الاستثمار في العقارات والأسهم كبّد شركات التأمين خسائر كبيرة تأثراً بتداعيات «الأزمة».               تصوير: لؤي أبوهيكل

شركات التأمين تسعى إلى تنويع الاستثمار للتكيّف مع «الأزمة»

كشف مديرون وعاملون في قطاع التأمين، عن أن السياسات الاستثمارية للشركات مقبلة على تغييرات كبيرة، لافتين إلى أن التركيز على الأعمال الفنية سيبقى النشاط الرئيس لتلك الشركات.

وأشاروا في تصريحات لـ«الإمارات اليوم»، إلى أن قطاعات التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والسندات، فضلاً عن الاستثمارات في الطيران والاتصالات، ستمثل قطاعات استثمارية مجدية تتجه إليها شركات التأمين العاملة في الدولة خلال المرحلة المقبلة.

وأوضحوا أن أصول شركات التأمين تراجعت بنسبة لا تجاوز 10٪، في ظل استثماراتها في الأسهم والعقارات، معتبرين تنويع المحفظة الاستثمارية من أهم متطلبات المرحلة المقبلة.

تغييرات كبيرة

وتفصيلاً، قال الرئيس التنفيذي لشركة «الهلال للتكافل»، جهاد فيتروني، إن «السياسات الاستثمارية لدى شركات التأمين، ستشهد تغيرات كبيرة في الفترة المقبلة، لأن فرص الاستثمار التي كانت متاحة في السابق لم تعد موجودة الآن»، مشيراً إلى أن «شركات التأمين الإسلامية تتجه حالياً نحو الصكوك، أما بالنسبة للشركات التجارية فتتجه نحو السندات، لكن هذه المجالات لن تفي بغرض السياسات الاستثمارية للشركات التي تبحث بشكل دائم عن أفضل العوائد».

وذكر أن «شركات التأمين تعتمد على الاستثمار بشكل كبير لتغطية مخاطرها، وتحقيق أرباح للمساهمين في الشركة، وبالتالي لا غنى لها عن مسألة الاستثمار»، مضيفاً أن «الأعمال الفنية للشركات تنتج عنها أقساط، يتم استثمار جزء منها، نظراً لالتزاماتها تجاه العملاء، فضلاً عن أن هناك احتياطات فنية وإلزامية، وعادة ما تكون المبالغ المستثمرة هي الفائض بعد الاحتفاظ بالمخصصات والفوائض المطلوبة، لتسيير أعمالها».

ولفت إلى أن «الاستثمار أصبح أكثر تحفظاً عن قبل، فهناك استثمارات طويلة الأجل، غالباً ما تكون أموالها من أرباح الشركات، أما الأخرى قصيرة الأجل، فيتم الاعتماد فيها على الأقساط التي تكتتب فيها الشركة».

وبين أنه «بعد الانخفاض الكبير للاستثمارات في العام الماضي، ستشهد الفترة المقبلة أوعية استثمارية جديدة»، مؤكداً أن «استثمارات شركات التأمين مثل غيرها تعتمد على الفرص المتوافرة».

وأضاف أن «جزءاً من الشركات لا يمتلك إدارات متخصصة في النشاط الاستثماري»، معتبراً ذلك «نقطة ضعف».

وطالب في هذا الصدد بـ«توفير إدارتين، الأولى تكون مسؤولة عن الجهاز الاستثماري للشركة، والأخرى فنية مسؤولة عن الأعمال التشغيلية للشركة».

وبين أن «هناك قنوات استثمارية عديدة، لكن الأهم هو اختيار الزمان والمكان المناسبين لذلك، واعتماد سياسات وخطط استثمارية أكثر مرونة، قادرة على التأقلم مع التغييرات المفاجئة»، مؤكداً أهمية الاستثمار في التكنولوجيا باعتبارها «استثماراً حيوياً وجيداً، فضلاً عن الاستثمار في البيئة، والتقنيات الخضراء، التي بدأ كثير من الدول والحكومات النظر إليها بجدية أخيراً، مثل حكومة أبوظبي».

 
طبيعة الأعمال

قال مدير عام شركة الضمان اللبنانية، جورج الأشقر، إن «استثمارات شركات التأمين تتوقف على طبيعة أعمالها التشغيلية أيضاً، فإذا كانت تمارس التأمين على الحياة، فإنها تستطيع الدخول في استثمارات طويلة الأجل، أما في حالة التأمينات العامة، فستدخل في استثمارات قصيرة الأجل»، مشيراً إلى أن «السندات الطويلة الأجل مضمونة، رغم كل التغييرات التي حصلت في الأسواق، فضلاً عن أن لها عوائد معقولة».
قابلية التسييل

من جانبه، استبعد المدير التنفيذي لشركة «تكافل ري»، شكيب أبوزيد «وجود تغييرات جذرية في استثمارات شركات التأمين خلال الفترة المقبلة، خصوصاً في ظل عدم وجود قانون يلزم الشركات باستثمارات في قطاعات معينة»، موضحاً أن «شركات التأمين تبحث عن استثمارات قابلة للتسييل بسهولة، وفيها أقل نسبة مخاطرة وفق استراتيجيات استثمارية متوافقة مع رؤية الإدارة».

وأكد أن «شركات التأمين استطاعت التكيف مع الأزمة المالية العالمية، باعتبارها الأقل خسارة بين القطاعات الأخرى، والبنوك تحديداً»، موضحاً أن «الأصول الاستثمارية للشركات بشكل عام تتركز بنسبة 25٪ في الأسهم، و70٪ في العقار، أما النسبة المتبقية، فتتوزع على استثمارات في قطاعات أخرى، قابلة للتسييل بسهولة، ولها عوائد جيدة».

وأشار إلى أن «الاستثمار في الصناعات والاتصالات، فضلاً عن الطيران، سيكون مهما خلال الفترة المقبلة»، مبيناً أنه «باستثناء قطاع الإنشاءات والعقار، فالاستثمار في كل القطاعات الأخرى مقبول ومتاح أمام الشركات، علماً بأن قطاع العقار في أسواق أخرى لايزال بخير».

تنويع الاستثمار

إلى ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة «عُمان للتأمين»، عبدالمطلب مصطفى، إن «الاستثمار في المرحلة المقبلة يعتمد على خطط كل شركة على حدة»، لافتاً إلى انه «على الرغم من مجمل الخطط الجديدة التي ستتبعها الشركات، فإن النشاط التأميني سيبقى هو الأساس في عملها، بصرف النظر عن الأرباح وكيفية إدارتها».

وأضاف أن «تنويع المحفظة الاستثمارية سيكون اساسيا خلال هذه الفترة، لكي لا تتعرض الشركات لهزات تلحق الضرر بأعمالها».

وأكد أن «الجميع عانى من (الأزمة)، فضلاً عن أن مسألة التكيف السريع لا تأتي بين يوم وآخر، فكبرى شركات إعادة التأمين العالمية في أوروبا تعاني ضعف الدخول الاستثمارية لديها»، مشيراً إلى أن «نتائج شركات التأمين تحسنت خلال الفترة الأخيرة، لإدراكها أهمية الاستثمار المنهجي والمنطقي، وهذا من الإفرازات الإيجابية للأزمة العالمية».

وتابع «لا أحبذ أن تكون عملية إدارة الاستثمار ردة فعل على (الأزمة)، بل يجب أن تنبع من سياسات واستراتيجيات منهجية، ومخطط لها جيداً».

تشريعات الهيئة

وفي السياق ذاته، قال مدير عام شركة دبي للتأمين، عبداللطيف أبوقورة، إن «شركات التأمين خلال الفترة المقبلة، ستكون مجبرة على الالتزام بالتعليمات الصادرة عن هيئة التأمين، التي هي بصدد إصدار تشريعات بشأن تنظيم استثمارات شركات التأمين»، مؤكداً أن «الشركات لن تستبق الأمور بتعجيل الاستثمار قبل صدور التشريعات، ولذلك لا نتوقع تغييرات لافتة في استثمارات القطاع»، لافتاً إلى أن «شركات التأمين تتمتع بديناميكية للبحث عن الفرص الاستثمارية المتاحة، وفي حال ظهور أوعية استثمارية أخرى، سنشهد إقبالاً كبيراً من الشركات عليها».

وذكر أن «الشركات استثمرت الأوضاع في السوق المالية، وحققت أرباحاً مجدية»، موضحاً أن «أصول شركات التأمين انخفضت عن المعدل العام بنسبة 10٪، نتيجة لانخفاض محافظ الأسهم».

وأكد أبوقورة «أهمية الاستثمار في السندات، والطاقة المتجددة، بصفتها قنوات استثمارية مجدية».

الاستثمار في الطاقة

بدوره، قال مدير عام شركة «الوطنية للتأمينات العامة»، عبدالزهرة عبدالله علي، إن «هناك توجهاً جدياً لهيكلة الاستثمارات لدى شركات التأمين، إذ باتت مجالس الإدارة تبحث في توجيه الاستثمارات نحو قطاعات أخرى، مع تحفظ شديد من الدخول في أي استثمارات جديدة، نظراً لأن الأسهم والسندات كبدت شركات التأمين خسائر كبيرة خلال الفترة الماضية».

وأوضح أن «التوجه نحو استثمارات الطاقة الأحفورية، والطاقة المتجددة أو النظيفة، سيكون له عائد مجدٍ على المدى الطويل، نظراً لأن شركات التأمين لم تخسر إلا عندما توجهت نحو الاستثمارات قصيرة الأمد»، مستبعداً تأثير الاستثمارات طويلة الأمد على التزامات الشركات، باعتبار أن هذه الأموال هي الأرباح التي تحققها سنوياً، فضلاً عن جزء من حقوق المساهمين».

أما رئيس اللجنة الفنية العليا لجمعية الإمارات للتأمين، ومدير عام شركة البحيرة الوطنية للتأمين، نادر القدومي، فقال إن «الأسهم والعقارات، فضلاً عن ودائع البنوك هي القطاعات المتاحة إلى الآن أمام شركات التأمين»، مؤكداً أهمية السندات وعاءً استثمارياً جديداً، لكنه أشار إلى أن «عددها قليل في السوق، وأعتقد أن السندات ستلعب دوراً مميزاً ومهماً، لأن الاستثمار فيها آمن، على الرغم من عوائدها القليلة».

الأكثر مشاركة