«ستار حديدي» جديد يقســـم أوروبـــا
حذّرت دول أوروبا الشرقية بشكل غير مباشر الأسبوع الماضي من جيوش العاطلين عن العمل المتجهين إلى الغرب مع بداية تشكل ستار حديدي جديد بين الدول الشرقية الفقيرة والغربية الغنية.
وبعد 20 عاماً على سقوط جدار برلين، تبين لقادة أوروبا الغربية الأسبوع الماضي أن أكثر من خمسة ملايين وظيفة ستُلغى في دول أوروبا الشرقية التي انضمت خلال السنوات الاخيرة إلى الاتحاد الأوروبي إذا لم يتم إقرار خطة إنقاذ شاملة.
وقاد انهيار اقتصادات الدول التي كانت شيوعية حتى عهد قريب، إلى مطالب أمام قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل لإنشاء صندوق إنقاذ بقيمة 190 مليار يورو لإيقاف الانهيار الاجتماعي في دول أوروبا الشرقية، الذي قد يصل مده إلى أوروبا الغربية.
وقوبلت المطالب ـ التي قادتها هنغاريا ـ بالرفض خلال اجتماع 27 من قادة أوروبا، بسبب مخاوف دول الاتحاد الأوروبي الغربية التي تريد أن تدعم صناعاتها وسوق العمل فيها على حساب الشرق.
وكرر رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، دعوته لضخ سيولة في صندوق النقد الدولي الذي دفع مبالغ طائلة حتى الآن لكل من هنغاريا ولاتفيا وسيتسلم قريباً رسالة طلب المساعدات من رومانيا.
ولم يصرح براون عن مصدر الأموال الجديدة التي ستذهب إلى صندوق النقد الدولي، بل فضل الطيران لمقابلة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأسبوع الماضي، تاركاً وراءه الاتحاد الأوروبي مقسماً بين فقراء وأغنياء، مفتقداً مفهوم «الوحدة» التي دعا إليها في واشنطن ويريد الدعوة إليها في قمة العشرين في لندن الشهر المقبل.
من جانبه أشار رئيس الوزارء الهنغاري، فيرينتس يورجاني، بوضوح إلى ظهور ستار حديدي جديد في أوروبا، حيث قال «قد تصل الاحتياجات المالية لدول أوروبا الوسطى لإعادة تمويل ديونها إلى 300 مليار يورو، ما يشكل 30٪ من حجم الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة».
وأضاف أن «أي أزمة مالية قاسية تعاني منها أوروبا الشرقية ستنعكس على شكل توتر سياسي وموجات هجرة، وإذا ما نظرنا إلى عدد سكان منطقتي أوروبا الوسطى والشرقية، البالغ عددهم 350 مليون نسمة، منهم 100 مليون ضمن الاتحاد الأوروبي، فإن زيادة معدلات البطالة بنسبة 10٪ ستؤدي إلى خسارة خمسة ملايين شخص لوظائفهم ضمن الاتحاد الأوروبي.
وقال في تصريحات أخرى إن «على دول أوروبا الثرية الوقوف إلى جانب جيرانها الأقل ثراءً»، داعياً الاتحاد الأوروبي لإقرار «خطة إنقاذ دول أوروبا الشرقية بقيمة 190 مليار يورو»، مؤكداً أنه «يجب ألا نسمح بظهور ستار حديدي جديد يقسم أوروبا إلى جزءين».
وعارضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خطة إنقاذ دول أوروبا الشرقية معتبرة أن «الوضع الاقتصادي لدول أوروبا الوسطى والشرقية غير متشابه».
في حين عبر رئيس وزراء بولندا دونالد تسك، عن استيائه من عدم دعوة بلاده لحضور قمة العشرين في لندن، ودعا لاجتماع طارئ لتسع دول أوروبية شرقية لتشكيل صف واحد في مواجهة الدول الغربية، وخصوصاً فرنسا.
وأكد رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، ضرورة الوقوف صفاً واحداً ضمن السياسات الحمائية، قائلاً إن «أيام الانقسام في ثمانينات القرن الماضي لن تعود».
«الستار الحديدي»
كانت كلمــــــة «الستار الحديدي» تستـــــخدم للدلالة على العزلتين الاقتصادية والسياسية للاتحــــاد السوفييتي السابق ودول أوروبا الشـــــرقية التي تدور في فلكه، وكان أول من أطلق هذا المصطلـــــح على ســــياسات الاتحاد السوفييتي، التي قسّــمت آنذاك دول أوروبا إلى شرقــــــية شيوعية معزولة وغربية منفتحة وغنية، رئيـــس الوزراء البريطاني خلال فترة أربعينات القرن الماضي، ونستون تشرشل.
وقد بدأت هذه السياسة ومعها «الستار الحديدي» بالتلاشي مع تسلم ميخائيل غورباتشوف رئاسة الاتحاد السوفييتي السابق وتطبيقه سياسات اقتصادية أكثر انفتاحاً.
دايفيد تشارتر ــ «تايمز»