المصرف المركزي دعم البنوك في ذروة الأزمة المالية. أرشيفية

8 مصارف محلية تنجح في اختبــار الإجهاد

كشفت نتائج اختبار الإجهاد للقطاع المصرفي في الإمارات، عن كفاية رؤوس أموال القطاع المصرفي لتحمّل مزيد من التدهور في جودة الأصول. وبحسب الاختبار الذي أجرته شركة «شعاع كابيتال» المتخصصة في مجال الاستثمار المصرفي، على ثمانية مصارف، فإنها تمتلك القدرة على تحمل الخسائر المرتبطة بتراجع قيمة الأصول الأكثر خطورة، بما في ذلك القروض العقارية، والقروض الشخصية التي تمّ تمديدها، والخسائر المحتملة المرتبطة بتعرّضها لمجموعتي «سعد» و«القصيبي» وشركة دبي العالمية، إضافة إلى القروض التي أُعيد التفاوض حولها.

إلى ذلك، أكد مصرفيون أن اتخاذ مصارف إماراتية، سياسات تمويلية حذرة بعد ظهور الأزمة المالية العالمية، وانتقائيتها في اختيار الأصول والتمويلات التي توفرها، قلل من احتمالات ظهور مزيد من الأصول الأكثر خطورة، وزاد من قدرتها على تحمل الخسائر من تراجع قيمة الأصول. وأشاروا إلى أن مطالبة الحكومة باستبدال الأصول ذات الخطورة العالية في ميزانيات المصارف، بسندات حكومية ذات مخاطر منخفضة، ليس حلاً منطقياً، وقالوا إنه يجب عدم تحميل الحكومة تبعات أخطاء ارتكبتها إدارات المصارف عند تمويل الأصول.

أموال كافية

وتفصيلاً، أظهرت نتائج اختبار الإجهاد للقطاع المصرفي في الدولة، الذي أعدته شركة «شعاع كابيتال»، أن «رؤوس أموال القطاع المصرفي كافية لتحمّل مزيد من التدهور في جودة الأصول».

وذكر تقرير صدر عن الشركة أمس، بعنوان «بنوك الإمارات تخضع للاختبار»، أن «المصارف الإماراتية لاتزال مترددة في توفير الائتمان للقطاع الخاص، بسبب مخاوف حول الخسائر المحتملة في المستقبل، وعمليات خفض قيمة الأصول التي قد تواجهها».

وطبقت «شعاع كابيتال» المتخصصة في مجال الاستثمار المصرفي في المنطقة، اختبار الإجهاد على ثمانية بنوك محلية، هي الإمارات دبي الوطني، وبنك أبوظبي الوطني، وبنك أبوظبي التجاري، وبنك المشرق، وبنك الخليج الأول، وبنك دبي الإسلامي، وبنك الاتحاد الوطني، وبنك دبي التجاري.

كما ركز الاختبار على الأصول التي تعتبرها «شعاع» الأكثر خطورة في دفاتر موازنة هذه البنوك، والخسائر المحتملة المرتبطة بتعرّض البنوك لشركات سعد والقصيبي ودبي العالمية، فضلاً عن القروض التي تمت إعادة التفاوض حولها والتي وردت في البيانات المالية لعام 2009 لمعظم البنوك.

وأكد التقرير أن «القطاع المصرفي في الإمارات عموماً يمتلك القدرة على تحمل الخسائر المحتملة، والمرتبطة بتراجع قيمة أصولها»، عازياً ذلك إلى «الجهود التي تبذلها السلطات الإماراتية منذ بداية الأزمة المالية، في سياق تعزيز موازنة المصارف».

وأخذ التقرير بعين الاعتبار حقيقة أن المصارف في دبي، وجراء انكشافها على السوق العقارية، فإنها تحمل مخاطر أكبر من تلك التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها.

إجراءات جديدة

وقال التقرير إنه «على الرغم من أن متوسط كفاية رأس المال لدى المصارف يبدو في حالة جيدة، فإن اختبار الإجهاد يشير إلى أن بعض المصارف ستحتاج إلى ضخ رؤوس أموال إضافية للتقيد بضوابط المصرف المركزي»، مؤكداً أن «السلطات الإماراتية قادرة على توفير المستوى المطلوب من إعادة الرسملة لهذه المصارف إذا لزم الأمر، خصوصاً أن الحكومة قدمت فعلاً دعماً مالياً لبعض المصارف الإماراتية في ذروة الأزمة المالية».

وأكد التقرير أن «الإجراءات الجديدة التي يمكن أن تتخذها السلطات الإماراتية ستسهم في تقوية الميزانيات العامة للمصارف، وتحسن مؤشرات الثقة، وتشجع المصارف على تقديم قروض من جديد في كل من قطاع الأعمال والقطاع العقاري».

وحدد هذه الإجراءات في «استبدال الأصول ذات الخطورة العالية في ميزانيات المصارف بسندات حكومية ذات مخاطر منخفضة، وتحسين متطلبات احتساب المخصصات، وتشجيع المصارف على منح القروض، خصوصاً في القطاعات الاستراتيجية».

وأوصى التقرير السلطات الإماراتية بتنفيذ إصلاحات هيكلية واقتصادية واسعة لتشجيع القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي في الدولة، للاستفادة بشكل أكبر على المدى الطويل»، مشيراً إلى أنه يجب أن تتضمن إصلاحات هيكلية، بما في ذلك رفع مستوى الشفافية، وتحسين حوكمة الشركات، والأطر التنظيمية في القطاع المالي والاقتصاد عموماً.

تحمل الخسائر

وأكد الرئيس التنفيذي بالوكالة لمصرف عجمان، علي عيسى آل معين، أن «القطاع المصرفي في الإمارات عموماً يمتلك القدرة على تحمل الخسائر المحتملة والمرتبطة بتراجع قيمة الأصول».

وقال إن «ظهور مشكلة الأصول الأكثر خطورة مثل القروض العقارية، والقروض الشخصية التي تمّ تمديدها، والخسائر المحتملة المرتبطة بتعرّض البنوك لشركات (سعد) و(القصيبي)، و(دبي العالمية)، جاء قبل حدوث الأزمة المالية العالمية»، لافتاً إلى أن «المصارف الإماراتية بدأت تأخذ حذرها منذ حدوث الأزمة، وأصبحت هناك انتقائية في اختيار الأصول والتمويلات التي يتم توفيرها للمتعاملين، كما اتبعت سياسات أكثر تشدداً في الإقراض، ما قلل من احتمالات ظهور مزيد من الأصول الأكثر خطورة، وزاد من قدرتها على تحمل الخسائر من تراجع قيمة الأصول».

وأضاف أنه «على الرغم من أن استبدال الأصول ذات الخطورة العالية في ميزانيات المصارف بسندات حكومية ذات مخاطر منخفضة، يعد خطوة تساعد على تحمل مزيد من التدهور في جودة الأصول، فإن هذه الخطوة يصعب تحقيقها حالياً»، موضحاً أن «تحميل الحكومة وحدها الأصول العالية المخاطر، أمر غير منطقي، لاسيما أن المصارف حققت أرباحاً كبيرة في سنوات سابقة، وكانت توزع أرباحاً عالية على المساهمين، لذلك يجب عليها تحمل بعض من تبعات هذه المخاطر».

ودعا آل معين المصارف الإماراتية إلى مراجعة سياستها الائتمانية، بحيث تكون أكثر رشداً، بمعنى أن تسعى إلى تقليل نسب التعثر المصرفي، من خلال اتباع معايير أكثر حرصاً، وأن تدرس القدرة المالية للمتعامل بشكل جيد قبل منح الائتمان للحكم على القدرة على السداد».

غياب الشفافية

من جهته، أكد خبير مصرفي، فضل عدم ذكر اسمه، أن «غياب الشفافية في الجهاز المصرفي، يجعل الحكم بدقة على قدرة المصارف على تحمل مزيد من التدهور في جودة الأصول أمر شاق»، عازياً ذلك إلى عدم وجود معلومات أو أرقام واضحة عن الأصول الأكثر خطورة، خصوصاً القروض العقارية والشخصية التي تمّ تمديدها، والخسائر المحتملة المرتبطة بتعرّض مصارف لديون شركات، إضافة إلى القروض التي تمت إعادة التفاوض حولها».

وأشار إلى أن «وجود مؤسسات مستقلة توفر المعلومات والبيانات عن القطاع المصرفي بطريقة حيادية، ضرورة في مثل هذه الحال لمواجهة محاولات تجميل الميزانيات، أو عدم الكشف عن الحقائق كاملة»، لافتاً إلى أن «تحميل الحكومة تبعات الأخطاء التي ارتكبتها إدارات مصارف عند تمويل الأصول، من خلال استبدال الأصول ذات الخطورة العالية بسندات حكومية ذات مخاطر منخفضة لا يمكن اعتباره حلاً منطقياً».

وضع جيد

في السياق ذاته، قال الرئيس التنفيذي لمصرف الإمارات الإسلامي، إبراهيم فايز الشامسي، إن «الوضع العام في المصارف الإماراتية جيد، ولا يدعو إلى القلق، خصوصاً في ظل تنبه الجهات الرسمية، وتدخلها للدعم عند الضرورة».

وأضاف أن «المصارف الإسلامية اتبعت سياسات، واتخذت قرارات قللت إلى حد كبير من وجود الأصول ذات الخطورة العالية، خصوصاً أن تمويلاتها تقوم على أصول»، مؤكداً أنه في حال انخفاض قيمة الأصول التي مولتها مصارف، فإن هناك مخصصات يمكن تجنيبها لمواجهة مثل هذا الأمر.

وأوضح أن «انخفاض قيمة الأصول أمر طبيعي في ظل الدورات الاقتصادية المتعاقبة، التي تختلف ما بين صعود وهبوط»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن تجاهل حقيقة أنه مهما انخفضت قيمة الأصول، فلن تصل إلى صفر».

وأكد أن «لدى المصارف خططاً دائمة لمواجهة الأزمات، إضافة إلى تدخل السلطات الرسمية لدعمها في حال تعرضها لخسائر كبيرة، قد تفوق الاحتياطات التي يمكن تجنيبها».

وأشار إلى أنه «لا يجوز تعميم الحكم بحاجة مصارف إلى ضخ رؤوس أموال إضافية، إذ يختلف الوضع من مصرف إلى آخر»، مبيناً أن «استبدال الأصول ذات الخطورة العالية في ميزانيات المصارف بسندات حكومية ذات مخاطر منخفضة لتحفيز المصارف على استئناف الإقراض النشط، قرار يعود إلى الحكومة في المقام الأول، ويعتمد على رؤيتها لواقع القطاع المصرفي.

الأكثر مشاركة