البنـوك تواصــل الإقـراض الشخصي
قال عملاء إنهم تلقوا عروضاً من بنوك وطنية عدة تدعوهم لأخذ قروض شخصية وبطاقات ائتمان بمبالغ كبيرة مع فترات سداد طويلة، لكنهم تحفظوا على سعر الفائدة المرتفع الذي يصل في بعض الأحيان إلى 20٪.
وأشاروا إلى أنهم يتخوفون من الاندفاع وراء هذه العروض في ظل عدم الاستقرار الذي تشهده سوق العمل؛ في حين أفاد آخرون أنهم قد يلجأون إلى الاستفادة من هذه العروض لسداد التزاماتهم المتعلقة بالبطاقات الائتمانية، حيث تعد الفائدة على القرض أقل نوعاً ما من مثيلتها على البطاقة الائتمانية.
ومصرفياً قال مسؤولون وخبراء إن البنوك عادت لتدوير أموالها عبر القروض الشخصية للأفراد، مدفوعة بعدم وجود قنوات استثمار بديلة آمنة، في ظل استمرار مخاوف تمويل العقار والأسهم نتيجة للأزمة المالية وعدم جدوى اللجوء إلى الإيداع في البنوك الأجنبية نتيجة هبوط الفائدة على الودائع بها إلى 0٪، أو التوجه خارجياً بعد تعثر المؤسسات المالية العالمية وتعرض الكثير منها للإفلاس، لافتين إلى أن البنوك تنظر للسوق المحلية الآن، وبالتحديد للإقراض الشخصي، على أنها الأقل مخاطرة والأكثر ضماناً من حيث العائد.
عروض كثيرة
وتفصيلاً، قال أحد الوافدين عمر محمد: «تلقيت عرضاً من بنك وطني مقره دبي للحصول على قرض شخصي بحد أقصى 250 ألف درهم، على أن يستقطع من راتبي، الذي يبلغ 11 ألف درهم شهرياً، بفائدة 5.5٪ ولمدة ست سنوات للوافد وثمانٍ للمواطن الذي يمكنه الحصول على قرض حتى مليوني درهم».
وأضاف «أعلم أنه يمكن أن تصل الفائدة على القرض محاسبياً إلى 20٪ بحسب الطريقة التي يعتمدها البنك، لكن قد ألجأ إلى الاستفادة من العروض الكثيرة للبنوك حالياً لأخذ قرض شخصي لأوجهه لسداد بطاقات الائتمان الخاصة بي والاكتفاء بسداد أقساط القرض نظراً لانخفاض الفائدة عليه مقارنة بالبطاقة الائتمانية التي تصل في أحيان كثيرة إلى 28٪».
أما المواطن سعيد المرزوقي فقال «تلقيت عروضاً عدة من بنوك وطنية في أبوظبي للحصول على قرض 65 ضعف راتبي، لكن الفائدة تقارب 20٪ ولفترة سداد تصل إلى ثماني سنوات، كل ذلك إضافة إلى بطاقة ائتمانية مجانية وخدمات أخرى عدة تصاحب القرض، وجميعها من دون رسوم، وحالياً أدرس أفضلها، ولاشك أنني سأستفيد من إحداها، خصوصاً في ظل شح السيولة بالسوق وتراجع أسعار الأسهم».
بدوره، قال الموظف إيهاب علي، إنه يتلقى هو ومعارفه وأصدقاؤه عروضاً متنوعة أخيراً من البنوك تدعوهم للحصول على قروض شخصية، في الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن أزمة سيولة، موضحاً أنه حاول منذ شهرين الحصول على قرض ولم يجد من يقدمه له من البنوك الوطنية فلجأ للاقتراض من أحد البنوك الأجنبية، الذي أقرضه بفائدة مركبة مرتفعة جداً، لكن تحت ضغط الحاجة اضطر للموافقة.
تكلفة الإقراض
وبحسب مدير فرع البنك الأهلي الكويتي في أبوظبي مؤيد أنطون، فإن «القروض الشخصية من أهم الأنشطة المصرفية لكل البنوك، ولابد من معاودة التركيز عليها كأحد الروافد الأقل مخاطرة لتدوير الأموال، خصوصاً في الوقت الراهن الذي تشهد فيه الأنشطة الاستثمارية الأخرى، سواء عقار أو أوراق مالية، تراجعاً ملحوظاً».
وأضاف «خففت البنوك في الفترة الماضية منح القروض حتى تتضح الأوضاع المالية، وأعتقد أن الوقت مناسب للتركيز على السوق المحلية، خصوصاً مع توجيهات المصرف المركزي بتشجيع ودعم الاقتصاد الوطني، وعدم وجـود ما يغـري بالسوق الخارجية من الناحية الاستثماريــة، حيث يتعرض معظم القطاعات ـ وعلى رأسها القطاع المالي ـ لحالات تعثر وتراجع ملموس في العائد».
وأوضح أن «من الطبيعي ارتفاع نسبة الفائدة لأن تكلفة الأموال أصبحت أعلى من السابق، وبات من الصعوبة على البنوك توفير أموال بمعدلات فائدة أقل، خصوصاً أن هناك زيادة في الفوائد على الودائع، وهي تعد الرافد الأول للقروض بالنسبة للبنك».
ربح مرتفع
أما مدير عام المجموعة المصرفية للشركات في بنك أبوظبي الوطني، عبدالله بن خلف العتيبة، فقال «يحمل الإقراض الشخصي هامش ربح مرتفعاً، ومن الصعب على البنوك وقفه أو تقليله لفترة طويلة، خصوصاً مع رفع البنوك سعر الفائدة، لكن من المهم أن يتم ذلك بعد دراسة وتعقل، لأن الإفراط في الوقت الراهن في غير مصلحة البنوك أو العملاء».
وأضاف «نحن في بنك أبوظبي الوطني لم نوقف الإقراض الشخصي نهائياً، وإنما أصبحت هناك بعض القيود والشروط الإضافية التي كنا نتجاوز عنها في أوقات وفرة السيولة، منها ما يتعلق بسقف الراتب ومدة القرض، وما إذا كانت الجهة التى يعمل فيها حكومية أو خاصة».
إقراض المواطنين
من جانبه، أكد مسؤول القروض الشخصية للمواطنين في بنك «الخليج الأول» صفوان جدعن، أن «سياسة الإقراض الشخصي للمواطنين لم يطرأ عليها تغير يذكر في «الخليج الأول»، ولا توجد تحفظات على طبيعة الجهة التي يعمل فيها المواطن طالما أن شروط ضمان السداد متوافرة».
لافتاً إلى أن «القروض الموجهة للمواطن تختلف عن الوافد لإمكانية مغادرة الأخير الدولة، أما المواطن فهنا موطنه الأصلي ولا توجد مخاوف من إقراضه».
يذكر أن محافظ المصرف المركزي تطرق في وقت سابق إلى تحفظ البنوك في الإقراض، وقال «إن البنوك تعرضت لصدمة مؤقتة جعلتها تعيد النظر في سياستها الائتمانية وترتب أوراقها من جديد، لكنها سرعان ما تعاود نشاطها ودورها في دعم الاقتصاد الوطني».
الشركات العقارية
وأفاد مدير الخدمات المصرفية للأفراد في مصرف دبي، محمد الأميري، أنه من الطبيعي أن تعاود البنوك نشاطها الإقراضي لتحريك السوق والحفاظ على دورة الاقتصاد، حتى إن كانت هناك بعض المجازفة»، لافتاً إلى أن «البنوك تركز على العميل وتاريخه الائتماني والجهة التي يعمل فيها، وبالنسبة للشركات العقارية لا يتم التعامل معها جميعها بنفس الطريقة، فموظفو الشركات الكبيرة والمستقرة ذات السمعة الجيدة يُمنح موظفوها قروضاً شخصية شأن بقية العملاء، أما موظفو الشركات التي تستغني عن عمالتها بنسب كبيرة، فإن البنك يتحفظ في إقراضهم، لكن يمكن القول إن معظم الشركات العقارية لا غبار على منح موظفيها قروضاً».
ونفى الخبير المصرفي حسن فهمي، أن تكون البنوك منعت إقراض موظفي الشركات العقارية تخوفاً من عدم الاستقرار الوظيفي بها، بقوله «البنوك تلجأ إلى مزيد من التحوط في هذا الأمر، والشروط تتعلق بسقف الراتب وطبيعة الوظيفة التي يعمل فيها، بمعنى أن هناك رفعاً لسقف الراتب والحد الأقصى لقيمة القرض، وهو ما ينطبق على الكثير من الوظائف وليست في العقار وحده، وهو طبيعي في ظل تراجع معدلات السيولة مقارنة بالسابق، وزيادة الفائدة على الودائع التي تقدمها البنوك، ما يجعل سعر الإقراض أعلى عن السابق»، مضيفاً أن «نسبة المخاطرة في جميع التسهيلات المصرفية أصبحت أعلى من السابق، ومن الطبيعي أن تحتاط البنوك، فمازالت هناك تداعيات للأزمة العالمية لم تتضح حتى الآن».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news