أكدو أنهم لم يلاحظوا تحسّن السيولة رغم زيادة القروض
عقاريون: 9 مليارات درهم قروضاً ليست كافـية لإنعاش القطاع
قال عقاريون إن الشركات العقارية ومشتري الوحدات العقارية الأفراد لايزالون يعانون شحاً كبيراً في السيولة، على الرغم من زيادة قروض الرهن العقاري بواقع 9.45 مليارات درهم يونيو الماضي، لافتين إلى أنهم لم يلاحظوا تحسناً يذكر على وضع السيولة في السوق، كما أن البنوك لاتزال غير مستعدة على الإطلاق لتمويل المؤسسات العقارية ومشتري المباني العقارية.
وأكدوا أنهم لم يشعروا بنمو يذكر في عمليات الإقراض أو التمويل العقاري، خلال الفترة الماضية، بدلالة تراجع حركة البيع والشراء للوحدات السكنية، خلال الفترة ذاتها، مشيرين إلى أنه إلى جانب غياب السيولة البنكية فإن غياب المستثمرين الجادين لعب دوراً في تراجع حركة التملك العقاري.
إلى ذلك، أشار مصرفيون إلى أنه على الرغم من أن البيانات المتعلقة بالرهون العقارية تعتبر إيجابية، إلا أن نمو الإقراض بشكل عام لا يزال منكمشاً، وكذا النمو في الرهون العقارية الذي لايزال صغيراً نسبياً وغير كافٍ لبدء التحول في السوق العقارية، لافتين إلى أن زيادة القروض العقارية المقدمة من البنوك يمكن أن تشكل بداية لعودة النشاط إلى القطاع العقاري في الدولة، تتبعه عودة للنشاط في القطاعات الاقتصادية الأخرى المرتبطة به، من مقاولات ومفروشات وإلكترونيات وغيرها.
ووفقاً لتقرير مصرف الإمارات المركزي، الصادر في سبتمبر الجاري، واصل إجمالي قروض الرهن العقارية المقدمة من البنوك العاملة بالدولة للمقيمين ارتفاعه، إذ قفز إلى 159.84 مليار درهم بنهاية يونيو الماضي، مقابل 150.39 مليار درهم بنهاية شهر مايو الماضي، بارتفاع بلغ 9.45 مليارات درهم، ونمو شهري بلغ 6.29٪.
شحّ كبير
وتفصيلاً، قال رئيس مجلس إدارة شركة رأس الخيمة العقارية، محمد سلطان القاضي، إن «المبلغ الذي ضخته المصارف في القطاع العقاري في يونيو الماضي والبالغ 9.45 مليارات درهم هو مبلغ ضخم بكل المقاييس، وكان لابد أن ينعكس على السوق العقارية، لكن الملاحظ أن الشركات العقارية ومشتري الوحدات العقارية الأفراد لايزالون يعانون شحاً كبيراً في السيولة».
وأوضح أنه «لم يطرأ تحسن يذكر على وضع السيولة في السوق، ولاتزال البنوك غير مستعدة على الإطلاق لتمويل المؤسسات العقارية ومشتري المباني العقارية».
وحذر القاضي من أن «استمرار البنوك في حجب القروض عن المستثمرين العقاريين سيؤدي إلى تدهور الوضع في السوق العقارية بشكل أكبر، مع استمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية لفترة أطول من المتوقع».
وقال إن «السوق تعاني وجود متعثرين كثيرين دفعوا نسبة تراوح بين 30 و50٪ من سعر الوحدات السكنية، وهم بحاجة ماسة إلى جهة تمول لهم المتبقي، لكن هذه الجهة حالياً غير موجودة».
وطالب القاضي المصرف المركزي بتوضيح أين ذهبت قروض الرهن العقاري التي تم ضخها بكل شفافية، وإلى أي القطاعات تم توجيها بشكل محدد، وأي الشركات استفادت منها، وفي أي أنشطة تحديداً، مشيراً إلى «ضرورة تعاون مختلف الجهات في الدولة الاتحادية ولقطاع الخاص، من أجل مساعدة السوق العقارية على استعادة نشاطها مرة أخرى».
استكمال المشروعات
من جانبه، توقع المستثمر ورجل الأعمال، عضو مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة في أبوظبي سابقاً، حمد العوضي، أن يكون جانب كبير من الأموال التي ضخها المصرف المركزي تم توجيهها إلى قطاع الشركات، لتمويل المشروعات قيد الإنشاء، وذلك من أجل استكمال تلك المشروعات في مواعيدها المحددة سلفاً.
وقال إن «ضخ قروض جديدة في السوق العقارية ليس مسألة صحية دائماً، كما أنه لا يعد ميزة في حد ذاته، لأن هذه القروض قد تؤدي إلى رفع نسبة التضخم وإيجاد طلب وهمي، ما يؤثر سلباً في السوق وفي مستويات الأسعار».
ودعا إلى تركيز الحكومة على القيام بدور تنظيمي وتشريعي، عن طريق إعداد قوانين تنظيمية تضبط السوق العقارية، مع التركيز على القيام بمشروعات كبرى للبنية التحتية، ومشروعات خدمية وصناعية كبرى، لبناء مجمعات متكاملة تخدم الاقتصاد القومي، وعدم التركيز على القطاع العقاري وحده.
طول التعافي
وأوضح العوضي أن «السوق العقارية تحتاج إلى فترة طويلة كي تستعيد عافيتها، نظراً لأن التوسع في القطاع العقاري كان كبيراً للغاية خلال السنوات الماضية»، مشيراً إلى أن «القطاع العقاري قطاع ثانوي لابد أن يخدم القطاعات الأخرى، ويكون تابعاً لها وليس قائداً لها، كما حدث خلال ما عرف بسنوات الطفرة العقارية».
ودعا إلى الاهتمام بتوجيه السيولة إلى إقامة مشروعات سكنية للطبقة المتوسطة ومحدودة الدخل، أو ما يعرف بالإسكان الاقتصادي، لافتاً إلى أنه «في الوقت الذي يوجد فيه نقص شديد في الوحدات السكنية المكونة من غرفة وصالة في أبوظبي، نجد أن هناك وفرة في هذه الوحدات لكن بتشطيبات فاخرة وجاكوزي وغير ذلك من الكماليات، بسعر يصل إلى 180 ألف درهم سنوياً في منطقة الكورنيش في أبوظبي».
لا تأثير يذكر
من ناحيته، قال مدير شركة الجرف العقارية، محمد حسين الأحمد، إنه لم يشعر بنمو يذكر في عدد عمليات الإقراض أو التمويل العقاري، خلال الفترة الماضية، مدللاً على ذلك بتراجع حركة البيع والشراء للوحدات السكنية، خلال الفترة ذاتها، لافتاً إلى أنه «في أقصى التقديرات نتحدث عن استقرار في معدلات البيع والشراء، مقارنة بالأشهر الماضية».
وأضاف أن «سياسة الائتمان المتشددة التي تتبعها أغلب المصارف العاملة في الدولة، ضغطت بشكل كبير على عدد القروض العقارية الممنوحة للأفراد»، مشيراً إلى أن «هذا لا يعني التشكيك في بيانات المصرف المركزي، لكن من الممكن أن تكون هذه السيولة وجهت إلى المؤسسات أو القطاع الحكومي، وليس على مستوى الأفراد».
تراجع التملّك قال الوسيط العقاري، علي عبدالكريم، إنه «على الرغم من تراجع أسعار العقارات في الإمارات (لاسيما دبي)، جراء تداعيات الأزمة العالمية، إلا أن عمليات البيع والشراء والتملك في تراجع يفوق تراجع الأسعار»، عازياً هذا التراجع إلى العديد من الأسباب وأهمها «تراجع معدلات التمويل والإقراض العقاري، وشح السيولة، وتشدد إجراءات البنوك في الإقراض». ولفت إلى أن «الحديث عن نمو وزيادة في حجم التمويل العقاري، خلال الفترة الماضية، لا يجد أي صدى له على أرض الواقع، خصوصاً مع تزامن هذه النتائج مع فصل الصيف الذي تتراجع فيه حركة التملك والبيع والشراء بشكل عام، لذلك من الممكن أن يكون هذه النمو ذهب إلى جهات أخرى، لكنه لم يظهر جلياً على مستوى الأفراد». |
التشدّد في الإقراض
وأوضح الأحمد أن «موافقات البنوك على الرهون والتمويلات العقارية باتت تستغرق أوقاتاً أطول من المعتاد، ففي الماضي كانت تحتاج الموافقة البنكية في أقصى الأحوال إلى شهر، أما الآن فباتت تتجاوز الـ40 يوماً، ما يزيد الضغوط على السوق العقارية وعلى حركتي البيع والشراء، وينتج عنه تراجع معدلات الإقراض والتمويل».
وتابع أن «هذا التشدد البنكي في منح الموافقات يأتي بالضرر على جميع أطراف القطاع العقاري، من مستثمرين ومطورين ووسطاء ومالكين، فضلاً عن زيادة حالة التذبذب السعري التي تعد من أكثر العوامل خطورة على استقرار القطاع».
المستثمرون الجادون
بدوره، قال المدير العام لشركة «عوض قرقاش للعقارات»، رعد رمضان، إن «السوق العقارية لم تتأثر كثيراً بزيادة السيولة على مستوى عمليات التمويل العقاري والإقراض، خلال الشهور القليلة الماضية، إذ لايزال القطاع العقاري يعاني تراجع معدلات البيع والشراء، ما بدا واضحاً مع ارتفاع معدلات التأجير على حساب التملك».
وأضاف أن «الفكرة الرئيسة وراء تراجع معدلات التملك هي عدم وجود المستثمرين الجادين في السوق، خلال الفترة الماضية، وليس نقص التمويل فقط، فضلاً عن السياسة الائتمانية المتشددة التي تتمسك بها البنوك في الإقراض، خصوصاً في التمويل العقاري».
انخفاض المخاطرة
إلى ذلك، قال المدير العام لإدارة الاتصال المؤسسي في مجموعة «الإمارات دبي الوطني»، سليمان حامد المزروعي، إن «زيادة قروض الرهن العقاري المقدمة من البنوك يؤشر إلى أن هناك مشترين للعقارات يرغبون في اغتنام فرصة انخفاض أسعارها بنسب كبيرة، خلال الفترة الماضية»، موضحاً أن «عودة أسعار العقارات إلى مستوياتها الطبيعية، بعيداً عن المضاربات، شجع البنوك على منح المزيد من القروض لانخفاض المخاطرة، كما حفز الراغبين في شراء العقارات على طلب التمويلات العقارية من البنوك، للاستفادة من الفرص المتاحة في السوق العقارية». وأكد المزروعي أن «زيادة القروض العقارية المقدمة من البنوك يمكن أن تكون بداية لعودة النشاط إلى القطاع العقاري في الدولة، ومن ثم عودة النشاط إلى القطاعات الاقتصادية الأخرى المرتبطة بالقطاع العقاري، من مقاولات ومفروشات وإنشاءات وأجهزة إلكترونية وغيرها».
وأشار إلى أن «نشاط القطاع العقاري يفيد أيضاً القطاع المصرفي، من خلال زيادة التمويلات وأرباح البنوك الناتجة عن تحقيق نمو اقتصادي بشكل عام»، لافتاً إلى أن «القطاع العقاري قاد النمو الاقتصادي في الدولة على مدى السنوات العشر الماضية، وكان السبب الرئيس لنمو القطاعات الاقتصادية الأخرى».
الرهون العقارية
من جهتها، أكدت الاقتصادية في قسم الأبحاث في «ستاندرد تشارترد»، نانسي فهيم، أنه «على الرغم من أن البيانات المتعلقة بالرهون العقارية تعتبر إيجابية، إلا أن نمو الإقراض بشكل عام لايزال منكمشا»، عازية ذلك إلى أن «النمو في الرهون العقارية يعتبر صغيراً نسبيا، وليس كافياً لبدء التحول في السوق العقارية».
وقالت إن «الإحصاءات التي صدرت، أخيراً، عن مصرف الإمارات المركزي تُظهر أن عدد الصفقات في سوق الإسكان يسجل ارتفاعاً، غير أن أسعار العقارات لاتزال تخضع لضغوط».
وأوضحت أن «ارتفاع نسبة الرهون يأتي تماشياً مع ذلك، إذ يحاول البعض الاستفادة من الانخفاضات التي حدثت في أسعار العقارات أخيرا».
وأشارت إلى أن «السوق العقارية تشهد استقراراً حالياً، غير أنه من المبكر أن نطالب بتحول في سوق الإسكان»، ولفتت إلى أن «المضاربين هيمنوا في الماضي على سوق الإسكان، ولم تكن الرهون العقارية الأسلوب الأساسي المعتمد للتمويل، إلا أن نمو تلك المضاربات لم يكن مستداماً أبدا».
وتوقعت أن «تنضج السوق العقارية في الدولة في المستقبل، وأن تلعب الرهون العقارية دوراً أهم في صفقات سوق الإسكان».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news