الشامسي: الإعلام الاقتصادي بالغ في تجميل الاقتصاد الخليجي
قال مدير عام الإدارة العامة للبحوث والدراسات والنشر في الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، نجيب عبدالله الشامسي في ورقة عمل قدمها أمس أمام مؤتمر إستثماري خليجي في الكويت إن الإعلام الاقتصادي في دول الخليج العربي لم يقم بدوره الوطني المطلوب، حينما بالغ في تجميل الاقتصاد وتعظيم إنجازاته، ما ألحق بالاقتصادات الوطنية أضراراً جسيمة، واهتزازاً للثقة.
ودعا في ورقة له بعنوان «الإعلام الاقتصادي في دول المجلس بين المهنية والمسؤولية»، إلى «تنظيف» المؤسسات الإعلامية ممن أسماهم «كتاب أعمدة أسهموا في تشويه الحقائق، وتزييف الوقائع»، واصفاً الملاحق الاقتصادية بأنها متواضعة في مستوى التحليل، والمادة التحريرية، ومحدودة في تحقيقاتها المحلية، مطالباً الاعلام الاقتصادي بنشر الوعي الاستهلاكي والمعرفي بين أبناء دول الخليج العربي، وأن يكون العاملون فيه من المتخصصين في الاقتصاد والتحليل.
الإعلام الاقتصادي
وتفصيلاً، قال الشامسي إنه «في الوقت الذي ركز الإعلام الاقتصادي على إبراز الإنجازات، وتعظيمها، ومنحها حجماً أكبر من حجمها الطبيعي، فإنه أسهم في تغييب التحديات والمعوقات والسلبيات التي تعاني منها الاقتصادات الوطنية، وتحديد معالم التحديات المستقبلية التي ستواجه هذه الاقتصادات، وبالتالي فإنه لم يسهم في كيفية تجاوز الآثار المترتبة على المتغيرات والتطورات الاقتصادية المستجدة على الساحة العالمية»، مبيناً أن رؤية ذلك الإعلام ظلت مبنية على آراء تفتقر في كثير من الأحيان إلى الدقة في التحليل، والموضوعية في الطرح، وإلى غياب الشفافية في المعالجة، إضافة إلى تناول القضايا الاقتصادية من خلال منابر مسؤولين، يؤكدون على الإنجازات غالباً، من دون تحديد للكلفة الحقيقية لتلك الإنجازات، ومن دون التطرق إلى طبيعة التحولات الاقتصادية التي تواجهها أو تلك التي تشهدها المنطقة أو الساحة الاقتصادية، أي أن التناول دائماً ما يتم طرحه من خلال رؤية أحادية ورسمية». وأوضح أن «الإعلام الاقتصادي لدينا، يفتقر إلى التحليل الموضوعي للقضايا الاقتصادية التي تهم اقتصاداتنا الوطنية، فتناولها يتم بكثير من التسطيح، وغياب المعالجة الموضوعية»، شارحاً أن الإعلام الاقتصادي تناول الاقتصادات الوطنية من زاوية خبرية من دون تحليل موضوعي يعتمد على النظرية والإحصاءات التي تدعم الخبر، حيث اتسمت صحف وملاحق اقتصادية تصدر في دول المجلس بالخلط بين المادة الخبرية والإعلانية، من منطلق حرصها على علاقتها بالشركات المعلنة لديها، فنشرت المادة الإعلانية بشكل مبالغ فيه، على أنها مادة خبرية، ما يعد خللاً في المهنية الصحافية، معتمدة على مصادر رسمية أو منقولة، أو آراء شريحة التجار المستفيدة من الأوضاع الاقتصادية، وعدم اكتراثها بتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية.
وأكد أن «الملاحق الاقتصادية ظلت متواضعة في مستوى التحليل، والمادة التحريرية، ومحدودة في تحقيقاتها المحلية، وتناولها للقضايا الاقتصادية المحلية».
وأشار إلى أن الإعلام الاقتصادي يعتمد في مادته الإعلامية إلى حد كبير على مصادر إعلامية أجنبية، وتقارير لشركات ومؤسسات، قد تتعمد تعظيم إنجازاتنا لأهداف مقصودة ، كما أنه يعتمد على مقابلات صحافية وإذاعية وتلفزيونية تعبر عن وجهة نظر أحادية.
الدور المطلوب
وطالب الشامسي الإعلام الاقتصادي الخليجي بإبراز السلبيات والاختلالات التي برزت خلال المرحلة الماضية، بقصد معالجتها وتذليل الصعوبات التي تعترض مسيرة التنمية الاقتصادية في دول المنطقة، داعياً الإعلام الاقتصادي إلى المساهمة في تحديد الآثار الإيجابية والسلبية للاتفاقات والتكتلات الاقتصادية على مسيرة الاقتصاد الوطني في كل دولة من دول المجلس، وتحديد كيفية تجاوز الآثار السلبية، والاستفادة من الآثار الإيجابية لتلك التكتلات والمنظمات والاتفاقات.
كما دعاه إلى المساهمة في تحديد مفهوم الحرية الاقتصادية، وتحديد أسسها ومضامينها وحدودها، كي لا تتحول الحرية الاقتصادية إلى مفهوم خاطئ وسلبي على الاقتصادات الوطنية.
وطالب كذلك بتحديد معالم سياسة الباب المفتوح، ومدى التأثيرات السلبية والانعكاسات الخطيرة لترك الباب مفتوحاً أمام التأثيرات الخارجية، لاسيما الواردات الأجنبية، ورؤوس الأموال الأجنبية، والأيدي العاملة الأجنبية التي تركت آثاراً سلبية وخطيرة على مسيرة العمل الاقتصادي الوطني في دول المجلس، إضافة إلى تحديد مدى الآثار المترتبة على انضمام أو توقيع دول المجلس على اتفاقات ثنائية مع دول في مختلف قارات العالم.
وطالب الإعلام الاقتصادي أيضاً بإبراز السلبيات التي نجمت عن ازدواجية المشروعات والقوانين والأنظمة خلال السنوات الماضية، والتي انعكست سلباً على الأوضاع الاقتصادية، وزعزعت المكانة الاقتصادية لدول المنطقة. كما طالبه بالمساهمة في تحقيق علاقات جيدة، وتنقية الأجواء أمام عناصر الإنتاج في الأسواق المحلية
ورأى الشامسي أن الإعلام الاقتصادي لم يقم بدوره الوطني المطلوب، حينما بالغ في تجميل الاقتصاد وتعظيمه، ما ألحق بالاقتصادات الوطنية أضراراً جسيمة واهتزازاً للثقة، خصوصاً أن السنوات الماضية أفرزت شريحة من الاقتصاديين أو كتاب أعمدة، أسهموا في تشويه الحقائق، وتزييف الوقائع، داعياً إلى تنظيف المؤسسات الإعلامية من تلك الفئة، مع التركيز على القضايا الاقتصادية المحلية، سواء من خلال الصحف الاقتصادية، أو من خلال إدراج برامج اقتصادية جادة في خريطة البرامج الإذاعية والتلفزيونية، يستقطب لها نخبة من الاقتصاديين الأمناء في الطرح، والمتميزين بفكرهم.
وكشف أن 95٪ من أبناء دول مجلس التعاون الخليجي مدينون للمصارف، مطالباً بنشر الوعي الاستهلاكي للحد من تفاقم مشكلة الديون، إضافة إلى وعي اقتصادي لفهم معنى العمل ومعنى الاعتماد على الذات، ثم ضرورة الإحلال والتوطين، والتقليل من حجم الاعتماد على الخارج، بما يعنيه من استنزاف للسيولة وتصديرها للخارج. ودعا إلى وجود مراكز أبحاث ودراسات اقتصادية متخصصة ترفد الصحف والبرامج التلفزيونية والإذاعية الاقتصادية بالدراسات المتعمقة، وإلى وجود إعلاميين يملكون قدرة عالية وفهماً للمفاهيم والتحولات الاقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية من الطاقات البشرية المواطنة.