توقعات ببدء التعافي من الأزمة العالميـــة منتصف 2009
تباينت توقعات الاقتصاديين والخبراء الماليين حول موعد تعافي الاقتصاد العالمي من التداعيات السلبية الخطرة للأزمة المالية العالمية، وتكمن أهمية الإجابة في أن التعافي من الأزمة العالمية سينعكس بلا شك على تحسن أوضاع الاقتصاد الإماراتي وعودة الازدهار إلى القطاعات الاقتصادية كافة.
في حين توقع فريق من الخبراء أن تتحسن الأحوال تدريجياً بدءاً من النصف الثاني من العام الجاري، بالمقابل رفض الفريق الآخر تحديد موعد محدد للخروج من الأزمة، لكنهم حددوا عدداً من الاشتراطات للتعافي، منها: تخلي المستثمرين في المنطقة عن الاستراتيجية الاستثمارية ذات النزعة العاطفية والمرهونة بالشائعات والتكهنات وعقلية القطيع في التعاملات على الأسهم، وكذا عودة الثقة المؤسساتية، التي ستساعد مديري المؤسسات على معالجة تأثيرات الأزمة الحالية.
وأشاروا إلى أن العديد من العملاء فقدوا ثقتهم بشركاتهم وبنوكهم، لذا فإن بناء الثقة الآن يعد من أهم الأولويات، فمن دون الثقة لا توجد أسواق ولا يوجد عملاء، بحسب رأيهم، لافتين إلى أن أسواق المال حافلة في اللحظة الراهنة بفرص استثمارية حقيقية ومُجزية، لكن قد يغفل المستثمرون عن تلك الفرص في خضم الأزمات الاقتصادية العصيبة مثل الأزمة الحالية.
تحسن الاقتصاد
وتفصيلاً، توقع أستاذ العلوم المالية في كلية وارتون، مؤلف كتاب «الأسهم على المدى البعيد»، البروفيسور جيريمي سيغيل، أن «يتحسن الاقتصاد العالمي خلال النصف الثاني من العام الجاري».
وقال إن «حجم الضرر الذي لحق بالاقتصاد الأميركي أقل مما تعرض له في أوائل الثمانينات، عندما وصلت معدلات البطالة والتضخم ومعدلات الفائدة إلى مستويات أعلى بكثير ما هي عليه اليوم».
وأكد أن «الأسهم المقيّمة من خلال معدلات السعر إلى الأرباح مضاعفات الربحية، قد هبطت إلى حد يمكن أن يجتذب ما يكفي من المستثمرين لانطلاق مرحلة التعافي الاقتصادي قبل نهاية العام الجاري».
وأضاف سيغيل، وهو خبير في شؤون الاقتصاد الكلي والأسواق المالية، أن «من أهم أسباب الركود الذي يشهده العالم حالياً، قيام المؤسسات المالية بشراء وحيازة وضمان كميات كبيرة من أصول الرهن العقاري الخطرة عبر القروض».
وأشار إلى أنه «خلال تسعينات القرن الماضي التي شاعت فيها الاكتتابات الأولية لشركات الإنترنت، لم تحتفظ الشركات الضامنة للاكتتاب بتلك الأسهم وتحررت منها بسرعة، في حين قررت المؤسسات المالية الإبقاء على السندات المدعومة بروهونات عقارية، بوصفها أصولاً جيدة، فارتكبت بذلك خطأً قاتلاً».
مسار صاعد
وفي ختام سلسلة ندوات تثقيفية عقدتها مجموعة «نيكزس» الاستثمارية منذ أيام في دبي بمشاركة مجموعة من المستثمرين الإقليميين، أكد اقتصاديون وخبراء ماليون أن «أسواق الأسهم لن تسلك مساراً صعودياً إلا عندما يتخلى المستثمرون في المنطقة عن الإستراتيجية الاستثمارية ذات النزعة العاطفية والمرهونة بالشائعات والتكهنات لا الحقائق الاقتصادية الراسخة».
وفي حين أن المحللين والاقتصاديين المشاركين في الندوات توقعوا أن تشهد أسواق الأسهم المحلية والإقليمية مساراً صعودياً حافلاً بالفرص الاستثمارية المُجزية، فإنهم يتوخون الحذر في تحديد موعد استرداد أسواق الأسهم لعافيتها وتحررها من النزعة الهبوطية الحالية.
كما يتفق الخبراء على أن أسواق الأسهم المضطربة في اللحظة الراهنة لن تنتهج مساراً صعودياً راسخاً إلا عندما تنتهي الموجة المندفعة من الاستثمارات قصيرة الأمد، وينتهي معها تردد المستثمرين في العودة إلى الاستثمار طويل الأجل في الأسهم.
وأشاروا إلى أهمية طمأنة المستثمرين في المنطقة، وحثهم على أن يتبنوا استراتيجية استثمارية مدروسة ومبنية على معرفة راسخة وعقلية منفتحة.
وقال الخبير المالي في شركة «فيديليتي إنترناشيونال ليميتد»، بيتر ديوك، إن «كثيراً من المستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي دخلوا عالم الاستثمار منذ فترة وجيزة، وهم يعتمدون إلى حد بعيد على عواطفهم وعقلية القطيع».
وفسر ذلك بأن «مثل هؤلاء المستثمرين إذا شاهدوا توجهاً عاماً نحو شراء الأسهم اشتروا مع المشترين، وإذا شاهدوا توجهاً عاماً نحو بيع الأسهم باعوا ما لديهم مثل غيرهم من دون أن يستندوا إلى استراتيجية استثمارية مدروسة وبعيدة الأمد، وهم يعتمدون على مثل هذه العقلية في التعامل مع التوجه الهبوطي الذي تشهده أسواق الأسهم في المنطقة حالياً».
وأشار إلى أن «أوضاع أسواق الأسهم حالياً تظهر الحاجة الماسّة إلى تثقيف وتعريف المستثمرين غير المتمرسين في أنحاء المنطقة وإرشادهم إلى أفضل الاستراتيجيات الاستثمارية».
فرص استثمارية
من جهته، ذكر مدير المبيعات والتسويق في مجموعة «نكزس»، نايغل واتسون أن «أسواق المال حافلة في اللحظة الراهنة بفرص استثمارية حقيقية ومُجزية». وأضاف «قد يغفل المستثمرون عن تلك الفرص في خضم الأزمات الاقتصادية العصيبة، مثل الأزمة الحالية».
ولفت إلى أن «الأزمة أظهرت أهمية تزويد المستثمرين بالمعرفة والتوعية اللازمة لمواجهة الأزمة المالية العالمية الراهنة وآثارها على أسواق الأسهم الإقليمية وسبل الاستفادة بالشكل الأمثل من الفرص الاستثمارية المتاحة حالياً».
ووفقاً لآخر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «فرانكلين كوفي» الشرق الأوسط، اعتبر 72٪ من القادة وكبار رجال الأعمال الإقليميين أن بناء الثقة هو التحدي الرئيس الذي يتعين عليهم التغلب عليه من أجل تحقيق النجاح في عالم الأعمال اليوم، كما رأت نسبة 47٪ منهم أن انعدام الثقة يمثل حاجزاً يحتاجون أن يتغلبوا عليه من أجل تحسين الإنتاجية وأداء الموظفين، في حين يعتبر 44٪ منهم أن الثقة المؤسساتية مهمة للحفاظ على ولاء العملاء.
وأكد الخبير العالمي، الدكتور ستيفن كوفي، ضرورة بناء الثقة المؤسساتية، التي ستساعد مديري المؤسسات على معالجة تأثيرات الأزمة الاقتصادية الحالية.
وقال إن «بناء الثقة أمر حاسم وضروري ويساعد على معالجة التأثيرات السلبية التي تركتها الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية».
ولفت كوفي، الذي سيتحدث تفصيلاً عن الأزمة المالية العالمية في مؤتمر يعقد في دبي في إبريل المقبل، إلى أن «الشركات في منطقة الشرق الأوسط بحاجة إلى فهم أهمية بناء الثقة مع عملائها، إذ إن فقدان الثقة واحد من أعظم خسائر الأزمة الاقتصادية الحالية».
وبين أن «العديد من العملاء فقدوا ثقتهم بشركاتهم وبنوكهم، لذا فإن بناء الثقة الآن يعد من أهم الأولويات، فمن دون الثقة لا توجد أسواق ولا يوجد عملاء».
وأوضح أن «انخفاض الثقة بشكل عام يعود بنتائج سلبية على الصعيدين الشخصي والعملي، فهو يخلق سياسات ومنازعات خفية بين الأفراد، ومنافسات بين الإدارات، وطرق تفكير دفاعية غير مربحة وغير مبررة»، مشيرا إلى أن «انخفاض الثقة يبطئ القرارات والاتصالات والعلاقات».