المشكلة التي تواجه نسبة كبيرة من صغار المستثمرين، هي صعوبة الإجابة عن السؤال (متى نبيع الأسهم). تصوير: أريك أرازاس

«قواعد بيـع» لتجـنب «الأسـهم الخاسرة»

قدم محللان ماليان، نصائح لصغار المستثمرين في أسواق الأسهم، داعين إلى أن يكون لكل مستثمر «قواعد بيع» خاصة به في السوق، يستند إليها في اتخاذ قرار بيع الأسهم الخاسرة.

وقالا لـ «الإمارات اليوم» إن «هناك استراتيجيات عدة للتعامل في أسواق الأسهم، تتغير وفقاً لظروف السوق»، مشيرَين إلى أن «الخطأ الذي يرتكبه صغار المستثمرين، ويتسبب في خسائرهم، هو الالتزام باستراتيجية واحدة للتعامل طوال الوقت، فلا المضاربة تفيد طوال الوقت، ولا الاستثمار طويل الأجل يجدي نفعاً دائماً».

من جانبهم، كشف متعاملون في أسواق الأسهم المحلية، عن صعوبة اتخاذ القرار الاستثماري السليم في ظل حالة «التذبذبات الحادة» للأسهم خلال اليوم الواحد، انخفاضاً وارتفاعاً.

وبحسب متعاملين في أسواق الأسهم، فإن هذا «التذبذب» الذي يرتبط بعوامل خارجية، أهمها أداء «البورصات العالمية»، وتغير أسعار النفط، جعلهم في حيرة من أمرهم، فهم يحجمون عن البيع عند الارتفاع، خشية أن تحقق الأسهم مزيداً من الارتفاعات، ويخشون الاحتفاظ بأسهم قد تنخفض سريعاً، وبالتالي تضيع عليهم فرصة الربح، أو حتى تقليل الخسائر.

ووفقاً لهم، فإن المشكلة الكبرى التي تواجههم تتمثل في تمسكهم بـ «أسهم خاسرة» لفترة طويلة قد تمتد لسنوات، على أمل أن تعود للسعر الذي اشتروها به.

الاحتفاظ بالأسهم

وفي التفاصيل، عرض المستثمر صلاح البيطار تجربته مع الأسهم، فقال إنه «اشترى أسهماً في شركة (إعمار) العقارية بسعر مرتفع منذ فترة تجاوزت العامين، وحتى الآن لايزال محتفظاً بهذه الأسهم، على أمل أن تعود للسعر الذي اشتراها به».

وأضاف أن «القيمة السوقية للسهم تغيرت خلال هذه الفترة ارتفاعاً وهبوطاً، حيث واصل السهم انخفاضه في البداية من مستوى يقارب 15 درهماً حتى وصل إلى مستوى 1.75 درهم، ثم صعد إلى مستوى يتجاوز أربعة دراهم، وعاد سريعاً للانخفاض دون ثلاثة دراهم، وأخيراً ارتفع إلى مستوى 3.35 دراهم».

وأشار إلى أنه طوال هذه الفترة لم يتمكن من البيع أو الشراء، للاستفادة من تذبذب السهم صعوداً وهبوطاً، حيث إنه يخشى البيع بخسارة مثلما فعل كثيرون، فيرتفع السهم بعد ذلك، وبالتالي أصبحت عملية التصرف في أسهمه الخاسرة، وكيفية تعويض الخسائر التي حققها، هي المشكلة التي يواجهها في السوق.

كبوة

من جهته، عرض المستثمر في «سوق دبي المالي»، «ص.ن» الذي طلب عدم نشر اسمه تجربته، فقال: إن «الكبوة التي ارتكبتها هي أنني فضّلت الاحتفاظ بالأسهم، في وقت كان السوق يواصل فيه الانخفاض بقوة، بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية، حيث حرصت على اتباع مبدأ (الاستثمار طويل الأجل)».

وتابع «بعد أن وصلت خسارتي إلى نحو 70٪ من رأس المال المُستثمر، قررت أن أبيع عقب أي ارتفاع للأسهم لضمان جني أرباح، ثم العودة لشراء الأسهم نفسها التي بعتها بسعر أقل وهكذا»، مشيراً إلى أن «اللجوء إلى (المضاربة)، والبيع السريع لجني أرباح، هو الاستراتيجية المفضلة لديه، على الرغم من ما تتسم به من خطورة مالية، وتحقيق خسائر في بعض الأحيان».

وأكد أنه حقق عن طريق هذه الاستراتيجية، نتائج أفضل من «الاستثمار طويل الأجل». وقال «تمكنت من تقليل خسائري إلى حد ما، في حين كانت الخسائر ستبقى على حالها، لو احتفظت بالأسهم دون بيع أو شراء».

السؤال الصعب

وترى المحللة المالية في شركة «الفجر للأوراق المالية»، مها كنز، أن «المشكلة التي تواجه نسبة كبيرة من صغار المستثمرين، هي صعوبة الإجابة عن السؤال الصعب، وهو (متى نبيع الأسهم)؟»، معتبرة «قرار بيع الأسهم الخاسرة في الغالب، أصعب من بيع الرابحة».

وتابعت «يعلم الجميع أن بعد كل ارتفاع للأسهم هناك هبوط، وبعد كل هبوط يأتي ارتفاع»، مشيرة إلى أن «عمليات جني الأرباح والتصحيح في الأسعار، المتزامنين مع ارتفاعات السوق، أمر صحي وممتاز لتحقيق التوازن واكتساب القوة».

وأضافت أن «فئة من المتعاملين يتمسكون بالأسهم الخاسرة لفترة أطول من اللازم»، موضحة أن «أسواق الأسهم المحلية تتميز بوجود فئة كبيرة من المتعاملين الأفراد، الذين تشكل فئة المضاربين نسبة كبيرة منهم، إلا أن قليلاً منهم يجيد (فنون المضاربة)، بما تراكم لديه من خبرة مكتسبة من السوق عبر السنوات الماضية»، لافتة إلى أن «كثيراً منهم أيضاً تتحكم فيهم العاطفة، من طمع في أوقات صعود الأسهم، وخوف وفزع في أوقات هبوطها».

وتابعت أن «استمرار انخفاض الأسهم، وتزايد الخسائر يدفعان العديد من المستثمرين الأفراد للبيع بسرعة، في حين يصاب البعض الآخر بحالة (شلل في التفكير)، فيبدأ رحلة بحث عن من يجيبه عن السؤال: متى يبيع أسهمه الخاسرة؟».

وأوضحت أن «من النقاط الأساسية والضرورية للتعامل مع السوق في الوقت الحالي، ضرورة وضع حد لـ (المخاطرة)، إذ يجب أن يكون لكل مستثمر (قواعد بيع) خاصة به، فإذا ما تحقق أي من شروطها، عليه ألا يتردد في البيع، دون أن يحزن على أية خسائر، لأنه سيعوضها بإذن الله، فالنجاح في كل عملية تداول ليس مطلوباً، وإنما المعدل التراكمي للعمليات بعد فترة معينة».

نصائح

وقدمت كنز نصائح أساسية تساعد المستثمر على اتخاذ قرار بيع الأسهم الخاسرة، أولها أن «يحدد نسبة الخسارة التي يمكن تحملها، فإذا هبط السهم إلى هذا المستوى، يجب عليه التخلص منه، ووقف نزيف الخسائر، خصوصاً أن هذا الأمر يختلف من مستثمر لآخر حسب شخصيته، وعمره، وحجم أمواله، والفترة المحددة للاستثمار».

وأكملت «إذا ما استمر السوق بالهبوط، يمكن للمستثمر معاودة الشراء من جديد، إذا توافرت مؤشرات على إيجابية السهم، بشكل يجعله يتمسك به».

واستشهدت على ذلك بنجاح «المضارب اليومي» في التعامل مع معطيات السوق، إذ يحدد مقداراً معيناً للمكسب والخسارة، بمعنى أن يقول يكفيني خمسة فلوس مكسباً، وأربعة فلوس خسارة، ما مكنه من النجاح، نتيجة عدم التعلق بأسعار عالية لفترة طويلة. وبمعنى أكثر دقة «على المستثمر أن يحسن استخدام نقطة إيقاف الخسارة التي تقلل الخسائر من جهة، وتتيح الحصول على أموال لانتهاز فرص بديلة موجودة في السوق من جهة أخرى».

وقالت كنز إن «ثاني النصائح يتمثل في ضرورة التخلص من السهم في حال إجماع المحللين والخبراء على آراء تخالف توقعات المستثمر عن السهم، سواء من خلال التحليل الفني أو الأساسي».

وأشارت إلى أن «النصائح المتبقية تتمثل في ضرورة البيع وانتظار استقرار الأوضاع، لمعاودة (الدخول) مرة أخرى، إذا كانت أوضاع السوق أو القطاع الذي ينتمي إليه السهم في ضعف وتدهور، لأن جميع الأسهم تتأثر بأوضاع السوق، ولكن بدرجات متفاوتة ».

وأضافت «إذا لاحظ المستثمر أن حجم تداولات السهم في تزايد، ولكن سعر السهم لا يرتفع، فهذا يعني أن هناك (تصريفاً على السهم) ويجب التخلص من السهم فوراً، وكقاعدة عامة (لا تحتفظ بالسهم الذي لا يوفر فرصة استثمارية جيدة».

بدائل

وحول البدائل التي يمكن أن يلجأ إليها مستثمر هوت أسهمه، ولم يقم بتفعيل وقف الخسارة، قالت كنز «الأهم في هذه الحالة هو بيع كامل الكمية التي في حوزته بأعلى سعر، مع التذبذب اليومي الذي يحصل في السهم، ومحاولة اصطياد الأسهم ذاتها بسعر يقل بنحو فلسين إلى أربعة فلوس عن سعر البيع ، فمع تكرار تلك العملية يومياً يستطيع المستثمر أن يصل إلى رأسماله، وبإمكانه المواصلة لتحقيق مكاسب جيدة أيضاً».

وذكرت أن «من البدائل أيضاً بيع نصف كمية الأسهم لتحرير جزء من الأموال للمضاربة بها في أسهم أخرى، لتعويض خسائره في السهم أو أن يبيع نصف الكمية، وانتظار هبوط السهم إلى أدنى مستوى له، ويشتريه ليعدل سعر الشراء، وفي النهاية يمكن للمستثمر أن يبيع كامل الكمية، والاتجاه إلى سهم آخر له مؤشرات إيجابية لمحاولة تعويض الخسارة».

فرص

في السياق ذاته، قال المحلل المالي، سامر محيي الدين، إن «أسواق الأسهم المحلية تعاني من (تذبذبات) عالية»، لافتاً إلى أن «تلك (التذبذبات) التي تنتج عن انخفاضات تحدث عقب أي ارتفاع، تمثل فرصاً استثمارية أكيدة، وقد تمكن المستثمر الخاسر من تعويض خسائره بصورة أسرع من الارتفاعات المتواصلة».

وقال إن «صغار المستثمرين، خصوصاً الذين لا يملكون خبرة في التعامل في أسواق الأسهم، يرتكبون خطأ واضحاً وهو اتباع استراتيجية واحدة للتعامل طوال الوقت، فمن اشترى أسهماً وانخفضت قيمتها السوقية، يظل محتفظاً بها لسنوات، على أمل أن تعود لسعر الشراء الأصلي، وهو أمر يحتاج لسنوات، وقد يصعب تحقيقه فعلياً».

وأضاف أن «الحل المثالي في مثل هذه الأوقات هو ضرورة الاستفادة من (تذبذبات الأسهم) خلال اليوم الواحد، ففي كثير من الأحيان يصل الفارق بين أعلى وأدنى سعر للسهم خلال جلسة التداول الواحدة، إلى 10 فلوس، وقد يصل الفارق على مدار أيام قليلة إلى نحو درهم كامل، وهنا يمكن للمستثمر بيع الأسهم واقتناصها من جديد، بسعر أقل لتقليل متوسط السعر».

وضرب محيي الدين مثلاً على ذلك بأن «المستثمر الذي لديه 10 الآف سهم، اشتراها بسعر مرتفع، ثم باعها بسعر ما، وأعاد شراءها خلال اليوم الواحد بسعر يقل عن سعر البيع بمقدار 10 فلوس، يكون قد حقق مكسباً قدره 1000 درهم دون أن يخسر شيئاً».

إلا أنه حذر من أن «مثل هذا الأمر قد يعوض خسائر للمستثمر، لكنه قد يتسبب في زيادتها إذا كان المستثمر لا يمتلك خبرة وفهماً لطبيعة التعامل في السوق، والقدرة على قراءة التحركات التي تحدث، فضلاً عن ضرورة الإلمام بالعوامل التي تحرك الأسهم صعوداً وهبوطا».

واعتبر أن «محاولة البعض الترويج لمبدأ عمل (متوسطات سعرية)، من خلال ضخ سيولة جديدة لشراء مزيد من الأسهم، لا تمثل الحل الأمثل في الوقت الحالي، في ظل عدم توافر السيولة غالباً لدى المستثمر الخاسر، فضلاً عن عدم قدرته على تحمل مزيد من الخسائر، بسبب صعوبة تحديد مسار السوق على المدى القصير».

واختتم محيي الدين بالقول إن «(تذبذبات الأسهم) وعلى الرغم من أنها قد تصيب صغار المستثمرين بالملل، وتدفعهم للتخلص من أسهمهم، إلا أن الارتفاع الذي يعقبه تصحيح في الأسعار، يكون أفضل من الارتفاع الكبير الذي يعقبه انخفاض بنسب كبرى، تقضي على المكاسب المحققة سريعاً».

الأكثر مشاركة