أسواق الإمارات تتهيأ لاستقبال السيولة
أفاد محللان ماليان أن توظيف السيولة المالية المتوافرة لدى البنوك في دعم الإقراض خلال الفترة المقبلة، خصوصاً في ظل تطبيق البنك المركزي نظام الإقراض الجديد، مطلع مايو المقبل، سيكون له بالغ الأثر في حركة التداولات ومؤشرات الأسواق خلال الفترة المقبلة، إذ إن استمرار تحسن مستويات السيولة المصارف المحلية يضعها أمام خيارات محدودة في توظيفها، وهو ما ينبئ بأن المصارف ستسرع من وتيرة الإقراض، لافتين إلى أن تداعيات تطبيق القرار ستدفع حركة المؤشرات إلى التذبذب خلال الفترة المقبلة.
وأوضحوا أن توزيعات الأرباح التي أعلنتها الشركات المدرجة في سوقي أبوظبي ودبي، إضافة إلى تراجع معدلات الفائدة وزيادة الودائع، يؤشران إلى تجاوز الأسواق عقبة شح السيولة التي تقف في وجه تحسن أدائها، وكذا أداء الدورة الاقتصادية.
وسجل مؤشر سوق الإمارات المالي تراجعاً خلال الأسبوع الماضي بنسبة 0.87٪، ليغلق على مستوى 2662 نقطة، ووصلت القيمة السوقية إلى 389.3 مليار درهم، متراجعة بـ3.43 مليارات درهم، في حين بلغت القيمة الإجمالية للتداول نحو 1.86 مليار درهم، توزعت على 21.6 ألف صفقة، فيما كان قطاع البنوك الأكثر تداولاً.
وتفصيلاً، أوضح تقرير شركة الفجر للأوراق المالية أن «سوقي دبي وأبوظبي شهدا عمليات جني أرباح لثلاثة أيام متتالية، لتبدأ محاولة الارتفاع الحذر بعدها، إلا أنهما عادا وتراجعا في نهاية إغلاق اليوم الثالث، ما أعطى مؤشراً إلى انتهاء موجة جني الأرباح، الأمر الذي أطلق للسوقين العنان في الارتفاع الأربعاء الماضي، إلا أن تغطية المراكز المكشوفة التي تولدت خلال أسبوعين من الارتفاع جعلت السوق تتراجع الخميس».
وأشار إلى أن «انخفاض قيم التداول في ظل تراجع المؤشر يعني أن عروض البيع لم تكن تقابلها طلبات شراء، لقناعة السوق بأن البائعين المضطرين لتسوية المراكز المكشوفة سيتخلون عن أسعارهم ويبيعون في نهاية السوق بأي سعر، ما جعل قيمة التداولات في سوق دبي تبقى منخفضة حتى الربع ساعة والدقائق الأخيرة، التي تم فيها شراء المعروض بأدنى الأسعار».
من جانبه، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، همام الشمّاع، إن «القطاع المصرفي لعب دوراً مهماً خلال الفترة الماضية في دعم أسواق الأسهم المحلية، من خلال الأداء القوي للربع الأول من العام الجاري، إذ بلغت قيمة الودائع المصرفية للمرة الأولى منذ سنوات 55.9 مليار درهم».
وأشار إلى أن «هذه الزيادة الكبيرة في الودائع، قابلها إحجام من المقترضين عن طلب القروض الشخصية والسيارات، بانتظار تطبيق قرار الاحتساب على أساس القسط المتناقص، وأيضاً لم تقابلها تراجعات كبيرة في القروض المصرفية، لذلك ارتفع الفرق بين القروض والودائع لمصلحة الأخيرة إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، ليصل إلى 57 مليار درهم، وهو ما ينبئ بأن المصارف ستذهب في نهاية المطاف إلى تسريع نطاق الإقراض المصرفي وتسهيل شروطه».
وتابع الشماع أن «الحديث المتضارب حول توظيف السيولة المالية المتوافرة لدى البنوك خلال الفترة المقبلة، خصوصاً في ظل تطبيق البنك المركزي نظام الإقراض الجديد، سيكون له بالغ الأثر في حركة التداولات، ومؤشرات الأسواق خلال الفترة المقبلة، إذ إن استمرار تحسن مستويات السيولة وضع المصارف المحلية أمام خيارات محدودة في توظيفها، فإذا كان الإقراض من الخيارات غير المحبذة بسبب مخاطره العالية، خصوصاً في قطاعي الأسهم والعقار، فإن البديل المتاح هو الإقراض الشخصي المضمون بالراتب والدخل وتمويل شراء السيارات والمضمون بقيمة السيارة المؤمنة».
وأشار إلى أن «اقتراب تطبيق نظام القروض الجديد واحتساب الفائدة على أساس القسط المتناقص، يقلص الفوائد المحتسبة من قبل المصارف إلى نصف ما كانت عليه سابقاً للأنواع الثلاثة من القروض الشخصية والسيارات والسحب على المكشوف، وقد حاولت المصارف أن تتملص من هذا القرار بتأخير تسليم الاستمارة الموحدة، إلا أن (المركزي) اتخذ موقفاً حاسماً بشأن عدم تأخير التطبيق».
ولفت إلى أن المصارف بدأت في الإعلان عن أسعار فائدة مضاعفة لهذه الأنواع من القروض، كطريقة للالتفاف على قرار «المركزي»، غير أننا نعتقد أن أسعار الفائدة الجديدة، وهي 8٪ لقروض السيارات مثلاً، ستترك أثراً نفسياً محبطاً على المقترضين، لذا فإن من المتوقع أن يظهر أثر قرار المركزي في احتساب الفائدة على أساس القسط المتناقص، خلال الفترة المقبلة من خلال اضطرار المصارف إلى التوجه نحو تيسير شروط إقراض الأسهم والعقار».
إلى ذلك، قال الشريك والعضو المنتدب في شركة الرمز للأوراق المالية، محمد المرتضى الدندشي، إن «التوزيعات النقدية التي ضختها الشركات المدرجة في سوق الإمارات للأوراق المالية خلال الفترة الماضية، التي ستقع ضمن حيازة المتداولين والمستثمرين تعد من قوى الدفع التي تعتمد على تقييم الأسهم ومدى ثقة المتداولين بقدرة الأسهم على توليد عوائد مجزية خلال الفترات المقبلة، بدعم من استقرار أجواء التداول والالتزامات الأخرى المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية».
وأشار إلى أن «ما فقدته المؤشرات الرئيسة منذ بداية الأزمة العالمية استند إلى أمور جوهرية متعلقة بتبعات أزمة العقار والائتمان من مخاطر فشل السداد وركود أنشطة الأعمال المختلفة، لكن لابد من التأكيد على أن العديد من الأسهم الجيدة لم يتسن لها الارتداد إيجاباً حتى الوقت الحاضر بما يتماشى مع التحسن الملموس في الأنشطة التشغيلية عدا العقارات»، عازياً ذلك إلى «انخفاض المعنويات وتراجع مستويات الثقة بشكلٍ عام، إلى جانب تأثير العوامل النفسية المرتبطة بأجواء التداول».