تأمين الديون يقي من مخاطر التعثر
اعتبر المدير الإقليمي لشركة «يولر هيرمز» لتأمين الديون أنيل بري، أن «الإطار التشريعي المتعلق بالتعثر وتحصيل الديون في الدولة غير واضح، حيث يمكنك أن تلاحق شخصاً لم يدفع ديونه أو لديه شيكات مرتجعة أو حتى تسجنه من دون استرداد أموالك، إضافة إلى لجوء العديد من المتعثرين إلى مغادرة الدولة الأمر الذي يزيد من تعقيد الأمور»، مضيفاً أن «الحل الذي تطبقه الشركات في أوروبا والولايات المتحدة في هذه الحالات هو التأمين على الديون، إلا أن نسبة الشركات التي قامت بهذه الخطوة في الدولة لا تتعدى 2٪ من الشركات المؤهلة لذلك».
وأشار إلى أن «ضعف مستوى الوعي بهذه الخدمة يؤدي إلى تعثر العديد من الشركات بسبب تعثر عملائها»، موضحاً أن «عمر قطاع تأمين الديون في أوروبا يصل إلى أكثر من 100 عام، فيما دخل منطقة الخليج منذ ثلاث سنوات فقط».
وأوضح أن «قطاع تكنولوجيا المعلومات يتصدر قائمة القطاعات التي تؤمّن على ديونها في الدولة بنسبة تصل إلى 40٪، فيما لا تتعدى نسبة شركات المقاولات 11٪، الأمر الذي وضع العديد منها في مأزق بالغ عندما توقفت دفعات المطورين وانخفضت حركة البيع».
وأكد أن «عملية تحصيل الديون في بلد ما، تعد عنصر جذب استثماري كبير، إذ إن المستثمرين يتجهون للدول التي تتوافر فيها بيانات دقيقة عن كل شركة وتاريخها الائتماني، وبالتالي تستطيع الشركة تقييم حالة كل عميل وقدرته على سداد الديون وقت استحقاقها، أو تحصيل هذه الديون عبر آلية واضحة ومعروفة في حال تعثره»، مشيراً إلى أن «المتابعة القانونية لهذه القضايا وآلية تطبيقها مكلفة جداً في الدولة».
ودعا لتوفير المزيد من البيانات الدقيقة في الدولة، وذلك عبر مراجعة قائمة مدققي الحسابات المعتمدين الذين يسهمون بشكل كبير في بناء قاعدة البيانات في الدولة ومراجعة الأوضاع المالية للشركات بشكل دوري يضمن إطلاع المستثمرين والسوق على أحوالها، وبالتالي تقييم المخاطر المتعلقة بإقراضها.
قوانين واضحة
من جهته، قال الشريك ورئيس قسم الشركات في مكتب «هادف للمحاماة والاستشارات القانونية» في دبي المحامي مراد أبـده، إن «هناك نصوصاً قانونية واضحة تعالج الصلح الواقي من الإفلاس وإشهار الإفلاس للشركات والأفراد من التجار ضمن قانون المعاملات التجارية».
وأضاف أن «العديد من غير المختصين أدلوا بتصريحات في الفترة الأخيرة حول عدم وجود نص واضح في القانون يتعلق بإفلاس الشركات أو تعثرها في سداد ديونها وهو أمر غير صحيح»، لافتاً إلى أن «الإفلاس نظام قائم بذاته، وقوانين الدولة وافية في هذا الخصوص للتعامل مع أي حالة إفلاس أو تعثر».
وأكد «وجود حالة من قلة الوعي بهذا القانون، خصوصاً بند الصلح الواقي من الإفلاس الذي إذا طُبق، فإنه لا يمس الحقوق المترتبة على الشركة، لكن ينظم عملية إعادة جدولتها، وفي الوقت نفسه يضمن استمرار الشركة في الإنتاج والإبقاء على موظفيها بدل تسريحهم وإغلاق الشركة وتشعب القضية».
وأردف «يكون إعلان الافلاس أو أمر الصلح الواقي من الافلاس بأمر من المحكمة المختصة، ويعتبر خيار الصلح الواقي من الإفلاس أفضل من الإفلاس، حيث تحصل الشركة المتعثرة التي وافقت المحكمة على طلبها للصلح الواقي، على حماية من الدائنين خلال فترة السير بإجراءات الصلح لكي تستطيع الشركة البدء في إجراءات التفاوض مع الدائنين بغرض إعادة جدولة ديونها».
وأوضح «تعين المحكمة أميناً للصلح يقوم بدعوة الدائنين والشركة للتفاوض والوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، كما أن اتفاقية الصلح الواقي من الإفلاس، التي تعالج جدولة الديون، تكون ملزمة لجميع الدائنين إذا قبلها دائنون حائزون لثلثي هذه الديون».
وأضاف أن «ما زاد من ضعف الدراية بهذه القوانين هو عدم وجود الكثير من حالات التعثر في السابق»، موضحاً «عدم وجود حالات إفلاس رسمي حتى الآن، وإنما حالات تعاني فيها بعض الشركات من مأزق مالي لم يصل بعد إلى مرحلة الإفلاس».
وأوضح أن «السوق تحتاج إلى مزيد من الوعي بمسألة التعثر والإفلاس والصلح الواقي من الإفلاس، خصوصاً هذه الأيام»، مشيراً إلى أن «القانون يعرّف المفلس على أنه التاجر (وذلك يشمل الشركات) الذي توقف عن دفع ديونه التجارية في مواعيد استحقاقها لاضطراب مركزه المالي وتزعزع ائتمانه، وذلك بصرف النظر عن ربحية ذلك التاجر أو تلك الشركة».
أمر المحكمة
وشدد على أن «قرار الإفلاس أو الصلح الواقي من الافلاس لا يعلن إلا بأمر المحكمة المختصة التي تعين أميناً للتفليسة أو أميناً للصلح، حسب الحالة، يتولى تنظيم العملية ومراعاة حقوق جميع الاطراف»، وأضاف «يمكن أن ترفض المحكمة طلب إعلان الإفلاس أو الصلح الواقي من الإفلاس لعدم انطباق الشروط القانونية».
وذكر أن خيار الصلح الواقي من الإفلاس قد يكون الحل الأمثل للعديد من الشركات المتعثرة بسبب التباطؤ الحالي في السوق، داعياً الشركات التي تعاني من صعوبات مالية لدراسة هذه الخطوة في سبيل البقاء في السوق والاستمرار في العمل بدل الإغلاق ومواجهة الدائنين والتداعيات القانونية للمطالبات التي سيتقدمون بها. ولفت إلى أن أمر الصلح الواقي من الإفلاس له شروط محددة في القانون لضمان جدية الطلب المقدم.
وذكر أن «الفترة الحالية تشهد إقبالاً من الشركات على الاستشارات القانونية في ما يتعلق بتحصيل الديون والمستحقات المالية أو إعادة النظر في العقود المبرمة، لكننا لم ندخل بعد مرحلة رفع القضايا بشكل مكثف في هذا السياق، ولايزال عدد من هذه القضايا في طور الاستشارات ومحاولات الحل الودي وتقريب وجهات النظر والمصالحة، خصوصاً في قطاعات الخدمات المالية والعقارات والمقاولات».
ارتفاع عدد الشركات المعرّضة لمخاطر الائتمان في المنطقة
قال العضو المنتدب لشركة «ميلينيوم» للوساطة التأمينية ألبرت رودريغيز، إن «مخاطر الائتمان لا تنحصر في المؤسسات المالية فحسب، بل تشمل أيضاً كل المؤسسات والقطاعات، وفي ظل الركود الحالي أصبح من المهم جداً أن تعيد الشركات النظر في استراتيجيات الائتمان لكي تستمر في جني الأرباح».
وشدد خلال ندوة حول مخاطر الائتمان «على ضرورة اتباع الشركات في الشرق الأوسط لسياسة واعية في هذا المجال، خصوصاً في ظل الأزمة المالية العالمية التي تعصف حالياً بالعديد من الشركات حول العالم».
من ناحيته، قال رئيس إدارة المخاطر للشرق الأوسط في شركة «يولر هيرميس»، ماهان بولورتشي «إن اتباع سياسة فاعلة في إدارة وتخفيف مخاطر الائتمان من شأنه تعزيز السيولة النقدية، والسماح لقطاعات الأعمال المختلفة بالتركيز على زيادة المبيعات، وضمان استمرارية الأعمال والتمويل التجاري، وتطبيق شروط دفع صارمة، فضلاً عن اكتساب القدرة على اجتياز الأزمات العالمية».