<p align=right>«المركزي»: يتوجب على البنوك تطوير إجراءاتها لمواجهة الجرائم المالية. تصوير: أشوك فيرما</p>

الحسابات «النائمة» باب لغسل الأموال

تلقت «الإمارات اليوم» شكاوى من متعاملين مع بنوك أجنبية، تفيد باكتشافهم دخول وخروج أموال من خلال حساباتهم النائمة، وعند مراجعاتهم هذه البنوك رفضوا إعطاءهم كشف حساب تفصيلياً، عن حركة الحساب خلال فترة عدم استخدامه.

وبحسب ما جاء في الشكاوى، فإن هناك مخاوف لدى أصحاب هذه الحسابات من استخدامها في عمليات غسل أموال أو أي عمليات مشبوهة.

من ناحيته، أكد المدير التنفيذي رئيس دائرة الرقابة بالمصرف المركزي، سعيد الحامز، أنه «سيتم التعميم على جميع البنوك العاملة بالدولة، سواء كانت وطنية أو أجنبية، لعمل حصر للحسابات التي لا يستخدمها أصحابها لفترة طويلة، أو ما يعرف «بالحسابات النائمة» أو المجمدة، وذلك من خلال استبيان شامل يتم إرساله الأسبوع المقبل، لمعرفة عدد هذه الحسابات والمدد الزمنية التي لم تستخدم خلالها، وبعدها سيتم وضع نظام جديد للتعامل مع هذه الحسابات».

وأضاف الحامز لـ«الإمارات اليوم» أن «الحسابات التي سافر أصحابها وتركوها مفتوحة، أمر مختلف قد يحتاج لحلول أخرى»، لافتاً إلى أنه «في حال تشكك صاحب الحساب النائم من وجود حركة أموال على حسابه لم يقم هو بها، عليه أن يراجع البنك التابع له، أو أن يدخل موقع المصرف المركزي ويتقدم بشكوى لقسم الشكاوى».

وفي السياق ذاته أكد محافظ المصرف المركزي، سلطان بن ناصر السويدي، في تصريحات سابقة، أن «غسل الأموال قضية عالمية وليست مقتصرة على الإمارات أو دول الخليج فقط، وأنه من المعروف أن محترفي هذا النوع من الجريمة دائمو التحديث لأساليبهم، ما يستلزم مواكبة هذا التطور بإجراءات مواجهة جديدة»، لافتاً إلى أنه «من الصعب التصدي لأموال المضاربة، خصوصاً في ظل انفتاح السوق، وهي أموال ليست مشبوهة، فهي جزء من كافة الأسواق العالمية».

1.3 مليون دولار

وفي التفاصيل، قال عبدالرؤوف.س، موظف، «كان لوالدي حساب جارٍ ببنك أجنبي، وبعد وفاته بعام كامل اكتشفنا أن هناك عمليات تمت على الحساب بالدولار، بلغت قيمتها مليون و300 ألف دولار، وعندما راجعت إدارة البنك تم التحقيق مع الموظف المسؤول ومديره المباشر، وتبين تورطهم في عمليات مشبوهة، وبالفعل قام البنك بإنهاء خدماتهما».

أما صالح علي، موظف، فقال إنه قام بفتح حساب لدى أحد البنوك الأجنبية منذ خمس سنوات، ومنذ قرابة الثلاثة أعوام لم يعد يستخدمه، حتى قامت موظفة بالبنك بالاتصال به، لطلب قسط بطاقة ائتمان كان قد تأخر في سداده لنفس البنك، وأبلغته أنها ستخصم القسط من حسابه الجاري لديهم.

وتابع «عندما استفسرت عن ذلك لعلمي بعدم وجود أي مبالغ في الحساب أخبرتني الموظفة أن به 3000 دولار، فتصورت بطريق الخطأ أنها ربما تكون أموال وضعتها ونسيتها منذ فترة، ووافقت على اقتطاع قسط البطاقة المتأخر، لكن بعد فترة استلمت كشف حساب يفيد بأن هذا الحساب مكشوف بقيمة 1800 درهم، وبأنه لم يتم خصم القسط، وعندما راجعت البنك طالباً كشفاً تفصيلياً عن حسابي النائم منذ 2006 حتى الآن، طلبوا مني دفع مبلغ 25 درهماً عن كل شهر، فطلبت أن أرى كشف الحساب على الكمبيوتر فرفضوا، وعندها اتجهت إلى قسم بطاقات الائتمان ونجحت في الحصول على مستند يوضح حركة الحساب في فترة الثلاثة أشهر الماضية، فوجدت دخول مبلغ 50 ألف دولار وخروجها بعد فترة».

وأضاف «لا أعرف بالتحديد عدد المرات التي تم فيها استخدام اسمي وحسابي لدخول وخروج أموال، ولم يتم إرسال كشف حساب دوري لي، لكن عندما راجعت مدير البنك قال إنه سيجري تحقيقاً في الواقعة، ويتم إبلاغي بالنتيجة، والآن أنا بانتظار الرد، وبعدها سألجأ إلى المصرف المركزي إن لم يتم اتخاذ الإجراءات القانونية كافة».

عبء مصرفي

وبحسب الخبير المصرفي، أحمد رماء، فإن هناك نوعين من الحسابات الخاملة أو النائمة، «الأول لعدم وجود رصيد، والثاني لعدم وجود حركة على الحساب، رغم توافر رصيد به، وفي الحالتين يمثل الاحتفاظ بهذا النوع من الحسابات عبئاً على البنك، لأن هناك تكلفة إدارية تستلزم الاحتفاظ بها».

وأضاف «البنوك لابد أن تقوم بإرسال كشف حساب تفصيلياً بشكل دوري لعملائها، سواء كانت حساباتهم مستخدمة أو نائمة، ويفترض أن هناك ثقة ونزاهة في العاملين بالمصارف، لأن الأمر يتعلق بأموال وسمعة عملائهم، وإذا حدثت أي تجاوزات فالغالب أنها فردية، لكن لا داعي للاحتفاظ بالحساب الخامل لمدة تزيد على ستة أشهر».

أما المسؤول المصرفي، محمود عياد، فقال «الحسابات الخامدة من الأمور الخطرة لأي بنك، لأن معظم أصحابها متوفين أو خارج الدولة، وللأسف بعض الموظفين والمسؤولين قد يستغلون هذه الأسماء والحسابات في عمليات غسل أموال». وأضاف «يفترض أن يتم الاحتفاظ بملفات الحسابات الخامدة في خزينة بعيداً عن الموظفين، لأن هناك حيلاً كثيرة يلجأ لها ضعاف النفوس منهم، فمثلاً أحدهم قام بتزوير توقيع صاحب حساب خامد ببنك وطني على دفتر شيكات، وقام بسحب مبالغ مالية بالاتفاق مع أحد العمال الآسيويين مقابل مبلغ 5000 درهم، وآخر استغل سفر صاحب الحساب الذي طلب دفتر شيكات قبل سفره ولم يحضر لاستلامه، فقام الموظف بأخذ شيك منه وسحب به مبلغاً كبيراً من الرصيد».

تجميد الحساب

أشار المسؤول المصرفي، محمود عياد، إلى أنه «إذا تم استغلال الحساب الخامد في عمليات مشبوهة مثل غسل الأموال، فلابد أن يتم الأمر بمساعدة موظف في البنك أو مسؤول فيه، لأن الأموال تحول من حساب لآخر، وليس عن طريق النقد، لذا يفترض أن يتم ربط او تجميد الحسابات التي لا يحركها أصحابها لمدد معينة تحدد حسب السياسة الداخلية لكل بنك، وحسب نوع الحسا ب، وما إذا كان جارياً أو حساب توفير أو وديعة، وأن يتم إخطار العميل بأن حسابه تم ربطه او تجميده على الكمبيوتر الأساسي للبنك، ولا يتم فك الحساب إلا بحضوره الشخصي وتوقيعه على صحة الرصيد وإحضار جواز السفر، وذلك لمنع التلاعب به».

الأكثر مشاركة