ضحايا «ليمان براذرز» يستغيثون بـ «المركـزي»

بنك الفجيرة: موقفنا سليم والمستثمرون لا يرضون بالخسارة.         تصوير: كريغ سكار

وصل الخلاف بين ضحايا البنك الأميركي،«ليمان براذرز»، الذي أعلن إفلاسه، وأحد المصارف الوطنية، إلى طريق مسدود، ما اضطرهم إلى تقديم شكاوى على المصرف إلى مصرف الإمارات المركزي.

وأكد مسؤول في المصرف المركزي، وجود شكاوى بالفعل، يتم دراستها تمهيداً للفصل فيها خلال الأسابيع المقبلة. وأشار إلى أن «المصرف المركزي، باعتباره الجهة الرقابية على البنوك يدرس الشكاوى الواردة إليه بصورة جماعية، بهدف التوصل إلى حل يرضي الطرفين ويحافظ على حقوق كل منهما».

بداية الخلاف

وبحسب الشكوى المقدمة إلى محافظ مصرف الإمارات المركزي، سلطان بن ناصر السويدي والتي حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منها، تبدأ وقائع الخلاف ببيع مندوبي التسويق في قسم إدارة الثروات في «بنك الفجيرة الوطني»، سندات تخص مصرف «ليمان براذرز»، إلى مجموعة من المستثمرين خلال الفترة من ابريل إلى يونيو من العام الماضي.

وحصل عدد من المستثمرين على استثمار معزز بالاقتراض، لمرتين إلى ثلاث مرات من حجم أموالهم المستثمرة، من أجل مضاعفة الفوائد، خصوصاً أنه تم تسويق السندات بصـــفتها «آمنة» ومضمونة رأس المال، ليكتشف هــؤلاء المستثمرون في تلك الســندات أن البنك سوّق تلك السندات دون التأكد من الوضع المالي للبنك الأميركي، والمتوافر على الانترنت، معتــمداً على التصنيف الائتماني له.

وتبين أن البنك الأميركي كان يستنزف أمواله منذ شهر مارس من العام ذاته، ثم أعلن خلال الفترة من يوليـــو إلى أغسطس، انه يفكر في بيع وحـــدات محددة إلى مشترين محتملين لتجــاوز أزمته المالية.

وانتقد الضحايا خلال الشكوى التي قدمت إلى المصرف المركزي في 28 سبتمبر من العام الماضي، عدم اتخاذ بنك الفجيرة الوطني، إجراءات فورية عند اكتشاف مؤشرات كافية، بأن بنك «ليمان» يواجه مشكلات في تدفق النقد والسيولة، وعدم محاولة الاتصال بعملائه، ونصحهم ببيع استثماراتهم من السندات في السوق الثانوية، واسترجاعها بأقل الخسائر، مؤكدين أن المراقبة الدقيقة لاستثمارات العملاء هي من صميم مسؤولية فريق بنك الفجيرة الوطني.

٪10.5 فائدة

وحمل ضحايا «ليمان براذرز» البنك، مسؤولية ضياع المبالغ المستثمرة كافة، حيث اكتفى ببيع السندات دون ضمان سلامتها، مشيرين إلى أن بنك الفجيرة الوطني اشترى مجموعة السندات في بداية شهر أبريل من العام الماضي، بمعدل فائدة بلغت 10.5٪ سنوياً، وقام ببيعها لهم بعد ذلك بمعدل 9٪، ما يدل على أن البنك أدرك خطأه بشــراء هذه الســـندات، وقام بإلقاء تبعاتها على عاتق صغار المســـتثمرين، بل وحصل على العديد من العمولات الفورية مقابل بيعه هذه السندات.

وقالوا إن البنك، وبدلاً من إبداء التعاطف مع حملة السندات الذين خسروا استثماراتهم، أرسل لهم إشعارات بدءا من تاريخ 15 سبتمبر الماضي، تخطرهم بأن استثماراتهم في البنك الأميركي أصبحت في مهب الريح، وأن البنك يريد استرداد القروض الهامشية التي منحها إياهم.

تضليل المستثمرين

وقال «ن .أ»، أحد ضحايا «ليمان براذرز»، إن «بنك الفجيرة ضلل المستثمرين الذين اشتروا هذه السندات على أنها «آمنة» ولم يسوقها على أنها منتجات مالية عالية المخاطر».

وأضاف أن «المشكلة الحقيقية التي تواجه المستثمرين حاليا، هي ضياع أموالهم وقيام البنك حاليا بالحجز على أرصدتهم المختلفة لدية للوفاء بالديون المستحقة على القروض الهامشية المقدمة لشراء هذه السندات».

وأكد أن «عدد المتضررين من سندات «ليمان براذرز» يقدر بنحو 15 شخصا من جنسيات مختلفة، وتقدر قيمة السندات التي اشتروها بنحو 10 ملايين دولار، حيث تتفاوت حصة الشخص الواحد ما بين 750 ألفاً إلى 1.5 مليون دولار».

مشـــيرا إلى أن «البنوك الأوروبية والآســيوية التي باعت منتجات مشابهة مثل بنك «دي بي إس» في هونغ كونغ، أجبرت من قبل السلطات المالية في هذه الدول على تحمل المســؤولية كاملة عن هذه الاستثمارات، كون البنك المحلي يتحمل مسؤولية تسويق منتجات عالية المخاطر للمستثمرين مع الادعاء بأنها «آمنة».

وقال إن «ما يثبت عدم الحرص على مصالح المستثمرين، أن بنك «ليمان براذرز» قد أعلن أن عوائده خلال الربع المالي المنتهي في شهر فبراير من عام 2008 تدنت بنسبة 17.3٪ مقارنة بالربع المنتهي في شهر نوفمبر .2007 كما تدهورت هذه العوائد بنسبة 51.2 ٪ خلال الربع المالي المنتهي في شهر مايو 2008 مقارنة بالربع الذي سبقه والمنتهي في فبراير .2008

علماً بأن بنك الفجيرة باع معظم هذه الاستثمارات بعد شهر مايو أي بعد تدهور أوضاع بنك ليمان بصورة دراماتيكية وسريعة. وهذه المعلومات كانت موجودة في حينه على شبكة الانترنت ولم تكن سراً على الإطلاق».

تدهور الأوضاع

وكشف مستثمر أخر في سندات «ليمان براذرز» ـ طلب عدم ذكر اسمه ـ عن مخاطبته المسؤولين في «بنك الفجيرة» خلال شهر أغسطس من العام الماضي، أي قبل نحو شهر من إعلان بنك «ليمان براذرز» إفلاسه، يطلب إليهم النظر إلى أوضاع البنك المتدهورة، وقال إن مسؤولة قسم «إدارة الثروات» في بنك الفجيرة ردت عليه، بأن يطمئن وألا يقلق»، متسائلاً: «كيف يمكن لشخص عادي مثلي أن يدرك المخاطر المحدقة ببنك «ليمن« قبل نحو شهر من انهياره، بعد صدور عشرات التقارير المالية على الانترنت، وألا تهتز جفون القائمين على بنك الفجيرة لاتخاذ أي إجراء احترازي لحماية أموال العملاء».

دراسة الشكاوى

من جهته قال مسؤول الرقابة على المصارف في «مصرف الإمارات المركزي»، سعيد عبد الله الحامز، إن «مصرف الإمارات المركزي تلقى بالفعل شكاوى من ضحايا «ليمان براذرز» وتم تجميعها تمهيدا للبت فيها خلال الأسابيع المقبلة».

وأضاف أن «المصرف درس هذه الشكاوى وتمت مراجعة العقود بهدف التوصل إلى حل يرضي الطرفين ويحافظ على حقوق كل منهما».

وأشار إلى أن « المصرف باعتباره الجهة الرقابية على المصارف العاملة في الدولة، حريص على مصالح عملاء البنوك، ولا يقبل أن يتضرروا أو أن يتم تضليلهم، وفي الوقت ذاته يحرص على مصالح البنوك».

وقال إن «المصرف يتلقى شكاوى عدة بصفة دورية ويتطلب الفصل في هذه الشكاوي بعض الوقت لضمان إصدار القرارات الصائبة التي لا يتضرر منها أطراف الشكوى».

علاقة تعاقدية

وقد حاولت «الإمارات اليوم» الحصول على تعليق من إدارة الثروات في «بنك الفجيرة الوطني» فأكد أحد المسؤولين، الذي طلب عدم ذكر اسمه، سلامة موقف البنك.

وقال إن ما يحكم بين القسم والعملاء، هو العلاقة التعاقدية بين الطرفين، بمعني أن يكون المستثمر قد قبل الشروط والأحكام الخاصة بالمنتج الاستثماري وصدق عليها.

وأشار إلى أن «المشكلة أن الكثير من المستثمرين لا يرضون بالخسارة، ويطلبون دائما الربح، وفي حال خسارتهم يوجهون أصابع الاتهام إلى أي طرف آخر وأنه قام بتضليلهم».

تويتر