«كارنيغي»: الصناديق السيادية تملك مفتاح الخروج من «الأزمة»

٪0.5 من أصول الصناديق مستثمرة في الذهب والبترول. أ.ف.ب

قال مركز «كارنيغي» الشرق الأوسط للأبحاث، إن الصناديق السيادية تملك مفتاح الخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية من خلال استخدام السيولة الضخمة المتوافرة لها، لكنها تحتاج إلى توفير الإطار التشريعي والمؤسسي الدولي الذي يسمح لها بالاندماج بصورة كاملة في النظام المصرفي العالمي، والقيام بدور فعال في إخراج الاقتصاد العالمي من أزمته.

وأشارت دراسة حديثة أصدرها المركز إلى أن الأزمة المالية العالمية أحدثت تحولات جذرية في الاستراتيجيات الاستثمارية للصناديق السيادية الخليجية، التي تتجه الآن لاستخدام أصولها لبناء تحالفات وشراكات دولية تخدم المصالح الاقتصادية والتنموية العليا للدول المالكة لها.

وأضافت أن «تقديرات الخبراء تشير إلى أن الصناديق السيادية تتجه الآن إلى استثمار جانب من أصولها في الذهب والبترول والمواد الخام والصناعات التعدينية والاستخراجية والبتروكيماويات»، لافتة إلى أن البدء في هذه الخطوة سيدعم الأسعار وينعش الأسواق.

وتشير تقديرات الخبراء إلى أن الصناديق السيادية تستثمر حالياً ما بين 10 إلى 20 مليار دولار في الذهب والبترول بنسبة 0.5٪ من إجمالي أصولها، والتي تقدر بنحو أربعة تريليونات دولار.

ويرى الخبراء أن الصناديق السيادية ربما ترفع حجم استثماراتها في الذهب والبترول بنسبة 5٪ من إجمالي حجم أصولها، وهو ما يعني استثمار نحو 200 مليار دولار، فيما تذهب تقديرات أخرى إلى أن حجم الأموال المستثمرة سيصل إلى 10٪ أي ما يعادل 400 مليار دولار.

وأوضحت الدراسة أن «هذه الخطوة تمثل تحولاً جذرياً عن الاستراتيجيات الاستثمارية المحافظة التي اتبعتها الصناديق السيادية في الماضي، والتي كانت تركز على الاحتفاظ بالدولارات وسندات الخزانة وشراء أسهم الشركات الأميركية والأوروبية الكبرى، والتي أدت إلى تكبد تلك الصناديق خسائر تتراوح بين 500 إلى 700 مليار دولار خلال عام .2008

في انتظار القاع

وقالت المحللة في بنك «باركليز كابيتال»، أرميتا سين، إن «الصناديق السيادية تنتظر ظهور علامات مشجعة قبل الإقدام على هذه الخطوة، وتتمثل هذه العلامات في التأكد من وصول الأزمة الاقتصادية إلى مرحلة القاع وبداية الاتجاه الصعودي في أسعار البترول».

وأضافت «حتى وقت قريب كانت الصناديق السيادية تتجنب الاستثمار المباشر في أسواق المواد الخام والذهب والبترول»، مشيرة إلى أن هناك سبباً إضافياً يدفع الصناديق السيادية باتجاه هذه الخطوة يتمثل في المخاوف من تصاعد الضغوط التضخمية مع بداية العام المقبل.

ويرى رئيس وحدة الأبحاث في مؤسسة «آي تي إف» للأوراق المالية، نيكولاس بروك، أن الذهب يمثل الآن أفضل وسيلة للتحوط من التضخم، خصوصاً في ظل المخاوف من تصاعد حدة التضخم مع بداية العام المقبل نتيجة للسياسات النقدية المتساهلة التي يجري تطبيقها في مختلف مناطق العالم للتغلب على الأزمة المالية.

ويتوقع بروك أن يؤدي تحسن أسعار البترول إلى «تخصيص جانب أكبر من أموال الصناديق السيادية للاستثمار في الاستثمارات البديلة مثل الذهب والبترول».

وأشارت الدراسة إلى أن «الاستراتيجية الاستثمارية المحافظة التي اتبعتها الصناديق السيادية في الماضي قادتها إلى خسائر ضخمة في الأصول الدولارية بين عامي 2002 و،2008 فضلاً عن خسائر الاستثمار في سوق الأوراق المالية».

وأوضحت أن «قيام الصناديق السيادية بالدور المتوقع منها يجب أن يترافق مع مزيد من الشفافية حول طريقة عملها واستراتيجياتها الاستثمارية للتغلب على المخاوف التي قد تثيرها في بعض الدول».

ودعت الدراسة الصناديق السيادية إلى تطبيق مبادئ «سنتياغو»، التي تم الاتفاق عليها في نهاية العام الماضي في إطار مجموعة العمل الدولية للصناديق السيادية.

ولفتت إلى أن «دويتشه بنك يتوقع أن تسجل الصناديق السيادية معدل نمو سنوي بواقع 15٪ في المتوسط، ما يعني ارتفاع حجم الأصول الخاضعة لإداراتها إلى خمسة تريليونات دولار بحلول 2010 و10 تريليونات دولار بحلول .2015

مستثمر طويل الأمد

وكانت دراسة أخرى أجرتها شركة «فاينشيال ديناميكس» أشارت فيها إلى أن صناديق الاستثمار السيادية العالمية تتحفظ في القيام باستثمارات كبيرة قبل اتضاح أبعاد أزمة الركود الاقتصادي العالمية ووصول الأسواق إلى القاع، وتفضل القيام بدور المستثمر طويل الأمد في الشركات التي تستثمر فيها.

وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة «فاينانشيال داينامكس»، شارلز واتسون «أكدت بحوثنا أنه بخلاف الاعتقاد الشائع على نطاق واسع حالياً، فإن صناديق استثمار الثروات السيادية باعتبارها مؤسسات استثمار صامتة وطويلة الأمد بصورة أساسية، ليست لديها أي نوايا لممارسة أي سلطات إدارية أو التصرف بصفة مستثمرين نشطين».

واعتمدت الدراسة على استطلاع آراء المديرين التنفيذيين لعيّنة من الصناديق السيادية في مختلف أنحاء العالم تدير نحو 50٪ من إجمالي أصول تلك الصناديق في العالم، وركزت على موقف الصناديق الراهن من عمليات تقييم الأصول والاستراتيجيات الاستثمارية والفرص الاستثمارية الإقليمية المتاحة حالياً. وقالت الدراسة إن «الصناديق السيادية تتبنى على نطاق واسع مقاربة حذرة جداً للأسواق الراهنة، متوقعة تحقيق قيمة أفضل في وقت لاحق من هذا العام».

وأضافت أن «بعض الصناديق السيادية ستقوم على المدى القصير، بتحويل تدفقاتها النقدية من محافظها العالمية إلى محافظ استثمارية في الأسواق المحلية لتعزيز استقرار أسواقها وتحفيز اقتصادياتها، وتهتم بتملك حصص أقلية في أسهم الشركات المدرجة للتداول في الأسواق، من دون استهداف الحصول على حصص مسيطرة إدارياً، أو التمثيل في مجالس الإدارات».

وأوضحت أن الصناديق السيادية تتخذ قراراتها الاستثمارية بصورة عامة، عن مدد استحقاق لا تقل عن خمس سنوات، وتلعب عائدات أرباح الأسهم دوراً حاسماً في قرارها الاستثماري، لا يقل أهمية عن عامل نمو رأس المال.

 
الاستراتيجيات الاستثمارية

أجمع المديرون التنفيذيون لصناديق استثمار الثروات السيادية، ممن تم استطلاع آرائهم في دراسات عدة على أن خيارهم الاستثماري المفضل، يتمثل في المساهمة بحصص أقلية عبر ضخ رؤوس أموال، بينما لم يرغب أي من إدارات تلك الصناديق في الحصول على حصة مسيطرة أو إدارة الشركات المستثمر فيها، ما يوضح تفضيلهم لأسلوب المستثمر الصامت، كما أعرب معظم أولئك المديرين عن عدم رغبتهم في أن يكون لهم تمثيل في مجالس إدارات الشركات التي يستثمرون فيها.

ويتفق المديرون الذين يستثمرون في الأسواق الحالية على أمر واحد بوضوح، وهو أنهم لا يسعون إلى التحكم التشغيلي باستثماراتهم، ولا تمثل عمليات التملك بنسبة 100٪ أو تملك حصص أغلبية على أجندة أعمال أولئك المديرين، وهي أمور لم تهتم بها صناديق استثمار الثروات السيادية تاريخياً.
تويتر