اقتصاديون يتوقّعون نجاح مفاوضات أزمة الدين الأميركي
توقع محللون اقتصاديون نجاح محادثات الفرصة الأخيرة، التي يجريها قادة في الكونغرس الأميركي بشأن الدين الأميركي، وقبل حلول موعد الحاجة إلى رفع سقف الاقتراض الحكومي.
ووصف المحللون الذين استطلعت «الإمارات اليوم» آراءهم، الأزمة التي تمر بها الولايات المتحدة حاليا والمتعلقة بعجز الموازنة الأميركية بأنها «أزمة سياسية بين الحزبين السياسيين الرئيسين في الولايات المتحدة، إذ يحاول الجمهوريون إحراج الرئيس باراك أوباما قبل موعد الانتخابات المقبلة.» وقال المحللون إن «أسواق المال المحلية تأثرت بتلك المشكلة، وفقا لقاعدة أن الأسواق تسبق الأحداث»، لكنهم استدركوا أن الكونغرس لديه الطرق الفنية الكفيلة بمواجهة أزمة سقف الدين الأميركي، في ظل الدعم العالمي لإيجاد حل لها.
الأزمة الأميركية
وتفصيلا، قال مدير تداول المؤسسات في شركة الإمارات دبي الوطني للأوراق المالية، أحمد ميتكيس، إن «الأزمة الأميركية تتلخص في أن سقف الاقتراض الحكومي الأميركي يجب ألا يتعدى 3.14 تريليون دولار، إذ تمنع القوانين الأميركية زيادة هذا السقف على هذا المستوى، وفقا لحسابات اقتصادية خاصة بالموازنة المالية»، وأضاف أن «سقف الاقتراض وصل إلى هذا الحد بالفعل، بسبب الأزمات المالية والاقتصادية التي عانتها أميركا خلال الـ10 سنوات الماضية، والتي فاقم منها حدوث الأزمة المالية العالمية».
وقال ميتكيس إن «المخصصات المالية التي أقرت في الموازنات المتتالية للحكومات الأميركية، أدت في النهاية إلى تكبيد الموازنة عبء زيادة الديون، خصوصا مع ارتفاع الإنفاق على مشروعات التنمية، التي كانت تهدف إلى انعاش الاقتصاد الأميركي».
وأضاف «تلك المخصصات أدت إلى زيادة المخصصات إلى أقصى حد، لدرجة أن سقف الديون الأميركية أصبح أقل من حجم الأموال، التي ترغب الولايات المتحدة في إنفاقها».
سقف الدين
أفاد ميتكيس بأن «عدم رفع سقف الدين لن يمكن الحكومة من ضخ المزيد من الأموال لإنعاش الاقتصاد»، مشيرا إلى أن «الكونغرس ربما يرفض تبعات تلك الخطوة التي تنطوي على مزيد من مخاطر الديون، وما يتبعها من زيادة خدمة الدين سنويا».
وقال إن «الولايات المتحدة أمامها خياران، الأول هو الاستجابة لطلب أوباما برفع سقف الدين، وحينها لا تصبح هناك أي مشكلات، وتستمر خطة أوباما لإنعاش الاقتصاد، أو عدم الموافقة على الخطة، وهنا ينهار الاقتصاد الأميركي». وأضاف «لن يسمح أحد لاقتصاد الولايات المتحدة بالانهيار، فهو مرتبط بكل اقتصادات العالم، والدولار هو عملة التعامل الرئيسة لكل السلع، وبالتالي فإن انهيار اقتصاد أميركا يعني انهيارا اقتصاديا عالميا أكثر قوة ودمارا من كل الأزمات المالية التي شهدها العالم».
فوائد السندات
أكد ميتكيس أن «عدم الثقة بالاقتصاد الاميركي قد يعني توقف الولايات المتحدة عن دفع فوائد السندات، وهو ما يعني بالطبع ضياع حقوق الدول والمؤسسات الدائنة للولايات المتحدة، وبالتالي حدوث انهيار اقتصادي عالمي». مشيرا إلى أن ما يحدث هو مجرد ترحيل لأزمة الديون الأميركية التي لا تنتهي، إذ إن أميركا ستكون مضطرة ربما إلى تسديد انتقائي لديونها، وهو ما قد يؤدي إلى ضياع حقوق دول ومؤسسات، وربما انهيارها أيضا».
وقال إن تلك الأزمة، تصاحبها حاليا زيادة الطلب على الاستثمار في السلع وشراء الذهب، وارتفاع أسعار النفط، وزيادة معدل التضخم، رغم الركود الاقتصادي الذي يعيشه العالم». وأشار إلى أنه «وفقا لقاعدة أن الأسواق تسبق الأحدث، فإن أسواق المال محليا تأثرت بتلك المشكلة، وأن أي انهيار في الاقتصاد الأميركي سيصاحبه انهيار اقتصادات العالم أجمع، وهو ما لا تستطيع أميركا مواجهته، وبالتالي فإنها ستكون مضطرة إلى رفع سقف الدين»، وأضاف «الأزمة سياسية والتركيز عليها ربما هدفه سياسي، وهو إحراج أوباما في الوقت الذي يقترب فيه موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية».
نجاح المحادثات
من جانبه، قال الخبير المالي صلاح الحليان إنه يتوقع نجاح محادثات الفرصة الأخيرة التي يجريها الكونغرس، قبل حلول موعد الحاجة إلى رفع سقف الاقتراض الحكومي»، قائلا إن «الأزمة التي تمر بها الولايات المتحدة حاليا أزمة سياسية في المقام الأول، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية». مشيرا إلى أن «عدم التوصل إلى حل في تلك الأزمة ربما يؤدي إلى تأثيرات في الاقتصاد العالمي»، وأضاف أن «الاقتصاد الأميركي قوي وذو تأثير مباشر في اقتصادات العالم كله، كما أن الكونغرس لديه الطرق الفنية الكفيلة بمواجهة تلك الأزمة، خصوصا في ظل الدعم العالمي لإيجاد حل لتلك الأزمة».
ولفت إلى أنه «ربما يتوجب على الدول الكبرى ان تتكاتف لدعم خطة دعم الاقتصاد الأميركي، إذ إن انهيار الاقتصاد الأميركي سيؤثر في العالم كله». مشيرين إلى أن «حل أزمة الديون الأميركية سيعطي ثقة كبيرة للاقتصاد الاميركي، وبالتالي الاقتصاد العالمي، ومواجهة الازمة العالمية». وأضاف الحليان أن «الجمهوريين ربما يحاولون إضعاف موقف الرئيس الأميركي وإحراجه، فيما توجد التزامات قوية على أوباما في مواجهة تلك المشكلة». وأضاف «أتوقع حل الأزمة سياسيا باتفاق قادة الكونغرس، خصوصا أن تأثيرات تعقد الأزمة ستمتد إلى الاقتصاد العالمي والإقليمي».
أزمة سياسية
من جانبه، قال نائب المدير في شركة غلفمينا للاستثمارات، مروان شراب، إن «الأزمة الحالية في الكونغرس أزمة سياسية أكثر منها اقتصادية»، ولفت «الجمهوريون يحاولون دفع الرئيس الديمقراطي أوباما إلى زيادة الضرائب في الموازنة، وهو الأمر الذي يقلص الفجوة في الميزانية، لكنه يؤثر أيضا في نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة». مضيفا أن «الفشل في التوصل لاتفاق شامل مع اعضاء الكونغرس، حول رفع سقف الديون، قد يدفع اقتصاد البلاد إلى الركود». وقال إن «سيناريو عدم رفع سقف الدين سيؤدي إلى أزمة كبيرة للإدارة الأميركية، إذ لن تتمكن من دفع ديونها، وبالتالي ستلجأ إلى الديون، وهذا ليس خيارا سلبيا، فالاقتصاد الأميركي قادر على زيادة الإيرادات من جانب آخر».
ولفت «هذا هو الفرق بين أزمة اليونان، وأزمة أميركا، فاليونان لديها أزمة اقتصادية لا تمكنها من سداد ديونها، فيما تتعامل اميركا بمنطق ترحيل الديون إلى المستقبل».
وأكد أن تأثر الاقتصاد الأميركي يمتد عموما إلى كل دول العالم، إذ سيؤدي إلى ضعف جاذبية المدن الجاذبة للاستثمار، فضلا عن اتجاه المستثمرين إلى ضخ الأموال في أصول أخرى، مثل سوق السلع والذهب، والاستثمارات ذات العوائد الثابتة».