أرجعت تحفظها إلى إهمال السائق.. وقانونيون رأوا إلزامية تعويض المتضرّر في جــــميع الحالات
هيئة التأمين وشركات تتحفّظ عـــلى تعويض سيارات مسروقة
أبدت هيئة التأمين وشركات في القطاع عاملة في الدولة تحفظاً على تعويض الحوادث الناجمة عن سرقة المركبات في حال تبين إهمال سائقيها، مؤكدة أنها ـ بموجب وثيقة التأمين ضد الفقد والتلف والمسؤولية المدنية ـ ملزمة بتعويض أصحاب المركبات في حال وجود كسر أو خلع لأبواب المركبة أو أي شيء آخر يدل على أنها سرقت باستخدام العنف والقوة، معتبرة أن إهمال السائق يعد إخلالاً بشروط التعاقد المبرم بين الشركة والمؤمن له.
وفيما أكدت مصادر قضائية أنه طالما كان نوع التأمين شاملاً، ومن دون شروط استثنائية في وثيقة العقد بين الطرفين (الشركة والمؤمّن)، فإنه يجب أن يتم تعويض المؤمّن أياً كان السبب الذي أدى إلى السرقة، اعتبر قانونيون أن وثيقة التأمين تشتمل على التعويض عن الفقد، الذي غالبا ما يكون ناجماً عن الإهمال.
وكانت الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي أعلنت أخيرا عن تسجيل 45 جريمة سرقة لسيارات تركها أصحابها في حالة تشغيل في دبي وحدها.
شروط التسوية
وتفصيلاً، قال المدير العام لشركة «دبي للتأمين»، عبداللطيف أبوقورة، إن «شركات التأمين تغطي مخاطر سرقة السيارات في الوثيقة الأساسية الشاملة، إلا أن عملية تسوية المطالبات في هذه المخاطر تخضع لبعض الشروط نظراً لطبيعة الحادثة».
«شامل» و«ضد الغير» الوثيقة الموحدة للتأمين على المركبات تنقسم إلى قسمين؛ الأولى وثيقة ضد الفقد والتلف والمسؤولية المدنية (تأمين شامل)، أما الثانية فهي ضد المسؤولية المدنية فقط (تأمين ضد الغير) صدرت بموجب القرار الوزاري رقم (54) لسنة 1987 وتعديلاته. فالأولى تغطي الأضرار التي تصيب السيارة المؤمّن عليها، نتيجة اصطدام السيارة أو انقلابها أو حدوث حريق فيها، أو فقدانها نتيجة للسرقة أو الأضرار التي يسببها الغير، ويشترط في الأضرار أن تكون وقعت داخل حدود الدولة، وهناك استثناءات عدة، كما أن هذه الوثيقة تغطي المسؤولية الناتجة عن الأضرار التي تصيب الآخرين في أرواحهم وأجسامهم وفي ممتلكاتهم، ومسؤولية شركات التأمين عند الوفاة أو الإصابات الجسمانية هي مسؤولية محددة، إذ يخضع التعويض لتقدير القاضي. أما الوثيقة الثانية فتقتصر على تغطية المسؤولية المدنية لمالك السيارة أو قائدها، عن الإصابات أو الأضرار المادية التي تصيب الآخرين، وهنا تجدر الإشارة إلى أن المؤمّن له وقائد السيارة وأفراد عائلتيهما (الزوج والزوجة والوالدان والأولاد) والأشـخاص الذين يعملون لدى المؤمّن له غير مشمولين بالتغطية، إلا أنه بإمكانهم الحصول على تغطية خاصة. |
وأوضح أن «شركات التأمين تعوض أصحاب المركبات التي تتعرض للسرقة في حال وجود كسر أو خلع لأبواب المركبة أو أي شيء آخر يدل على أنها سرقت باستخدام العنف والقوة، وهنا يستحق المؤمن له التعويض كاملاً، لكن في الوقت نفسه لا يمكن للشركات أن تتحمل مخاطر السرقة عندما تكون أبواب المركبة مفتوحة أو ترك المحرك دائراً أثناء ركن السيارة»، مشيراً إلى أن «ذلك يدل على حالة إهمال من السائق، وهو إخلال بشروط التعاقد بين شركة التأمين والمؤمّن».
ولفت إلى أن «تقارير وتحقيقات الشرطة، فضلاً عن القرارات التي تصدر عن المحاكم، تعد المرجع الأساسي لشركات التأمين بخصوص تسوية المطالبات».
بدوره، أكد نائب الرئيس التنفيذي في شركة «ميثاق للتأمين التكافلي»، خليل سعيد، أن «ترك السائق مركبته في حالة تشغيل مخالف أصلاً للقوانين المرورية»، موضحاً أنه «على الرغم من أن وثائق التأمين غالباً لا توضح طبيعة التعويض في حالة الإهمال من قبل السائق، فإن شركات تفضل عدم دفع التعويض في حال كان حادث السرقة بسبب الإهمال»، مقراً بوجود «منطقة رمادية» في تسوية هذا النوع من المطالبات.
وأضاف أنه «في نهاية الأمر شركات التأمين ملزمة بتقارير الشرطة والقرارات الصادرة عن المحاكم، وبموجبها تتصرف وتدفع التعويضات حسب ما تقرره المحكمة».
التهرب من التعويض
إلى ذلك، قال المدير العام لشركة «وايت لو»، لتقدير الخسائر والأضرار، يوسف جبور، إن «90٪ من الحوادث المتعلقة بالتأمين هي نتيجة للإهمال، لكن ذلك لا يعطي شركة التأمين الحق في التهرب من مسؤولياتها تجاه دفع التعويضات، حتى إن كان الأمر إهمالاً من جانب مالك المركبة، إذ يصعب في العديد من الحالات إثبات ما إذا كان السائق مقصراً أم لا».
في سياق متصل، قال مدير المبيعات لدى شركة «فيدلتي لخدمات التأمين»، عدنان إلياس، إن «وثيقة التأمين الشامل الأساسية تغطي حالات سرقة المركبات».
وأضاف أنه «في المجمل، هناك عقد تأميني بين الطرفين، والشركات ملتزمة بدفع التعويضات في حال السرقة، لكن طبيعة التسوية خاضعة لمجريات التحقيق والتزام السائق بشروط العقد التأميني»، موضحاً أن «الشركات ملزمة بالتسوية حتى لو تم تحميل مالك المركبة جزءاً من التعويض».
استثناءات
إلى ذلك، قالت نائبة المدير العام لهيئة التأمين، الجهة الرقابية المشرفة على القطاع، فاطمة العوضي، إن واحدا من الاستثناءات الواردة في الوثيقة الموحدة للتأمين على المركبات هو اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة من قبل المؤمن، وذلك بموجب العقد التأميني بين الشركة والمؤمن، مضيفة أن الشركات على سبيل المثال ليست ملزمة بتعويض مركبة يركنها السائق إلى جانب حريق في منطقة ما، كما أنها ليست ملزمة بالتعويض عن الحادث الذي يتسبب فيه سائق تحت تأثير المواد الكحولية، لكنها مجبرة على تعويض مركبة تعرضت للسطو والسرقة باستخدام القوة أو العنف.
وبينت أنه يمكن سرقة مركبة متوقفة والسائق بداخلها، وذلك عن طريق التهديد أو القوة، وفي هذه الحالات المعقدة يعتمد التعويض على ما تثبته التحقيقات الجنائية حول طبيعة الحادث، مؤكدة أنه «إذا كانت الشركات ستدفع جميع هذه المطالبات فإنها ستعلن إفلاسها».
وأوضحت أن «هذه القضايا تحال إلى الشرطة والمحاكم التي تشكل قراراتها عاملاً حاسماً في تحديد طبيعة التعويض المترتب على الحادثة».
تعويض واجب
من ناحية قانونية، أكدّ قاضي المحكمة المدنية في دبي، المستشار السيد زهرة، أنه «طالما كان التأمين شاملاً ومن دون شروط استثنائية أو قيود في وثيقة العقد بين الطرفين (الشركة والمؤمّن)، فإنه يجب أن يتم تعويض المؤمّن أياً كان السبب الذي أدى إلى السرقة»، لافتاً إلى أنه «في حال كانت قيمة التعويض أقل من 100 ألف درهم فإن المحكمة المدنية الجزئية هي من ينظر في القضية، بينما تنظرها المحكمة المدنية الكلية في حال بلغت قيمتها أكثر من 100 ألف درهم».
ووافقه الرأي قاضي المحكمة المدنية في دبي، المستشار بدر السمت، بقوله إن «ممثلين عن شركات التأمين يفدون إلى المحكمة لتبرير رفضهم وعدم تقبلهم تعويض المتضرر عن سرقة مركبته، بحجة أن السرقة وقعت نتيجة إهمال، لكن المحكمة لا تأخذ بتلك الحجة منهم طالما لم يتوافر شرط في الوثيقة يفيد بعدم إلزام الشركة بالتعويض طالما توافر الإهمال من قبله».
من جانبه، رأى المحامي، هارون تهلك، أن «الفقد لفظ عام شامل يدخل فيه السرقة، أياً كان مُسبب الفقد، وينبغي وفق هذا اللفظ العام أن يُدرج كل ما يُؤمّن عليه»، مشيراً إلى أن «وثيقة التأمين تشمل التعويض عن الفقد، وفي الغالب يكون الفقد مقترناً بالإهمال»، متسائلاً «إذا كان كل ما نتج عن إهمال لا يُؤمّن، إذن فما الفائدة من التأمين ودفع قيمة التأمين السنوية؟».
واعتبر أنه «لو طُلب من الأشخاص أن يتخذوا الاحتياطات اللازمة لما احتاجوا إلى التأمين أصلاً»، ضارباً مثالاً على ذلك بحوادث السيارات، التي قال إنها «تقع نتيجة الإهمال والخطأ، ومع ذلك يتم تعويض السائق عن الضرر الناتج في مركبته ومركبات الآخرين إن كان متسبباً فيه، وكذلك هي الحرائق التي تحدث نتيجة الإهمال، ويتم تعويض المؤمّن له».
ورأى تهلك أنه «يجب على شركات التأمين ألا تتخذ من الإهمال (شمّاعة) للتهرب من سداد قيمة تعويض المؤمّن له، وإلا سيكون ذلك مبرراً للحصول على مبالغ من المؤمّنين، في الوقت الذي يتم تبرير أسباب مثل الإهمال للتهرب من أداء واجباتها المتعلقة بالسداد».
من ناحية أخرى، رأى تهلك أنه «على شركات التأمين تعويض المؤمن في حال تم إثبات أنها واقعة سرقة وليس تلاعباً، وذلك الإثبات تكشفه أجهزة التحريات، التي تتأكد في حال تلاعب الشخص، فلا تُسجل قضية جنائية بالسرقة، والعكس صحيح، في حال تم تكييف نوع التهمة بالسرقة من قبل النيابة العامة، ما يفيد بأن الشخص متضرر ومجني عليه، ويؤكد ذلك أنه لم يُهمل وإنما تعرض لسرقة».
تكييف التهمة
بدوره، قال وكيل نيابة بنيابة ديرة في دبي، عبدالله سلطان الشريف، إن «النيابة العامة تكيّف حادثة الاستيلاء على مركبة في وضع التشغيل بـ(السرقة)، ولا تنظر النيابة لخطأ المجني عليه أو السبب الذي أدى إلى وقوع الجريمة، سواء أكان إهمالاً من قبل المجني عليه في ترك مركبته في وضع تشغيل أو غيره».
وقال الشريف إن «النيابة تنظر في الجرائم الجزائية، سواء الجنح أو الجنايات، أما تعويض المتضرر عن فقد المركبة من قبل شركة التأمين فيخضع لتقدير المحكمة المدنية، كونها تدخل في المسؤولية المدنية، إما بقرارها بتعويض صاحب المركبة أو تحمله جزءاً من الخطأ أو ما شابه ذلك».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news