الزبائن يقبلون على بيع المعدن الأصفر.. والشراء والاستبدال يتراجعان بشدة
ركود في مبيعات الذهب مع ارتفـاع أسعاره إلى مستويات قياسية
توقفت عمليات شراء الذهب بشكل كبير خلال الأسبوع الجاري، وخلت أسواق المعدن الأصفر من المشترين بعد ارتفاع سعره إلى نحو 1300 دولاراً للأونصة (نحو 31.1 غراماً) في الأسواق المحلية والعالمية، بحسب تجار وأصحاب محال في أسواق الذهب في دبي وأبوظبي والشارقة.
وتوقع مديرو ومسؤولو محال لبيع الذهب أن يستمر الركود ـ الذي بدأ في أعقاب عيد الفطر الماضي ـ خلال الفترة المقبلة، وسط توقعاتهم بارتفاع سعره إلى 1500 دولار للأونصة حتى آخر العام.
ولجأ تجار إلى تقليل المصنعية بنسب تصل إلى 50٪ حتى يستطيعوا بيع معروضاتهم، كما قلل آخرون من أرباحهم إلى أقصى حد لتنشيط السوق.
وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن هناك زيادة بنسبة تراوح بين 50 و60٪ في إقبال المستهلكين على بيع الذهب المستعمل للاستفادة من ارتفاع أسعاره، إلا أن هناك في المقابل تراجعاً كبيراً في عمليات الاستبدال والبيع نظراً للأسعار المرتفعة التي حالت دون ذلك.
وأوضحوا أن الأسواق تشهد حالياً تنافساً كبيراً بين المحال والشركات المختلفة لمحاولة جذب الزبائن، من خلال تقليل الربح والمصنعية إلى أقل حد ممكن، أو حتى إلغاء المصنعية تماماً، إضافة إلى إجراء تخفيضات سعرية على مختلف المشغولات.
توقف البيع
وتفصيلاً، أكد مسؤول المبيعات في محال «سالم الشعيبي» في أبوظبي، منير خوري، أن هناك توقفاً شبه كامل في عمليات بيع الذهب الأسبوع الجاري، إذ خلت المحال من المشترين بعد ارتفاع سعر الذهب إلى 1297 دولاراً للأونصة في الأسواق العالمية الأسبوع الماضي.
وقال إنه «من المتوقع أن تستمر أسعار المعدن الأصفر في الارتفاع خلال الفترة المقبلة لتصل إلى 1500 دولار للأونصة»، لافتاً إلى أن «الأسعار تعد مؤشر عالمي لا دخل للتجار المحليين به، وترتبط مباشرة بالأزمة العالمية وتداعياتها، إذ يعد الذهب ملاذاً استثمارياً آمناً في جميع الأزمات والكوارث الاقتصادية، ما يؤدي إلى تزايد سعره».
واستبعد خوري أن تلجأ محال بيع الذهب إلى البيع من دون مصنعية من أجل تنشيط السوق مرة أخرى، وأوضح أن «من يبيع الذهب من دون مصنعية يبيع بخسارة، وهو أمر غير مقبول، ويعني أن صاحب المحل يعتزم إغلاقه وتصفية نشاطه»، لافتاً إلى أن «محال الذهب تشتري من الورش والمصانع بأسعار تشمل المصنعية وأجور الصياغة، وبالتالي فهي لا تقبل البيع بالخسارة».
وبين أن «العديد من محال الذهب ستشارك في معارض عالمية للذهب تقام تباعاً في الشارقة ودبي وأبوظبي وعواصم خليجية عدة من أجل تنشيط المبيعات».
وأشار إلى أن «سعر غرام الذهب عيار 24 وصل إلى 154 درهماً، بينما وصل سعر الغرام عيار 21 إلى 135 درهماً، فيما وصل سعر الغرام من عيار 18 إلى 115 درهماً.
الأسعار والمدارس
وقال المدير العام لمحال «اليوبيل للمجوهرات» في بني ياس، عبدالمنعم المسلماني، إن «هناك انخفاضاً في مبيعات الذهب بنسبة تزيد على 30٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، نتيجة ارتفاع الأسعار، فضلاً عن التزامن مع دخول المدارس، ما قلل من عمليات البيع».
وأضاف أن «من كان يشتري قبل فترة عيد الفطر الماضي طقماً ذهبياً بسعر 10 آلاف درهم، يدفع فيه حالياً أكثر من 14 ألف درهم، وهو الأمر الذي يؤدي بالمبيعات إلى التراجع بشكل كبير، في الوقت الذي زادت مبيعات الذهب المستعمل بنسبة تزيد على 40٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي».
وأردف «لا يوجد إقبال على استبدال الذهب، لأن من يبيع ذهباً وزنه 100 غرام، على سبيل المثال، سيتمكن من شراء 60 غراماً محله، وهو أمر غير مغرٍ»، لافتاً إلى أن «زبائن عديدين يفضلون بيع الذهب والاستفادة من عائده في مجال آخر مثل نفقات المدارس».
وأشار إلى أنه «من المنتظر أن يستمر الركود خلال الأشهر القليلة المقبلة وسط توقعات بارتفاع السعر إلى أكثر من 1400 دولاراً للأونصة قبل نهاية العام الجاري».
ولفت إلى أن «الكثير من محال الذهب أصبحت تلجأ إلى خفض أرباحها إلى أقصى حد وتكتفي بنسبة لا تتجاوز 5٪ لتنشيط البيع».
80 ٪ انخفاضاً
إلى ذلك، قال مسؤول محال «مجوهرات الصراف» لتجارة المشغولات الذهبية في الشارقة، عبدالله التهامي، إن «الأسواق نشطت خلال عيد الفطر الماضي، لكن الارتفاعات التدريجية أخيراً رفعت الأسعار إلى مستويات قياسية تسجل لأول مرة، وهو ما أوقف المبيعات بشكل شبه كامل وجماعي في الأسواق».
وقدر التهامي الركود في المبيعات «بنسبة 80٪ على أقل تقدير، مع خلو الأسواق من المشترين».
وأشار إلى أن «المحال تسعى للبيع حتى لو على حساب الحصول على أرباح محدودة في محاولة منها للاستمرار، وخصوصاً مع التوقعات بحصول ارتفاعات جديدة في أسعار عالمياً».
أسعار الذهب شهدت أسواق الذهب ارتفاعات تدريجية بلغت معدلات كبيرة، مقارنة بأسعارها قبل شهر، إذ وصل سعر الغرام عيار 24 قيراطاً حالياً إلى 155 درهماً مقارنة بنحو 145 درهماً، فيما وصل سعر الغرام عيار 22 قيراطاً إلى 145 درهماً مقارنة بنحو 135 درهماً قبل شهر، وبلغ سعر الغرام عيار 21 قيراطاً 138 درهماً حالياً مقارنة بـ129 درهماً الشهر الماضي، فيما يراوح سعر الغرام عيار 18 قيراطاً بين 116 و118 درهماً مقارنة بأسعار سجلت قبل شهر راوحت بين 109 و110 دراهم. |
تراجع حاد
من جهته، قال المدير العام لشركة «الأبيض لصناعة وبيع الذهب»، نايف الصائغ، إن «هناك تراجعاً حاداً في مبيعات الذهب، وأصبح الشباب عاجزين عن إتمام مراسم الزواج بعد ارتفاع أسعار الذهب بشكل كبير، فضلاً عن الوضع الاقتصادي السيئ الذي لايزال متأثراً بالأزمة المالية العالمية».
وأفاد بأن «بعض محال الذهب تلجأ إلى تقليل المصنعية التي تحصل عليها بنسبة تراوح بين 30 و50٪ لتنشيط المبيعات»، لافتاً إلى أن «السوق تمر بمرحلة سيئة بدأت قبل عيد الفطر، إلا أنها زادت سوءاً حالياً بعد انتهاء موسم الأعياد، وحدوث ارتفاع جديد في أسعار المعدن الأصفر».
وأوضح أن «الذهب ليس سلعة عادية يمكن أن تخضع بسهولة لعروض أو تخفيضات، إنما هو سلعة يتحدد سعرها عالمياً».
وذكر أن «هناك إقبالاً متزايداً يصل إلى 50٪ من المستهلكين على بيع الذهب المستعمل للاستفادة من ارتفاع سعر الذهب، في حين لا يشهد الاستبدال أو الشراء إقبالاً مماثلاً».
شركات كبيرة
من ناحيته، قال مسؤول محل «باريس» للمجوهرات والمشغولات، إلان قزح، إن «الظاهرة اللافتة الآن في الأسواق هي بيع من قبل الزبائن وليس المحال، التي أصبح أغلبها ينتظر تحسن المبيعات والخروج من حالة الركود الحادة، التي تهدد محال صغيرة عدة بالإغلاق في حال استمرارها لفترة أطول، أو حصول ارتفاعات إضافية، وفقاً لما هو متوقع في أسعار الذهب».
وأفاد بأن «شركات تجارة المجوهرات والمشغولات الكبيرة تطرح عروضاً للبيع من دون مصنعية، فهي قادرة على ذلك في ظل امتلاكها مخزوناً كبيراً من الذهب تستطيع الاستفادة به من فرق أسعار شرائه سابقاً (المنخفضة نسبياً)، ما يجعلها بمنأى عن الخسائر، بل وتحقق أرباحاً أيضاً».
وأوضح أن «معظم المحال الصغيرة تتنافس الآن فقط في تقليل الربح والمصنعية وفق استطاعتها لتنشيط المبيعات وجذب الزبائن»، لافتاً إلى محدودية الموديلات والتصميمات الجديدة التي تنزل الأسواق حالياً في ظل توقف حركة المبيعات أخيراً».
من دون مصنعية
وتوقع المدير العام لمحال «الأنصاري للمجوهرات»، محمد الأنصاري، أن يستمر الركود وتراجع مبيعات الذهب لفترة وجيزة حتى يعتاد المستهلكون السعر الجديد، ثم يستأنفون الشراء مرة أخرى، لافتاً إلى أن دخول المدارس والنفقات المترتبة عليه، أسهم في هذا الركود، وقال إن «لجوء تجار إلى بيع الذهب من دون مصنعية يرجع إلى قيامهم بشراء كميات كبيرة منه تزيد على 100 كيلوغرام دفعة واحدة بسعر رخيص، لذلك يلجأون إلى بيع جانب منه من دون مصنعية ويحققون في الوقت ذاته هامش ربح معقولاً»
وأفاد بأن «هناك العديد من محال الذهب التي يلجأ إلى عمل عروض مغرية على الذهب الرخيص أو القديم القليل الكلفة، للمساعدة على تنشيط المبيعات».
تباين فسر مسؤول محل «مجوهرات الفيصل» في الشارقة، محمد أشرف، تباين أسعار غرامات الذهب في الأسواق بالمنافسة الشديدة بين المحال والشركات المختلفة، إذ تعرض محال أسعاراً أقل للغرام مقارنة بالشائع في السوق بنحو درهم أو درهمين لجذب الزبائن، والتعويض لاحقاً في سعر المصنعية». وأضاف أن «حركة البيع محدودة، سواء للمقيمين أو السائحين، وهو ما قلل فرص طرح موديلات جديدة في الأسواق خلال الفترة الحالية»، موضحاً أن معظم المقيمين والمواطنين يفضلون شراء الذهب العيار 21 قيراطاً، بينما تتركز المبيعات للسائحين في العيار 18 قيراطاً باعتباره يحتوي على نسب مشغولية أفضل وأشكالاً مبتكرة أكثر في تصميمه». |
مبيعات الزبائن
وقال مسؤول محل «الوحدة» للمجوهرات والمشغولات الذهبية، مصطفى أحمدي، إن «ارتفاعات الأسعار جمدت حركة المبيعات في أسواق الذهب في الدولة، لكنها من جانب آخر أنعشت ظاهرة بيع الزبائن لمشغولاتهم بنسب تزيد على 60٪ على أقل تقدير مقارنة بالشهرين الماضيين»، لافتاً إلى أن «المستهلكين يتجهون للاستفادة من الفروق القياسية في الأسعار، إما ببيع مشغولاتهم أو بتبديلها بمشغولات أخرى».
وأشار إلى أن «الركود زاد حدة التنافس في الأسواق، وجعل التجار يجهدون لجذب الزبائن عبر تقليل الأرباح وإجراء العروض الترويجية في محاولة لتنشيط المبيعات بعد تراجعها بشدة».
وقال مسؤول البيع في محل «الرميزان للمجوهرات»، الذي يمتلك فروعاً في دبي والشارقة، عبدالله فاضل، إنه «بعد انخفاض المبيعات بنسبة 50٪، أخرنا طرح الموديلات الجديدة حتى تنشط المبيعات مرة أخرى، انتظاراً لتحسن الأوضاع في الأسواق العالمية».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news