«مطارات المستقبل» تفتح أبواباً جديدة لصناعة السفر

تموين الطائرات من وحدات في باطن الأرض يختصر الزمن ويوفر ملايين الدولارات على شركات الطيران وسلطات المطارات الإمارات اليوم

كشف عارضون شاركوا في فعاليات الدورة التاسعة لـ«معرض المطارات»، الذي عقد في دبي أخيراً عن ملامح مطارات المستقبل والتقنيات الحديثة التي تحتويها.

وتتضمن تلك التقنيات الحديثة تفتيش الركاب بالهواء، وتسلم تذكرة الصعود للطائرة على الهاتف المحمول، ومتابعة الحقائب بموجات التعريف الراديوي، وتموين الطائرات بأجهزة تخرج من باطن الأرض، ومراقبة المسافرين بكاميرات ثلاثية الأبعاد تحدد الطول والوزن.

 
التفتيش بالهواء

قال الخبير الفني في شركة «سميث ديتكشن»، عمران خان إن «الزيادة الهائلة في أعداد المسافرين وحاجة المطارات إلى التعامل مع أكبر عدد ممكن من المسافرين في أسرع وقت ممكن جعل الهاجس الأمني يتصدر أولويات المطارات».

وأضاف أن شركته كشفت خلال مشاركتها في المعرض عن جهاز جديد لفحص المسافرين، يمكنه اكتشاف المتفجرات والمخدرات والمواد المحظورة، حتى ولو كانت مخبأة داخل نسيج الملابس التي يرتديها المسافر. وتابع «الجهاز الجديد، الذي يعمل بالموجات المليمترية، يقوم بضخ الهواء عبر بوابة يمر من خلالها المسافر، ثم يقوم بقياس موجات الهواء المرتدة بعد اصطدامها بجسم المسافر وتحليل أية فروق أو تباينات قد تشير إلى وجود أجسام مخبأة، مهما صغرت، ولو كانت في سمك ورقة السيجارة. واستطرد «الجهاز يلتقط صوراً متحركة ثلاثية الأبعاد للشخص الذي يقوم بالمرور عبر البوابة، ويقوم بعرضها بصورة فورية عبر شاشة تلفزيونية مغلقة تمكن رجال الأمن من التعرف إلى ما بداخل ملابس المسافر حتى دون الحاجة إلى تفتيشه».

وأشار عمران إلى أن «الجهاز ـ الذي يحتوي على بوابة بارتفاع مترين، ومزود بحساس يقيس قوة الموجات المرتدة ـ لا يشكل أي انتهاك لخصوصية المسافر، كما أنه مزود بفلتر يمنع إظهار ملامح وجه المسافر، كما أنه مبرمج عمداً لكي لا يقوم بتخزين أو نقل أو طبع صور الأشخاص الذين يتم فحصهم.


وقال خبراء في صناعة الطيران إن الزيادة الكبيرة في أعداد المسافرين جواً، وظهور جيل جديد من الطائرات ذات الجسم العريض، والطفرة الهائلة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ستحدث جميعها تغييرات جذرية في طريقة عمل مطارات المستقبل، التي ستصبح مدناً قائمة بذاتها تضم فنادق، وملاعب غولف، ومكاتب، ومراكز تسوق، ومساكن، ومشروعات ترفيهية.

ولفتوا إلى أن التغييرات التي تشهدها صناعة المطارات حول العالم لن تغير هيكل وأولويات المطارات فقط، وإنما ستعيد رسم حدود العلاقة بين المطارات من ناحية، وبين المسافرين وشركات الطيران والحكومات من ناحية أخرى.

الكاميرا الخفية

وتفصيلاً، عرضت شركة «أرتيك» الروسية الجيل الجديد من الكاميرات الذكية «برودواي»، التي تعمل بتقنية التعرف إلى الوجه، ثلاثية الأبعاد.

وقال رئيس الشركة، ارتويم باخين، إن الكاميرا قادرة على التقاط صور لنحو 60 شخصاً في الدقيقة الواحدة بوضوح كامل، ومهما كانت الظروف الجوية التي يتم فيها التقاط الصور، أو السرعة التي يسير بها الأشخاص، أو درجة تعاونهم من اجل التقاط الصورة.

ولفت إلى أن «الكاميرا تقوم بتحليل الصور الملتقطة لتحديد طول الشخص ووزنه وملامح العينين والجبهة والفم والأنف والأذنين، وحجم الحقيبة التي يحملها في يده، والسرعة التي يسير بها». وأشار إلى أن «الكاميرا قادرة على رصد أي تغير ولو في جزء من المليون من الملليمتر، كما أنها قادرة على تغيير أوضاعها لتناسب أطوال المسافرين بصورة أوتوماتيكية ومن دون تدخل بشري.

أبراج متحركة

وقال المدير التنفيذي لشركة «هوست سيستمز»، مايكل برينتون إن «عمل مطارات المستقبل يجب أن يكون مؤمّناً بصورة كاملة، وقادراً على العمل في كل الظروف، سواء كانت كوارث طبيعية أو حوادث إرهابية».

ولفت إلى أن شركته طورت مفهوماً جديداً للمراقبة الجوية يعتمد على أبراج المراقبة المتحركة بدلاً من أبراج المراقبة التقليدية، التي تتسم بالجمود وعدم المرونة في مواجهة الظروف الطارئة والمتغيرة في عمل المطارات.

وأشار إلى أن «أبراج المراقبة المتجولة يمكن فكها وإعادة تركيبها بكامل تجهيزاتها في ظرف ساعة واحدة، فضلاً عن أن تكلفتها تبلغ أقل من عُشر تكلفة الأبراج التقليدية».

وأضاف أن «إحصاءات الاتحاد الدولي للنقل الجوي تشير إلى أن تكلفة فاتورة الوقود العالمية يمكن أن تنخفض بنسبة 18٪ سنوياً، فيما لو تم خفض الوقت اللازم لهبوط الطائرة دقيقة واحدة فقط، عن طريق تحسين قدرات أبراج المراقبة».

وأوضح أن «مفهوم أبراج المراقبة المتحركة يمكن أن يسهم بقوة في علاج الاختناقات في المطارات خلال فترات عمليات الإصلاح والتجديد، كما أنه يمكن أن يوفر أداة فاعلة لإدارة الحركة الجوية في المطارات النائية.

المحمول

من جانبه، قال المدير الإقليمي لشركة «سيتا» المتخصصة بنظم المعلومات والاتصالات الملاحية، جهاد بوري إن «معظم الخدمات التي تقدم الآن في المطارات، مثل إتمام إجراءات السفر وشحن الحقائب، ربما تتم في مناطق أخرى بعيدة عن المطار مثل الفنادق، محطات القطارات، ومراكز التسوق، لتخفيف حدة الزحام في المطارات.

وأشار إلى أن «جهاز الهاتف المحمول سيلعب دوراً محورياً في إنهاء إجراءات السفر في مطارات المستقبل، حيث يمكن من خلاله تسلم بطاقة الصعود إلى الطائرة وتتبع حركة المسافرين داخل المطار في حالة تأخرهم عن الرحلة، وإبلاغهم بأي تغييرات قد تطرأ على الرحلة من تأجيل أو إلغاء». وتوقع بوري أن يتقلص دور كاونترات إنهاء إجراءات السفر التقليدية مع انتشار أكشاك الخدمة الذاتية، التي يمكنها أن تزيد عدد المسافرين الذين أنهيت إجراءات سفرهم من 15 مسافراً في الساعة بالطريقة التقليدية إلى 30 مسافراً باستخدام أكشاك الخدمة الذاتية.

وقال إن «استطلاعات الرأي التي قامت بها شركة «سيتا» لآلاف المسافرين في عدد كبير من مطارات العالم تشير إلى أن التطورات تعكس تطلعات المسافرين في تبسيط واختصار المعاناة خلال تجربة السفر»، مشيراً إلى أن الوقت الضائع في المطار يشكل الهم الأكبر لنحو 17.1٪ من المسافرين، في حين يمثل انتظار الحقائب مشكلة حقيقية لنحو 15٪ من المسافرين، فيما يشكل الفحص الأمني ومراقبة الجوازات مشكلة لنسبة 13.2٪ و9.5٪ من المسافرين على التوالي».

وأوضح أن «حركة بناء المطارات الجديدة غير قادرة على مواكبة النمو المتوقع في أعداد المسافرين وأعداد وأحجام الجيل الجديد من الطائرات، ما يفرض حتمية تحقيق الاستفادة القصوى من المطارات الموجودة حاليا».

ولفت إلى أنه «بالرغم من أن هناك أكثر من 13 ألف مطار على مستوى العالم ـ وفقاً لإحصاءات مجلس المطارات العالمي ـ إلا أن عدداً قليلاً منها، ربما لا يتجاوز الـ1500 مطار، يقدم خدمات دولية وإقليمية».

مدن المطارات

من ناحيته، رآى رئيس قسم البنية التحتية للمطارات بشركة «نكسيان» المتخصصة في الكابلات، باولو بييري، أن مفهوم (مدن المطارات) يكتسب قوة دافعة هائلة، خصوصا في دول الشرق الأوسط وبعض الدول الآسيوية». ولفت إلى أن «عدد المسافرين على مستوى العالم سيرتفع إلى مليار مسافر بحلول عام ،2010 ثم يقفز إلى 7 مليارات بحلول عام ،2025 وهو ما يعني وفقاً لتقديرات مجلس المطارات العالمي أن المطارات، التي تصل طاقتها القصوى الحالية إلى ستة مليارات مسافر، لن تتمكن من استيعاب نحو مليار مسافر سنويا».

وأضاف أن «ما ينطبق على أعداد المسافرين ينطبق على حركة الشحن الجوي، التي ستنمو بمعدل 4٪ سنوياً لتصل إلى 214 مليون طن بحلول عام ،2025 بمعدل 5.4٪ سنوياً، ما يضع ضغوطاً هائلة على عمل المطارات». وأشار إلى أن «إحصاءات الاتحاد الدولي للنقل الجوي تشير إلى ارتفاع حجم الحركة الجوية عالمياً من 68 مليون حركة حالياً إلى 119 مليون حركة بحلول عام ،2025 وهو ما يعني تزايد حدة الازدحام في المطارات وفي الأجواء».

وبين بييري أن «الجيل الجديد من الطائرات ذات الجسم العريض من طراز «إيرباص 380 أ » قادر على حمل 500 راكب دفعة واحدة، ما يفرض وجود تجهيزات بالمطارات قادرة على استيعاب هذه الأعداد الضخمة في وقت قياسي»، مشيراً إلى أن 20 مطاراً حول العالم، من بينها مطار دبي، أصبحت قادرة على استيعاب هذا النوع من الطائرات في عام ،2007 ومن المتوقع أن يصبح 40 مطاراً آخر قادراً على ذلك بحلول نهاية العقد».

وقال إن «حركة بناء المطارات الجديدة تواجه العديد من الصعوبات، إما بسبب نقص التمويل اللازم، أو بسبب الإجراءات الروتينية الحكومية، حيث تصل فترة الانتظار للحصول على موافقة لبناء مطار جديد إلى ست سنوات، فضلاً عن تزايد النزعة المعارضة بين شرائح واسعة من المواطنين لبناء المطارات بالقرب من منازلهم خوفاً من التلوث والضوضاء. وتابع «الاتجاه إلى خصخصة المطارات أو الدخول في شراكات بين القطاع العام والخاص لإدارة المطارات أدى إلى زيادة حدة المنافسة بين المطارات لاجتذاب العملاء، وفرض ضرورة تطوير خدمات المطارات»، مشيراً إلى أن «فقدان العملاء لا يعني فقط تراجع عدد شركات الطيران، وإنما إجمالي مساهمة قطاع الطيران في الاقتصاد بصورة مباشرة وغير مباشرة».

باطن الأرض

بدورها، عرضت شركة «كافوتيك» المتخصصة في حلول المطارات والموانئ نظاماً فريداً من نوعه لتزويد الطائرات بالوقود والكهرباء والمياه والهواء المبرد وسحب المياه المستخدمة من خلال أجهزة مدفونة في باطن الأرض، تخرج إلى السطح عندما تقوم الطائرة بالاصطفاف على مدرجات الهبوط. وقال مدير تطوير الأعمال بالشركة، فليبس فوستون إن «هذه المهمة كانت تقوم بها في العادة مولدات تعمل بالديزل وشاحنات ضخمة، ترتبط بكوابل تمتد عشرات الأمتار، ما كان يؤدي إلى ازدحام غير عادي في منطقة تحضير الطائرات للإقلاع، فضلاً عن تلويث البيئة وزيادة احتمالات وقوع الحوادث».

وأردف «النظام الجديد يعمل بصورة أوتوماتيكية، حيث ينخفض إلى باطن الأرض من جديد بعد انتهاء عملية تموين الطائرة، ما يفتح المجال أمام الحركة المرورية في منطقة التحضير دون الحاجة إلى انتظار تحميل المولدات أو جرها بعيداً ، ثم تكرار العملية مع كل طائرة جديدة تستعد للإقلاع. ولفت إلى أن «النظام الجديد يخفض إلى النصف تقريباً المدة المطلوبة لتموين الطائرات، ما يوفر ملايين الدولارات على شركات الطيران وسلطات المطارات، كما يوفر في الوقت نفسه أعلى درجات الأمان في تموين الطائرات.
تويتر