المنصوري: خطط اتحادية لاحتــواء آثار الأزمة

ملتقى أبوظبي الاقتصادي هذا العام يعقد وسط ظروف استثنائية يشهدها العالم بعد الأزمة المالية العـالمية. تصوير: مجدي إسكندر

أكد وزير الاقتصاد سلطان بن سعيد المنصوري انه تم وضع خطط اتحادية وأخرى محلية على مستوى كل إمارة من اجل احتواء آثار الأزمة المالية العالمية على مختلف القطاعات وخصوصاً القطاع العقاري، مشيراً إلى أن «أسواق المال بدأت تشهد بوادر ايجابية وتحسنا مطردا خلال الأيام الماضية ما سينعكس إيجابا على القطاعات الاقتصادية الأخرى».

وقال الوزير على هامش أعمال ملتقى أبوظبي الاقتصادي الثالث الذي تنظمه دائرة التخطيط والاقتصاد بالتعاون مع مجموعة الاقتصاد والأعمال، إن «العمل في مشروعات البنية التحتية تسير بشكل جيد تماما، وتم اتخاذ العديد من القرارات بالتعاون مع وزارة المالية». لافتا إلى أن «القطاع العقاري في الدولة يشهد تحديات عدة نتيجة للأزمة، وان الاندماج بين الشركات العقارية ، وبين الكيانات المصرفية أمر وارد وننظر إليه بإيجابية لأنه يخلق نوعاً من التوازن في السوق».

وشهدت جلسات الملتقى مطالبات من القطاع الخاص بتوفير السيولة النقدية الكافية وإحكام الرقابة على البنوك والتوسع في الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية وزيادة الحوافز الخاصة بالاستثمار الصناعي والإعفاءات الجمركية.

وأكد مسؤولون حكوميون شاركوا في الملتقى أن خطط إمارة أبوظبي لم تتأثر بالأزمة، وان «هناك التزاما بتنفيذ المشروعات العملاقة في مجالات البنية التحتية». كما أعلنوا عن تسهيلات جديدة في مجال الاستثمار، مؤكدين الاستمرار في دعم القطاع المصرفي والخدمات الاجتماعية رغم الأزمة.

وأكد المنصوري تفاؤله بانخفاض معدل التضخم إلى 5٪، كما أكد تفاؤله بانعكاس السياسات التي تتبناها الحكومة على معدلات النمو الاقتصادي في الدولة، إلا انه رفض الحديث عن نسبة النمو المتوقعة العام الجاري في الدولة، موضحاً أن تذبذب أسعار النفط ومدى توافر السيولة يجعلان من الصعوبة التنبؤ بذلك، مشيراً إلى انه تم تقييم حجم تأثيرات الأزمة العالمية على الدولة وقطاعاتها المختلفة، ويجري حاليا التعامل مع الوضع لتقليل الآثار السلبية للأزمة العالمية».

من جانبه، توقع وكيل وزارة الاقتصاد المهندس محمد عبدالعزيز الشحي «حدوث انكماش في الاستثمارات الأجنبية العام الجاري نتيجة للأزمة العالمية». لافتاً إلى أن «التوجه الحالي يتمثل في التركيز على دعم القطاع الصناعي والمناطق الاقتصادية المتخصصة».

مركز الأعمال

بدوره، كشف وكيل دائرة التخطيط والاقتصاد في أبوظبي محمد عمر عبدالله انه سيتم جمع كل التراخيص الخاصة بالاستثمار في مكان واحد من خلال مركز الأعمال الذي ستديره الدائرة، ويجمع ممثلين عن مختلف الهيئات الحكومية اعتباراً من النصف الثاني من العام الجاري، لتسهيل إجراءات الاستثمار على المستثمرين، لافتاً إلى أن «الفترة المقبلة ستشهد إطلاق مبادرات عديدة لدعم القطاع الخاص والقطاع الصناعي والمناطق الاقتصادية المتخصصة».

وشدد عبدالله «لا يوجد تغيير في أولويات الرؤية الاقتصادية لإمارة أبوظبي التي تركز على متابعة تنفيذ مشروعات البنية التحتية العملاقة ودعم التعليم والنظام المصرفي».

وأضاف أن «الحكومة بصدد وضع الخطة الاقتصادية للسنوات الخمس المقبلة وذلك في شهر يونيو المقبل مع الأخذ في الاعتبار المتغيرات التي فرضتها الأزمة العالمية». وأكد انه «لن يتم المساس بالثوابت الرئيسة للخطة المتمثلة في قيام القطاع الخاص بدور قيادي في التنمية، واستغلال شبكة العلاقات الدولية للإمارة في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وبناء اقتصاد مبني على المعرفة، وتوفر التمويل اللازم للمشروعات، ودعم النظام المصرفي، والتوجه نحو المشروعات الصغيرة والمتوسطة».

التزام حكومي

وكان رئيس دائرة التخطيط والاقتصاد في أبوظبي ناصر احمد السويدي قد أكد في افتتاح الملتقى أن حكومة أبوظبي تسعى إلى تبني سياسة مالية منضبطة وقادرة على الاستجابة لأي تقلبات يمكن أن يتعرض لها الاقتصاد، والعمل على إرساء وتهيئة بيئة فاعلة ومرنة للأسواق المالية والنقدية، لافتا إلى أن «اقتصاد الإمارة سيتعامل بمرونة عالية مع تداعيات الأزمة المالية من خلال خطط تتفاوت بين القصيرة والطويلة الأمد». مؤكدا «التزام الحكومة بدعم مشروعات البنية التحتية والخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية». وأشار إلى أن «اقتصاد أبوظبي بما يوفره من فرص متعددة الاستثمار سيستمر في لعب دور محوري للأعمال التجارية والمالية في المنطقة، وكمركز رائد في مجال المشروعات الصناعية والعقارية والبنية التحتية ومصادر الطاقة البديلة والتنمية المستدامة، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس بالإيجاب على مواصلة النمو الاقتصادي خلال العام الجاري».

وأوضح ان «ملتقى هذا العام يعقد وسط ظروف استثنائية يشهدها العالم بعد الأزمة المالية العالمية التي وصفها بأنها «ألقت بظلالها على جميع دول العالم التي باتت مشرفة على حالة من الكساد الاقتصادي يشابه في حدته الوضع الاقتصادي عقب أزمة الكساد الكبير خلال فترة الثلاثينات من القرن الماضي».

من جانبه، قال المدير العام لهيئة أبوظبي للسياحة مبارك المهيري على هامش الملتقى أن «الهيئة تتوقع العام الجاري استمرار الحفاظ على مستوى الزوار الذين قاموا بزيارة الإمارة عام 2008 وعددهم 1.5 مليون زائر، على الرغم من الأزمة العالمية». وأضاف أن «جميع مشروعات القطاع السياحي يتم تنفيذها وفقا لجداولها السابقة من دون إبطاء، وعلى رأسها مشروعات الجزر السياحية والمتاحف العالمية، كما تسير خطط التوسع الخاصة بمطار أبوظبي وشركة «الاتحاد للطيران» كما هي من دون تغيير».

وقال رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة في الدولة رئيس غرفة أبو ظبي صلاح الشامسي إن «المشروعات العملاقة التي يجري تنفيذها وتقدر قيمتها بمليارات الدولارات تؤكد أن أبوظبي ستخرج قريبا من مرحلة المستورد الكبير للتكنولوجيا والسلع إلى مصدر لهذه العناصر».

وقال لـ«الإمارات اليوم» إن «الأزمة العالمية توفر فرصة ذهبية لتدعيم الاقتصاد الحقيقي الذي يمثل قيمة مضافة والابتعاد عن اقتصاد المضاربة الذي يؤدي إلى ضغوط تضخمية». لافتا إلى «ضرورة توجيه استثمارات القطاع الخاص بصفة خاصة لمشروعات البنية التحتية العملاقة، وبناء اقتصاد المعرفة وتطوير الصحة والتعليم، معرباً عن ثقته في أن الأزمة العالمية مؤقتة وسيتلاشى معظم تأثيراتها العام الجاري، ومثلها مثل الأزمات التي مرت على الدولة من قبل وتم تخطيها بسلام».

وأكد رئيس مجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي أن الأزمة العالمية توفر فرصة مثالية لإعادة النظر في العديد من السياسات والأولويات التي اعتمدت الفترة الماضية والتكيف مع المتغيرات، كما تفرض المضي سريعاً نحو السوق العربية المشتركة لتتحول المنطقة العربية إلى منطقة اقتصادية متكاملة تحقق التقدم لكل الدول العربية.

جدل حاد

وقد شهدت الجلسة الأولى للمؤتمر نقاشاً حاداً جدلاً واسع النطاق حين دعا ممثل القطاع الخاص رئيس «مجموعة ناصر» وعضو المجلس الوطني الاتحادي عبدالله بن ناصر المنصوري، إلى مراجعة بعض السياسات الحكومية في ما يتعلق بتوفير السيولة النقدية للقطاع الخاص متهماً بعض البنوك باستغلال الأزمة لمصلحتها والتفاوض لتغيير عقود قائمة مع القطاع الخاص لتحقيق مكاسب وإنفاق السيولة في غير أوجه الإنفاق التي حددتها الحكومة.

كما طالب ناصر بالتوسع في الإنفاق على البنية التحتية، مؤكداً أن الوقت الراهن هو أفضل الأوقات للاستثمار، نظراً لانخفاض تكلفة البناء، كما طالب باعتباره متحدثاً باسم القطاع الخاص بزيادة حوافز الاستثمار لتوفير الحماية للصناعات الوطنية وإقامة بنوك للتمويل الصناعي وتوفير الخدمات الحكومية مثل الغاز والكهرباء والوقود بأسعار مناسبة. وقال رئيس شركة بلوم العقارية الدكتور هاني الشماع إن «أبوظبي تعد مركزا عالميا مميزا للاستثمار في مختلف المجالات». وأكد أن «السيولة متوافرة ولكن للمشروعات المتميزة فقط، مؤكدا أن القطاع العقاري لايزال جاذبا للاستثمار بشرط أن يكون استثمارا ذا جدوى اقتصادية وموجها نحو المستخدم النهائي والمستثمر طويل الأمد». وطالب بالاستمرار في انتهاج سياسة التنويع الاقتصادي ومساندة القطاع العقاري في الدولة والإنفاق على تطوير البنية التحتية، وخصوصاً في مجالات التعليم والصحة».

 
لا حاجة إلى مزيد من الدعم في دبي

قال وزير الاقتصاد سلطان المنصوري ان الإجراءات الحكومية التي اتخذت حتى الآن لمساعدة دبي على تجاوز التباطؤ الاقتصادي ينبغي أن تكون كافية لإعادة التوازن إلى اقتصادها لتسعة شهور على الأقل. وأعرب المنصوري عن توقعه بأن تفلت دولة الإمارات من براثن الكساد هذا العام على الرغم من أنها تواجه تباطؤا في القطاع العقاري وانخفاضا في أسعار النفط. ورداً على سؤال عن الخطوات الأخرى التي ستأخذها الحكومة لدعم اقتصاد دبي، قال المنصوري «إننا نقيم الموقف على أساس كل حالة على حدة، وفي الوقت الجاري نرى أن الاستقرار سيستمر تسعة شهور على الأقل». أبوظبي ــ رويترز
تويتر