مُلاك عدّلوا عليها لمصلحتهم مع قلّة عرض المشروعات وحاجة الشركات إلى عمل
مقاولون: ظروف السوق حوّلت «فيديك» إلى «عقود إذعان»
وصف عاملون في قطاع المقاولات والإنشاءات في الدولة، الشروط الإضافية التي يتم تضمينها في عقود المقاولات المعروفة بعقود «فيديك»، بين شركات المقاولات والمُلاك، بأنها مجحفة، وحوّلتها إلى «عقود إذعان»، استغلالاً لحاجة الشركات الى العمل خلال الأزمة.
وقالوا إن ظروف الأسواق ومتغيرات الأزمة المالية أخيراً، أسهما في هذا التحول، مؤكدين أن تلك الاشتراطات تتنافى مع معايير عقود «فيديك» المعروفة.
وأضافوا أن شركات تطوير واستثمار عقاري، اتجهت خلال الفترة الأخيرة، إلى إملاء شروط إضافية يتم تضمينها إلى عقود «فيديك»، التي تعد عقوداً دولية بمعايير متوازنة، لافتين إلى أن أبرز التغييرات التي تتم على عقود «فيديك»، تشمل عدم وضع أي غرامات مالية على المُلاك في حال تأخر عمليات سداد مستحقات شركات المقاولات، مع إلغاء الشروط التي تضمن حقوق المقاولين من العقود الأصلية.وأوضحوا أن ذلك يضر بالقطاع ويتسبب بالعديد من الخسائر للشركات، التي تضطر للقبول بتلك الشروط للاستمرار في نشاطها في الأسواق.
يذكر أن عقود «فيديك» بدأ تطبيقها أخيراً في أسواق الدولة، بديلاً عن العقود المحلية، وتحتوي على معايير دولية بين شركات المقاولات وشركات التطوير العقاري، وتشمل بنوداً متوازنة لحماية مصالح كلا الجانبين بالنسبة لعمليات الدفع، أو أسعار السوق، حيث تعطي المرونة للشركات للتعامل مع متغيرات أسعار مواد البناء، سواء بالنسبة للملاك أو للمقاولين.
عقود عالمية
وقال المدير العام في شركة «العروبة» للمقاولات في دبي، المهندس أحمد عبدالباقي المصري، إن «ظروف الأسواق، وضعف حجم المشروعات العقارية المطروحة، أسهما في تحويل عقود (فيديك) العالمية، إلى ما يمكن تسميته عقود إذعان محلية، عبر استغلال بعض المُلاك لحاجة شركات المقاولات استئناف نشاطها، لتغيير وتعديل بعض بنود العقود الخاصة بحماية المقاولين»، معرباً عن أسفه أن «يحول مُلاك واستشاريون عقوداً عالمية يفترض أنها تحمي مصالح كلا الجانبين، إلى عقود تحمي مصالحهم فقط».
وأضاف أن «عقود (فيديك) حققت انتشاراً أخيراً في الأسواق بنسب تقدر بنحو 20٪، مقارنة بفترات سابقة، لكن ظروف الأزمة، وعدم وجود مشروعات عقارية جديدة، جعل بعض شركات المقاولات مضطرة إلى قبول التغييرات التي بدأ مُلاك وشركات تطوير عقاري، يضيفونها إلى العقود لمصلحتهم»، موضحاً أن «أبرز تلك التغييرات تتمثل في إلغاء فرض أي غرامات مالية على الملاك لمصلحة المقاولين، في حال التأخير في سداد المستحقات المالية».
وأكد المصري أن «شركات المقاولات، خصوصاً الصغيرة والمتوسطة، تضطر إلى قبول تلك العقود المعدّلة المنتشرة في الأسواق حالياً، رغبة في الحفاظ على مكانتها في الأسواق، والاستمرار في ممارسة النشاط، في ظل قلة حصص المشروعات المطروحة، ونصيب شركات المقاولات منها»، لافتاً إلى أن «تلك العقود تضر بنشاط المقاولات، وتفرض شروطاً مجحفة، بدلاً من عقود (فيديك) الأساسية التي تحمي مصالح جميع الأطراف».
الطرف الأقوى
من جانبه، اعتبر نائب رئيس اللجنة الفنية في جمعية المقاولين، واستشاري العقود في قطاع المقاولات، الدكتور عماد الجمل، أن «انتشار العقود المعدلة على عقود (فيديك) أخيراً، يرجع بشكل كبير إلى موافقة شركات المقاولات على تطبيق تلك العقود، على الرغم من علمها بأن بعض الشروط مجحفة بالنسبة لها»، موضحاً أن «تلك العقود انتشرت خلال فترة الأزمة، عندما كان المالك هو الطرف الأقوى الذي يملك التمويل، والقدرة على تشغيل المقاولين، مع ضعف العروض في الأسواق، وبالتالي يفرض شروطاً، يضطر بعض المقاولين إلى القبول بها».
وأشار إلى أن «الجمعية لا تشجع على انتشار عقود إذعان للمقاولين، ولا تنصحهم بقبولها، لأنها تضر القطاع بشكل كبير، من خلال الوضع غير الصحيح لتلك العقود، حيث تكون غير منصفة في عمليات تحصيل المستحقات المالية للمقاولين، وبالتالي تتسبب في مشكلات عدة».
وأضاف أن «عقود (فيديك) العالمية متوازنة ومدروسة، ويتم تطبيقها في الأغلب بين شركات المقاولات الكبيرة والمتوسطة، فضلاً عن وجود نسخ مطروحة مخصصة للشركات الصغيرة، انتشرت مع دخول العديد من الشركات الدولية للأسواق قبل الأزمة».
حقوق الطرفين
وقال نائب رئيس جمعية المقاولين، أحمد خلف المزروعي، إن «تغيير عدد من الملاك لعقود (فيديك)، وتحويلها لمصلحتهم، يخرج تلك العقود من صورتها الأصلية، وتكون بمثابة عقود محلية، وليست (فيديك)، التي أقرت الحكومة عمليات تطبيقها، وانتشرت بشكل موسع، خصوصاً في أسواق أبوظبي خلال الفترة الأخيرة».
وأشار إلى أن «تغيير العقود لمصلحة جهة دون أخرى، يضر الأسواق ويخرج العقود عن الأهداف المرجوة لها، حيث من المفترض أن تكون (فيديك) عقوداً متوازنة في حماية حقوق الطرفين في جميع البنود، وأبرزها المعايير الخاصة بأسعار مواد البناء»، مشيراً إلى أن «هناك بنوداً في حال ارتفاع أسعار المواد بنسب تجاوز نحو 5٪، فإنه يحق للمقاولين الحصول على زيادات في فروق الأسعار، في حين لو انخفضت النسب نفسها، فإنه يحق للملاك التخفيض، بشرط إثبات تلك المتغيرات، بدعائم لحقائق رسمية من واقع السوق، وليس مجرد وجهات نظر لأحد الطرفين».
إلى ذلك، قال مدير شركة «الفلاسي» للتطوير العقاري، جمعة الفلاسي، إن «ظروف السوق حالياً تجعل من الطبيعي أن يفرض الملاك شروطهم، والتي تكون محل اتفاق، وليس بشكل إجباري على المقاولين».
ولفت إلى أن «حجم المشروعات المطروحة هي التي تحكم بنود الاتفاق، حيث كان المقاولون يطلبون من الملاك في السابق أسعاراً مرتفعة، في ظل وجود طلب عليهم، لكن الوضع اختلف حالياً، مع زيادة وعي الملاك، وتجارب الأسواق المختلفة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news