«السحب على المكشوف» إغــراء للمستهــلك غير الرشيد
قال خبراء مصرفيون إن منتج السحب على المكشوف، الذي توسعت مصارف في طرحه أخيراً، يعتبر حلاً سريعاً للمستهلك غير الرشيد، كونه يوفر سيولة لتلبية الاحتياجات العاجلة أو أي التزامات مالية أو مصروفات غير متوقعة، ويتم السداد مباشرة مع تحويل الراتب الشهري.
وأكدوا أن المصارف لجأت إلى هذا المنتج، لوفرة السيولة لديها بعد الأزمة المالية العالمية، وعدم وجود فرص كافية لإعادة تشغيلها، محذرين من التوسع غير المدروس في منح تسهيلات ائتمانية استهلاكية، ما قد يضر المصارف نفسها في المدى المتوسط، عندما يعجز المقترض عن السداد. وقالوا إن الحصول على القروض من هذه الخدمة أكثر سهولة من الاقتراض عن طريق بطاقات الائتمان، أو القروض الشخصية، إضافة إلى رسوم وفوائد أقل.
وتشترط مصارف حداً أدنى للراتب المحول إليها، للاستفادة من هذه الخدمة، فيما حصرها مصرف بالمتعاملين معه من الإماراتيين. ويتفاوت حد السحب على المكشوف بين ما يعادل راتب شهر أو شهرين في بعض المصارف، وبما لا يجاوز 50 ألف درهم، بمعدلات فائدة تحتسب على المبلغ المسحوب فقط، بينما تقدم مصارف مبلغاً يعادل قيمة المتبقي من الراتب بعد الاستقطاعات الشهرية المترتبة على المتعامل، في حين تمنح أخرى من دون الاستقطاع من الراتب. وقدم مصرف الإمارات الإسلامي حلولاً مالية بديلة عبر بطاقات ائتمانية.
توافر السيولة
وتفصيلاً، قال الأستاذ المساعد في قسم الاقتصاد والإحصاء في كلية إدارة الأعمال في جامعة دبي، الدكتور محمود عبدالباقي، إن المصارف لجأت إلى مثل هذا النوع من الإقراض (السحب على المكشوف)، لمعاناتها من مشكلة وفرة السيولة لديها بعد الأزمة المالية العالمية، وعدم وجود فرص كافية لإعادة تشغيلها.
وأوضح أن «تداعيات القطاع العقاري في دبي، وتراجع الأقبال على التمويل العقاري، وتمويل السلع المعمرة، أدى إلى توافر سيولة لدى المصارف لم تستطع ضخها في شكل قروض للمستهلكين، لتحقيق عائد من الفارق بين سعر الفائدة على الإقراض، وسعر الفائدة على الودائع، لذلك توسعت في منتج (السحب على المكشوف) لتنويع خدماتها الائتمانية».
وأضاف أن «المصارف توفر هذا النوع من الائتمان لمتعامل لديها معروف ومضمون، إذ يكون السحب بضمان راتب سيحول إلى المصرف خلال أيام، ما يعني انخفاض نسبة المخاطرة»، لافتاً إلى أن المتعامل الذي يلجأ إلى السحب على المكشوف، يستفيد من سهولة وسرعة الحصول على القرض، بعكس الاقتراض عن طريق بطاقات الائتمان، أو القروض الشخصية، إضافة إلى انخفاض الفائدة أو الرسوم على السحب على المكشوف، مقارنة بالفائدة والرسوم التي تفرض على البطاقات الائتمانية أو القروض الشخصية».
وحذر من أن «توسع المصارف غير المدروس في منح تسهيلات ائتمانية استهلاكية مثل (السحب على المكشوف) قد يضرها في المدى المتوسط، عندما يعجز المقترض عن السداد، ما يدفع المصرف إلى تجنيب مخصصات تقلل من أرباحها».
المستهلك غير الرشيد
وصنف عبدالباقي المستهلكين من الناحية الاقتصادية إلى نوعين رئيسين، هما «المستهلك الرشيد، والمستهلك غير الرشيد»، مُعرّفاً المستهلك الرشيد بأنه من يمتلك خطة ذهنية لتعظيم المنفعة من استهلاكه، بمعنى أنه يضحي حالياً بتقليل استهلاكه، ويوجه الجزء الأكبر من الزيادة في دخله للادخار، بهدف تعظيم استهلاكه في المستقبل.
وأضاف أن «السحب على المكشوف يناسب المستهلك غير الرشيد الذي يستهلك أكثر من دخله، ويُعظّم استهلاكه الحالي على حساب استهلاكه المستقبلي».
وأشار إلى أن «المصارف تسهّل عمليات السحب على المكشوف، لإغراء المستهلك غير الرشيد الذي ينفق على السلع الترفيهية مثل رحلات السفر، وشراء الأجهزة الإلكترونية من دون وجود حاجة فعلية لها»، مبيناً أنه يجب ألا يزيد الإقراض الاستهلاكي عن المعدل المتوقع للزيادة في الدخل.
وقال «من حيث المبدأ، فإنه يجب على المستهلك الرشيد توجيه نسبة تصل إلى 20٪ من دخله للادخار المستقبلي في حين تخصص النسبة الباقية للاستهلاك بأشكاله المختلفة».
الرصيد صفر
من جانبه، قال الخبير المصرفي، حسن فهمي، إن «المتعامل الذي يلجأ إلى السحب على المكشوف، غالباً ما يكون في حاجة سريعة لسداد التزامات معينة»، لافتاً إلى أن المصارف تعطي موافقات على هذه الخدمة في خلال يومين أو ثلاثة، ودعا المتعاملين مع المصارف إلى استخدام الخدمة في أضيق الحدود، لأنها تكبدهم رسوماً مالية.
وأوضح أن «المصارف تركز على العمل الأساسي لها، وهو إقراض التجزئة، وتمويل المشروعات»، مبيناً أن هذه التسهيلات لا تمنح لجميع المتعاملين، إذ إن هناك شروطاً تستند إلى السياسة الداخلية لكل مصرف.
وفي السياق ذاته، قال الخبير المصرفي، مؤيد أنطون، إن «سحب مبالغ مالية تحت حساب راتب الشهر نفسه بالنسبة للأفراد، أو حتى تحصيل مستحقات مستقبلية بالنسبة للشركات، لا يستخدم إلا عند الحاجة الماسة، مثل دفع فواتير، أو لمواجهة ظروف طارئة لا تحتمل التأخير»، مضيفاً أن المصارف تتعامل مع هذا التسهيل المالي على أنه استثناء، ولا تعطي موافقة عليه إلى جميع المتعاملين معها. وأوضح أن «وجود بطاقة ائتمانية لدى المتعامل تمكنه من السحب منها يتعارض مع هذه الخدمة، لذا يشترط معظم البنوك أن يكون رصيد العميل صفراً وقت تقديمه طلباً».
«المكشوف» في بنوك
«دبي التجاري»
وفر خدمة «تساهيل» للسحب على المكشوف، التي يبلغ حدها الأقصى ما يعادل راتب شهرين، بمعدل فائدة يحتسب على المبلغ المستخدم فقط، مع إمكانية السحب من أجهزة الصراف الآلي أو إصدار شيك.
«دبي الإسلامي»
يتيح لأصحاب الحساب الجاري الإسلامي «بلاس»، خدمة «الإسلامي للراتب المقدم سلفاً»، تعادل راتباً شهرياً صافياً بقيمة لا تجاوز 15 ألف درهم، مقابل 75 درهماً شهرياً رسوماً على المعاملة.
«رأس الخيمة الوطني»
يوفر خدمة «سلفة الراتب»، التي يمكن ترتيبها لمدة زمنية تصل إلى 12 شهراً. ويمكن الحصول عليها من خلال الخدمة المصرفية المباشرة (راك ديركت) هاتفياً برسوم تبلغ 100 درهم، وهي كلفة اعتبرها المصرف تقل 50 درهما عن كلفة مراجعة الفروع.
«نور الإسلامي»
يمنح خدمة السحب الإسلامي المغطّى، عبر باقة «أدفانتج» الموافق عليها مسبقاً. ويعفي المصرف أول مبلغ يُسحب بقيمة 2500 درهم من الربح في حال اختار المتعامل الباقة الأساسية، فيما يعفى أول مبلغ يتم سحبه بقيمة 5000 درهم من الربح في حال اختيار الباقة المميزة.
«أبوظبي الإسلامي»
يسمح بسحب مبلغ يوازي قيمة المتبقي من الراتب بعد الاستقطاعات الشهرية، في حال وجود التزام بأقساط مالية، أو قيمة الراتب كاملاً، إذا لم تكن هناك أقساط، على أن يتم خصم كامل المبلغ بمجرد توافر الراتب في حساب المتعامل، بشرط أن يكون الرصيد صفراً، مع خصم مبلغ 100 درهم رسوماً لمدة لا تزيد على شهر واحد.
«أبوظبي الوطني»
يمنح مبالغ وفقاً لقيمة الراتب من خلال فئتين: الأولى لمن يراوح راتبها بين 2000 و5999 درهماً، ويمنح المتعامل مبلغاً بقيمة الراتب لمدة شهر، بصرف النظر عن وجود التزامات مصرفية عليه أم لا، ويخصم المبلغ في حال توفر الراتب في الحساب، مع خصم 175 درهماً رسماً شهرياً، أو17٪ فائدة سنوية أيهما أعلى.
أما الفئة الثانية، فهي لمن يتجاوز راتبها 6000 درهم، ويمنح المتعامل ضعف الراتب بالرسوم والفوائد نفسها، إضافة إلى السماح بالسحب على المكشوف لمدة عام واحد، بمعنى أن يتم السحب والسداد تلقائياً لفترة عام واحد مع الرسوم نفسها، إلى أن يسدد العميل كامل المبلغ وإلغاء الخدمة.
«أبوظبي التجاري»
يشترط ألا يقل الراتب عن 12 ألف درهم، ويمنح بالمقابل مبلغاً يوازي ضعف الراتب، وبحد أقصى يبلغ 50 ألف درهم، مع رسوم سنوية تبلغ 200 درهم، إضافة إلى 5.1٪ فائدة شهرية، كما يشترط أن يسدد المتعامل المبلغ كاملاً في حال رغب في وقف الفائدة والرسوم.
«الخليج الأول»
يوفر سحب مبلغ على المكشوف للمتعاملين معه من المواطنين فقط، الحاصلين على قرض شخصي، على أن لا يجاوز مبلغ السحب المتبقي من راتبه، بعد خصم الأقساط الشهرية، مقابل رسوم شهرية تبلغ 100 درهم.
« الاتحاد الوطني»
يمنح مبلغاً يوازي المتبقي من الراتب في حال وجود أقساط مالية مترتبة على المتعامل، أو ما يوازي الراتب في حال عدم وجود أقساط، مقابل رسوم شهرية تبلغ 200 درهم، على أن يتم خصم المبلغ بمجرد توافر الراتب في الحساب المصرفي للمتعامل، من دون اشتراط حد أدنى للراتب.
«الإمارات الإسلامي»
يطرح ثلاثة أنواع من البطاقات الائتمانية بضمان الراتب تسمى «بطاقات الرسوم»، بديلة عن منتج السحب على المكشوف. ويختلف الحد الائتماني لهذه البطاقات وفقاً لقيمة الراتب الشهري، الذي يعتبر هو الحد الأقصى للسحب من البطاقة. ويشترط المصرف لإصدار النوع الأول من هذه البطاقات «البطاقة الفضية» ألا يقل الراتب عن 3000 درهم، وتصدر البطاقة لمدة عامين برسوم سنوية تبلغ 200 درهم، مع تحصيل 90 درهماً رسوماً عن كل عملية سحب نقداً، ورسوم إضافية قدرها 75 درهماً في حال تجاوز الحد الائتماني. فيما يصدر النوع الثاني «البطاقة الذهبية» بضمان الراتب، بشرط ألا يقل عن 8000 درهم، وبرسوم سنوية قدرها 400 درهم مع تحصيل 90 درهماً رسوماً عن كل عملية سحب نقداً تتم عبر البطاقة، ورسوم إضافية قدرها 75 درهماً في حال تجاوز الحد الائتماني. أما البطاقة البلاتينية فهي للمتعامل الذي لا يقل راتبه عن 20 ألف درهم، وتصدر لمدة عامين برسوم سنوية 600 درهم، مع تحصيل 90 درهماً رسوماً عن كل عملية سحب نقداً، ورسوم إضافية قدرها 75 درهماً في حال تجاوز الحد الائتماني.
«أم القيوين الوطني»
يقدم الخدمة بنسبة فوائد على الحسابات الجارية تختلف وفقاً للسياسة الداخلية له، ويمكن للمتعامل الحصول على مبلغ يعادل راتب شهر واحد.
«المشرق»
يوفر بنك المشرق تسهيلات حتى ضعفي الراتب، ويمكن للمتعامل سحب رصيد حساب (السحب على المكشوف) من أي صراف آلي في أي وقت، مع دفع نسبة فائدة منخفضة شهرياً على المبلغ المسحوب فقط.