خبراء نادوا بقصر الترشيح على دورتين وتفعيل حق «العمومية» في عزل الأعضاء
تغييرات مجالس الإدارة تصــب في مصلحة المساهمين
حدد خبراء ماليون عدداً من الأسباب وراء التغييرات المستمرة في تشكيل مجالس إدارات الشركات المساهمة العامة، مؤكدين أنه على الرغم من زيادة عدد الشركات التي شهدت تغييرات في مجلس إدارتها إلى عشرات الشركات، إلا أن هذا الأمر يعد طبيعياً ويصب في مصلحة المساهمين. وقالوا إن من أسباب التغيير امتلاك الحكومات المحلية حصص الأغلبية من رؤوس أموال شركات مساهمة عامة عدة، وسعيها إلى ضخ دماء جديدة مراعاة لمصلحة الشركات، التي تتطلب التغيير بين فترة وأخرى لتعزيز النمو والربحية.
وأضافوا أن من الأسباب المهمة الأخرى، ارتفاع مستوى الوعي الاستثماري، ومعرفة مساهمي الشركات بحقوقهم وواجباتهم، التي ضمنها القانون لهم، وكذا لعب الجمعيات العمومية السنوية دوراً واضحاً في عمليات تغيير مجالس إدارات بعض الشركات، إذ خول القانون لها محاسبة وعدم إبراء ذمة مجالس الإدارة إذا أخفقت في تحقيق أهداف الشركات، لافتين إلى أن قانون الشركات أعطى الجمعيات العمومية الصلاحيات بعزل كل أو بعض أعضاء مجالس الإدارة، حتى لو نص النظام الأساسي للشركة على غير ذلك.
واقترح الخبراء تحديد عدد دورات الترشيح لعضوية مجلس الإدارة، وقصر الأمر على دورتين فقط، لمواجهة ظاهرة تغيب الأعضاء عن حضور اجتماعات مجلس الإدارة، وكذا إحجامهم عن المشاركة بفعالية في إدارة الشركة، نظراً لتمثيلهم في عضوية مجلس إدارة عدد كبير من الشركات في الوقت نفسه. وأشاروا إلى أهمية أن يمنح مجلس الإدارة فترة تماثل دورة اقتصادية وتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات حتى تتاح له الفرصة لتطبيق استراتيجيته في التطوير، وتتم محاسبته بعد ذلك، وتغييره إذا لزم الأمر.
تغييرات مستمرة
وتفصيلاً، قال مدير إدارة الأسهم في بنك أبوظبي الوطني، زياد الدباس، إن «السنوات الماضية شهدت بالفعل تغيير أكثر من 20 رئيس مجلس إدارة شركة مساهمة عامة إماراتية، فضلاً عن استبدال أكثر من 10 أضعاف هذا العدد من أعضاء مجالس إدارة الشركات، ما يعد ظاهرة لافتة للنظر».
مهام مجلس الإدارة حدد نائب الرئيس التنفيذي والرئيس الدولي لقسم التدقيق الداخلي بشركة «بروتيفتي» لاستشارات الأعمال والتدقيق الداخلي وإدارة المخاطر، بوب هيرث، مهام رئيسة أمام مجالس إدارات الشركات. وقال إن «المهام تشمل العمل على ضمان فعالية منهجية تقييم المخاطر المعمول بها في الشركة، ومضاعفة قيمة الشركة واستخداماتها». وأضاف أن «مجلس إدارة الشركة يكون مسؤولاً أيضاً عن تحديث ملف مخاطر الشركة بما يعكس الظروف والأوضاع المتغيرة، وكذا تقييم كفاءات وإمكانات جهة التمويل والتدقيق الداخلي، ورصد البيئة الرقابية الشاملة في الشركة عن كثب، مع السعي لإيجاد مصادر نمو جديدة». وأوضح أن «قائمة المهام تشمل الاهتمام بجودة الاتصالات المالية، ومراقبة البيئة السياسية والاقتصادية المتغيرة والاستعداد لمواكبتها، فضلاً عن ضرورة فهم النتائج المترتبة على تغيير القوانين واللوائح، الاهتمام بالتطورات والاتجاهات التكنولوجية الحديثة»، لافتاً إلى أن «مجالس إدارات الشركات تكون مسؤولة أمام المساهمين عن الاستعانة بالمدققين الخارجيين بفاعلية لحماية حقوق المساهمين ومراقبة أداء الشركة». |
وأضاف أن «هناك أسباباً عدة تقف وراء تلك التغييرات في تشكيل مجالس إدارات الشركات، لاسيما الشركات المساهمة العامة، وأهمها قيام الأسواق المالية».
وفسر ذلك بأن «الأسواق المالية أصبحت تحكم على كفاءة مجالس إدارة الشركات، بحيث تتم مكافأة الشركات القوية التي تحقق نمواً متواصلاً في صافي الأرباح وعائداً متميزاً على رأس المال، من خلال ارتفاع حجم الطلب وزيادة أسعار أسهم هذه الشركات، بما يتناسب ومستوى الأداء»، موضحاً أن «العكس يحدث حين تعاقب الأسواق مجالس إدارات الشركات الضعيفة الأداء التي لم تلبي طموحات وتطلعات وتوقعات مساهميها عبر محدودية الطلب وتراجع أسعار أسهمها».
وأكد الدباس أن «من العوامل المهمة الأخرى ارتفاع مستوى الوعي الاستثماري، ومعرفة مساهمي الشركات بحقوقهم وواجباتهم التي ضمنها القانون لهم».
وأشار إلى أن «الحكومات المحلية في الدولة كان لها دور مهم في عملية التغيير، وفي مقدمتها حكومات أبوظبي ودبي، اللتان تمتلكان حصة مهمة من رؤوس أموال شركات مساهمة عامة عدة، ولهما تمثيل واضح في مجالس إدارات هذه الشركات بما يتناسب وحصتهما في رؤوس الأموال»، لافتاً إلى أن «العمل على ضخ دماء جديدة كان من الأسباب الرئيسة لاتخاذ الحكومات المحلية قرارات التغيير مراعاة لمصلحة الشركات، التي تتطلب التغيير بين فترة وأخرى لتعزيز النمو والربحية».
ونبه الدباس إلى أن «استحواذ بعض كبار المستثمرين على حصة مهمة من رؤوس أموال بعض الشركات المساهمة العامة أدى أيضاً إلى تغيير في مجالس إدارة هذه الشركات، ومنها على سبيل المثال الشركة الوطنية للسياحة والفنادق، ومصرف أبوظبي الإسلامي».
وذكر أن «الجمعيات العمومية السنوية للشركات المساهمة العامة كان لها دور واضح في عمليات تغيير مجالس إدارات بعض الشركات المساهمة العامة، إذ خوّل القانون الجمعيات العمومية محاسبة وعدم إبراء ذمة مجالس الإدارة إذا أخفقت في تحقيق أهداف هذه الشركات»، مبيناً أن «المادة (116) من قانون الشركات أعطت الجمعيات العمومية الصلاحيات بعزل كل أو بعض أعضاء مجالس الإدارة حتى لو نص النظام الأساسي للشركة على غير ذلك».
وشدد الدباس على أن «شغل منصب رئيس مجلس الإدارة أو عضو مجلس الإدارة في الشركات المساهمة في ظل المنافسة القوية والتحديات الكبيرة لم يعد من أجل الوجاهة الاجتماعية وتحقيق المكاسب أو الحصول على المكافآت والتسهيلات أو الحصول على المعلومات المهمة من داخل الشركة، بقدر ما هو تحمل مسؤولية أمام المساهمين والمسؤولين»، مشيراً إلى أن «بعض الدول وضعت آليات محددة لاختيار رؤساء وأعضاء مجالس إدارة الشركات، ووضعت شروطاً مهنية بالنسبة للشركات التي تحتاج إلى كفاءات وخبرات متخصصة في ظل الانفتاح والتطور الاقتصادي العالمي وتطور وسائل التكنولوجيا الحديثة».
نيابة عن المساهمين
من جهته، أفاد رئيس إدارة الاستثمار والأسهم في شركة «آي إن جي لإدارة الاستثمار»، فادي السعيد، بأن «مجلس إدارة الشركات يعد الجهة التي تنوب عن المستثمرين في إدارة الشركة، وتضمن أن تدار الشركة بأسلوب يحافظ على مصلحة المساهمين، ومن ثم يكون من الطبيعي أن تتم في بعض الحالات تغييرات في تشكيل مجالس إدارات الشركات من أجل الصالح العام».
وقال إن «التغييرات التي حدثت في مجالس إدارات الشركات المساهمة العامة في السنوات الماضية، على الرغم من كثرتها نسبياً، إلا أنها تعد أمراً طبيعياً، إذا ما تمت معرفة الأسباب التي أدت إلى حدوثها».
وأضاف أن «من أهم تلك الأسباب أن المساهم الرئيس في تلك الشركات يكون عادة جهة حكومية أو جهة استثمارية تقوم بالتغيير من أجل جذب الكفاءات والأشخاص الأكثر مهارة والأكثر قدرة على تنمية أرباح الشركة وتحسين أدائها».
وأوضح أن «من الأسباب الأخرى للتغييرات في مجالس إدارات الشركات استحواذ شركات على حصة الأغلبية في شركات أخرى، مثلما حدث عند استحواذ بنك دبي الإسلامي على حصة الأغلبية في شركة تمويل، إذ تم تغيير رئيس مجلس إدارة (تمويل) وعدد من أعضاء مجلس الإدارة ليتوافق مع هيكل الملكية الجديد».
وأشار إلى أن «وضع قواعد حوكمة الشركات وبدء تطبيقها بإلزام الشركات المدرجة بتعيين نسبة من الأعضاء المستقلين في مجلس الإدارة، كان من العوامل التي تقف وراء التغييرات في مجالس إدارات شركات، إذ جاء هذا القرار لطمأنة المستثمرين المساهمين في الشركة ووجود من يمثلهم في مجلس الإدارة ويكون بعيداً عن الملكية»، لافتاً إلى أن «تفضيل بعض أعضاء مجلس الإدارة التفرغ لإدارة أعمالهم الخاصة، ووجود بعض حالات تعارض المصالح، أديا إلى تغييرات في مجالس إدارات الشركات المساهمة، لاسيما الكيانات الاقتصادية الكبيرة».
وبين أن «على الرغم من أهمية التغيير في مجلس الإدارة، إلا أن كثرة التغييرات من دون داع قد تهدد استقرار الشركة وتؤدي إلى تخبط إداري في بعض الأحيان».
التغيير ضرورة
من جانبه، رأى المدير المالي الأول في شركة «ضمان للاستثمار»، وليد الخطيب، أن «إحداث تغييرات في تشكيل مجالس إدارات الشركات ضرورة، بغض النظر عن التغييرات في هيكل الملكية أو استحواذ شركات على أخرى».
وقال إن «وجود تشكيل مجلس الإدارة نفسه فترات زمنية طويلة يجعل الشركة عاجزة عن تطوير استراتيجيتها أو النمو، بسبب أن وجود الأعضاء أنفسهم يجعلهم غير قادرين على التطور وتحديث العمل في الشركة وأدائها».
وأضاف أن «التغيير يفيد كذلك في جذب عناصر جديدة لمجلس الإدارة لديها الخبرة والكفاءة المطلوبة للشركة بعيداً عن الملكية التي تتيح عضوية في مجلس الإدارة من دون اشتراط الخبرة أو التخصص في مجال عمل الشركة»، مؤكداً أن «ضمان استمرارية العضوية في مجلس الإدارة يجعل كثيراً من الأعضاء يتغيبون عن حضور اجتماعات مجلس الإدارة، وكذا يحجمون عن المشاركة بفعالية في إدارة الشركة، نظراً إلى تمثيلهم في عضوية مجلس إدارة عدد كبير من الشركات في الوقت نفسه».
وأشار الخطيب إلى أنه «على الرغم من أهمية التغييرات في تشكيل مجلس الإدارة، إلا أن ذلك يجب ألا يحدث بصفة سنوية».
واقترح أن يمنح مجلس الإدارة فترة تماثل دورة اقتصادية، تراوح بين ثلاث وخمس سنوات، حتى تتاح له الفرصة لتطبيق استراتيجيته في التطوير، وتتم محاسبته بعد ذلك، وتغييره إذا لزم الأمر.
وأوضح أن «تحديد عدد دورات الترشيح لعضوية مجلس الإدارة، وقصر الأمر على دورتين فقط أمر ضروري كذلك، حتى يحرص عضو مجلس الإدارة على تطوير نفسه، وتحسن الشركة بالتالي من أدائها، ما يصب في مصلحة المساهمين»، لافتاً إلى أهمية التزام الشركات المساهمة بوجود عدد من أعضاء مجلس الإدارة المستقلين، ما يضمن وجود أعضاء محايدين يضعون المصلحة العامة للمساهمين نصب أعينهم، وينادون بمصلحة الآخرين، بعيداً عن سيطرة الملكية على الإدارة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news