الخبراء دعوا إلى تأسيس بنك خليجي في إفريقيا. من المصدر

مستثمرون: التمويل تحدٍ رئيـــس أمام الاقتصادات الإفريقية

قال مسؤولون شاركوا أمس في الجلسة الختامية لمنتدى الاستثمار الرابع لدول (كوميسا) في دبي، الذي نظمته غرفة صناعة وتجارة دبي، إنه على الرغم من وجود رغبة من دول الشرق الأوسط في الاستثمار والتجارة مع دول القارة الإفريقية، إلا أن قطاع التمويل في تلك الدول يواجه تحديات كبيرة، إلى جانب تطوير قطاع النقل والبنية الأساسية، داعين إلى ضرورة الإسراع بإنشاء بنك خليجي في دول «كوميسا» لتوفير التمويل اللازم للتجارة المشتركة بين الجانبين؛ فيما قال مسؤولون إماراتيون إن الإمكانات الطبيعية الهائلة في القارة الإفريقية، خصوصاً الزراعية منها، تؤهلها لأن تصبح المنتج والمصدر الرئيس للغذاء لدول الخليج، مؤكدين أن أي اتفاق تجاري بين الإمارات وتجمع «كوميسا»، يجب أن يكون مبنياً على مصالح مشتركة ومفيدة للجميع.

المستقبل في إفريقيا

تأسيس مكتب «ريا» في دبي

اختتمت أعمال المنتدى، أمس، بالإعلان عن تأسيس مكتب لوكالة الاستثمار الإقليمية لدول كوميسا «ريا» في مقر غرفة تجارة وصناعة دبي، لتسهيل ممارسة الأعمال بين دول التجمع ودبي، وتعزيز العلاقات التجارية بين الجانبين.

وقال المدير العام لغرفة تجارة وصناعة دبي، حمد بوعميم، إن «تأسيس مكتب لوكالة (ريا) في دبي، يشير الى الرغبة المشتركة في تعزيز هذا التعاون والاستفادة من موقع دبي بوابة لأسواق المنطقة، إذ سيكون افتتاح المكتب في القريب العاجل». واعتبر أن افتتاح المكتب سيضمن استمرار العلاقة التجارية المتميزة بين مجتمعي الأعمال في دبي و(كوميسا)، التي تم وضع أسسها في المنتدى الرابع. وأكد أن المنتدى حقق أهدافه باعتباره منصةً مثالية للتواصل وإنشاء الشراكات بين مجتمع الأعمال في دبي ودول جنوب وشرق إفريقيا، إضافة إلى تشجيعه الحوار والعمل الجاد بين المستثمرين وأقطاب قطاع الأعمال وأصحاب القرار، للخروج بنهج العمل اللازم وخلق الفرص الاستثمارية ودفع عجلة النمو في دول (كوميسا)، والترويج لدبي بوابة للاستثمارات في المنطقة.

وتفصيلاً، قال رئيس مجلس إدارة غرفة دبي، عبدالرحمن سيف الغرير، إن «المستقبل يكمن في إفريقيا، ومجتمع الأعمال في دبي معتاد على استكشاف فرص استثمارية جديدة»، مشيراً إلى أن «إجمالي التبادل التجاري غير النفطي بين دبي و«كوميسا» ارتفع من 5.21 مليارات درهم في عام 2002 إلى 26.6 مليار درهم في ،2009 بزيادة تخطت 400٪، فيما ارتفعت قيمة صادرات وإعادة صادرات دبي إلى «كوميسا» من 4.3 مليارات درهم في عام 2002 إلى 17.3 مليار درهم في ،2009 بزيادة بلغت 300٪».

من جانبه، أشار المدير الشريك ـ أثيوبيا، في شركة (أرنست آند يونغ)، زيميديني ناغوتا، إلى أن «معدل عائد الاستثمار في (كوميسا) هو 29٪، مقارنة بـ10٪ في الاتحاد الأوروبي، ما يوفر عوائد تنافسية للاستثمارات».

بنك خليجي

من جهتها، قالت المديرة التنفيذية لهيئة الاستثمار الأوغندية، الدكتورة ماغي كيجوزي، إن «التمويل هو التحدي الرئيس الذي يواجه نمو التجارة في القارة الإفريقية، خصوصاً دول (كوميسا)»، وأضافت أن «التجارة تتزايد بين دول التجمع والشرق الأوسط وآسيا، لكن التمويل هو التحدي الأساسي أمام المزيد من تصدير السلع إلى إفريقيا».

ودعت كيجوزي دول الخليج إلى المبادرة بإنشاء أول بنك خليجي في منطقة إفريقيا لتوفير التمويل اللازم للعمليات التجارية، إذ لا توجد مؤسسة تمويل خليجية هناك، فيما تعتمد التجارة مع دول الشرق الأوسط على التمويل الذي يتيحه أحد البنوك المصرية، وبنك ليبي».

وأشارت إلى أن «إفريقيا تحتاج إلى تغيير نمط التجارة باستيراد سلع ذات قيمة، حتى تتمكن أيضاً من تصدير سلع مهمة للعالم، وهو ما يتطلب توافر المعرفة والتكنولوجيا».

ورأت أن «معظم دول تجمع (كوميسا)، وبينها أوغندا، تحتاج إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حتى تتمكن من توفير الوظائف ودفع النمو الاقتصادي»، لافتة إلى أن «دبي يمكنها أن تكون شريكاً للاقتصاد الافريقي، إذ تملك القدرات التنظيمية والمؤسسية والخبرات اللازمة التي تحتاجها دول إفريقية عدة».

وبينت أن «رجال الأعمال في أوغندا على سبيل المثال يبحثون عن شركاء من دبي، فالفرص متاحة، لكن تحتاج إلى من يساعد في تنميتها».

واتفق معها رئيس مجموعة الأعمال المصرفية في بنك «الإمارات دبي الوطني»، سليمان المزروعي، وقال إن «القطاع المالي هو عصب التنمية في أي اقتصاد، وإن فرص التمويل التي تتوافر لدى الأسواق الإفريقية ربما تكون شحيحة، وهناك حاجة لإعادة النظر في إمكانات تمويل التجارة المشتركة مع (كوميسا)».

تشريعات مالية

بدوره، شدد الرئيس التنفيذي لسلطة دبي للخدمات المالية، عبدالله العور، على أهمية أن تواكب التشريعات المالية والقانونية في بلدان «كوميسا» الطلب القوي من مستثمرين في المنطقة، مشيراً إلى أن «جميع المؤشرات تؤكد الاهتمام الواسع بالمنطقة، وهو ما يجسده الحضور القوي للمؤسسات والشركات العالمية التي تتخذ من مركز دبي المالي العالمي مقراً لها، بهدف التركيز على أعمالها في إفريقيا».

وأوضح أن تلك الشركات لا تقتصر على قطاع الخدمات المالية، بل تركز على قطاعات أخرى في مجالات التعدين والنفط والغاز والخدمات»، لافتاً إلى أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه مركز دبي المالي في مجال توفير البنية التحتية اللازمة لاستقطاب المؤسسات العالمية الراغبة في التركيز على إفريقيا.

أساس الاقتصاد

من ناحيته، قال النائب الثاني لرئيس مجلس إدارة غرفة دبي، هشام الشيراوي، إن «التجارة هي أساس اقتصاد دبي، وستبقى سنوات طويلة محفزه الأساسي»، مشيراً إلى أن «دبي لن تفوّت فرصة الاستثمار في (كوميسا)، خصوصاً أن مساحتها تغطي 11 مليون كيلومتر مربع، وهي تحتل المرتبة 29 عالمياً على صعيد الناتج الإجمالي المحلي، والـ32 على صعيد إجمالي التجارة».

وأوضح أن «الإمكانات الطبيعية الهائلة في القارة الإفريقية، خصوصاً الزراعية منها، تؤهلها لأن تصبح المنتج والمصدر الرئيس للغذاء في دول الخليج»، مؤكداً أن «أي اتفاق تجاري بين الإمارات و(كوميسا) يجب أن يكون مبنياً على مصالح مشتركة ومفيدة للجميع».

وأضاف أن «الإمارات تستورد نحو 80٪ من غذائها، إذ إن تكلفة الزراعة في الإمارات مرتفعة جداً، وبالتالي فإن من المطروح أن تكون دول إفريقيا الغنية بالأراضي الخصبة والمياه العذبة مصدراً للمحاصيل الزراعية التي تطلبها السوق الإماراتية»، وقال «ربما يكون من الناجح أن نعقد شراكة في القطاع الزراعي».

البنية الأساسية

بدوره، قال كبير الاقتصاديين في مركز دبي المالي العالمي، الدكتور ناصر السعيدي، إن «البنية الأساسية قد تكون أحد أهم العوائق التي تواجه الاستثمارات، وهو الجانب الذي ربما تلعب فيه دبي دوراً عندما تستثمر في البنية التحتية».

واستطرد: «دبي يمكن أن تمثل محوراً رئيساً للتجارة مع إفريقيا، إذ يمكن أن تستخدم مصادرها في القيام بدور مهم للتنمية الاقتصادية في تلك البلاد، خصوصاً مع شركة الطيران العملاقة التي تملكها (طيران الإمارات)، التي يمكن أن تربط دول (كوميسا) بالعالم ومنطقة الخليج، وتسهل تدفق الاستثمارات المباشرة إلى إفريقيا»، وأضاف أن «قطاع الزراعة في إفريقيا يحتاج إلى التحديث والميكنة».

واتفق مع وجهة نظر السعيدي، الشريك في «بيرل كابيتال»، وانجوهي نداجو، الذي قال إن «زراعة الحبوب في (كوميسا) تخسر 30٪ من إجمالي إنتاجها نتيجة ضعف أماكن وشروط التخزين»، مشدداً على «ضرورة الاستثمار في مجال التخزين الغذائي والدعم اللوجستي».

تكامل إقليمي

قال العضو المنتدب لشركة القلعة كريم صادق، إنه «على الرغم من أن بعض دول إفريقيا بدأت انتهاج سياسة التوجه نحو التكامل الإقليمي، إلا أن مستويات التجارة البينية لا تتجاوز 10٪ من حجم العمليات التجارية بمختلف أسواق القارة».

وأكد أن «هذا الوضع يدعو إلى التفاؤل بين مؤسسات القطاع الخاص، إذ إن الشراكة مع الحكومات الإقليمية هي حجر الزاوية للقيام باستثمارات رأسمالية هدفها النهوض بالاقتصادات الإفريقية».

ورأى أن «ضعف الاستثمار في قطاع النقل والدعم اللوجيستي، خصوصاً السكك الحديدية، أدى إلى تدهور حالة خطوط النقل التي تربط بين دول (كوميسا)، ويجدر بمؤسسات القطاع الخاص القيام بدور أكبر في تطوير البنية الأساسية لشبكات النقل، ما يتيح سرعة نقل البضائع إلى مختلف أنحاء المنطقة بأسعار تنافسية، ومنها إلى مراكز التصدير الرئيسة في العالم».

وأشاد صادق بتحسن المركز المالي للحكومات الإفريقية، إذ تراجعت نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي من متوسط 80٪ تقريباً في أواخر القرن الماضي، إلى أقل من 60٪ حالياً»، لافتاً إلى أن «كلفة تطوير البنية الأساسية لقطاع النقل لاتزال تشكل عبئاً كبيراً على عاتق الحكومات الإقليمية، وهنا يأتي دور الاستثمار المباشر وغيره من الأنشطة الاستثمارية، لاكتساب حصة من توقعات النمو الهائلة التي تبشر بها القارة الإفريقية، مع تحقيق التنمية والتقدم».

ممارسة الأعمال

إلى ذلك، قال وزير الاستثمار في أوغندا، أستون كاغار، إنه «طبقاً لاستبيان البنك الدولي حول ممارسة الأعمال، فإن خمس دول في (كوميسا) تحتل لائحة أفضل بيئات الأعمال في القارة الإفريقية».

وأضاف، مخاطباً رجال الأعمال في دبي: «هناك فرصة لدخول أسواق هذه الدول والاستثمار في قطاعاتها المتعددة»، مشيراً إلى أن «حجم التبادل التجاري غير النفطي بين دبي و(كوميسا) في عام 2009 بلغ نحو 26.6 مليار درهم، إذ بلغت قيمة واردات دبي من (كوميسا) 9.3 مليارات درهم، في حين بلغت الصادرات وإعادة الصادرات إلى دول (كوميسا) 17.3 مليار درهم».

زيادة خطوط الطيران

من جهتها، أكدت الشيخة لبنى القاسمي، وزيرة التجارة الخارجية، خلال اجتماعها مع عدد من وزراء التجارة والاستثمار والصناعة في دول «كوميسا»، أن التواصل بين الإمارات وإفريقيا عموماً أصبح أكثر قوة بعد زيادة خطوط الطيران المباشرة بين الطرفين، التي ستسهم في زيادة التعاون الثنائي، خصوصاً في المجالات التجارية، وتعزيز التواصل بين رجال الأعمال والمستثمرين من الطرفين.

وبينت أن «دول (كوميسا) باعتبارها الكتلة الاقتصادية الإفريقية الأكبر تلعب دوراً رئيساً في التجارة المثمرة والتحالف الاقتصادي بين الإمارات وإفريقيا»، مؤكدة أن «الإمارات تمتلك كل العناصر الملائمة لدول (كوميسا) من أجل توسيع أعمالها محلياً وإقليميا».

الأكثر مشاركة