الدول الخليجية تسهم بنسبة 87٪ من النمو فــي الشرق الأوسط
توقعت هيئة المحاسبين القانونيين في إنجلترا ويلز، أن تسهم دول الخليج في تحقيق 87٪ من النمو في منطقة الشرق الأوسط العام الجاري.
وأكدت الهيئة أن من المتوقع أن تحقق الإمارات نمواً بمعدل قدره 3.3٪ العام الجاري، مرتفعاً بشكل طفيف عن عام ،2010 لكنه أقل بكثير من النمو الضخم الذي شهدته الدولة في العقد الذي سبق الأزمة العالمية.
وحددت الهيئة أعلى سعر يمكن أن يصل إليه النفط على المدى القصير بنحو 200 دولار للبرميل، لكنها أكدت أن السعر المرتفع سيستمر فترة مؤقتة، متوقعة انخفاض سعر النفط في النصف الثاني من العام الجاري، وبداية عام .2012
إسهام خليجي
وتفصيلاً، توقعت هيئة المحاسبين القانونيين في إنجلترا ويلز أن تسهم دول الخليج في تحقيق 87٪ من النمو في منطقة الشرق الأوسط العام الجاري.
وأكدت أن النمو في الشرق الأوسط يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنمو الإجمالي للاقتصاد العالمي، مشيرة إلى أن انفصال النمو في الشرق الأوسط عن النمو العالمي يتطلب تحقيق نمو أكبر في الإنتاجية.
ونبهت الهيئة، خلال تقرير أصدرته لرصد توقعاتها الاقتصادية الفصلية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، يحمل اسم «معلومات اقتصادية في العمق»، إلى أن المقومات غير النفطية للاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط لاتزال تميل إلى التأخر، كما أن معظم اقتصادات المنطقة تحتل مرتبة متدنية في استطلاعات البنك الدولي بشأن ممارسة الأعمال، على الرغم من أن بعضها حقق تقدماً كبيراً في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة.
وبحسب مؤسسة «سيبر»، الجهة الاستشارية شريك هيئة المحاسبين القانونيين في إنجلترا ويلز، ارتفعت الإمارات من المرتبة 47 عام 2009 إلى المرتبة 33 في استطلاع البنك الدولي لسهولة ممارسة الأعمال عام ،2010 بينما احتلت مصر المرتبة 106 من بين 180 دولة حول العالم من حيث سهولة ممارسة الأعمال.
ويبين أحدث استطلاعات البنك الدولي بشأن ممارسة الأعمال في العالم العربي أنه من بين 174 اقتصاداً عالمياً، عملت 17 من الاقتصادات العربية على تحسين تشريعاتها خلال السنوات الخمس الأخيرة، على الرغم من أن التحسن كان أبطأ خلال العام الماضي، كما أنه لاتزال هناك مجموعة من العناصر الأساسية التي تؤخر النمو واستحداث الوظائف، إذ تحتاج الشركات في العالم العربي إلى الانتظار بمعدل 657 يوماً لسريان عقد في المحكمة، وهو ثالث أطول معدل زمني في العالم.
مشكلات هيكلية
وحذر تقرير هيئة المحاسبين من أنه طالما استمرت المشكلات الهيكلية، فإن النمو في الشرق الأوسط، باستثناء اقتصاد النفط، سيعاني كي ينطلق ويواكب النمو، الذي تشهده دول آسيا النامية، داعياً إلى أن تصبح المنطقة أكثر انفتاحاً على الاقتصاد العالمي، وأن تعزز بيئة الأعمال بشكل أكبر.
وأوضح أن عاملين أساسيين مؤثرين في منطقة الشرق الأوسط تغيرا بشكل ملحوظ خلال العام الجاري، وهما حدوث الثورات في عدد من الدول العربية، وتذبذب أسعار النفط. وقال إن الحراك السياسي الذي حدث في عدد من الدول العربية سيكون له أثر اقتصادي على المنطقة بأسرها، خصوصاً على المدى الطويل، إذ إن الحكومات الجديدة وحتى القديمة، سيكون عليها تبني المزيد من البرامج السياسية التي تحظى بموافقة شعبية، ما يعني المزيد من التوسع المالي في تلك الدول، التي تتمتع بالمرونة الكافية في الموازنة. وأضاف أنه على الرغم من أن من المحتمل أن تؤدي الظروف السياسية إلى إعاقة النمو في البحرين ومصر العام الجاري، إضافة إلى تعريض النمو في المنطقة للمخاطر، فإن الأوضاع السياسية قد تؤدي في المستقبل، وبطريقة غير متوقعة، إلى تعزيز النمو، فيما تركز الحكومات على تشجيع النمو الاقتصادي لدى الشرائح المتعلمة التي تبحث عن العمل، متوقعاً أن يتعافى النمو ليصل إلى نحو 4٪ في كل من البحرين ومصر عام .2012
ونبه التقرير إلى أنه على الرغم من وجود ضغط تنازلي على أسعار النفط من جانب بعض الحكومات المنتجة التي ترغب في الحصول على رؤية طويلة الأمد للطلب، وكذا وجود ضغوط سياسية من جانب الولايات المتحدة لإبقاء الأسعار في مستويات منخفضة، إلا أن المنتجين أبدوا مخاوف من ارتفاع الأسعار لمستويات عالية للغاية قد تسبب تراجع الطلب، متوقعاً انخفاض سعر النفط في النصف الثاني من العام الجاري، وبداية عام ،2012 فيما تتجاوب الأسواق تدريجياً مع النمو الضعيف في الطلب.
أعلى سعر
حددت هيئة المحاسبين القانونيين في إنجلترا ويلز، أعلى سعر يمكن أن يصل إليه سعر النفط في المدى القصير بنحو 200 دولار للبرميل، لكنها أكدت أن السعر المرتفع سيستمر فترة مؤقتة. وبحسب التقرير، فإن هناك مشكلات أخرى تواجه النمو الأساسي في دول منطقة الشرق الأوسط، منها مستويات الإنتاج الضعيفة نسبياً، وضعف التصدير وفق المعايير العالمية في الاقتصادات غير النفطية.
وبين التقرير أن الانخفاض في حجم الصادرات والواردات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بلغ ذروته في أعقاب التباطؤ الاقتصادي العالمي، إذ تراجع حجم الصادرات والواردات بنسبة 19٪، ثم شهد حجم التداول التجاري في المنطقة قدراً كبيراً من التعافي ليتفوق على ذروته قبل الأزمة في شهر ديسمبر ،2010 لافتاً إلى أن حجم التداول في المنطقة سجل انخفاضاً حاداً في يناير ،2011 إذ انخفضت الصادرات بنسبة 8.4٪ في الفترة بين ديسمبر ويناير الماضيين، ما يعكس أثر الاضطراب السياسي في النشاط الاقتصادي.
ولفت التقرير إلى أن اقتصاد الشرق الأوسط شهد عودة إلى النمو المتين عام ،2010 تماشياً مع التعافي الذي شهده الاقتصاد العالمي، وتوقع أن يرتفع معدل النمو في دول الشرق الأوسط خلال عام ،2011 على الرغم من العلامات الواضحة على التباطؤ التي يبديها الاقتصاد العالمي، لكن هذا النمو سيقل عن النمو المتوقع للدول النامية في آسيا، لافتاً إلى أن دول الخليج ستستفيد بشكل خاص من ارتفاع أسعار النفط وارتفاع معدل الإنتاج والفائض التجاري.
تأثير متباين
ونبه التقرير إلى أن تأثير الطفرة الناشئة عن ارتفاع أسعار النفط يتباين على الاقتصادات الخليجية، لاسيما أن اقتصادات السعودية والكويت وقطر والإمارات تتمتع بأعلى معدل لإنتاج النفط نسبة إلى عدد السكان.
وقال إن إنتاج النفط يشهد نمواً سريعاً في قطر، تليها كل من السعودية وسلطنة عُمان والعراق.
وتوقع التقرير أن تسجل كبرى الدول المصدرة للنفط أقوى معدلات النمو في عام ،2011 مع نمو ثنائي الخانة في قطر، ونمو بنسبة 8٪ في العراق.
وأشار إلى أن الإمارات، التي تعد ثالث أكبر اقتصاد في دول الخليج، من المتوقع أن يكون النمو بمعدل قدره 3.3٪ عام ،2011 مرتفعاً بشكل طفيف عن عام ،2010 لكنه أقل بكثير من النمو الضخم، الذي شهدته الدولة في العقد الذي سبق الأزمة العالمية».
سياسة توسعية
أشارت هيئة المحاسبين القانونيين إلى أن السياسة المالية التوسعية في بعض الدول الخليجية ستعزز من النمو في منطقة الشرق الأوسط، واستشهدت على ذلك بإعلان حكومة السعودية زيادة الإنفاق العام في فبراير بمقدار 36 مليار دولار، ثم الإعلان عن حزمة جديدة من الإنفاق بقيمة 130 مليار دولار في مارس المنقضي.
وتوقعت أن يؤدي ذلك الإنفاق إلى نمو أقوى في السعودية في العام الجاري يبلغ 7٪، وهو المعدل الأعلى منذ عام ،2003 بينما يتوقع تحقيق نمو متين بواقع 4٪ في عام .2012
وأشارت إلى أن «خطط الإنفاق السعودية، التي تتضمن استحداث المزيد من الوظائف في القطاع العام، ورفع رواتب موظفي القطاع العام، وبناء 500 ألف وحدة سكنية إضافية، لن تؤدي إلى رفع الإنتاجية أو النمو على المدى الطويل، مع أنها بالتأكيد ستمنح دفعة للأنشطة الاقتصادية على المدى القصير».