‏‏‏مقاولون يحذرون من ارتفاع كلفة البناء 20٪.. ومخاوف من ارتفاع أسعار الخشب والأسمـــــــــنت

طن الحديد يتجاوز 3000 درهــم.. و«الاقتصاد» تحذّر من زيادة مفتعلة‏

السعر العادل للحديد هو 2300 درهم للطن الواحد. تصوير: مصطفى قاسمي

‏أكدت وزارة الاقتصاد أنها ستتخذ إجراءات عقابية، تشمل غرامات مالية، ضد موردين للحديد رفعوا أسعاره، في حال ثبوت أن تلك الزيادات مفتعلة.

وقالت إن الزيادة الكبيرة في أسعار الحديد، ربما تكون ناجمة عن مضاربات تستهدف الأسعار، والتأثير في السوق سلباً.

وطالب مسؤولون في قطاع المقاولات والبناء، بتدخل الوزارة لإعادة الأسعار إلى ما كانت عليه، محذرين من أن «ارتفاع الأسعار التي راوحت بين 3000 و3500 درهم للطن الواحد، سيرفع كلفة البناء بنسبة تصل إلى 20٪»، معربين عن تخوفهم من ارتفاع أسعار مواد بناء أخرى، مثل الإسمنت والخشب.

وأشاروا إلى أن توسعات الحرم المكي في السعودية، إضافة إلى تقليص عمليات الاستيراد، ومن وصفوهم بـ«تجار شنطة» من شركات صغيرة، اشترت كميات كبيرة من الحديد نقداً، وخزنته، لتبيعه لمقاولين بأسعار مرتفعة، أسهمت في نقص المعروض من الحديد في السوق المحلي.

وأضافوا أن ارتفاع الأسعار يرجع كذلك إلى ارتفاع أسعار خام «بليت» بنسبة تزيد على 50٪ خلال أسبوعين فقط، مشيرين إلى أن السعر العادل للحديد هو 2300 درهم للطن الواحد.

باب الاستيراد مفتوح

وتفصيلاً، قال المدير العام لوزارة الاقتصاد، محمد بن عبدالعزيز الشحي، لـ«الإمارات اليوم» إن «الزيادة الكبيرة في أسعار الحديد، ربما تكون ناجمة عن مضاربات تستهدف الأسعار، والتأثير في السوق سلباً»، موضحاً أن «الارتفاعات ستنتهي في وقت قريب، لأنها لا تستند إلى طلب حقيقي في السوق».

وأضاف أن «باب الاستيراد مفتوح، وانه يمكن الاستيراد من دول أخرى بأسعار أقل»، معرباً عن ثقته في أن تصحح السوق نفسها، طالما لا يوجد طلب كبير يدعو إلى هذا الارتفاع.

ودعا شركات المقاولات إلى «عدم استغلال الارتفاع، لرفع كلفة البناء في الدولة»، لافتاً إلى أن «الوزارة ستعقد اجتماعاً الأسبوع المقبل مع موردي الحديد، كما بدأت اتصالات مع جهات معنية ودول الجوار، للتحقق من أسباب الارتفاع قبل اتخاذ أي اجراءات».

وبيّن أن «الوزارة وجدت ارتفاعاً طفيفاً في أسعار الحديد في السعودية، وعُمان، لكنه لم يصل إلى مستوى الأسعار في أسواق الدولة».

نقص في المعروض

من جانبه، طالب المدير العام لشركة «قمراء» للمقاولات في أبوظبي، عيسى العطية، بتدخل وزارة الاقتصاد، لوقف الزيادة الكبير في أسعار الحديد، لضمان عدم تحكم مجموعة من الموردين في السوق.

وأوضح أن «هناك بالفعل نقصاً في الكميات المعروضة من الحديد، إلا أن الزيادة في السعر كبيرة، ولا تتناسب مع حجم الطلب، خصوصاً في ظل تباطؤ السوق».

وأضاف أن «جانباً من ارتفاع أسعار الحديد في أبوظبي من 1900 درهم إلى 3000 درهم للطن الواحد دفعة واحدة، خلال أسبوعين فقط، بنسبة زيادة تصل إلى نحو 40٪، يرجع إلى نقص المعروض من الحديد في السوق»، مشيراً إلى «توقف عمليات الاستيراد منذ فترة طويلة، بعد خسارة موردين مبالغ طائلة، بعد استيرادهم كميات كبيرة من الحديد، بيعت بسعر رخيص جرّاء التباطؤ في سوق البناء».

ولفت إلى أن «عمليات توسعة الحرم المكي في السعودية، وشراء كميات كبيرة من الحديد من المنتج محلياً في الإمارات، أسهما في نقص المعروض في أسواق الدولة»، مبيناً أن «مسألة الاستيراد غير مفيدة، ولن تؤدي إلى خفض الأسعار بشكل ملموس، لأنه ستتم إضافة كلفة عمليات الشحن والنقل والتخزين إلى السعر الاجمالي».

وتابع «يبلغ سعر الطن من الحديد التركي 680 دولاراً للطن الواحد (نحو 2498 درهماً)، بينما يقارب سعر الحديد القطري، سعر الحديد المحلي».

وأكد أن «ارتفاع أسعار الحديد ستؤدي إلى ارتفاع كلفة البناء بنسبة 5٪ على الأقل، وهي نسبة ضئيلة، لكنها مؤثرة في ضوء التباطؤ في سوق البناء».

السعر العادل

إلى ذلك، أوضح مسؤول في مؤسسة أحمد بن راشد لمواد البناء في دبي، فضل عدم ذكر اسمه، أن «الحديد مادة بناء قيادية تؤثر في أسعار بقية مواد البناء، وأن الزيادة الكبيرة في أسعاره، ستؤدي إلى ارتفاع كلفة البناء بنسبة 20٪، نظراً لرفع مقاولين أسعار المناقصات، خوفاً من حدوث زيادات أخرى في سعر الحديد، ومواد بناء أخرى، إضافة إلى احتمال استغلال تجار وموردي مواد بناء أخرى لما يجري في السوق».

وقال إن «هناك مبالغة كبيرة في أسعار الحديد، ولا تستند إلى طلب حقيقي في السوق»، لافتاً إلى أن «السعر الحقيقي العادل هو 2300 درهم للطن الواحد».

وارجع نقص المعروض في السوق إلى «تقليل عمليات الاستيراد أخيراً، بعد تباطؤ الطلب»، إضافة إلى لجوء من وصفهم بـ«تجار شنطة» من الشركات الصغيرة، إلى «شراء كميات كبيرة من الحديد نقداً، وتخزينه، وبيعه لمقاولين بأسعار مرتفعة بعد نقص المعروض في السوق».

واعتبر أن تدخل وزارة الاقتصاد ضروري، لإعادة الأسعار إلى ما كانت عليه، متوقعاً أن «الزيادة الكبيرة في الأسعار لن تستمر طويلاً، لأنها لا تستند إلى طلب حقيقي».

وأكد أن «هؤلاء التجار والموردين سيخسرون كثيراً، مثلما حدث في العمليات الاحتكارية التي تمت عام ،2008 وأدت إلى خسائر مالية جسيمة لهم».

تأجيل طلبيات

وفي السياق ذاته، نفى مدير المبيعات في شركة «سيكون» لمواد البناء، زياد أبوعمشة، أي علاقة للموردين بارتفاع أسعار الحديد، موضحاً أن «أسعار خام (بليت) ارتفعت في السوق العالمية من 400 دولار للطن الواحد إلى 620 دولاراً خلال 15 يوماً فقط، ما أدى إلى هذه الزيادة الكبيرة في الأسعار».

وقال إن «جميع الشركات الموردة قلصت بشكل كبير من عمليات الاستيراد، بعد الخسائر التي لحقت بها أخيراً، وتباطؤ عمليات شراء الحديد، ما أدى إلى انحسار المعروض منه».

وأضاف أنه «يمكن الحديث عن مسؤولية الموردين في رفع الأسعار، في حال عدم وجود زيادة في أسعار الحديد المحلي، وهو ما لم يحدث، حيث ارتفع سعر الحديد المحلي مرات عدة خلال فترة قصيرة».

وأكد عدم وجود كميات مخزنة لدى شركات حديد كبرى عدة، وقال إن «الشاحنات تنتظر ساعات طويلة لاستلام الطلبيات، التي قد يتم تأجيل بعضها أشهراً عدة».

واستبعد مدير المبيعات في «سيكون»، التي تعد من بين كبريات شركات توريد الحديد في الدولة، أن يؤدي رفع سعر الحديد إلى ارتفاع أسعار مواد بناء أخرى.

وأوضح أن «شركات المقاولات ربحت كثيراً عند انخفاض أسعار البناء، في الوقت الذي رست عليها مناقصات بأسعار عالية»، داعياً إلى «عدم استغلال الموقف حالياً ورفع كلفة البناء».

عمليات تخزين

وقال المدير العام في شركة «أربكو» للمقاولات، المهندس محمد عوف، إن «الأسعار الأخيرة المبالغ فيها للحديد، أسهمت في توجه عدد من المقاولين والتجار، إلى تخزين كميات من الحديد، ما أسهم في ازدياد الأسعار بشكل، وتفاقم حجم المشكلة».

ووصف تلك الارتفاعات في سعر الحديد، بالـ«غريبة ومفتعلة»، حيث قفزت نسبة الارتفاع بما يجاوز 50٪ خلال 15 يوماً فقط من دون سبب منطقي، عازياً ارتفاعات الأسعار إلى تجار وموردين كبار من خارج الدولة، وليس بسبب تجار محليين».

وأشار إلى «وجود ارتفاعات مشابهة في سوقي السعودية ومصر»، موضحاً أنه «لا يوجد ما يبرر تلك الارتفاعات في الأسعار، في ظل عدم وجود طفرة معمارية ترفع الطلب على الحديد، أو وجود ارتفاعات كبيرة في أسعار النفط عالمياً، أو حتى أزمة في أسعار خامات الحديد العالمية».

وتوقع عوف أن تكون الارتفاعات مؤقتة، لكن لها تأثيرات سلبية في زيادة كلفة البناء، بنسب تصل إلى نحو 6٪، مع تشكيل الحديد لنسبة 33٪ من حجم هياكل البناء، ونسبة 12٪ بعد إجمالي تشطيبات المباني.

أرباح كبيرة

من جهته، أوضح مسؤول المبيعات في شركة «سرينا» لتوريد مواد البناء، ظهر الدين سالم، أن «أسعار الحديد تراوح حالياً بعد الارتفاعات بين 3000 و3500 درهم في أسواق دبي، وعدد من أسواق الإمارات الشمالية»، لافتاً إلى أنها «كانت متدرجة وبشكل سريع».

وعزا ذلك إلى إلى «احتكار موردين كبار خارج الدولة، خصوصاً أنه لا يوجد ازدياد في عدد المشروعات التي يتم تنفيذها في الأسواق المحلية، تبرر تلك الارتفاعات الضخمة لأسعار الحديد».

وأكد أن «تجاراً خزنوا الحديد، فيما امتنع آخرون عن البيع»، متوقعاً تحقيق أرباح كبيرة، في ظل توقعات بارتفاعات جديدة في الأسواق خلال الفترة المقبلة.

وقال إنه «من الطبيعي أن تعود الأسعار إلى معدلاتها الحقيقية، وفقاً للعرض والطلب، وعدم وجود ما يدعم ارتفاعها».

أما المدير العام في شركة «العروبة» للمقاولات، المهندس أحمد عبدالباقي المصري، فقال إن «تأثير الارتفاعات المبالغ فيها لأسعار الحديد، سيكون متعدداً وسلبياً في قطاع المقاولات، في ظل توقعات بتجميد بعض المشروعات، مع تحمل معظم الملاك فروقات الأسعار، وزيادة تكاليف البناء، مقرونة بضعف السيولة للمشروعات العقارية الجديدة المتوافرة للملاك».

وأشار إلى أن «ارتفاعات أسعار الحديد جاءت بشكل غير منطقي، حيث قفزت من 1850 درهماً إلى 3000 درهم للطن الواحد، ما كوّن حالة من القلق لدى شركات المقاولات، من تأثير تلك الارتفاعات في أسعار مواد بناء أخرى، لتحقيق ارتفاعات غير منطقية إضافية، مع قلة الطلب في الأسواق، وضعف حجم المشروعات».

وأوضح أن «التأثير سيكون سلبياً في نشاط المقاولات، خصوصاً مع سعي المقاولين إلى بحث سبل التغلب على تأثيرات الأزمة المالية، وسعي عدد من التجار إلى تخزين الحديد لتحقيق مكاسب إضافية.‏

تويتر