10 شركات وساطة تستحوذ على 58.6٪ من قيمة صفقات الأسهم المحلية
أظهرت بيانات رسمية سيطرة 10 شركات وساطة مالية على نسبة 58.6٪ من التعاملات المنفذة في أسواق الأسهم المحلية، ما يظهر حجم المشكلات التي تعانيها شركات الوساطة الصغيرة، في ظل تراجع إيراداتها وأرباحها. وفي الوقت الذي استبعدت شركات صغيرة أن يكون نقص الخبرات أو سوء الخدمات المقدمة للعملاء هو السبب في عدم إقبال المستثمرين على التعامل معها، قال محللون إن عوامل عدة تسوغ إقبال المستثمرين على شركات الوساطة الكبيرة، منها أن بعض هذه الشركات تابع لبنوك ما يكسبها صدقية، فضلاً عن سهولة إيداع وتحويل المبالغ المالية من البنك التابعة له شركة الوساطة والعكس.
وأكد محللون أن من العوامل الأخرى التي ترجح كفة الشركات الكبيرة، قدرتها على منح تسهيلات لشراء الأسهم، وكذا وجود تاريخ جيد لديها في السوق، وتعود العملاء عليها منذ بدء تعاملهم في السوق.
وأشاروا إلى أن شركات الوساطة التي تستحوذ على الحصة الأكبر من التعاملات، هي شركات إقليمية لديها فروع في عدد من الدول الخليجية والعربية، ما يزيد من حصتها في التداولات بسبب ارتباطها بمحافظ دولية، وتنفيذها تداولات لحسابات خارجية تفوق التداولات المنفذة لمصلحة مستثمرين ومؤسسات محلية، لافتين الى أن وجود مشكلات بين مستثمرين وبعض الشركات الصغيرة، واللجوء في بعض الأحيان إلى نظام قسمة الغرماء أدى إلى ضياع حقوق عدد من المستثمرين، فأصبح المستثمرون بشكل عام يفضلون الشركات الكبيرة لتفادي مثل هذه المشكلات.
الـ10 الكبار
تَساوي الكفاءات ذكر المدير العام لإحدى شركات الوساطة المالية (التي تجاوزت تعاملاتها حاجز 20 ألف درهم فقط خلال أسبوع ما قبل العيد) ــ فضل عدم ذكر اسمه ــ أن «شركات الوساطة المالية التي تستحوذ على نسب هامشية من التداولات لا يمكن القول إن مشكلاتها ترجع إلى نقص الخبرات أو الكفاءات العاملة فيها»، وقال إن «شركات الوساطة المالية الكبيرة أغلبها تابع للبنوك، وتنفذ صفقات لمصلحة الصناديق الاستثمارية التي تديرها، كما أن بعضها تابع لعائلات ثرية تدير استثمارات بالمليارات، ما يزيد من نصيبها في قيم التداولات وحجم الصفقات المنفذة». وأشار إلى أنه «على الرغم من أن قرار الاندماج يعد أحد الحلول التي يمكن للشركات الصغيرة اللجوء إليها لمواجهة مشكلاتها المالية، إلا أن هذا الحل ليس بالسهولة المتصورة»، عازياً ذلك إلى أن «الاندماج يتطلب في البداية وجود شركة ناجحة تندمج مع الشركة الصغيرة لإقالتها من عثرتها، وهو أمر غير وارد حالياً في ظل تراجع أداء أسواق الأسهم، وصعوبة ضخ استثمارات جديدة في مجال غير مربح حالياً».
|
وتفصيلاً، استحوذت 10 شركات وساطة مالية على نسبة 58.6٪ من قيمة الصفقات المنفذة في أسواق الأسهم المحلية، خلال أسبوع ما قبل عيد الأضحى، وفقاً لبيانات صادرة من سوق أبوظبي للأوراق المالية، وذلك من أصل 96 شركة حاصلة على ترخيص من هيئة الأوراق المالية والسلع لمزاولة المهنة، بحسب موقع الهيئة.
وتصدرت القائمة «المجموعة المالية هيرميس» بتعاملات قدرها 348.19 مليون درهم، تلتها «أبوظبي الإسلامي للخدمات المالية الإسلامية» بتداولات قيمتها 193.75 مليون درهم، ثم «أبوظبي للخدمات المالية» بقيمة 135.51 مليون درهم، وحلت في المركز الرابع «الرمز للأوراق المالية» بقيمة 82.24 مليون درهم، تلتها «الوسيط المباشر للخدمات المالية» بقيمة 81.38 مليون درهم، ثم «الإمارات دبي الوطني للأوراق المالية» بقيمة 78.52 مليون درهم، فيما بلغت قيمة التداولات التي نفذتها «شعاع للأوراق المالية» 67.43 مليون درهم لتحل في المركز السابع، في حين نفذت «الفطيم اتش سي للأوراق المالية» تداولات بقيمة 58.4 مليون درهم، تلتها «إتش إس بي سي الشرق الأوسط للأوراق المالية» بتداولات 56.2 مليون درهم، وأخيراً «المركز الوطني للخدمات المالية» في المركز العاشر بتداولات بلغت قيمتها 40.3 مليون درهم.
وأشارت البيانات إلى أن أكبر 10 شركات وساطة مالية استحوذت على نسبة تتجاوز 57٪ من إجمالي عدد الصفقات المنفذة، إذ تصدرت القائمة «المجموعة المالية هيرميس للتداول» بنسبة 17.61٪، تلتها «أبوظبي للخدمات المالية الإسلامية» بنسبة 9.55٪، ثم «أبوظبي للخدمات المالية» بنسبة 5.92٪، وجاءت «الرمز للأوراق المالية» رابعة بنسبة 5.2٪، ثم «الإمارات دبي الوطني للأوراق المالية» التي نفذت نسبة 4.4٪ من الصفقات، تلتها «الوسيط المباشر للخدمات المالية» بنسبة 4.2٪. وحلت «شعاع للأوراق المالية» في المركز السابع بنسبة 3.34٪، ثم «المركز الوطني للخدمات المالية» بنسبة 2.37٪، تلتها «الفطيم اتش سي للأوراق المالية» بنسبة 2.23٪، ثم «الاتحاد للوساطة» في المركز العاشر بعد أن نفذت نسبة 2.23٪ من صفقات الأسبوع.
سيطرة الكبار
وعزا خبير الأسواق المالية والمحلل المالي، حمود عبدالله الياسي، سيطرة عدد محدود من الشركات على الجانب الأكبر من التداولات المنفذة في أسواق الأسهم المحلية إلى عوامل، منها «تفضيل كبار المستثمرين التعامل مع شركات وساطة تابعة للبنوك، نظراً إلى زيادة الثقة في هذه الشركات وسهولة إيداع وتحويل المبالغ المالية من البنك التابعة له شركة الوساطة والعكس».
وقال إن «شركات الوساطة التي تتصدر القائمة هي شركات تتسم بصفة عالمية وإقليمية، إذ لدى أغلبها فروع في عدد من الدول الخليجية والعربية، كما أن لديها محافظ دولية، ما يجعلها تستحوذ على نسبة كبيرة من التداولات، خصوصاً أن أغلب الصفقات التي تنفذها في السوق الإماراتية تتم لمصلحة حسابات خارجية».
وأضاف أن «عدداً كبيراً من المستثمرين يفضل التعامل مع شركات الوساطة التي تمنحه تسهيلات في شراء الأسهم، وهنا تكون فرصة شركات الوساطة التابعة للبنوك أكبر في الفوز بمثل هؤلاء العملاء».
لافتاً إلى أن «بعض الشركات التي وردت في القائمة تتميز باستخدام التقنية العالية وارتباطها مع عدد من البنوك الإقليمية، ما يزيد من حصتها في التداولات، إذ تنفذ نسبة كبيرة من التعاملات لمصلحة تلك البنوك».
وأوضح الياسي أن «شركات الوساطة التي بدأت العمل في السوق منذ بدايته، تستحوذ على نسبة لا بأس بها من التعاملات، إذ يكون لديها عملاء قدامى تعودوا على الشركة وارتاحوا إلى التعامل معها، لذلك لم يغيروها»، مشيراً إلى أن «من عوامل تفضيل شركات الوساطة كذلك تنفيذها تعاملات لمصلحة المحافظ الخاصة الكبيرة، إذ تزيد حصة هذه الشركات من التداولات بشكل كبير».
وأكد أن «وجود عدد كبير من شركات الوساطة برأسمال صغير يقلل من حصتها من التداولات، إذ تفوق تعاملات كبار المضاربين في أوقات النشاط رأسمال تلك الشركات».
وذكر أن «وجود مشكلات بين مستثمرين وبعض الشركات الصغيرة، واللجوء في بعض الأحيان إلى نظام قسمة الغرماء، أديا إلى ضياع حقوق عدد من المستثمرين، فأصبح المستثمرون بشكل عام يفضلون الشركات الكبيرة لتفادي مثل هذه المشكلات». ولفت الياسي إلى أن «عملية الدمج بين شركات الوساطة الصغيرة ليست الحل السهل كما يظن البعض، إذ إن الدمج الفني والإداري يتطلب اشتراطات قد يصعب الاتفاق عليها، مثل الأحقية في الإدارة واتخاذ القرارات، وهل يتم الدمج أم الاستحواذ؟».
ضرورة الاندماج
قال المدير العام لشركة تروث للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلم، إن «الاندماج يمكن أن يكون الحل الأنسب لتمكين شركات الوساطة المالية الصغيرة من الاستمرارية في السوق وزيادة قدرتها على النمو، وتحسين مستوى الربحية»، مؤكداً أن «ضرورة عمل هذه الشركات على خفض تكاليف تشغيلها إلى أقصى حد ممكن، وخفض العمالة إلى حد يقلل تكاليف التشغيل بأكبر شكل ممكن».
وأضاف أن «شركات الوساطة المالية يمكنها رفع ملاءتها المالية عن طريق بناء الاحتياطات والمخصصات لتكون قادرة على مواجهة الأزمات غير المتوقعة، ورفع قدرتها في إدارة المخاطر عن طريق تنويع محافظها الاستثمارية»، لافتاً إلى أن «تلك الشركات تعرضت لانخفاض كبير في إيراداتها الناتجة عن العمولات، إضافة إلى تعرض الصناديق الاستثمارية التي تديرها إلى خسائر كبيرة في ضوء تراجع أداء أسواق الأسهم المحلية والعالمية».
وأكد مسلم أن دراسة اقتصادية أجرتها شركته أخيراً على 31 شركة وساطة مالية في الدولة أظهرت أن «انخفاض مؤشر السوق المالي بنسبة 58٪ و57٪، و58٪ خلال أعوام 2008 و2009 والربع الأول من العام الجاري على التوالي، مقارنة بعام الذروة ،2007 أثر تأثيراً مباشراً في شركات الوساطة، إذ انخفضت أرباحها من 806.4 ملايين درهم في نهاية عام 2007 إلى 514.4 مليون درهم في نهاية العام المالي ،2008 في حين انخفضت الأرباح إلى 117.5 مليون درهم في نهاية عام ،2009 لتحقق بعدها خسائر في نهاية الربع الأول من العام الجاري بلغت 61.8 مليون درهم».
وأشار إلى أن «الدراسة بينت أن إيرادات النشاط الجاري (العمولات) لتلك الشركات حققت انخفاضاً ملحوظاً بمقدار 15.5 مليون درهم، وبنسبة تبلغ نحو 8٪ في نهاية الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالربع الأول من عام 2009 من 186.6 مليون درهم إلى 171.1 مليون درهم».
ولفت إلى أن «شركات الوساطة حققت خسائر صافية بلغت 61.8 مليون درهم في نهاية الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بخسائر صافية بلغت 57.1 مليون درهم للفترة نفسها من العام الماضي، وبارتفاع قدره 4.7 ملايين درهم، فيما بلغت نسبة العائد على رأس المال (ــ2٪) نظراً لتحقيق خسائر، ما يعني أن شركات الوساطة حققت خسائر تعادل 2٪ من رأس المال».
وكان الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، عبدالله الطريفي، أكد في تصريحات صحافية سابقة أن «عمليات الدمج بين شركات الوساطة المالية العاملة بالدولة تعتبر نتاجاً طبيعياً لأوضاع الأسواق المالية الحالية وتداعيات الأزمة العالمية عليها، إلى جانب زيادة عدد شركات الوساطة الموجودة في الوقت الجاري (على حاجة السوق)».