عقاريون: التشدّد في التمويل العقاري يدفع القطاع إلى التراجع
دعا عقاريون البنوك إلى تيسير شروط التمويل العقاري وضخ مزيد من السيولة في السوق العقارية.
وقالوا إن «القطاع العقاري في دبي جاذب للاستثمارات، ويتميز بوجود بنية تشريعية وتنظيمية قوية تحفظ حقوق المشترين، لكن شح السيولة في السوق وتشدد شروط التمويل يؤديان إلى إثارة مخاوف المشترين بشأن مستقبل القطاع»، مشيرين إلى أن التشدد في منح الإقراض وعدم توافره يدفعان بالسوق نحو مزيد من التراجع.
بدورهم، نفى مصرفيون توقف عمليات التمويل العقاري، وأكدوا أن التمويل مازال مستمراً من جانب البنوك، لكنه أصبح يتم بطريقة مدروسة وأكثر انتقائية للعملاء، مع زيادة البحث والتأكد من القدرة المالية للمطورين وطالبي التمويل على السداد، والغرض من التمويل وحجم المشروع.
ورأوا أن الأوضاع الأخيرة فرضت ضرورة تطبيق شروط جديدة للتمويل العقاري، الذي أكدوا أنه لم يتم منعه كما يتردد، لافتين إلى أن الشروط الجديدة التي يتم اتباعها لإتاحة التمويل تعتمد على الأسعار الحالية للمشروعات العقارية الجديدة أو القديمة.
يأتي هذا في الوقت الذي أشار فيه مسؤول في دائرة الأراضي والأملاك في دبي إلى تراجع حجم التصرفات العقارية، ورأى أن البنية التشريعية والتنظيمية للقطاع العقاري مكتملة، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة يحد من تدفق التمويل لعمليات الشراء.
عوامل نفسية
وتفصيلاً، قالت مديرة تطوير الأعمال في شركة «مدنية للعقارات»، لين عكاوي، إن «هناك عوامل نفسية مهمة أثرت سلباً في اتجاهات الأشخاص نحو الاستثمار في العقار، لكن الأكثر أهمية من العوامل النفسية هي العوامل النقدية المتعلقة بشح السيولة، والإجراءات التي تتخذها البنوك للتحوط تجاه القروض الرديئة والعمل على التأكد من قدرة المقترضين على السداد».
ورأت أن «هناك مؤشرات إيجابية تدل على قوة القطاع العقاري في دبي، خصوصاً مع البنية التشريعية والتنظيمية التي وضعتها الحكومة لحماية القطاع وحفظ حقوق المشترين، إلا أن البنوك يجب أن تقدم المزيد من الدعم للسوق العقارية عبر توفير السيولة مرة أخرى، وتوفير التمويل اللازم للمستثمرين».
وأكدت أن «الوضع الحالي للأسعار يعد جيداً، وأن المعدلات الحالية بعد التصحيح السعري تعد جيدة أيضاً، خصوصاً مع وصول السعر إلى القاع»، مشيرة إلى أن «الدورة المقبلة للسوق هي دورة ارتفاع مع توافر التمويل والسيولة من البنوك».
وأضافت أن «البنوك تمنح تمويلاً لبعض الحالات وفقاً للتقويم الذي تجريه على أسعار العقارات، وهو ما يؤكد أن السعر الحالي هو السعر الحقيقي للعقار، وبناء عليه، يجب أن تستمر البنوك في ضخ السيولة للسوق».
وأوضحت عكاوي أن «هناك مخاوف لدى المستثمرين من الإقدام على الشراء، وهذه المخاوف إما بسبب عدم الثقة في الأسعار الحالية، أو ارتفاع أسعار الفائدة، وهو ما يؤدي إلى إحجام المشترين، وتباطؤ مبيعات العقارات؛ حيث تشهد السوق العقارية حالياً تراجعاً في الثقة من جانب المشترين في جدوى اللجوء إلى الاقتراض في المرحلة الراهنة، مدعومة بتوقعات تراجع أسعار العقارات».
مخاوف
بدوره، قال نائب الرئيس في شركة «سي بي ريتشارد أليس» العالمية، المتخصصة في الدراسات العقارية، أمين حمداني، إن «هناك مخاوف لدى المستثمرين نتيجة لشح السيولة وتعثر بعض الدائنين، وهو ما دعا بعض جهات التمويل والبنوك إلى فرض إجراءات مشددة على الإقراض».
وأضاف أن «تلك الإجراءات، وإن كانت لا تمنع التمويل، أثّرت في حجم التدفق النقدي باتجاه السوق العقارية».
واستطرد «هذه السوق قائمة بصورة أساسية على التمويل، وإذا لم يتوافر، فإن السوق ستتضرر».
وأردف قائلاً إن «عدم توافر السيولة يؤثر سلباً في مشاعر المستثمرين تجاه القطاع، فكلما توافرت أحسّ المستثمرون بأن الأزمة إلى زوال وأنه لا توجد أي مشكلة».
ويعمل في الإمارات نحو 13 جهة تمويلية تتوزع بين شركات متخصصة، و بنوك تقرض الأفراد والمطورين العقاريين.
وبحسب أرقام المصرف المركزي حتى سبتمبر الماضي بلغ حجم الإقراض العقاري 64 مليار درهم ارتفاعاً من 58 مليار درهم عام .2007
وقال حمداني إن «الأموال الحكومية التي أعلن عنها في وقت سابق لدعم الاقتصاد المحلي، والتي سيتم ضخها في السوق المصرفية، يجب أن تبدد مخاوف المستثمرين، لأنها تعطي مزيداً من الثقة في استمرارية التمويل، وبالتالي قوة السوق».
من جانبه، رأى مدير التسويق في شركة «أمنيات القابضة»، محمد حميد، أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها البنوك، والتي أدّت إلى التشدد في منح الإقراض، أدّت إلى زيادة مخاوف المستثمرين نحو التوجه لشراء العقار من خلال التمويل المصرفي.
وأضاف «عندما يعود التمويل العقاري إلى طبيعته، فإن السوق ستشهد ارتفاعاً مرة أخرى في الطلب على العقارات، وهذا سيؤدي بدوره إلى إنعاش الاقتصاد»، لافتاً إلى أن «أمنيات» قامت ببيع نحو 85٪ من مشروعاتها للمستثمرين، وهو ما يجعل وضعها مطمئناً، بينما تواجه شركات أخرى تحدي حصول مستثمريها على التمويل اللازم للشراء».
انفراجة
من جانبه، توقع الخبير المصرفي والمالي، فؤاد زيدان، أن «تحدث خلال الفترة المقبلة مرحلة انفراج لإتاحة التمويل العقاري بشكل أوسع من جانب المؤسسات المصرفية في حال زيادة حجم السيولة المتوفرة في الأسواق وتجاوب القطاعات الاقتصادية العالمية مع خطط مواجهة الأزمة الاقتصادية»، لافتاً إلى أن «إتاحة التمويل بشكل أكبر مشروط بتحسن الظروف الاقتصادية الراهنة».
وأشار إلى أن «إلقاء اللوم على القطاع المصرفي ومؤسسات التمويل في تأثر المشروعات العقارية ومزاعم منع التمويل غير صحيح، لأن التمويل لايزال مستمراً من جانب البنوك والمؤسسات، لكنه أصبح يتم بطريقة مدروسة وأكثر انتقائية للعملاء، مع تكثيف البحث في حجم القدرة المالية للمطورين وطالبي التمويل على السداد وأغراض التمويل وحجم المشروع».
وأضاف أن «اتجاه البنوك ومؤسسات التمويل للحرص والانتقائية في منح التمويل مع ظروف الأزمة المالية زاد مع فقدان الثقة في التعامل مع بعض المطورين في ظل عدم التزامهم بشروط التمويل العقاري، إلى جانب أزمة نقص السيولة التي تعرضت لها الأسواق، والتي كان لها آثار سلبية في القطاع العقاري».
وأوضح أن «القطاع العقاري تعرض لمخاطر الأزمة الاقتصادية مع قطاعات عدة، مثل أسواق الأسهم، والتمويلات الخارجية، والقطاعات المصرفية، ولا يمكن إلقاء اللوم على طرف بأنه المسؤول عن تأثر طرف آخر في الأزمة».
شروط جديدة
وقال مدير عام الخدمات المصرفية للأفراد في مصرف الإمارات الإسلامي، فيصل عقيل، إن «عمليات التمويل العقاري شهدت أخيراً تحسناً كبيراً من جانب مؤسسات القطاع المصرفي عقب عمليات توافر السيولة مع سياسات الضخ مقارنة بالفترات التي واكبت بدء مظاهر الأزمة المالية».
وأوضح أن «الأوضاع الأخيرة فرضت ضرورة تطبيق شروط جديدة للتمويل العقاري، الذي لم يتم منعه كما يتردد»، لافتاً إلى أن «الشروط الجديدة التي يتم اتباعها لإتاحة التمويل تنظر إلى الأسعار الحالية للمشروعات العقارية الجديدة أو القديمة، والتي يتم تقييمها وفقاً للظروف الراهنة، فضلاً عن التركيز على التمويل للمشروعات الجاهزة بالفعل والابتعاد عن عمليات التمويل للمشروعات على الورق والخرائط فقط».
واعتبر أن «شروط التمويل المطروحة حالياً ميسّرة وليست صعبة أو متشددة ولا تؤثر بشكل سلبي في تطور القطاع العقاري»، مشيراً إلى أن «القطاع العقاري كان الممكن أن يتعرض لمخاطر الآثار السلبية في حال توقف عمليات التمويل من جانب مؤسسات القطاع المصرفي، وهو ما لم يحدث حتى الآن».
وأضاف أن «فرض شروط جديدة للتمويل العقاري بالنسبة لعمليات تسعير المشروعات العقارية المطلوب تمويلها غير مضرٍ للمطورين والمستثمرين العقاريين، لأنه يتناسب مع ظروف الأسواق الحالية ومتغيرات الأزمة المالية، وبشكل خاص مع التراجع الكبير أخيراً في أسعار الوحدات العقارية في مختلف مناطق الدولة».
معدل الفائدة البنكية قال مصدر مسؤول في دائرة الأراضي والأملاك في دبي، فضل عدم ذكر اسمه، إن القطاع العقاري في دبي هو الأكثر تنظيماً في المنطقة، بفضل القوانين واللوائح التي وضعتها الحكومة أخيراً». وأضاف أن «من الملاحظ أن هناك انخفاضاً في حجم التصرفات العقارية التي تسجلها الدائرة يومياً، لكن هذا التراجع في التصرفات لا يعني بالضرورة أن القطاع العقاري في حد ذاته يواجه مشكلة ما، فهو القطاع الذي كان يحقق معدلات مرتفعة منذ أسابيع عدة». واستطرد إن «التطور الذي شهده القطاع مرتبط بالأزمة المالية العالمية، فالبنوك لا تمنح القروض العقارية مثلما كانت تتيحها في الماضي، وأصبحت تتبع أساليب أكثر تعقيداً لضمان السداد وعدم التعثر». ورأى أن «ارتفاع معدلات الفائدة يؤدي إلى ضعف الطلب على العقارات، وأسعار الفائدة المرتفعة هي رافد رئيس من روافد تلك الأزمة». وأضاف «البنوك يجب أن تعيد النظر في معدلات الفائدة، بحيث تضمن عودة الإقراض العقاري إلى المعدلات التي تشجع القطاع». |