نصف مليار دولار خسائر القطاعين الزراعي والبحري في غزة
أحدثت آلة الحرب الإسرائيلية، التي استمرت في العمل على مدار 23 يوماً متواصلة، دماراً كبيراً في القطاع الزراعي والثروة الحيوانية وقطاع الصيد البحري في قطاع غزة، اذ جرّفت الآليات العسكرية الأراضي الزراعية بما فيها من محاصيل ومزروعات، وأعدمت المواشي والأغنام والدواجن، وتضرّر مرفأ وميناء الصيادين خلال تعرضه للقصف.
وبلغت خسائر القطاعات الزراعية والحيوانية والبحرية، ما يقارب نصف مليار دولار، حسب معطيات وزارة الزراعة في الحكومة الفلسطينية المقالة، التي أشارت إلى أن خسائر الزراعة تحديداً كانت في اليوم الأول من توقف الحرب 170 مليون دولار.
تجريف الأراضي
«الإمارات اليوم» تجولت بين عدد من الأراضي الزراعية المجرفة، ومزارع الماشية والدواجن التي طالها الخراب على طول قطاع غزة، فآلاف من الدواجن قد تحللت بعد أن تعرضت مزارعها للقصف المدفعي والجوي، ومئات رؤوس الماشية والأبقار أعدمت نتيجة تجريف آلة الحرب للأراضي الزراعية التي ترعاها.
وقال المُزارع، أبو هاشم عبد ربه، من سكان عزبة عبد ربه شرق بلدة جباليا شمال القطاع: «لقد جرّفت الآليات العسكرية الإسرائيلية، التي دمرت منازلنا وقتلت أهلنا، مئات الدونمات الزراعية في منطقة شمال القطاع، ومنها 20 دونماً كنت أملكها، وكانت مزروعة بأشجار الحمضيات والزيتون المعمرة من عشرات السنين، حيث اقتلع عدد كبير منها من الأرض، واحترقت المحاصيل الزراعية في أرضي وبقية الأراضي نتيجة القذائف الحارقة التي كانت تلقى عليها».
وأضاف «لقد تهدّم منزلي بالكامل، ومنزل شقيقي، وبتنا بلا مأوى ونسكن الخيام، ولم يكفيهم ذلك، بل جرّفوا أرضنا الزراعية التي كانت مصدر رزقنا، وتُعيل عشرات الأفراد أكثر من نصفهم أطفال».
وأوضح المزارع، ربحي خضر، من منطقة جبل الريس أقصى شرق بلدة جباليا شمال القطاع، أن «الآليات العسكرية التي جرّفت الأراضي الزراعية، أعدمت أكثر 100 رأس من الماشية والأبقار التي كان يراعها في مزرعة داخل أرضه الزراعية، حيث تحللت وانتفخت».
وأشار إلى أن الآليات تمركزت في بداية الحرب داخل أرضه الزراعية القريبة من حدود القطاع مع إسرائيل، ومن ثم انطلقت منها لتتوغل في عمق مناطق غزة، حيث جرّفت 10 دونمات، كانت مزروعة بأشجار الحمضيات، وتسببت بهلاك الماشية والأبقار التي كان يرعاها.
وجرفت آليات الاحتلال سبعة دونمات زراعية ومشتل زهور للمزارع، مسعود عياد، من حي الزيتون في الجنوب الغربي لمدينة غزة، حيث قال: «إن خسائرنا لا تقدر بمال، إن ما فقدناه أكبر من أن يتم تعويضه، فأرضي الزراعية وما يوجد بها من محاصيل هي تعب العمر، وكنت أعتني بها وأربيها كما أربي طفلي الصغير، وكما حُرم الأهالي من أبنائهم، أنا حُرمت من سبعة دونمات كنت أزرعها بالزيتون والخضراوات، ومشتل زراعي للزهور أحرقتـه القذائف الحارقـة التي كانت تتساقط علينا».
أما المواطن، ناهض أبو عجوة، من سكان حي الزيتون أيضاً، فقد دمرت آلة الحرب مزرعة دواجن كان يمتلكها في تلك المنطقة، تعد من كبرى مزارع القطاع، حيث بلغت خسائره شاملة كل كانت تشمله من دواجن وآلات ومواد ما يقارب 2.46 مليون دولار، وذلك حسب معطياته.
وبين أبو عجوة أن «مزرعة الدواجن كانت مقامة على مساحة 15 دونما، تضم أقفاصا لرعاية 126 ألف دجاجة، من بينها 83 ألف دجاجة بياض، ومخازن للبيض والكرتون، وللأعلاف، وخزانات للسولار، وبئرين مياه، بالإضافة إلى شبكات المياه والكهرباء، ومولد كهربائي بحجم 110 كيلواط». وأشار إلى أن مخازن مزرعته كانت تحتوي على ثلاث سيارات «تراكتور» لنقل الدواجن، وعربات لتجميع البيض، وجميع ذلك قد أصابه الخراب. وأوضح أن «جميع الدواجن التي كانت تضمها المزرعة هلكت، لقد توجت إليها عقب انتهاء الحرب لأجد جميع الدواجن هالكة ومتحللة».
خسائر فادحة
من جهته، قال وزير الزراعة في الحكومة الفلسطينية المقالة، محمد الآغا، إن «خسائر القطاع الزراعي والثروة الحيوانية والسمكية، وكل ما يتبعهم من إمكانات، بلغت ما يقارب نصف مليار دولار، حيث إن اللجان والأطقم الفنية والإدارية في الوزارة قامت منذ اليوم الأول بإحصاء الأضرار والخسائر، ففي اليوم الأول فقط بلغت خسائر قطاع الزراعة لوحدها 170 مليون دولار».
وأضاف «شملت الأضرار تدمير وتجريف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، ومنشآت وآبار ومزارع حيوانية ومختبرات ومحطات تجارب ومصانع التغليف وثلاجات ومخازن». وأشار إلى أن أكثر من 8000 بئر زراعية تعمل على الكهرباء والوقود توقفت عن العمل بسبب مواصلة العدوان، حيث كانت قوات الاحتلال تمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم، وتطلق النار عليهم.
ولفت إلى أن حجم القذائف والصواريخ التي أطلقته إسرائيل خلال الحرب على الأراضي الزراعية ومياه البحر، تشكل خطراً كبيراً، وتنذر بكارثة بيئية وصحية، فقد حملت هذه المقذوفات المختلفة اليورانيوم المنضب والفيسفور الأبيض.
وذكر أن «مقر وزارة الزراعة الرئيس دمر بشكل كامل نتيجة قصفه بالطائرات الحربية».
مرافئ الصيادين
وفي ما يتعلق بقطاع الصيد البحري، أوضح الوزير أنه «تعرض لخسائر فادحة بفعل استهداف الزوارق الحربية الإسرائيلية بشكل مباشر ومستمر على مدار الـ 23 يوماً لميناء ومرفأ الصيادين الرئيس في ميناء غزة، ومرافئ الصيادين الأخرى في مدن دير البلح وخانيونس ورفح».
وأشار إلى أن الأضرار شملت تدمير وإغراق العشرات من مراكب ومعدات ومنشآت الصيادين، فضلاً عن فرض طوق بحري شامل على سواحل قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، حيث كانوا يطلقون النار على الصيادين لمنعهم من الإبحار، ومزاولة مهنتهم الوحيدة.