تدوير «الصرف الصحي» يصطدم بتحفظـات شـرعية ونفسية
أكد خبراء وعاملون في مجال تحلية المياه أهمية إعادة تدوير مياه الصرف الصحي للاستهلاك البشري، نظراً لقلة تكلفتها، خصوصاً للمناطق الداخلية البعيدة عن البحر، فضلاً عن النقص الكبير في كمية المياه العذبة المتاحة.
وأشاروا إلى أن أنظمة التعقيم البيولوجية تحوّل مياه الصرف الصحي إلى مياه عالية النقاء، وتجعلها بمستوى التركيب الكيميائي والعضوي لمياه الشرب الطبيعية، لافتين إلى التوجه العالمي حالياً لتدوير مياه الصرف الصحي وجعلها قابلة للشرب في معظم دول العالم يستثني المنطقة العربية، التي مازالت ترفض استخدام مثل هذا النوع من المياه المعالجة لتحفظات شرعية ونفسية.
استراتيجية مستقبلية
وتفصيلاً، أرجع المدير التنفيذي لشركة «بالم وتر»، عماد الحفار، إصرار الشركات والمؤسسات للاتجاه إلى إعادة تدوير مياه الصرف الصحي بدلاً من التحلية بشكل مباشر من البحار، إلى أسباب تتعلق بالنقص الشديد في كمية المياه العذبة المتوافرة للاستهلاك البشري في منطقة الخليج، كونها منطقة صحراوية جافة، وفي الوقت نفسه لوجود كم كبير وهائل من مياه الصرف الصحي المستخدمة يومياً، لذلك «ستصبح إعادة تدوير مياه الصرف الصحي جزءاً من أي استراتيجية مستقبلية لتوفير المياه».
وأضاف أن «هناك أنظمة فعّالة ومتطوّرة تعرف بأنظمة التعقيم البيولوجية التي تستطيع تحويل مياه الصرف الصحي إلى مياه عالية النقاء، ثم تأتي عملية التصفية بوساطة أنظمة أخرى لجعلها بمستوى التركـيب الكيميائـي والعضـوي لمياه الشـرب الطبيعية، وأخيراً، تأتي عملية التعقيم في المرحلة الأخيرة لكي تصبح المياه صالحة للشرب».
وبيّن الحفار أن «إعادة تدوير المياه أقل كلفة من تحلية مياه البحر، إلى جانب دورها في حل أكبر مشكلة صحية واجتماعية من خلال تدوير مياه المجاري والصرف الصحي، علماً بأن كثيراً من المناطق الداخلية لا يصلها البحر، ما يُصعّب من التحلية ويرفع تكلفة إيصال المياه المحلاة لتلك المناطق بشكل كبير جداً».
وأكد أن «جميع التقنيات تركز على إيجاد حلول صديقة للبيئة من خلال تقليل استخدام الطاق، وحصر انبعاثات الكربون، إلى جانب تكنولوجيا إعادة تدوير الطاقة التي تعتمد على إعادة استخدام المياه أو جزء منها، فضلاً عن التقنيات الخاصة لتخفيف التأثير البيئي لعملية التحلية، بما فيها استخدام مواد معالجة صديقة للبيئة وأنظمة تساعد على المحافظة على البيئة». ولفت إلى أن «المياه المحلاة هي مياه ذات خواص كيميائيـة وفيزيائية وطبيعية مشابهـة تماماً للمياه الطبيعيـة، التي تنتج عن استخلاص التركيب الكيميائي لمياه البحـر وتخفيض نسبـة الأمـلاح إلى المستوى الطبيعي».
وأشار إلى أن «أحد أهم العوائق التي تقف أمام استخدام مياه الصرف الصحي المعادة تدويرها تكمن في الحاجز النفسي لدى الأفراد ومدى تقبلهم هذا النوع من المياه، وبشكل خاص في الدول العربية».
تحفّظات شرعية
من جانبه، قال رئيس التضامن في شركة «دوسان هيدر تكنولوجي»، سعيد حسين الحارثي، إن «مياه الصرف الصحي هي مياه غير مالحة، وبالتالي إعادة تدويرها يكون أقل تكلفة من تحلية مياه البحار، خصوصاً في المناطق الصحراوية البعيدة عن السواحل، حيث إن نقل المياه المالحة لهذه المناطق تكلف الحكومات والشركات فوق طاقتها».
وأشار إلى وجود بعض التحديات جراء تحفظ المنطقة العربية عموماً تجاه استخدام هذه المياه للاستهلاك البشري باعتبار أنها مياه غير طاهرة، إلا أن مجالات استخدامها في الأغراض الصناعية والزراعية في معظم دول الخليج كبيرة جداً».
من جانبه، قال رئيس الشركة العربية للمياه والطاقة محمد بن عبدالعزيز الفوران، إن «هناك نوعين من مياه الصرف الصحي، والتقنيات التي تستخدم لإنتاجها هي تقنيات أحادية وثنائية وثلاثية، ويتم اعتماد الأخيرة في بعض الدول الغربية ودول جنوب شرق آسيا للاستهلاك البشري والمنزلي المباشر»، لكنه استبعد اعتماد هذه الأنظمة في المنطقة العربية والإسلامية عموماً، وذلك لتحفظات شرعية».
توجّه عالمي
من جهته، أشار مهندس المياه في الهيئة العامة للكهرباء في سلطنة عُمان، سعيد زايد سليمي، إلى «التوجه الكبير لتحلية مياه الصرف الصحي للاستهلاك البشري في معظم دول العالم، حيث بدأت سنغافورة باعتماد هذا النظام، لكن المنطقة العربية مازالت متحفـظة، حيـث تتم إعادة تدويـر هذه المياه فقط في عمليات الري الزراعي».
وأشار إلى أن «الأنظمة الجديدة لتحلية المياه الحديثة توفر الطاقة وتحافظ عليها، وتخفف تأثيرات محطات التحلية في البيئة والحياة البحرية بشكل عام».
إلى ذلك، قال مهندس أول تحلية في المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية، خالد عبدالله المعيلي، إن «ظهور تقنيات حديثة في مجال إعادة تدوير المياه العادمة في معظم أسواق العالم، جعل الدول العربية تتبنى هذه التوجهات وتقبل على استخدامها».
تحلية مياه البحر قال مهندس أول تحلية في المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية، خالد عبدالله المعيلي، إن «عملية تحلية مياه البحر تقوم على رفع درجة حرارة المياه المالحة بوجود ضغط منخفض وأجسام باردة وهي أنابيب المياه، وهنا تحدث عملية التكثيف، حيث يتم إنتاج مياه مقطرة يضاف إليها ثاني أوكسيد الكربون والجبس الأبيض (اللايم) وكربونات الكالسيوم لرفع نسبة الحموضة يضاف إليها الغاز والكلور لتعقيمها». |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news