دراسة: 6.2٪ انخفاض معدلات زيادات الرواتب في الخليج

أرباب الأعمال أصبحوا أكثر حذراً في توظيف مواطنين خليجيين. أرشيفية

أشارت دراسة بحثية متخصصة، إلى تأثر المهنيين العاملين في منطقة الخليج بالأزمة الاقتصادية بشكل كبير، حيث تبين أن ثلثي هؤلاء لم يتلقوا أية زيادة في الرواتب، فضلاً عن أن واحداً من كل 10 أشخاص، فقد وظيفته خلال السنة الجارية، كاشفة عن انخفاض معدلات زيادات الرواتب بنسبة 6.2٪ خلال الـ 12 شهراً الماضية.

ونشرت شركة «غلف تالنت دوت كوم»، المتخصصة في مجال التوظيف الإلكتروني، دراستها السنوية الخامسة لتوجهات سوق العمل في المنطقة تحت عنوان «التوظيف وحركة الرواتب في الخليج 2009ـ2010»، مقدمة أول بحث شامل حول تأثير الأزمة الاقتصادية في نشاطات التوظيف، ومستويات الرواتب والبدلات.

معدلات الرواتب

ووفقاً لنتائج الدراسة، انخفضت معدلات زيادات الرواتب بحدة في دول الخليج الستة خلال فترة الـ 12 شهراً الماضية حتى أغسطس الماضي، بنسبة 6.2٪، مقارنة بـ 11.4٪ خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وكانت الإمارات الأكثر تأثراً بانخفاض الرواتب، حيث انخفضت زيادات الرواتب من نسبة 13.6٪، إلى 5.5٪ العام الجاري، بسبب الانكشاف الواضح للقطاع العقاري، وفقاً للدراسة. كما شهدت الكويت انخفاضاً ملموساً في مستويات الرواتب، من 10.1٪ إلى 4.8٪، بعد هبوط قيمة استثماراتها المالية.

أما في السعودية، فقد وصلت نسبة زيادة الرواتب إلى 6.5٪، مقارنة بـ 9.8٪ في العام الماضي، مسجلة بذلك أقل نسبة انخفاض بين الدول الخليجية، حيث عززت مشروعات البنية التحتية التي تنفذها الحكومة السعودية النشاط الاقتصادي.

وفي ما يخص القطاعات، حصل العاملون في مجال «تدقيق الحسابات» على أكبر زيادة في الرواتب، حيث وصلت نسبتها إلى 7.5٪، وذلك بعد ازدياد الطلب على خدماتهم، بعد انهيار العديد من المؤسسات الكبرى حول العالم من جراء الأزمة. في حين حصل العاملون في مجال «الموارد البشرية» على أقل زيادة العام الجاري، وهي 4.8٪، نظراً لتأثر عمليات التوظيف بتداعيات الأزمة المالية العالمية، وعدم بقائها على سلم أولويات المؤسسات في المنطقة.

ميزان القوة

وحسب تقرير «غلف تالنت دوت كوم»، انتقل ميزان القوة من طالبي الوظائف، إلى جهات التوظيف، بسبب انخفاض الطلب على الكوادر المهنية، وتوافر أعداد أكبر من طالبي العمل على المستويين المحلي والدولي، ما أدى إلى تخفيف الضغط على معدلات الرواتب.

وقال 60٪ من المهنيين الذين شملهم التقرير، إنهم لم يتلقوا أية زيادة في الرواتب العام الجاري، مقارنة بزيادة بلغت 33٪ العام الماضي. أما من حصل على زيادة في الراتب، فكانت معظم تلك الحالات، نتيجة للأداء الذي شهده العام الفائت، حيث تمت الموافقة على زيادات الرواتب تلك قبل أن تتضح بالكامل أبعاد الأزمة.

وبينما تباطأت معدلات الزيادة في الرواتب، مقارنة بسنوات الازدهار، تبقى تلك المعدلات عالية، عند مقارنتها بمناطق العالم الأخرى، حيث لايزال التباطؤ في المنطقة أقل حدةً، مقارنة بأسواق الولايات المتحدة وأوروبا. وتُقدر معدلات الزيادة في رواتب القطاع الخاص في المملكة المتحدة بـ 1.5٪، وفي الولايات المتحدة 3.7٪، حسب دراسات دولية.

وجاء في الدراسة، أنه وللمرة الأولى خلال سنوات، تفوقت معدلات زيادات الرواتب في معظم دول الخليج على معدلات التضخم. ونتيجة لذلك، شهد الموظفون الذين لم يفقدوا وظائفهم تحسناً في مستويات المعيشة، وإمكانات الادخار، خصوصاً في دبي والدوحة، حيث انخفضت الإيجارات السكنية بأكثر من 30٪ العام الجاري.

فقدان الوظائف

ووفقاً للدراسة، فقد 10٪ في أنحاء الخليج كافة، أو واحد من كل 10 مهنيين، وظائفهم، وسجلت أعلى نسبة في الإمارات حيث بلغت (16٪)، بينما سجلت أدنى نسبة في سلطنة عُمان (6٪). وحسب القطاعات، شهد القطاع العقاري أكبر نسب فقدان الوظائف بنسبة 15٪.

أما من الناحية الديمغرافية، كانت الفئات الأعلى تأثراً بفقدان الوظائف هي فئة التنفيذيين (13٪)، والوافدين من الدول الغربية (13٪).

وجاءت حالات إنهاء خدمات المواطنين الخليجيين، أقل من المعدّل، حيث بلغت نسبة 9٪، بسبب القيود الحكومية على إنهاء خدمات رعاياها، والتي أصبحت أكثر صرامةً خلال فترة الأزمة.

وقال بعض أرباب الأعمال في مقابلاتهم مع «غلف تالنت دوت كوم»، إنهم «أصبحوا أكثر حذراً في توظيف المواطنين الخليجيين، بعد أن بات إنهاء خدماتهم غير وارد».

وعلى الرغم من أن جزءاً من العمالة الوافدة، ممن فقدوا وظائفهم عادوا إلى بلدانهم، وجدت الدراسة أن كثيرين منهم وجدوا وظائف في مناطق أخرى في الخليج، وانتقل كثيرون من دبي إلى أبوظبي، أو الدوحة، أو السعودية.

وتظهر بيانات الدراسة، أنه من بين الوافدين المقيمين في دبي، ارتفع عدد العاملين في إمارة أبوظبي خلال العام الماضي ثلاثة أضعاف، من 1٪ إلى 3٪، وهي نزعة قالت عنها الدراسة إنها تجد شاهداً عليها في «الحركة المرورية المتنامية على الطريق السريع الذي يربط دبي بأبوظبي».

وحسب اللقاءات التي أجرتها «غلف تالنت دوت كوم» حول الشركات العاملة في المنطقة، فقد كان للسوق السعودية وضع استثنائي خلال العام الجاري، حيث تمكنت العديد من الشركات من تحقيق معدلات نمو في أعمالها في المملكة، نظراً لحجمها الكبير والنمو المتواصل في بعض القطاعات، معوضةً الحد من نشاطها في أماكن أخرى.

وعلى نحو مشابه في أنحاء المنطقة، استفادت شركات كثيرة من أعداد المرشحين للعمل للتخلص من موظفين غير أكفاء يعملون لديها، واستبدال مهنيين ذوي كفاءات متميزة بهم، والذين كانوا في السابق غير متوافرين في سوق العمل، أو كانت تكلفتهم العالية عقبة صعبة أمام تلك الشركات.

نظرة مستقبلية

وتباينت توقعات دراسة «غلف تالنت دوت كوم» للعام المقبل، حيث أشارت 15٪ من الشركات التي شملتها الدراسة، إلى أنها تنوي إجراء تقليص إضافي في عمالتها، بينما توقعت 51٪ من الشركات زيادة أعداد موظفيها. وعموماً، تتوقع الدراسة زيادة معينة في نشاطات التوظيف العام المقبل، محذرة من أن حجم عمليات التوظيف لن تصل في الأمد المنظور إلى المستويات التي كنا نشهدها خلال سنوات الطفرة. وبحسب تقديرات الشركات، فإن الدراسة تتوقع أن يصل معدل زيادة الرواتب العام المقبل إلى نحو 6.3٪، وتتربع على رأس القائمة سلطنة عُمان بنسبة 9.7٪، بينما تبلغ أدنى نسب الزيادة في الرواتب في الكويت بنسبة 4.2٪.

يذكر أن دراسة «غلف تالنت دوت كوم» اعتمدت على بيانات شملت 24 ألف مهني في دول مجلس التعاون الخليجي الست، فضلاً عن لقاءات مع رواد الأعمال الإقليميين ومديري الموارد البشرية. وأوضحت الشركة أنه تم تنفيذ الدراسة في شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين، قبل إعلان «مجموعة دبي العالمية» إعادة هيكلة ديونها.

يشار إلى أن شركة «غلف تالنت دوت كوم»، موقع إلكتروني للتوظيف من خلال شبكة الإنترنت، وتشمل قاعدة بياناتها أكثر من 1.5 مليون مهني، وتؤدي دوراً فعالاً باعتبارها مصدراً رئيساً للكوادر المهنية المحلية والوافدة لأكثر من 3000 جهة توظيفية، ووكالة توظيف في أنحاء المنطقة.

تويتر