باحث اقتصادي يتوقع أن يستغرق تعافي الاقتصادات العالمية من 5 إلى 10 سنوات

استمرار ربط الدرهم بالدولار يخدم الاقتصاد المحلي

روغوف دعا إلى استمرار ربط الدرهم بالدولار وعدم التحول إلى اليورو بسبب مشكلات أوروبا الاقتصادية. أرشيفية

نصح الباحث وأستاذ الاقتصاد والسياسات العامة في جامعة هارفارد كينيث روغوف، أن يستمر ربط الدرهم بالدولار في الوقت الحالي، وعدم التحول إلى سلة عملات يمثل اليورو جزءاً منها، نظراً لما تعانيه دول الاتحاد الأوروبي من آثار أزمة ديون اليونان السيادية واحتمال وجود تعثرات مماثلة في كل من اسبانيا والبرتغال.

عجز سيادي

تطرقت المحاضرة إلى الأزمات التي تعصف بالصناعة المصرفية غالباً، ما يؤدي إلى موجات من أزمات الديون السيادية كتلك التي تجتاح أوروبا حالياً، إذ تعد موجات العجز السيادية نتيجة للأزمة وليست الحدث الأساسي، وعلى الرغم من ذلك فمن الصحيح القول إن أوروبا تواجه مشكلات عميقة في اتخاذ القرار بشأن تحقيق التوازن في اقتصادها، وهي مشكلات ليست بحال من الأحوال سهلة الحلّ من الناحية السياسية. أما بالنسبة للولايات المتحدة فهي لا تتعرض للضغط المباشر نفسه، وبالتالي فإن الدولار كان ولايزال في صعود، لكن في غضون 10 سنوات من المحتمل أن تواجه الولايات المتحدة مشكلات في تمويل مسار ديونها الهائلة.

وفي حالة الولايات المتحدة فالنتيجة المحتملة هي نمو بائس مدفوع بارتفاع الضرائب، لكن ليس من المستبعد ارتفاع التضخم وكذلك العجز التام، وإن كان احتمال العجز التام بعيــداً.

وأوضح أنه «سيكون هناك تأثيرات كبيرة في العملة المحلية إذا تم ربطها بسلة عملات لطول المدة الزمنية التي ارتبطت فيها بالدولار»، مشيراً إلى أنه «بإمكان السلطة النقدية ممثلة في المصرف المركزي تخفيض قيمة العملة، ما يساعد على زيادة الدخل والتصدير».

وبين أن «التضخم المنخفض في الإمارات يؤهلها لنمو جيد».

الأسوأ انقضى

وأضاف روغوف، خلال محاضرة عقدت في أبوظبي وحضرها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وعدد من الشيوخ والمسؤولين بعنوان «تحليل كمي وتاريخي للأزمات المالية»، أن «الأزمة المالية الحالية خطيرة، لكن المؤشرات الحالية تقول إن الأسوأ انقضى»، لافتاً إلى أن «وجود تداعيات للأزمة أمر طبيعي يمكن أن يستمر لفترة، لكنه لا يعني أن الاقتصاد سيدخل في مرحلة كساد مشابهة للأزمات السابقة لوجود اختلافات جوهرية بين أزمة وأخرى».

وأشار إلى أن «معدلات التضخم العالمية مرتفعة، وقد تستمر على هذا المنوال لفترة، وربما يصاحب ذلك ركود لكن ستكون هناك إمكانية للإنقاذ»، متوقعاً أن يستغرق التعافي فترة تراوح بين 5 و10 سنوات مقبلة.

وتابع «من طبيعة الأزمات المالية أنها تؤدي إلى وجود ديون سيادية وحالات تعثر في السداد على مستوى الدول، وهو ما حدث للأرجنتين سابقاً واليونان حالياً»، مضيفاً أن «نسبة الديون في كثير من الدول تراوح بين 70 و75٪ من الناتج المحلي لها»، لكنه نوه باحتمالية قدرة هذه الدول على السداد.

 وقال روغوف إن «ما يحدث في أوروبا يعد تحدياً كبيراً لليورو الذي ابتكر ليكون بديلاً للدولار»، مطالباً دول الاتحاد الأوروبي بإبعاد اقتصادات الدول المتعثرة عن منطقة اليورو، لأن محاولة الإنقاذ لن تفلح على المدى الطويل، فلن يكون بمقدور ألمانيا وحدها تقديم حلول جوهرية للجميع.

 الأزمات في 8 قرون

تناولت المحاضرة الأزمة المالية الحالية في إطار ثمانية قرون من الأزمات المالية، والرسالة الأساسية التي تتناولها المحاضرة هي أنه سبق للعالم المرور بأزمات اقتصادية عدة مئات المرات وفي العديد من الدول، كون الأزمات المالية الحادة التي تحدث بين حين وآخر تعتبر جزءاً من حياتنا في اقتصاد السوق، ونادراً ما تسفر عن القضاء على الدول.

ومرت معظم الدول بأزمات مالية متكررة، وإن كانت تخللتها فترات طويلة جداً امتدت من 50 إلى 75 عاماً، واتسمت تلك الأزمات بالحدة نفسها التي تتسم بها الأزمة المالية الحالية، إلا أن أسبابها وتداعياتها الكمية كانت مختلفة عن الأزمة المالية النموذجية الحادة التي غالباً ما تعقب الحرب.

تشديد الرقابة

وطالب روغوف بتشديد دور أجهزة الرقابة على القطاعات المالية للسيطرة على أخطاء المصارف، ولضمان عدم تعقيد النظام الاقتصادي كله، مستشهداً بمستويات الرقابة المرتفعة في كل من كندا وسنغافورة، وكيف أنها ساعدت على تخفيف حدة الأزمة في هاتين الدولتين مقارنة ببقية الدول».

وقال إن «تشديد الإجراءات الرقابية من شأنه التصدي لمزيد من التداعيات السلبية للأزمة»، لافتاً إلى «أهمية أن تعتمد الحكومات على بيانات دقيقة وجيدة تعكس الواقع الاقتصادي الفعلي بعيداً عن التقليل من خطورة نسب التعثر وعدم القدرة على السداد حتى يمكن توفير حلول ناجعة».

ولفت إلى أن «تراجع أسعار الأراضي والعقارات في دبي من التداعيات الطبيعية للأزمة المالية، نظراً لموقع الإمارة على الخريطة العالمية».

وأضاف أن «الأزمة المالية ينبغي ألا تثني أصحاب الثروات عن الاستمرار في تدويرها في المجالات المختلفة، سواء بالأسهم أو العقار، لكن مع أخذ الحذر لتوفير نوع من التوازن بين الإنفاق والتقشف».

وعن المؤشرات التي يجب التنبه إليها للتنبؤ بالأزمات المالية المقبلة، قال روغوف إنه «من المهم جداً أن تسيطر الدول على مستويات الديون لديها وأن تحاول تبني نظام مالي أكثر قوة وأبسط نسبياً، كما يجب أن يكون هدف السياسة المالية محاولة تجنب التعرض لأزمات كل 10 إلى 15 سنة على الرغم من أن الأزمات التي تحدث بين فترات زمنية أطول لا يمكن تجنبها».

تويتر