«ماساتشوستس» تعتمد على قطاعات التجارة والخدمات والاستثمار لتنشيط اقتصادها. أرشيفية

«ماساتشوستس» تقـود تعــــافي الاقتصـاد الأميركـي

يخطو الاقتصاد المحلي في ولاية ماساتشوستس الأميركية بشكل متسارع لمواكبة الانتعاش الذي بدأ يشهده اقتصاد الولايات المتحدة، متمثلاً في تعافي قطاعات اقتصادية محددة من جانب، وانتعاش اقتصادات ولايات أميركية بشكل منفرد من جانب آخر. فيما قال أستاذ اقتصاد إن«ولاية ماساتشوستس تنمو بقوة قد تمكنها من قيادة التعافي في البلاد». ويمكن ترجمة بوادر انتعاش الاقتصاد الأميركي في حجم الوظائف التي أتيحت من قبل مؤسسات الأعمال خلال الأشهر القليلة الماضية، بحسب تقرير اقتصادي حديث لجامعة ماساتشوستس، إحدى أعرق الجامعات الأميركية. وقال تقرير لوزارة العمل الأميركية إن «الانتعاش في الاقتصاد الأميركي واصل انتشاره لكل الولايات الأميركية، حيث تمكنت المؤسسات من توفير نحو 300 ألف فرصة عمل خلال شهر أبريل الماضي، وهو أكبر معدل لزيادة عدد الوظائف منذ نحو أربع سنوات». وكشف التقرير، الذي صدر أول من أمس، عن أن معدل البطالة في الولايات المتحدة ارتفع خلال الشهر الماضي ليصل إلى 9.9٪، بعد أن كان 9.7٪ خلال مارس الماضي. وقالت صحيفة «بوسطن غلوب» الأميركية، نقلاً عن محللين اقتصاديين إن ارتفاع معدل البطالة في البلاد ناجم عن بدء بعض الموظفين البحث عن وظائف جديدة وترك وظائفهم الحالية، وهو ما يعد أحد المؤشرات على تنامي الثقة في قرب انتعاش الاقتصاد الأميركي، وأوضحوا أن حساب معدل البطالة أخذ في الاعتبار أن أولئك الذين يبحثون بنشاط عن وظائف جديدة اعتبروا ضمن العاطلين عن العمل. وفي سياق متصل، أرسلت إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أول من أمس، اقتراحاً إلى الكونغرس بتقديم دعم يقدر بنحو 30 مليار دولار لإنشاء صندوق يهدف إلى تعزيز أداء المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الولايات المتحدة، من خلال توفير الائتمان المصرفي اللازم لها، ومن شأن هذا الصندوق دعم السيولة اللازمة للبنوك الأميركية الصغيرة لتشجيعها على زيادة القروض الموجهة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة، بهدف دعم الاقتصاد الأميركي الذي يعتمد بصورة أساسية على المشروعات الصغيرة التي يمكنها أن توجد فرص العمل للأميركيين، وتعاني المؤسسات الصغيرة تلكأ المصارف في إقراضها، ما يحول دون إيجاد فرص وظيفية للعاطلين عن العمل. ومنذ بداية عام ،2008 ارتفع عدد من فقدوا وظائفهم إلى 4.4 ملايين شخص، وهو رقم يعادل عدد الوظائف في ولايات مثل جورجيا وميتشغان وكارولينا الشمالية، في نهاية عام .2007 وبحسب شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، فإن فقدان الوظائف أصبح أكثر انتشاراً، حيث شمل إلى جانب المصانع وشركات الإعمار والبناء، معظم الأعمال الأخرى وقطاع الخدمات».

فرص العمل

وقال كبير الاقتصاديين في شركة «جون هانكوك للخدمات المالية» في مدينة بوسطن، بيل تشيني، إن «ما جاء في تقرير وزارة العمل الأميركية بشأن توفير فرص العمل في الشهر الماضي هو مؤشر إيجابي، لكن يجب عدم الاعتماد عليه كلية». لكن تحليلاً اقتصادياً لجامعة ماساتشوستس، نشر أمس، كشف أن ولاية ماساتشوستس أظهرت انتعاشاً اقتصادياً يمكنه أن يقود انتعاشاً شاملاً ومتسلسلاً في معظم الولايات المتحدة، وهو ما اعتبره المحللون تحولاً جذرياً عن توقعات العام الماضي، عندما تأخرت تلك الولاية عن اللحاق بمسيرة الاتحاد الأميركي في خطواتها نحو التعافي من الأزمة المالية. وقالت الجامعة إن «ولاية ماساتشوستس خرجت من حالة الركود في أغسطس الماضي»، فيما يرى محللون أن اقتصاد الولايات المتحدة بدأ في الانتعاش، وأخذت الدولة الفيدرالية في التوسع الاقتصادي بمعدل يوازي انتعاش كل ولاية على حدة. وماساتشوستس هي واحدة من أهم الولايات الأميركية، وعاصمتها بوسطن، وتشتهر بكثرة الجامعات، حيث يوجد فيها أكثر من 501 مؤسسة تعليم عال، بينها الجامعة الأكثر شهرة في العالم وهي جامعة هارفارد، وبذلك تكون المنطقة الأولى في العالم من حيث عدد مؤسسات التعليم العالي. ويعد التعليم والبحث العلمي المصدرين الأولين والرئيسين لدخل هذه الولاية، حيث إنها أكبر تجمع في العالم لحائزي جائزة نوبل.

نمو اقتصادي

وبحسب بيانات حديثة لوزارة التجارة الأميركية، فإن «اقتصاد ولاية ماساتشوستس نما خلال الاشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري بمعدل سنوي بلغ 3.1٪، مقارنة مع معدل نمو الاقتصاد الأميركي، الذي بلغ 3.2٪ خلال الفترة نفسها». وتوقعت الجامعة في تقريرها أن «يتسارع معدل النمو الاقتصادي لولاية ماساتشوستس بنحو 4.2٪ سنوياً خلال الأشهر الستة المقبلة». وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة نورث إيسترن، آلان ماثيوز، إنه «ينبغي على الإدارة الأميركية أن تعمل على توسيع فرص العمل وتوفير نحو 45 ألف وظيفة سنوياً، وهو ما يقارب ضعف متوسط معدل نمو الوظائف بعد فترة الركود التي أصابت الاقتصاد الأميركي عام 2001». وفي أبريل الماضي، قال تقرير لوزارة العمل الأميركية إن «ولاية ماساتشوستس وحدها أضافت ما يصل إلى نحو 12 ألف فرصة عمل خلال الشهرين الماضيين (فبراير ومارس)، كما انخفض معدل البطالة فيها إلى 9.3٪ خلال مارس الماضي، بعد أن بلغ 9.5٪ في فبراير الماضي». وقال ماثيوز إن «ولاية ماساتشوستس هي الأفضل في دولة الاتحاد الأميركي، فهي تنمو بقوة قد تمكنها من قيادة التعافي في البلاد»، واستطرد «لكن لايزال هناك طابور طويل من العاطلين عن العمل، وتوفير الوظائف لهؤلاء سيستغرق بعض الوقت».

ركود سابق

وكشف تقرير جامعة ماساتشوستس عن أن «الركود الذي شهدته الولاية أخيراً يعد الأقوى مقارنة بفترة الركود السابقة في عام ،1990 عندما انهار قطاع تكنولوجيا المعلومات، وهو ما أدى إلى الكساد». ولفت التقرير إلى أن «ماساتشوستس، وهي الولاية التي تعتمد على قطاعات التجارة والخدمات والاستثمار وسائل لتنشيط الاقتصاد، لم تتأثر بالدرجة نفسها». ووفقاً للجامعة، فإن «ولاية ماساتشوستس بدأت تعاني تأثيرات الأزمة المالية العالمية بعد نحو أربعة أشهر من بدء الكساد في الولايات المتحدة، لذلك، فإن مدة الركود فيها ستكون أقل من الولايات الأخرى». من جانبه، قال المحلل الاقتصادي في جامعة ماساتشوستس، مايكل غودمان، إن «الولاية مرت بأوقات صعبة، لكنها ليست بالصعوبة التي واجهت ولايات أخرى

الأكثر مشاركة