مسؤولوها عزوا التباين إلى «السعر التفضيلي» والتغيير اليدوي للشاشة

متعاملون: محال صرافة لا تلتزم بأسعار العــملات المثبتة على شاشاتها

أحد أسباب تفاوت أسعار بيع وشراء العملات عدم تحديث الشاشات إلكترونياً. الإمارات اليوم

شكا متعاملون مع شركات صرافة محلية مبالغتها في أسعار بيع بعض العملات الأجنبية، خصوصاً اليورو، وقالوا إنهم لاحظوا تبايناً كبيراً في أسعار بيع وشراء العملات، الظاهرة على الشاشات وبين الأسعار الفعلية التي يمكن أن يقدمها البائع.

وأكدوا تعرض بعضهم لمساومة صرافين، للحصول على سعر أفضل خارج القواعد المنظمة للعمل، فيما يعرف بـ«التفاوض في السعر»، لافتين إلى أنهم لاحظوا عدم وجود أسعار صرف محددة تضعها شركات صرافة، فيما يتغير السعر من عميل إلى آخر، وفقاً لكمية العملات التي يرغب في بيعها أو تغييرها.

تغيير يدوي

قال رئيس لجنة الصرافة بغرفة تجارة وصناعة أبوظبي، رئيس مجلس إدارة مجموعة لاري للصرافة، فؤاد عباس لاري، إن «فروق الأسعار بين المعلنة والفعلية لا تتجاوز فلوساً عدة، وذلك نتيجة التغيير اليدوي لشاشة العملات، خصوصاً أنه يتم أكثر من مرة، لكنْ هناك حدود عليا ودنيا تختلف من عملة لأخرى حسب السعر العالمي، وحسب قيمة العملة نفسها، وما تفرضه آلية العرض والطلب». وأوضح أن «هناك مواسم يزيد الطلب فيها على عملات معينة في الإجازات وفترات الأعياد، بما يسمح بتحريك سعرها عن المعتاد في الأوقات العادية، لكن بنسب أقل من 1٪ من السعر المعتاد، حتى لا يكون هناك تأثير في قيمة العملة نفسها، والذي يحدد من قبل المصرف المركزي بكل دولة». وأضاف لاري «يوجد ما يسمى (السعر التفضيلي) لبعض العملاء، حسب كمية العملة التي يريدها أو يبيعها العميل، لكنها في الأغلب لا تتجاوز خمس أو ست نقاط فوق أو تحت السعر المعلن للجميع»، لافتاً إلى «وجود اختلاف بسيط في السعر بالنسبة للفروع النائية أو الجهات عالية التك�'ليف، لكنها في النهاية في الإطار المسموح به عالمياً، وهو يتفاوت من عملة إلى أخرى ومن وقت إلى آخر».

تعليمات «المركزي»

أفاد مسؤول في المصرف المركزي، فضل عدم ذكر اسمه، بأن «تعليمات المصرف المركزي تؤكد أهمية أن يتم وضع أسعار العملات على لوحة في مدخل فروع شركات الصرافة، وأن يتم تحديثها بما يتوافق مع الأسعار الداخلية التي يتعامل بها الموظفون بيعاً وشراء»، مؤكداً «جواز مبدأ (السعر التفضيلي) لبعض العملاء، حسب كمية النقود وتاريخ تعامل العميل مع الشركة نفسها». وأضاف «في ظل اقتصاد السوق المفتوحة، المنافسة هي التي تلزم الشركات بعدم تجاوز الأسعار العالمية وبما يتوافق مع التقارير اليومية لدائرة الخزانة التابعة للمصرف المركزي، لكن هناك هامش يمكن أن تتحرك في إطاره الشركات بما لا يتجاوز فلوساً عدة، ويختلف من عملة إلى أخرى، في حال زيادة كلفة شراء العملة بالنسبة لها، أو شكل الخدمة التي تقدم للعميل، والذي في النهاية يحق له أن يفاضل بين الشركات المختلفة لاختيار السعر المناسب له». ولفت إلى أن «من لديه شكوى يستطيع التقدم بها إلى قسم الشكاوى التابع للمصرف المركزي، الذي يبحثها ويوقع العقوبة المناسبة بحق الشركة في حال ثبوت المخالفة بحقها، والتي تراوح ما بين التنبيه وحتى الإغلاق النهائي بحسب المخالفة»، مطالباً العميل «بعدم التوقيع على أي صفقات بيع أو شراء من دون معرفة كل التفاصيل جيدا».

بدورهم، أقر مديرو شركات صرافة بأن هناك تبايناً في أسعار بيع وشراء العملات الأجنبية، بين الكميات الكبيرة والصغيرة من العملات، فيما يشبه تجارة الجملة والتجزئة، مشيرين إلى وجود «سعر تفضيلي» لبعض العملاء بحسب كمية العملة التي يرغبون في بيعها أو شرائها، لكنها في الأغلب لا تتجاوز خمس أو ست نقاط فوق أو تحت السعر المعلن للجميع. فيما قال خبير في تجارة العملات إن «بعض الصرافين يستغلون جهل العميل العابر، ويفرضون عليه أسعاراً مرتفعة عند رغبته في الشراء ومنخفضة عند رغبته في البيع»، مشيراً إلى أهمية حماية العملاء من أصحاب المعاملات الصغيرة القيمة، لأنه كلما قلت قيمة المعاملة، زاد حصول العميل على معاملة قد تكون غير عادلة بالنسبة له.

مبالغة

وتفصيلاً، قال المتعامل مصطفى أحمد إن «شركات صرافة محلية تبالغ في أسعار بيع بعض العملات الأجنبية، خصوصاً اليورو»، مضيفاً أنه لاحظ تبايناً كبيراً في أسعار بيع وشراء العملات الظاهرة على الشاشات الإلكترونية في منافذ تعامل شركات صرافة في الدولة، وبين الأسعار الحقيقية التي يمكن أن يقدمها البائع.

وأوضح «عندما توجهت لسؤال الصراف عن السعر ساومته وتفاوضت معه، للحصول على سعر أفضل»، لافتاً إلى أن الصراف أعطاه سعراً مختلفاً عن سعر الشاشة عندما قال له إنه يرغب في تبديل مبلغ كبير من العملة الأجنبية.

وقال المتعامل علي السيد إنه لاحظ عدم وجود أسعار صرف محددة تضعها شركات صرافة، فيما يتغير السعر من عميل إلى آخر وفقاً لكمية العملات التي يرغب في تبديلها، مشيراً إلى أنه في إحدى المرات ذهب إلى شركة صرافة لتبديل مبلغ من اليورو، ففوجئ بأن الفارق بين سعر البيع والشراء 15 فلساً، وهو مبلغ قد يؤدي إلى زيادة الفرق في الكميات الكبيرة من العملات.

وشكا المتعامل أحمد كمال أن هناك تفاوتاً بين السعر الذي قرأه على شاشة السعر وبين السعر الذي منحه إياه الصراف، مشيراً إلى أنه تعامل مع الصراف على أساس السعر المعروض على الشاشة، لكنه فوجئ بأنه يمنحه سعراً أقل، وهو ما اعتبره نوعاً من عدم الشفافية في التعامل.

«إنتربانك»

من جانبه، قال الخبير في تجارة العملات، الحسن بكر، إن «أسعار العملات لدى شركات الصرافة تحددها تعاملات (إنتربانك ماركت)، وهي عملية تداول تنتج الأسعار اللحظية لصرف العملات الأجنبية»، ولفت إلى أنه «نتيجة لمستوى السيولة في الأسواق يتحدد الفرق بين أسعار بيع وشراء العملات لدى الشركات، وغالباً ما تكون فروق بسيطة للغاية، لكنها تزداد عند عمليات التسليم الفوري للعملات».

وأوضح أن «هناك ثلاثة عوامل رئيسة هي التي تحدد أسعار العملات، الأول هو عامل التكلفة في التعاملات النقدية، والذي تدخل فيه اعتبارات عملية نقل النقود من المصارف إلى مقار شركات الصرافة، لتداولها مع الجمهور في المعاملات الصغيرة الحجم»، وتابع «العامل الثاني هو كمية العملات التي يتم تداولها، إذ كلما زادت كمية العملات المباعة، كلما قل هامش الربح الذي تضعه شركات الصرافة، كما أن بقاء العملات لدى البنوك يقلل احتمالية تذبذب أسعارها فترة انتقالها من البائع إلى المشتري».

واستطرد «العامل الثالث هو فترة تنفيذ عمليات تحويل العملات، خصوصاً بالنسبة للعملات غير المرتبطة بالدولار، وبالتالي غير المرتبطة بالدرهم، مثل اليورو».

وأضاف «عند التحويل من درهم إلى يورو أو العكس، فإنه فعلياً يتم تحويل الدرهم إلى دولار، ثم الدولار إلى يورو، وبالتالي يتسع الفارق بين سعر البيع والشراء في تلك العملات»، مشيراً إلى أن «هذا الفارق غالباً يكون مستقراً ومحدوداً عند التحويل من الدرهم إلى الدولار وبالعكس، بسبب الارتباط بين الدرهم والدولار».

فروق أسعار

وقال بكر إن «هناك فروقاً في أسعار الصرف بين العميل العادي، الذي يأتي لنافذة الصراف، وبين كبار العملاء الذين يحولون عبر الحسابات البنكية، وهذا ما يظهره الفرق في أسعار العملات بين الجانبين، فالصراف يعطي سعر بيع أحياناً مرتفعاً للعميل العابر، لكن منح العملاء الكبار حسومات هو سياسة تتبعها الشركات لمواجهة المنافسة في ما بينها».

ولفت إلى أن «قواعد بيع وشراء العملات في الإمارات تراعي المعايير الدولية، وهناك رقابة دائمة من المصرف المركزي على التعاملات، خصوصاً كبيرة القيمة، وذلك للتأكد من تطبيق المعايير المتفق عليها وحماية الأمن الاقتصادي»، وتابع «قد لا يراقب المصرف المركزي العمليات الصغيرة، وهناك هامش من الحرية يمنح للشركات، لاعتماد السعر المناسب التنافسي، بناء على احتياجاته هو في تلك المعاملات».

وأقر بكر بأن «النظام له بعض العيوب، فالصراف أحياناً يستغل جهل العميل العابر ويفرض عليه أسعاره، وهو لا يجد في هذه الحالة من يحميه».

وأضاف أن «هناك ضرورة لزيادة مرونة سياسة الأسعار لمواجهة التقلبات في سوق العملات بما يتوافق مع تحقيق الأرباح للشركات، وحماية المستهلك في الوقت ذاته»، مشيراً إلى أن «هناك قيوداً يجب وضعها على الطرفين لتحديد هوامش الربح بين عمليات البيع والشراء، من أجل حماية حقوق الشركات، وحماية حقوق العميل في الوقت ذاته»، مطالباً بحماية العميل الصغير، لأنه كلما قلت قيمة المعاملة، زادت إمكانية حصوله على معاملة قد تكون غير عادلة بالنسبة له.

مبدأ تجاري

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي في شركة الأنصاري للصرافة، محمد الأنصاري، إن «التفاوت في أسعار بيع وشراء العملات بين المعاملات ذات القيم الكبيرة، وتلك التي تتم للعميل العابر، هو مبدأ تجاري معروف»، مشيراً إلى أن «بيع العملات أو شراءها بكميات كبيرة يشبهان إلى حد كبير تجارة الجملة، فالبائع يحصل على هامش ربح أقل عندما تزيد الكمية، فيما يزيد هامش الربح مع تناقصها مثل البيع بالتجزئة». وتابع «التفاوت سواء بين أسعار المعاملات الكبيرة والصغيرة أو بين شركات الصرافة بسيط، ويحدده العرض والطلب من العملات في لحظة البيع»، لافتاً إلى أنه «ليس من مصلحة الشركات أن تضع أسعاراً مغايرة لأسعار السوق الواقعية، وبالتالي فإن الشركات تغير أسعارها يومياً، وأحياناً مرتين في اليوم الواحد».

وقال الأنصاري إن «تغيير الأسعار مرات عدة في اليوم قليل الحدوث، ويحدث في فصل الصيف، خصوصاً مع العملات غير المتداولة بكثافة، مثل الين الياباني أو الدولار السنغافوري أو الليرة التركية»، مبيناً أن «تلك عملات موسمية وترتبط بالطلب عليها وقت الصيف لدواعي السفر».

واستطرد «يضطر الصراف أحياناً إلى شراء عملات قد تبقى لديه لأكثر من عام حتى يتمكن من بيعها مرة أخرى، كما أنه يضطر في أحيان أخرى إلى بيع عملات بسعر التكلفة، بهدف التخلص منها لضعف الإقبال عليها».

وأوضح أن «شركات الصرافة تحدد سعراً يومياً، لكنها لا تجرؤ على وضع سعر أعلى من سعر السوق الذي يحدده العرض والطلب من العملات، وإلا فإنها ستخسر»، مضيفاً أن «في حالات معينة، يرجع وجود فارق بين السعر المعلن على الشاشة وبين السعر الذي يعرضه الصراف في منافذ البيع، إلى خطأ من موظف الشركة، لعدم تغييره أسعار الشاشة في ذاك الوقت».

شاشات

بدوره، أكد عضو مجلس إدارة مجموعة الفردان، أسامة آل رحمة، أن «شاشات الأسعار المعلقة في مداخل جميع فروع شركات الصرافة، يفترض أن تعكس الأسعار الحقيقية التي يتم بها البيع على الكاونترات الداخلية بحسب تعليمات المصرف المركزي»، موضحاً أن «فروق الأسعار التي يجدها بعض العملاء أحياناً، بين ما هو معلن على الشاشة وتلك التي يتعامل بها الموظفون، ترجع إلى عدم تحديث السعر إلكترونياً، بمعنى أن الشاشات الحديثة تكون مربوطة مباشرة بالنظام الإلكتروني الداخلي للشركة بما يسمح بتعديل سعر العملات أولاً بأول للجمهور، أما بعض الشركات التي مازالت تتعامل بالشاشات القديمة يتم تغيير السعر يدوياً عن طريق الريموت كنترول، ومن هنا يأتي عدم تطابق السعر المعلن ونظيره الذي�يتم التعامل به».

وتابع أن «هذه الفروق غير متعمدة ولا يقصد بها إلحاق الضرر بالعميل، وهي متعارف عليها في السوق المحلية، نتيجة للتباطؤ في تعديل السعر».

وقال آل رحمة إن «الأسعار التي تتعامل بها شركات الصرافة المحلية مأخوذة من الأنظمة العالمية، وتبث أولاً بأول عن طريق اشتراكات في عدد من الجهات، مثل (رويترز)، أو (بلومبيرغ)، وهي مكلفة جداً لشركات الصرافة، لكن لابد منها لمواكبة التغيرات السريعة في الأسعار، والتي تصل أحياناً إلى أجزاء من الثانية».

ولفت إلى أن «قاعدة البيانات العالمية تشكل المرجعية لدوائر الخزينة في البنوك والمؤسسات المالية، وهي المزود الرئيس بالمعلومات».

تويتر