أبوظبي تشهد أكبر انخفاض للتضخم في تاريخها ببلوغه 1.17٪
أعلن مركز الإحصاء في أبوظبي، في تقرير صادر عنه، أمس، أن معدل التضخم في إمارة أبوظبي خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام وصل إلى 1.17٪ فقط، مقارنة بـ14.88٪ خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ويعد هذا الانخفاض، وفقاً لخبراء اقتصاديين في المركز، الأكبر من نوعه في تاريخ الإمارة، حيث تعد هذه المرة الأولى التي ينخفض فيها التضخم السنوي هذا الانخفاض الكبير دفعة واحدة، ويصل إلى هذا المعدل المتدني.
وأوضح التقرير الرسمي أن معدل التضخم قد انخفض من 3.45٪ في شهر يناير الماضي ليصل إلى رقم غير مسبوق هو - 0.5٪ لأول مرة في سبتمبر الماضي.
وتوقع التقرير أن يستمر التراجع خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من هذا العام، ما يتيح فرصاً أفضل لمزيد من النمو والاستقرارين المالي والاقتصادي في الإمارة.
واعتبر التقرير أن «هذا المستوى المنخفض للتضخم، يؤكد قوة اقتصاد أبوظبي واستقراره، كما يعطي ميزة تنافسية كبيرة له في مواجهة الاقتصادات الإقليمية والعالمية، ويدفع باتجاه تعزيز جاذبيته للاستثمارين المحلي والأجنبي، باعتبار أن معدل التضخم ومستويات الأسعار يمثلان أحد المعايير الاقتصادية المهمة التي يتم الاستناد إليها لتقييم مناخ الاستثمار ومخاطره في أي دولة».
تراجع حاد
وقال خبير اقتصادي في مركز الإحصاء، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ«الإمارات اليوم»: «يقاس التضخم بنسبة التغيير التي تم تسجيلها بين الفترتين، ويرجع هذا الانخفاض الحاد إلى أن التضخم سجل خلال الربع الأول من العام الماضي زيادة كبيرة وصلت إلى 17٪، وإذا تتبعنا نسبة ارتفاع التضخم خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، فإننا نجد أن النسبة زادت أضعافاً عدة، بينما بلغت نسبة الزيادة في السكن خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجاري كله 4٪، ما أسهم في انخفاض التضخم بهذا الشكل الحاد».
وأضاف أن «الانخفاض القوي في نسبة التضخم يعدّ أحد الانعكاسات الإيجابية للأزمة المالية العالمية على اقتصاد إمارة أبوظبي»، واستطرد «أسهمت أيضاً بعض السياسات والخطوات العملية التي اتخذتها القيادة العليا خلال النصف الأول من العام الماضي في تسريع وتيرة انخفاض معدلات التضخم إلى هذه المستويات الدنيا، باعتبارها ذات آثار بعيدة المدى بدأت تأثيراتها تظهر حالياً».
ولفت الخبير الاقتصادي في المركز إلى أن «من أبرز هذه السياسات توجيه المطورين العقاريين بتخصيص 20٪ من وحداتهم لفئة متوسطي ومحدودي الدخل، فضلاً عن التدخل لدعم الجمعيات التعاونية وخفض أسعار بعض السلع الأساسية في السوق».
ليس انخفاضاً للأسعار
من جانبه، قال المستشار الاقتصادي لشركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور همام الشماع: إن «انخفاض التضخم من 14.88٪ إلى 1.17٪ لا يعني انخفاض الأسعار بنفس النسبة، لكن يعني أن الأسعار لم ترتفع إلا بنسبة 1.17٪ خلال هذه الفترة»، وتابع «هذا منطقي للغاية، لأن أسعار العقارات ومستوى الإيجارات في أبوظبي لم يرتفع، بل شهدت انخفاضاً، كما أن أسعار السلع والخدمات سجلت استقراراً إلى انخفاض خلال الأشهر الماضية، خصوصاً في ضوء انخفاض قيمة الدرهم لارتباطه بالدولار الذي شهد انخفاضات متتالية».
ورأى الشماع أن «انخفاض التضخم إلى هذا المستوى في أبوظبي يعني أن معدل التضخم في الدولة بصفة عامة أصبح سالباً، نظراً لانخفاض الإيجارات وأسعار العقارات في بعض إمارات الدولة بنسب وصلت إلى 40٪»، لافتاً إلى أن «انخفاض التضخم إلى معدلات متدنية سيسهم في زيادة تدفقات الاستثمارات المحلية والأجنبية، بما فيها التدفقات الاستثمارية للقطاع العقاري، كما يجعل الاستثمار في الأسهم أكثر جاذبية للشراء، لأن قيمتها تكون أقل، خصوصاً أسهم الشركات الأجنبية».
تركيبة المؤشر
ووفقاً للتقرير، فإن مجموعة «الأغذية والمشروبات» التي يبلغ وزنها النسبي 16.1٪ من المؤشر، انخفض الرقم القياسي لها خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2009 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بنسبة 2.87٪، في حين سجلت مجموعة «الملابس والأحذية»، التي يبلغ وزنها النسبي 9.8٪، انخفاضاً قدره 3.37٪، فيما انخفضت مجموعة «التجهيزات والمعدات المنزلية» التي تمثل وزناً نسبياً قدره 4.8٪، بنسبة بلغت 2.48٪.
وسجلت مجموعة «الترويح والثقافة» أكبر انخفاض ضمن مجموعات السلع والخدمات، حيث انخفض الرقم القياسي لها بنسبة 5.6٪، إلا أن وزنها النسبي من المؤشر العام لم يتجاوز 2.4٪؛ ولذلك كان أثرها محدوداً في تخفيض المعدل العام للتضخم، كما سجل الرقم القياسي لمجموعة «الاتصالات» انخفاضاً طفيفاً بلغ 0.06٪، بينما وصل وزن هذه المجموعة إلى 7.7٪ من المؤشر العام.
وبحسب التقرير، فإن هذه المجموعات الخمس التي تمثل نحو 41٪ من الوزن النسبي للرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة لجميع السكان في إمارة أبوظبي، هي المسؤولة عن خفض التضخم خلال الأشهر التسعة الأولى من عام ،2009 نتيجة حدوث انخفاض ملحوظ في أسعار مكوناتها من سلع وخدمات.
وفي المقابل شهد الرقم القياسي لبعض المجموعات ارتفاعاً طفيفاً خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، وفي مقدمتها مجموعة «السكن والمياه والكهرباء والغاز»، حيث ارتفع الرقم القياسي الخاص بهذه المجموعة بنسبة 4.94٪، وكان لها الدور الأكبر في التأثير في المعدل العام للتضخم، خصوصاً أن الوزن النسبي لهذه المجموعة بلغ 37.9٪ من المؤشر العام.
يشار إلى أن التقرير وفقاً لمركز إحصاء أبوظبي يشكل منهجية دقيقة لاحتساب جميع المؤشرات الرسمية المتعلقة بارتفاع الأسعار على مستوى الإمارة، كما يعتمد على سلة من السلع والخدمات مقدرة بطريقة أكثر شمولاً وفقاً لأرقام البنك الدولي، وتتيح إمكانية احتساب هذه المؤشرات بالدقة اللازمة، ما يضع حداً لتضارب الأرقام والتقديرات الخاصة بمعدلات التضخم في الإمارة.
ارتفاع الإيجارات
اعتبر الخبير الاقتصادي المدير العام لشركة «تروث للاستشارات الاقتصادية»، رضا مسلم، أن «الأرقام المعلنة للتضخم لم تنعكس بشكل واضح وملموس على أسعار السلع والخدمات في الأسواق». وأضاف «لم يشعر المستهلكون بحدوث انخفاض حاد في الأسعار، كما أن مستوى الإيجارات لايزال مرتفعاً، ولم يشهد انخفاضاً ملموساً على الرغم من أن وزنه النسبي في مؤشر التضخم الكلي يزيد على 37٪». |