بنوك تتشدّد في ملاحقة المتعثرين
فقَدَ غسان الخالد قبل أشهر قليلة وظيفته مديراً لدار سينما في دبي، فيما قررت الشركة التي تعمل فيها زوجته خفض راتبها بنسبة كبيرة؛ بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية.
كانت هذه هي المرة الأولى التي يخوض فيها الخالد غمار تجربة فقدان وظيفته منذ 12 عاماً قضاها مقيماً في الدولة، فوجد نفسه في خضم ملاحقات، تنفذها البنوك لتسديد التزاماته المصرفية، وأقساط السيارة، وبطاقة الائتمان، والقرض الشخصي، وإيجار مسكنه.
وبحسب الخالد، فإن ممارسات بعض البنوك تمثل ضغطاً نفسياً كبيراً عليه من ملاحقات واتصالات وتهديدات، أفقدته القدرة على التركيز في مخرج من أزمته. وقال لـ«الإمارات اليوم» إن صديقاً له نصحه بالتحدث إلى دائنيه، لعلهم يعيدون جدولة ديونه، أو الانتظار قليلاً لعله يجد وظيفة.
وأضاف «ذهبت إلى أحد البنوك طالباً منه التريث قليلاً، حتى أجد عملاً لأسدّد ديوني جميعها، إلا أن إدارة البنك رفضت التجاوب، وهددتني بالملاحقة القضائية، مع أنني متعثر ولست هارباً».
وأوضح أنه يمتلك الخبرة في مجالات عدة، ويتقن خمس لغات، بينها الصينية، لكنه الآن عاجز عن إيجاد حل لمشكلة ليس هو المتسبب فيها، بل فرضت على كل دول العالم.
في هذا السياق، قال رئيس إدارة المخاطر في بنك دبي التجاري، جمال صالح، إنه «يتم اللجوء إلى سياسات مرنة للتعامل مع الموظفين المفصولين مـن أعمالهم، وبحث طرق عدة لتحصيل المستحقات الماليـة منهم، مع اعتماد معـايير إعـادة الجـدولة حـلاً مناسباً لغالبيـة تلك الحالات».
وأضاف أن «البنوك لا تفضل حلول استخدام الإجراءات القانونية كمرحلة أولى مع تلك الحالات، لأنها لن تستفيد من سجن العملاء وعدم تحصيل أقساط الديون». وأوضح أن «البنك لا يعاني من زيادة حالات التعثر لديه في إطار اعتماده سياسات الانتقاء في عمليات منح التمويل».
وذكر الرئيس التنفيذي في مصرف عجمان، يوسف خلف، أن «بعض البنوك يعتمد سياسات متشددة تجاه حالات التعثر أو العمالة المفصولة، حيث يلجأ إلى الضغط لاستعادة مبالغ أو أقساط المستحقات المالية، بغض النظر عن ظروف ترك العملاء لوظائفهم التي تجعل من سداد المستحقات المالية بالنسبة لهم من الأمور الصعبة».
ويرى أن «المفترض أن تعتمد البنوك معايير مختلفة للتعامل مع حالات التعثر التي تتباين بين حالات تسريح من العمل، أو خفض للراتب، أو تقليص للعمولات التي تشكل غالباً الجـزء الأكبر من دخل بعض الموظفين في قطاعات عقارية».
وقال مصرفي في أحد البنوك الإسلامية الكبرى في دبي ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ إن «البنوك تلجأ إلى الوسائل القانونية في التعامل بعد فترات تتفاوت بين 60 و90 يوماً من التعثر في السداد للمستحقات المصرفية للعمالة المسرّحة من وظائفها، خوفاً من الهرب إلى الخارج، أو إنفاق مستحقات نهاية الخدمة في أغراض مختلفة».
وأضاف أن «البنوك تلجأ إلى إعادة الجدولة بعد التأكد من الوضعين المالي والوظيفي للعملاء، عقب لجوء عملاء إلى ادعاء التعثر في ظل الأزمة للحصول على تسهيلات إعادة الجدولة». وأوضح أن «خيارات إعادة الجدولة تكون غالباً صعبة لدى البنوك الإسلامية مع اعتماد نظم المرابحة، لكنها تلجأ إلى دراسة الحالات بشكل منفصل، وسبل التعامل معها لعدم فقدان المستحقات».