اقتصاديون يحذّرون من ارتفاع كُلفـة الصـناعة في أبوظبي
حذّر مسؤولون اقتصاديون من ضعف تنافسية معظم الصناعات الوطنية، بسبب ارتفاع الكُلفة التشغيلية للصناعة في أبوظبي بنسب تصل إلى أضعاف هذه الكلفة في دول خليجية أخرى، خصوصاً ما يتعلق بأسعار الأراضي وأسعار الديزل والفوائد على القروض الصناعية.
وكشفوا في ندوة نظمتها دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي حول واقع وآفاق تطوير قطاع الصناعة، أنه يجرى حالياً تنفيذ مشروعات صناعيـة ضخمة في أبوظبي تجاوز قيمتها 200 مليار درهم في مجالات الطاقـة وصناعـة الطائرات والطاقـة النووية والرقائق الإلكترونية والألمنيوم والبلاستيك.
وقالوا إن وزارة الاقتصاد انتهت من إعداد أول مشروع قانون اتحادي للرهن الصناعي، لتوفير السيولة اللازمة لتمويل المنشآت الصناعية، في وقت باشرت فيه دائرة التنمية الاقتصادية في إعداد أول استراتيجية من نوعها لتطوير القطاع الصناعي في الإمارة.
وطالبوا بإقامة مدن صناعية متكاملة قرب الحدود السعودية، وتحديث قانون التأجير التمويلي، وإنشاء سجل للرهن الصناعي، والتأمين على الآلات والمعدات، وإنشاء بنك صناعي إنمائي.
الرهـن الصناعـي
وتفصيلاً، كشف مدير إدارة دعم وتطوير المؤسسات الصناعية في وزارة الاقتصاد، ماجد العويس، أن «الوزارة انتهت من إعداد أول قانون اتحادي للرهن الصناعي في الدولة، ما يسهم في توفير السيولة اللازمة للمشروعات الصناعية، من خلال حصولها على قروض عن طريق رهن الآلات والمعدات»، مشيراً إلى أنه «من المنتظر إقرار القانون خلال العام المقبل».
وأضاف أن «الوزارة ستطبّق قبل نهاية العام الجاري البرنامج الإلكتروني للصناعة، الذي يتضمن الربط مع الهيئة الاتحادية للجمارك، للتعرف إلى احتياجات قطاع الصناعة، وتوفير قاعدة معلومات كاملة حول النشاط الصناعي، وعدد المنشآت الصناعية في الدولة، وإجمالي صادراتها للأسواق الخارجية، واستثماراتها بشكل دقيق».
وأوضح أن «عدد المنشآت الصناعية في الدولة بلغ العام الماضي نحو 4644 منشأة، فيما وصلت قيمة الاستثمارات في القطاع الصناعي على مستوى الدولة عام 2009 نحو 81.1 مليار درهم، كما بلغ عدد العمال الصناعيين نحو 347.2 ألف عامل».
وبلغ عدد المنشآت في إمارة أبوظبي العام الماضي 346 منشأة صناعية، بإجمالي استثمارات تبلغ 41.9 مليار درهم، لتمثل 50٪ من إجمالي قيمة الاستثمارات على مستوى الدولة، فيما بلغ عدد العمال في قطاع الصناعة نحو 55.8 ألف عامل.
استراتيجية وتشريعات
من جانبها، قالت مديرة إدارة الدراسات الاقتصادية في دائرة التنمية الاقتصادية، منى السويدي، إن «الدائرة تُعد حالياً استراتيجية لتنمية قطاع الصناعة، بالتعاون مع عدد من الشركاء»، لافتة إلى أن «الاستراتيجية ستمثل منظومة متكاملة شاملة الأدوات والتشريعات والإجراءات، والبرامج التي من المقرر أن يتبناها وينفذها كل من القطاعين العام والخاص في الإمارة، والموجّهة نحو تنمية القطاع الصناعي، وتعزيز تنافسيته محلياً ودولياً».
ولفت الباحث الاقتصادي الرئيس في إدارة الدراسات في دائرة التنمية الاقتصادية، الدكتور محمد عبدالقادر، إلى أن «العاملين في القطاع الصناعي يتصفون بانخفاض مستوياتهم التعليمية والمهنية، إذ تشكل العمالة الوافدة النسبة الأكبر من إجمالي العاملين، فيما تشكل العمالة المواطنة نسبة ضئيلة لا تجاوز 4٪ من إجمالي العاملين».
وطالب بمزيد من المرونة في سَن التشريعات، والإسراع بانجاز مشروعات القوانين التي تجري دراستها حالياً، مثل مشروع قانون الاستثمار الأجنبي، ومشروع قانون المنافسة.
وأوضح أن «الصناعة التحويلية تعد أولوية استراتيجية في اقتصاد الإمارات عموماً، وأبوظبي خصوصاً، حيث ازدادت قيمتها في الإمارة من 2.17 مليار درهم عام 2001 ،إلى 5.40 مليار درهم عام 2009 ،إلا أن مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي تناقصت من 9٪ عام 2001 إلى 7٪ عام 2009 ،لزيادة مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي».
وأكد وجود فرص متاحة متعددة لصناعات قائمة في أبوظبي، منها صناعة تدوير البلاستيك، والصناعات الطبية والدوائية، وصناعة الصودا الكاوية، وصناعات السيارات، والألياف البلاستيكية المطوّرة، والسيليكون، والأغذية الجافة للأطفال، داعياً إلى ضرورة تنمية منطقة العين، والتوسع في الصناعات الزراعية، إضافة إلى تنمية المنطقة الغربية بإقامة صناعات يدوية تقليدية تسهم في حل مشكلة البطالة.
وأوصى بإقامة مدن اقتصادية تنموية متكاملة في مدن المرفأ، والرويس، والسلع، بالقرب من الحدود السعودية، بحيث تشتمل على مناطق صناعية وتجارية وخدمات لوجستية وتعليمية وجامعات تقنية.
الكُلفة التشغيلية
بدوره، قال الباحث الاقتصادي الرئيس في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، محمد عبدالرحيم، إنه «يجرى حالياً تنفيذ مشروعات صناعية ضخمة في أبوظبي باستثمارات تصل إلى 200 مليار درهم في قطاعات الطاقة، وصناعة الطائرات، والطاقة النووية، والألومنيوم، والرقائق الإلكترونية، والبلاستيك»، محذراً من ارتفاع الكلفة التشغيلية للصناعة في أبوظبي، بنسب تبلغ أضعاف الكلفة في معظم الدول الخليجية، خصوصاً السعودية في ما يتعلق بكلفة إيجار الأراضي الصناعية، وإنتاج الكهرباء، وكلفة الديزل، والماء، والغاز، والتمويل.
وأوضح أن «كلفة إيجار الأراضي الصناعية تعد الأعلى في أبوظبي، مقارنة بدول الخليج الأخرى، إضافة إلى أن كلفة الغاز والمياه والكهرباء والديزل الأعلى على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. كما تعد كلفة التمويل الأعلى مقارنة بقية دول المجلس، باستثناء قطر والبحرين».
إلى ذلك، اعتبر مدير إدارة التفتيش الصناعي في المؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة، المهندس محمود بخيت، أن كلفة إيجار الأراضي الصناعية في أبوظبي لا تعد مرتفعة مقارنة بالسعودية، إذا أخذنا في الحسبان الخدمات والبنية التحتية المتطوّرة التي تقدمها المناطق الاقتصادية المتخصصة في أبوظبي».
ولفت إلى أن «إدارة المناطق أنجزت 10 مدن صناعية في خمس سنوات فقط».