 مليار درهم في الأسبوع الماضي، وهو الأمر الذي يعني انخفاض متوسط قيمة التداول اليومية من 480 مليون درهم في الأسبوع السابق إلى 397 مليون درهم، مع انخفاض صافي الاستثمار الأجنبي خلال هذا الأسبوع ليصل إلى 111.67 مليون درهم، وبذلك تنخفض القيمة السوقية للأسهم المدرجة بالسوق لتصل إلى 349.7 مليار درهم.
وعلق المستشار الاقتصادي في شركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع على أداء السوق بالقول «إنه طوال أسبوع كامل، لم تعرف أسواق الإمارات اللون الأخضر على شاشات التداول، باستثناء بعض الدقائق القليلة في بداية تداولات يوم الأربعاء».
وأضاف «يتساءل المستثمرون عن السبب الذي جعل السوق المحلي يتراجع أكثر من تراجع كل الأسواق العربية والخليجية، في الوقت الذي سجلت فيه بعض الأسواق الخليجية ارتفاعات لا بأس بها كسوق الدوحة، كما سجلت أسواق أخرى تحسنا في الأيام الثلاثة الماضية».
وقال «حتى الآن يوجه البعض اللوم إلى المصارف، باعتبار أنها توقفت عن عمليات الإقراض، وتتسبب بذلك في تعميق الأزمة». وأضاف «توقف المصارف أو تشددها في الإقراض هو بحد ذاته نتيجة أزمة السيولة».وأوضح أن «انخفاض أسعار النفط وتأثر الاستثمارات الفردية والمؤسساتية بخسائر أسواق المال في الخارج، أثرت في سيولة المصارف وقدرتها على التمويل».
حلول غير تقليدية
وقال «إن المعالجات المطلوبة لتراجع أسواق الإمارات تتطلب الكثير من الحلول غير التقليدية». ورأى ضرورة تحفيز الأسواق، وإعادة الثقة إليها، خصوصا أن عودة أسعار النفط نحو الارتفاع غير معلومة التوقيت، وتتطلب توافر السيولة والتمويل المطلوب لإدامة النشاط الاقتصادي في الدولة عند المستوى المرغوب، دون الدخول في نمو سلبي للناتج المحلي».
وفي ما يتعلق بالسياسة المالية، شدد همام على أنه «لا مناص من السعي لزيادة إيرادات الدولة غير النفطية، ليس فقط لأغراض تمويلية، وإنما لغرض الحيلولة دون حدوث عجز في الميزان التجاري الذي يؤدي إلى أثر مشابه لذلك الذي تركه سحب السيولة الأجنبية على وضع السيولة في المصارف».
وقال «إن من ضمن البدائل المتاحة أمام الدولة الضريبة على القيمة المضافة، وحصر نطاق سريانها على جميع السلع الاستهلاكية، بما في ذلك السلع المعمرة، وزيادة استيفاء رسوم الخدمات العامة، وتقليص الإنفاق الاستهلاكي الحكومي غير الضروري وفق ضوابط».
وأضاف أن «الهدف من هذه الإجراءات، هو منع حدوث عجز في الميزان التجاري للدولة، الذي يؤدي إلى تقليص السيولة المحلية للاقتصاد، إضافة إلى توفير موارد مالية إلى جانب المتاح من إيرادات النفط لتمويل الإنفاق الحكومي الجاري والاستثماري، والحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار الاقتصادي».
السياسة النقدية
وفي ما يتعلق بالسياسة النقدية قال الشماع «إن هناك ضرورة لوضع خطة ائتمان ملزمة للبنوك التجارية، يتم بموجبها وضع سقوف للائتمان الاستهلاكي كالقروض الشخصية، وقروض السيارات، والبطاقة الائتمانية»، وأشار إلى أن «ذلك يعد من الأمور الأساسية التي يجب أن تكون محط اهتمام صناع السياسة النقدية في الدولة، حيث إن «الهدف من خطة الائتمان هذه هو التأثير في الطلب الاستهلاكي على السلع والبضائع المستوردة، وبما يقلل أيضا العجز التجاري المتوقع ويزيد من احتمالات تحقيق فائض تجاري».
من جانبه، قال مدير قسم الأبحاث والدراسات بشركة الفجر للأوراق المالية الدكتور محمد عفيفى، «إن حركة الأسواق المحلية خلال هذا الأسبوع جاءت مخيبة لآمال الكثيرين من المستثمرين أو المحللين، من حيث حدة الاتجاه الهبوطي واستمراره طوال جميع جلسات التداول لهذا الأسبوع». وأفاد بأن «العديد من الأسهم وصلت خلال هذا الأسبوع إلى قيعان سعرية جديدة تخرج عن نطاق المنطق والمعقول في ظل المعطيات الاقتصادية الكلية لدولة الإمارات، مقارنة بالدول التي انطلقت منها أزمة الائتمان العالمية»، وأضاف «وصلت العديد من الأسهم، خصوصا تلك التي كان يطلق عليها قيادية، إلى مستويات سعرية دنيا تعادل أقل من 20٪ من أعلى قيمة لها خلال هذا العام فقط، بما يعني فقدان بعض من هذه الأسهم لما يزيد على 85٪ من قيمتها عند بداية هذا العام».
انخفاض مستمر
وقال عفيفي «على الرغم من أن الانخفاض المستمر والمتواصل في أسعار الأسهم المحلية لم يعد شيئا جديدا على أسواقنا المحلية، وأن ما حدث خلال هذا الأسبوع كان إلى حد ما متوقعا من جانب بعض المحللين، إلا أن الأمل كان يحدو المستثمرين والمحللين في أن تستطيع الأسواق المحلية الحفاظ على تحركاتها الأفقية التي كانت قد بدأتها خلال الفترة ما قبل الإجازة الطويلة، وكانت توحي حينئذ بقرب عودة أسواقنا المحلية إلى الاستقرار، ولكن ذلك الأمل تلاشى في ظل ضعف حركة التداول مع وصول متوسط قيمة التداول اليومية إلى أقل مستوى لها على الإطلاق خلال هذا العام والبالغ 390 مليون درهم للسوقين معا».
وأفاد بأن «انخفاض الطلب على شراء الأسهم المحلية جاء نتيجة إحجام الكثير من المحافظ أو المستثمرين الذين لايزال لديهم بعض من «الكاش» عن الدخول في الأسواق، انتظارا لظهور المؤشرات الأولية لنتائج أعمال الشركات المدرجة بالأسواق المحلية عن العام الجاري مع بداية العام المقبل، وهو الأمر الذي قيد كثيرا من قدرة الأسواق المحلية على مواجهة ضغوط البيع القسرى التي قام بها بعض المستثمرين لتغطية المراكز المكشوفة بنهاية العام المالي، أو لتبديل المراكز أو تصفيتها لبعض المحافظ».
البيع القسري
وقال «إن ذلك يعني أن عمليات البيع القسري هذه عمقت من حجم الخسائر التي لحقت بالأسواق خلال هذا الأسبوع، والتي بلغت ٥٨ مليار درهم، وأخرجت الأسواق، رغما عنها، عن مسارها الأفقي الذي يتسم بالتذبذب السعري صعودا وهبوطا في نطاقات ضيقة».
وأضاف «يمكن القول إن تلك العمليات قاربت على الانتهاء إن لم تكن قد انتهت بالفعل، ولعل ذلك ما جعل الأسواق المحلية تستعيد جزءا من خسائرها في آخر جلسات هذا الأسبوع، مع ظهور بوادر ارتداد، وإن كانت لاتزال تحتاج إلى تأكيد وتدعيم خلال جلسات الأسبوعين المقبلين».
وقال «إن ذلك التدعيم قد يعطي السوق الفرصة للتفاعل الايجابي مع الإعلان عن النتائج المالية لبعض الشركات، والتي ستكون محلاً لعودة الحركة والنشاط عليها، خصوصا تلك الشركات التي لا تشكل محافظ الأوراق المالية المملوكة لها نسبة كبيرة من أصولها، إذ إن من المتوقع أن تشهد الأرباح التشغيلية للعديد من الشركات المدرجة بأسواقنا المحلية ارتفاعا ملحوظا هذا العام مقارنة بالعام الماضي، إلا أن خسائر محافظ الأوراق المالية قد تأكل تلك الأرباح التشغيلية وتحول عددا من الشركات من الأرباح إلى الخسائر».