خبراء: كشف الفساد يدعم شفافية الأعمال في دبي
قال خبراء ماليون واقتصاديون، إن كشف دبي أخيراً عن قضايا فساد مالي في شركات عقارية كبرى، لا يحبط طموحاتها في أن تصبح مركزاً مالياً عالمياً ومحل ثقة المستثمرين، مؤكدين أن الكشف عن قضايا فساد مالي أو ربح غير مشروع لمسؤولين في شركات عقارية تابعة للحكومة، يطمئن المستثمرين، بأن دبي لديها نظام قانوني يدعم الشفافية في الأعمال».
وأوضح بعضهم أن الإعلان عن توقيف متهمين في قضايا «تربّح غير مشروع»، قد يثير بعض المخاوف بشأن ثقة المستثمرين على المدى القصير، إلا أنه يبعث برسالة على المدى الطويل بأن دبي لا تحتضن مفسدين، مطالبين بإصدار قانون لـ«مكافحة الفساد»، يلزم الموظفين في المؤسسات الحكومية، بتقديم إقرارات «براءة ذمة مالية» قبل التحاقهم بوظائفهم.
وكان مدير دائرة الرقابة المالية في حكومة دبي، ياسر أميري، كشـف لـ«الإمارات اليوم» في وقت سابق عن أن «رؤساء تنفيذيين ومسؤولين في شركات عقارية تنطبق عليهم تهمة (التربّح غير المشروع)، حققوا ثروات في الآونة الأخيرة على نحو غير قانوني، مستغلين مناصبهم وصلاحياتهم»، معرّفاً التربّح غير المشروع بأنه «الحصول على أية مبالغ مالية من قِبل المدير أو المسؤول، بسبب استغلاله منصبه ووضعه الوظيفي».
كما أكد القائد العام لشرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، في وقت سابق أنه «لا يوجد في إمارة دبي مسؤول بمنأى عن المحاسبة، إذا ثبت تورّطه في قضايا فساد، أو استغلال وظيفي، أو تربّح بطرق غير قانونية»، مشدداً على أن «صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لن يترك فاسداً في دبي من دون عقاب قانوني».
مكافحة الفساد
وتفصيلاً، قال المستشار المالي صلاح الحليان، إن «كشف دبي عن قضايا فساد مالي، لا يحبط طموحاتها في أن تصبح مركزاً مالياً عالمياً محل ثقة المستثمرين، بل يدعم ثقتهم في أن هذا البلد يحكمه قانون، وأنه لا يوجد شخص مهما علا منصبه بمنأى عن المحاسبة والسؤال».
وأضاف أن «هناك ضرورة الآن لوضع تشريع لمكافحة الفساد المالي، لدعم الشفافية في الاقتصاد»، موضحاً أن «محاربة الفساد يجب أن تكون عملية مستمرة، وليس نتاج رد فعل، فالمفسد في أي مكان في العالم يعاقب إذا ثبت فساده».
ولفت إلى أن «هناك محاكمات تجرى لمسؤولين أو وزراء في دول العالم إذا ثبت تورطهم، ما يدعم الثقة بين الجمهور والدولة، في أنها لن تتستر على أحد طالما كان متورطاً».
ودعا الحليان إلى «وضع كتاب لـ(أخلاقيات المهنة) لكل المهن بما فيها شركات القطاع الخاص»، مشيراً إلى أن «هذا أمر موجود في البلدان المتقدمة، والإمارات دولة حديثة يجب أن تحافظ على وضع هذا المنهج كونها دولة عصرية أيضاً».
وأوضح أنه «لا يوجد قانون يُجرّم الجمع بين الوظيفة الحكومية والعمل الخاص، كما أنه لا توجد قوانين للشفافية والإفصاح في القطاعات الاقتصادية المختلفة ومنها القطاع العقاري».
وتابع الحليان الذي يعمل مستشاراً مالياً لشركات عدة، «يجب أن يلزمني القانون بصفتي مستشاراً مالياً مثلاً، أن أعطي النصائح الحقيقية لمن أقدم لهم الاستشارة، وألا يكون هناك تعارض في المصالح بين مصالحي ومصالح من أعمل معهم»، مبيناً أننا «نحتاج إلى (قانون لمكافحة الفساد)، و(قانون لمكافحة الاحتيال المالي وتوظيف الأموال)، وقوانين للاستثمار تشرح حالات الاحتيال، ضمن حزمة من القوانين التي تراعي طموحات الإمارات كونها أهم مركز مالي في منطقة الشرق الأوسط».
سلاح ذو حدّين
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي في غرفة دبي، الدكتور بلعيد رتاب، إنه «ومن منظور اقتصادي فإن ظهور حالات عدة للفساد في أي بلد في العالم، قد يتسبب في الإضرار بسمعة الاقتصاد المحلي»، لافتاً إلى أن «قضايا الفساد ظهرت في كل بلدان العالم، ومنها الولايات المتحدة بصفتها أكبر الاقتصادات».
وبيّن أن «الاقتصادات الناجحة هي التي تخرج أكثر قوة من الأزمات بفضل نظامها الداعم للشفافية»، مؤكداً أن «قضايا الفساد وتحويل المتهمين لجهات التحقيق ستعرف أصحاب الأعمال في العالم والمستثمرين، أن دبي قادرة على مواجهة الواقع ومحاسبة من تسببوا في الأزمات ، حيث تربّحوا بشكل غير شرعي».
وأوضح أن «محاربة المفسدين قد يكون سلاحاً ذا حدين، فهو يعطي بعض الإزعاج للمستثمرين، لكنه يؤكد أن البلاد لديها القدرة والجرأة الكافية على فتح تلك الملفات مثل كل بلدان العالم المتقدم»، مضيفاً أن «محاربة الفساد في النهاية هو أمر صحي لا يختلف عليه الاقتصاديون».
وفي السياق ذاته، قال الرئيس التنفيذي لشركة «غلف مينا للاستثمارات»، هيثم عرابي، إن «ضرب الفساد في الشركات العقارية، قد يهدد سمعة السوق المحلية محليًا ودوليًا»، مؤكداً الحاجة لـ«الضرب بيد من حديد على المفسدين، من خلال الإصلاحات المالية والتشريعية التي تعزز الرقابة على المال العام، وأداء الشركات».
ودعا «مؤسسة التنظيم العقاري» في دبي، إلى «ممارسة دور رقابي أيضا على موازنات وأموال الشركات العقارية المسجلة لديها»، مؤكداً أن «تشريعاً لمكافحة الفساد سيكون رادعاً لانتشار عمليات الفساد المالي».
من جانبه، قال العضو في المجلس الوطني الاتحادي حمد المدفع، إن «هناك حاجة لصياغة تشريع متخصص بمكافحة الفساد»، مؤكداً»، أن «هذا القانون يواكب التطور الذي يحدث يوميا في الإمارات، حيث إن القوانين الحالية لم تعالج هذا الأمر بشكل صريح».
أهم القضايا
اتسعت دائرة فتح ملفات التحقيق في فساد عدد من الشركات المالية والعقارية في دبي الأسبوع الماضي، عقب إحالة دائرة الرقابة المالية التابعة لديوان حاكم دبي، رئيس مجلس إدارة «مجموعة دبي للعقارات»، هاشم الدبل إلى النيابة العامة بتهمتي «الاستغلال الوظيفي» و«التربّح غير المشروع».
غير أن أربعة تحقيقات على الأقل بدأتها الشرطة العام الجاري، مع مسؤولين في شركات عقارية ومالية كبرى، فيما قالت وكالات أنباء في وقت سابق إن «الشرطة استدعت أربعة موظفين من شركة (سما دبي) العقارية التابعة لـ(مجموعة دبي القابضة) للتحقيق على خلفية شبهة تلقي رشى».
ويخضع مسؤول في شركة «استثمار العالمية» لتحقيقات بشأن مخالفات مالية مزعومة، خلال توليه منصبه السابق.
كما كانت شركة «نخيل» أعلنت خلال العام الجاري أن أحد موظفيها الحاليين يخضع للتحقيق للاشتباه في قبوله رشوة.
وتراجع دائرة الرقابة المالية في دبي نحو 250 منشأة سنوياً، وتشمل جميع الشركات التي تملك فيها الحكومة حصة لا تقل عن 25٪.
اما الموقوف الأقدم في قضايا الفساد في دبي، فهو مدير سابق في شركة «ديار» أوقف العام الماضي، واتهم مع مشتبه بهم آخرين باختلاس أكثر من 27 مليون دولار.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news