ديون‮ ‮«‬دبي‮ ‬العالمية».. ‬عبء خفيـف‮ الوزن لا‮ ‬يعيق التنمية

عادت دبي،‮ ‬أخيراً،‮ ‬تحت بؤرة الضوء،‮ ‬بعد أن أعلنت عن عزمها إعادة هيكلة شركة‮ "‬دبي‮ ‬العالمية‮"‬،‮ ‬والسعي‮ ‬إلى تأجيل أقساط الدين المستحقة على الشركة ستة أشهر،‮ ‬إذ تعرضت الإمارة لحملة شرسة عربية ودولية،‮ ‬حاولت الإيحاء كما لو أن مستقبل هذه المدينة العالمية بات في‮ ‬مهب الريح،‮ ‬وأن كل ما تملكه من أصول اقتصادية متنوعة‮  ‬وإمكانات كبيرة،‮ ‬وتراكم خبرات في‮ ‬مواجهة الأزمات،‮ ‬تمكنها من تأدية ما على الشركة من التزامات بسهولة،‮ ‬لا‮ ‬يساوي‮ ‬شيئاً‮ ‬عند المروجين لهذه الحملة‮. ‬

وفي‮ ‬الواقع،‮ ‬فإن التعسر الذي‮ ‬تواجهه‮ "دبي‮ ‬العالمية‮"‬،‮ ‬لا‮ ‬يذكر مقارنة بالعثرات التي‮ ‬واجهتها دول ومؤسسات سابقاً‮ ‬وحالياً،‮ ‬إذ إن دولاً‮ ‬مثل آيسلندا أفلست،‮ ‬ودولاً‮ ‬مثل المكسيك والأرجنتين وصلت إلى حافة الانهيار الكامل،‮ ‬ودولاً‮ ‬واجهت ظروفاً‮ ‬اقتصادية خانقة،‮ ‬استمرت سنوات بسبب انهيار أسواق المال لديها،‮ ‬مثل‮ "‬النمور الآسيوية‮". ‬كما أن مؤسسات مالية واقتصادية كاملة أفلست أو انهارت جراء الأزمة المالية الأخيرة في‮ ‬أميركا وأوروبا وغيرها من الأماكن،‮ ‬لكن كل ما حدث لها لم‮ ‬يحظ من التغطية الإعلامية والتشويه بمثل ما تعرضت له دبي،‮ ‬كما لو أن تجربة هذه المدينة هي‮ ‬المستهدفة،‮ ‬وليس عثرة مالية تواجهها إحدى شركاتها‮.‬

المشهد الأميركي
قبل أيام،‮ ‬أغلقت السلطات التنظيمية ستة بنوك أميركية أخرى،‮ ‬ليصل إجمالي‮ ‬عدد البنوك التي‮ ‬أفلست العام الجاري‮ ‬إلى ‮031 ‬بنكاً،‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬استمرت فيه صناعة البنوك في‮ ‬المعاناة،‮ ‬تحت وطأة تدهور القروض،‮ ‬ويتوقع أن تواصل البنوك الصغيرة الإخفاق بوتيرة مرتفعة حتى العام المقبل‮. ‬وقالت‮ "‬الهيئة الاتحادية لتأمين الودائع‮" ‬التي‮ ‬تحمي‮ ‬الحسابات المصرفية،‮ ‬إن‮ "‬انتعاش صناعة البنوك سيتخلف عن الاقتصاد العام‮".‬

توقّعات صندوق النقد الدولي
يتوقع صندوق النقد الدولي أن تصل خسائر قروض بنوك أوروبا، باستثناء بريطانيا، الى 875 مليار دولار خلال العامين المقبلين. ويدل هذا الرقم على أن التراجع الاقتصادي في أوروبا بدأ متأخرا عن الولايات المتحدة، وأن لدى البنوك الأوروبية بعض الانكشاف أمام الخسائر الأميركية.

والأكثر من ذلك، هو أن ميزانيات البنوك الأوروبية تتضمن نسبة أعلى من القروض التي لا يسمح لها بتخفيض قيمتها إلا حين يتوقف المقترضون عن سداد الدفعات، كما يتوقع الصندوق أن يشطب النظام المصرفي البريطاني الذي أصبح نصفه خاضعا للملكية العامة، مبلغ 200 مليار دولار إضافية خلال العامين المقبلين.

خسائر «جنرال موتورز»
بلغت خسائر شركة «جنرال موتورز» في الربع الثالث من عام ،2008 نحو 5.2 مليارات دولار، أو 45.4 دولاراً لكل سهم، أما خسائرها في الفترة نفسها من عام ،2007 فبلغت 5.42 مليارات دولار، بمعدل 12.75 دولاراً لكل سهم، واستخدمت «جنرال موتورز» في الربع الثالث من عام ،2008 9.6 مليارات دولار من السيولة المتوافرة لديها لينخفض احتياطيها النقدي إلى 2.16 مليار دولار، وأكدت حاجتها إلى نحو 11 إلى 14 مليار دولار من السيولة النقدية لتمول عملياتها.

وانخفضت عائدات الشركة من 7.43 مليارات دولار في الربع الثاني من العام الجاري، إلى 9.37 مليارات دولار في الربع الثالث بسبب تراجع المبيعات.

وأضافت أن‮ "‬المنظمين أغلقوا ثلاثة بنوك في‮ (‬جورجيا‮)‬،‮ ‬ليصل إجمالي‮ ‬عدد البنوك التي‮ ‬أغلقت في‮ ‬تلك الولاية العام الجاري‮ ‬إلى ‮42 ‬بنكاً،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن بنك في‮ ‬كل من‮ (‬فرجينيا‮)‬،‮ ‬و(إيلينوي‮)‬،‮ ‬و(أوهايو‮)". ‬

وكان أكبر البنوك التي‮ ‬أغلقت،‮ "إيه إم ترست بنك أوف كليفيلاند‮"،‮ ‬في‮ ‬ولاية‮ "‬أوهايو‮"‬،‮ ‬الذي‮ ‬يملك أصولاً‮ ‬تبلغ‮ 21 ‬مليار دولار،‮ ‬وودائع تصل إلى ثمانية مليارات دولار‮.‬

من جهته،‮ ‬أكد‮ "‬بنك أميركا‮" ‬قبل أيام،‮ ‬أنه سيرد 45 ‬مليار دولار هي‮ ‬كل ما اقترضه من الحكومة الأميركية،‮ ‬لمساعدته على مواجهة تداعيات الأزمة المالية،‮ ‬إذ كان البنك تلقى ‮52 ‬مليار دولار،‮ ‬جزءاً‮ ‬أول من عمليات الإنقاذ،‮ ‬عندما بلغت أزمة الائتمان ذروتها خريف عام ‮8002،‮ ‬ثم تلقى ‮02 ‬ملياراً‮ ‬إضافية في‮ ‬يناير من العام الجاري‮ ‬بعد فترة وجيزة‮.‬

وكان مصرف‮ "‬ليمان براذرز‮"،‮ ‬رابع أكبر بنك في‮ ‬الولايات المتحدة،‮ ‬أشهر إفلاسه في‮ (8 ‬سبتمبر ‮8002)،‮ ‬عقب فشل الجهود المبذولة لإنقاذه،‮ ‬ورفض وزير الخزانة الأميركي،‮ ‬هنري‮ ‬بولسون،‮ ‬حينها تقديم أية مساعدات حكومية للبنك،‮ ‬الذي‮ ‬بحث عن مشتر،‮ ‬بعدما انخفضت قيمة أسهمه بنسبة ‮49‬٪،‮ ‬منذ بداية عام 2008‬،‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬عصفت فيه أزمة الائتمان بالقطاع المالي‮ ‬الأميركي‮. ‬كما أبرمت الخزانة الأميركية في‮ (13 ‬مارس ‮9002) ‬اتفاقاً‮ ‬لتقديم قروض مع شركتي‮ "‬جنرال موتورز‮"‬،‮ ‬و"كرايسلر‮"‬،‮ ‬إذ أظهرت إدارة الرئيس الأميركي،‮ ‬باراك أوباما،‮ ‬تصميماً‮ ‬على عدم السماح بانهيار الشركتين بسبب الأزمة المالية العالمية،‮ ‬وأقر الكونغرس مبلغ‮ 52 ‬مليار دولار لمساعدة تلك الصناعة على إنتاج سيارات أكثر كفاءة باستخدام الوقود،‮ ‬لكنها حصلت بعد ذلك على مبالغ‮ ‬إضافية‮.‬

وبلغت خسائر شركة‮ "‬فورد‮" ‬للسيارات في‮ ‬الربع الثالث من عام ‮8002،‮ ‬نحو ‮921 ‬مليون دولار،‮ ‬أو ستة سنتات للسهم،‮ ‬وأصبحت خسائرها التشغيلية قبل احتساب الضرائب ‮2.57 ‬مليار دولار،‮ ‬وبلغت عائداتها في‮ ‬الربع الثالث من العام الجاري‮ 23.1 ‬مليار دولار،‮ ‬نزولاً‮ ‬بمقدار تسعة مليارات دولار عن عام ‮7002. ‬وانخفضت العائدات 23‬،‮ ‬إلى ‮72.8 ‬مليارات دولار‮. ‬وفي‮ ‬الربع الثالث استهلكت‮ "‬فورد‮"،‮ ‬ثاني‮ ‬شركة سيارات بالولايات المتحدة ‮7.7 ‬مليارات دولار،‮ ‬تاركة لديها سيولة بمقدار ‮81.9 ‬مليارات دولار‮. ‬كما تدخلت وزارة الخزانة الأميركية لدعم شركة‮ ‬‭(‬AIG‭)  ‬للتأمين،‮  ‬التي‮ ‬تعمل في‮ ‬أكثر من 130 ‬بلدا،‮ ‬وقدمت لها نحو ‮52 ‬مليار دولار،‮ ‬علماً‮ ‬بأن هذه الإجراءات مخالفة لما‮ ‬يتطلبه نظام الاقتصاد الحر،‮ ‬القائم على ترك ميكانزمات السوق،‮ ‬هي‮ ‬التي‮ ‬تتحكم في‮ ‬مسار الاقتصاد،‮ ‬وتحدد الرابح والخاسر والمفلس،‮ ‬وليس تدخل الدولة‮. ‬

وأغلقت سلطات مراقبة المصارف الأميركية بنكي‮ »‬فيرست ناشيونال بنك أوف نيفادا‮« ‬بفروعه الـ‮52‬،‮ ‬و"فيرست هيريتج بنك‮" ‬بفروعه الثلاثة‮.‬

ويقدر‮ "‬صندوق النقد الدولي‮" ‬أن البنوك الأميركية مجتمعة‮ ‬يمكن أن تضطر إلى شطب قيم موجودات تبلغ‮ ‬نحو ‮055 ‬مليار دولار،‮ ‬خلال العامين المقبلين‮. ‬وتبين أن هذا المبلغ‮ ‬يعادل تقريبا مبلغ‮ ‬الـ‮006 ‬مليار دولار من الخسائر،‮ ‬التي‮ ‬يعتقد المنظمون الأميركيون أنه سيتوجب على أكبر 19 ‬بنكا في‮ ‬الولايات المتحدة استيعابها،‮ ‬على الرغم من أن التقدير الأميركي‮ ‬قائم على صورة مستقبلية للاقتصاد أكثر سلبية من المتوقع في‮ ‬الوقت الراهن‮.‬

عثرات دول
ولاتزال الأزمة المالية التي‮ ‬عصفت بالنظام المصرفي‮ ‬في‮ ‬آيسلندا متواصلة منذ الربع الأخير من عام ‮8002‬،‮ ‬وذلك إثر انهيار أكبر ثلاثة مصارف في‮ ‬البلاد،‮ ‬بعد أن واجهت صعوبات في‮ ‬إعادة تمويل ديونها قصيرة المدى‮ ‬،‮ ‬وهروبا‮ ‬غير مسبوق للودائع‮.‬

وأجبرت الأزمة المستفحلة،‮ ‬رئيس الوزراء جــير هـــاردي،‮ ‬على القــول في‮ 6 ‬أكتوبر ‮8002،‮ ‬إن‮ "ثمة خطرا حقيقيا من‮ ‬غرق الاقتصاد الآيسلندي،‮ ‬حسب أسوأ سيناريو،‮ ‬مع المصارف في‮ ‬دوامة،‮ ‬ويمكن أن تكون نتيجة ذلك هي‮ (‬الإفلاس الوطني‮)". ‬واعترف كذلك بأن‮ "‬الإجراءات التي‮ ‬اتخذتها الحكومة لم تفلح في‮ ‬إنقاذ الموقف‮". ‬

وبلغت مديونية آيسلندا الخارجية في‮ ‬الربع الثاني‮ ‬من عام ‮8002‬،‮ ‬نحو 293.9 ‬تريليون كرونر،‮ ‬أي‮ ‬ما‮ ‬يعادل‮ (50 ‬مليار جنيه إسترليني‮)‬،‮ ‬أكثر من ‮08‬٪‮ ‬منها مستحقة على قطاع البنوك‮. ‬

وفي‮ ‬ألمانيا،‮ ‬استغنى مصرف‮ "‬كوميرتس بنك‮"‬،‮ ‬ثاني‮ ‬أكبر البنوك الألمانية،‮ ‬عن 9000‬ وظيفة،‮ ‬في‮ ‬إطار صفقة شراء منافسه‮ "‬دريسدنر بنك‮".‬

وبلغت قيمة الصفقة ‮41.5 ‬مليارات دولار،‮ ‬فيما‮ ‬يوصف بأنه أكبر عملية إعادة هيكلة في‮ ‬القطاع المصرفي‮ ‬الألماني‮ ‬منذ أكثر من سبعة أعوام‮.‬

وضمن خسائر البنوك البريطانية،‮ ‬أعلن‮ "‬رويال بنك أوف أسـكتلند‮« (‬آر بي‮ ‬إس‮)‬،‮ ‬عن خسائر بلغت ‮196 ‬مليون جنيه إســـترليني‮ (1.53 ‬مليار دولار‮) ‬في‮ ‬النــصف الأول من العام الجاري‮. ‬كما جمع بنك‮ (‬إتش‮. ‬إس‮. ‬بي‮. ‬سي‮) ‬أكبر بنوك أوروبا،‮ ‬أكثر من‮71 ‬مليار دولار،‮ ‬عن طريق عملية بيع أسهم تهدف إلى تعزيز قاعدته الرأسمالية للتكيف مع الأزمة المالية‮.‬

قديمة جديدة‮ ‬
وفي‮ ‬الواقع،‮ ‬فإن مشكلة نقص السيولة لدى بعض الشركات والدول،‮ ‬بسبب ظروف الاقتصاد العالمي‮ ‬ليست جديدة،‮ ‬بل هي‮ ‬قديمة جديدة،‮ ‬ففي‮ (9 ‬ديسمبر عام ‮4991)،‮ ‬عانت المكسيك من انخفاض بنسبة ‮04٪‮ ‬في‮ ‬قيمة‮ "‬البيسه‮" (‬العملة الوطنية‮)‬،‮ ‬بسبب نقص السيولة،‮ ‬ما هدد اقتصاد البلاد بالانهيار،‮ ‬ودفع إدارة الرئيس الأميركي،‮ ‬بيل كلينتون،‮ ‬حينها للتحرك السريع لدعم حكومة الرئيس المكسيكي،‮ ‬ايرنستو زيديلو،‮ ‬بصفقة مالية وصلت إلى ‮85 ‬مليار دولار،‮ ‬للحيلولة دون انهيار اقتصاد بلاده،‮ ‬وعدم تعرض الولايات المتحدة لآثار ذلك الانهيار‮. ‬

ولجأت الأرجنتين إلى صندوق النقد الدولي‮ ‬عام ‮0002،‮ ‬بهدف إخراجها من أزمتها الاقتصادية الخانقة،‮ ‬بعد أن عانت كساداً‮ ‬حاداً‮ ‬طوال أربع سنوات متعاقبة،‮ ‬وتراجع الناتج القومي‮ ‬الحقيقي‮ ‬بنسبة تراوحت بين 15 ‬٪‮ ‬و‮02‬٪،‮ ‬فيما اعتبر أسوأ أداء تشهده أميركا الجنوبية‮. ‬وفي‮ ‬الوقت نفسه،‮ ‬فإن الأسس التي‮ ‬اعتمدت عليها استراتيجية الأرجنتين الاقتصادية،‮ ‬انهارت تحت وطأة الفشل وسوء الأداء،‮ ‬وترافق مع هذا الوضع،‮ ‬تجميد لودائع البنوك،‮ ‬وتعليق دفعات المديونية الخارجية‮. ‬وتقدم صندوق النقد ببرنامج للإصلاح الاقتصادي،‮ ‬شمل من بين إجراءات عدة،‮ ‬تقديم إعانة مالية عاجلة بلغت ‮04  ‬مليار دولار‮.‬

ترويض النمور
حتى منتصف عام ‮7991‬،‮ ‬كان النمو السريع لاقتصادات شرق آسيا‮ ‬يعتبر معجزة على نطاق واسع،‮ ‬وهذا النمو دفع آسيا لبلوغ‮ ‬مرتبة مهمة في‮ ‬الاقتصاد العالمي،‮ ‬لدرجة جعلت البعض‮ ‬يُكنون القرن المقبل حينها‮ (‬القرن 21) ‬بتسمية‮ "‬القرن الباسفيكي‮"،‮ ‬لكن في‮ ‬العام نفسه،‮ ‬تم ترويض الكثير من الدول الآسيوية فجأة،‮ ‬وتحولت من حالة‮ "‬معجزة اقتصادية‮" ‬إلى حالة‮ "‬العوز‮". ‬وامتدت آثار ذلك حول العالم،‮ ‬وبسبب الطبيعة العالمية للاقتصاد،‮ ‬فإن تكلفة الإمدادات،‮ ‬والعمالة،‮ ‬وأسعار المنتجات التنافسية،‮ ‬أثرت في‮ ‬الكثير من الأعمال عبر العالم،‮ ‬فعندما أجبرت الحكومة التايلندية على التخلي‮ ‬عن تثبيت قيمة الـ"بات" (‬العملة الوطنية‮)‬،‮ ‬مقابل الدولار في‮ )3 ‬يوليو‮  7991)‬،‮ ‬فإنها أثارت قلقاً‮ ‬في‮ ‬مختلف أنحاء المنطقة،‮ ‬وتغير مزاج المستثمر ما بين عشية وضحاها‮. ‬وخلال أيام قليلة هاجم المضاربون عملات كل من ماليزيا،‮ ‬وإندونيسيا،‮ ‬والفلبين‮. ‬

ولم تسلم حتى نمور شرق آسيا الاقتصادية‮ "‬الناضجة‮"‬،‮ ‬مثل‮: ‬هونغ‮ ‬كونغ،‮ ‬وكوريا الجنوبية،‮ ‬من الهجوم‮.‬،‮ ‬وانتشرت أزمة العملة مثل‮ "‬النار في‮ ‬الهشيم‮"‬،‮ ‬عبر مختلف أنحاء المنطقة،‮ ‬وما بعدها،‮ ‬وأخيراً‮ ‬كبرت لتشمل مساحة كبيرة من حلبة السوق الناشئة‮. ‬وفي‮ ‬المرحلة المبكرة من أزمة شرق آسيا،‮ ‬كانت المشكلة العاجلة هي‮ "‬إعادة الرسملة‮". ‬وقد أنجز ذلك بتمويل خارجي‮ ‬من الدول الغنية والوكالات الدولية‮. ‬وأُعدت هذه‮ "‬الحقنة المالية‮" ‬بشكل‮ ‬يضمن تخفيف آثار‮ "‬لكمة‮" ‬القروض،‮ ‬وتوفير تمويل تجاري‮ ‬للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم،‮ ‬كما تم تمويل المؤسسات المالية النازفة التي‮ ‬كانت ترزح تحت أكداس من الديون‮ ‬غير العاملة‮. ‬وفي‮ ‬كل من اليابان،‮ ‬وكوريا الجنوبية،‮ ‬وتايلند،‮ ‬وإندونيسيا،‮ ‬وماليزيا،‮ ‬تم تأسيس هيئات،‮ ‬مهمتها إما إغلاق أو دمج المؤسسات الفاشلة في‮ ‬مؤسسات أقوى،‮ ‬والتخلص من حقائب القروض‮ ‬غير العاملة‮.‬

ففي‮ ‬إندونيسيا،‮ ‬تم تقليص القطاع البنكي،‮ ‬إما بإغلاق أو تأميم الكثير من المصارف،‮ ‬بحيث تقلص عددها من 400 ‬إلى نحو ‮05 ‬مصرفا،‮ ‬وعدلت القوانين لتمكين الأجانب من تملك المصارف بنسبة ‮001‬٪،‮ ‬وأُخضعت جميعها للرقابة المالية،‮ ‬ومُنح البنك المركزي‮ ‬صفة الاستقلالية‮.‬

وفي‮ ‬تايلند،‮ ‬تعززت جهود زيادة الاستهلاك والإنفاق،‮ ‬خصوصاً‮ ‬في‮ ‬قطاعي‮ ‬السيارات والإلكترونيات،‮ ‬لكن إصلاحات إعادة الهيكلة استغرقت وقتاً‮ ‬طويلاً،‮ ‬خصوصاً‮ ‬في‮ ‬ما‮ ‬يتعلق ببيع المصارف الفاشلة‮.‬

وكلفت‮ "‬المؤسسة الكورية لإدارة الأصول‮"‬،‮ ‬بمهمة شراء القروض‮ ‬غير العاملة من القطاعات المالية،‮ ‬وحلها أو إعادة بيعها لمستثمرين أجانب،‮ ‬كما أممت الحكومة الصناعة المصرفية ضعيفة الأداء‮.‬

أما ماليزيا،‮ ‬فردت على الأزمة بتبني‮ ‬إجراءات راديكالية،‮ ‬شملت فرض قيود على العملة،‮ ‬وشطب ديون،‮ ‬واتخذ هذا الإجراء لأسباب عدة،‮ ‬أهمها تجنب الحصول على قروض من‮ "‬صندوق النقد الدولي‮". ‬ولم‮ ‬يتحقق أي‮ ‬من‮ "‬السيناريوهات الكارثية‮" ‬التي‮ ‬كانت متوقعة لماليزيا،‮ ‬بل إنها حققت في‮ ‬السنة التي‮ ‬أعقبت الأزمة نسبة نمو أعلى من 4‬٪‮. ‬وهكذا‮ ‬يتضح لنا من خلال هذا الاستعراض المحدود لبعض مناطق ودول العالم التي‮ ‬ضربتها الأزمات،‮ ‬أن ما تواجهه دبي‮ ‬هو أبسط بكثير مما عانت منه دول كبيرة تملك إمكانات اقتصادية ضخمة،‮ ‬وأن الحملة التي‮ ‬تتعرض لها أكبر بكثير من الحملات التي‮ ‬تعرضت لها دول ومؤسسات تشكل رقماً‮ ‬كبيراً‮ ‬في‮ ‬الاقتصاد العالمي،‮ ‬لكن هذه ضريبة لابد وأن‮ ‬يدفعها المجتهد،‮ ‬وسط بيئة آثرت أن تبقى في‮ ‬سبات عميق‮.‬

-- تقرير صادر عن مدرسة‮ ‬غرازيادو للأعمال والإدارة التابعة لجامعة‮ "بيبيدين‮" ‬في‮ ‬ولاية كاليفورنيا‮. ‬
-- تقرير صادر عن مجلس محافظي‮ ‬نظام الاحتياطي‮ ‬الفيدرالي‮ ‬التابع لوزارة الخزانة الأميركية‮. ‬
-- تقرير بعنوان‮ "‬مواجهة الأزمة والقرار‮.. ‬دروس من الأرجنتين‮"‬،‮ ‬إعداد‮: ‬النائب الأول لصندوق النقد الدولي،‮ ‬آن كروغر‮.‬
-- تقرير بعنوان‮ "‬كفالة المكسيك‮" ‬إعداد الباحث في‮ ‬الخدمات المالية،‮ ‬ووكر تود
‮.‬

تويتر