الديون الأوروبية وغياب المحفّــــزات تنعكس سلباً على أداء الأسهم المحلية
واصلت أسواق الأسهم المحلية أداءها السلبي في الأسبوع الماضي، الأمر الذي أرجعه محللون إلى التفاعل مع التطورات الحادثة في البورصات العالمية، وغياب المحفزات والأخبار الجوهرية التي تسهم في تحرك الأسهم صعوداً أو هبوطاً، فضلاً عن حالة حذر وترقب سيطرت على أطراف السوق كافة، وجعلتهم يعزفون عن التداول، بسبب تخوفهم من حدوث مستجدات سلبية على صعيد أزمة الديون السيادية في أميركا وأوروبا.
وقال محللون ماليون إن المستثمرين الأجانب واصلوا سحب السيولة من الأسواق الإماراتية والخليجية عموماً، بعد انخفاضات البورصات العالمية، ما شكل مزيداً من الضغوط على أسعار الأسهم.
وأكدوا أن استمرار الوضع على ما هو عليه، من حيث عدم وجود محفزات داخلية أو خارجية لبيع أو شراء الأسهم، سيجعل أسواق الأسهم المحلية تستمر في السير على النهج ذاته خلال الفترة المقبلة، مشيرين إلى أن الاقتصاد المحلي لديه مقومات خاصة يمكن أن تنعكس إيجاباً على أسواق الأسهم.
ووفقاً لبيانات هيئة الأوراق المالية والسلع، انخفض مؤشر «سوق الإمارات المالي» خلال الأسبوع الماضي بنسبة 0.72٪، ليغلق على مستوى 2521.61 نقطة، فيما شهدت القيمة السوقية انخفاضاً بقيمة مليارين و300 مليون درهم، لتصل إلى 371 ملياراً و400 مليون درهم.
وأظهرت البيانات تراجعاً في معدلات التداول، إذ تم التداول بقيمة إجمالية أسبوعية بلغت 674 مليوناً و350 ألف درهم، توزعت على 10 آلاف و572 صفقة.
أداء سلبي
وتفصيلاً، قال نائب مدير التداول في مركز الشرهان للأسهم، محمد الكسواني، إن «أداء أسواق الأسهم المحلية كان سلبياً عموماً خلال الأسبوع الماضي، لاسيما من حيث تدني معدلات التداول لمستويات تقل عن مستويات التداول حتى في شهر رمضان الماضي»، عازياً ذلك إلى تأثر الأسواق المحلية بالتطورات الجارية في البورصات العالمية.
وأضاف أن «المستثمرين الأجانب واصلوا سحب السيولة من الأسواق الإماراتية والخليجية، بعد انخفاضات البورصات العالمية».
وأوضح أن «من العوامل التي أسهمت أيضاً في تدني معدلات التداول، وتحرك الأسهم ومؤشرات السوق في نطاق ضيق جداً، عدم وجود محفزات للتداول، خصوصاً بعد أن جاءت نتائج أعمال الشركات المصدرة للأسهم عن الربع الثاني ضمن التوقعات، إضافة إلى توقع أطراف السوق أن لا تتضمن أرباح الربع الثالث التي ستعلن قريباً أي مفاجآت إيجابية أو سلبية».
وذكر أن «عدم وجود أي أخبار جوهرية عن الشركات، مثل الإعلان عن توسعات، أو مشروعات جديدة، جعل المستثمرين يعزفون عن التداول، لتوقعهم عدم وجود مؤثرات تدفع أسعار الأسهم للارتفاع أو الانخفاض».
وأشار الكسواني إلى أن «استمرار الوضع على ما هو عليه، سيجعل أسواق الأسهم المحلية تستمر في النهج ذاته خلال الفترة المقبلة»، مبيناً أن «الاستثمار المؤسسي المحلي والأجنبي، لن يعود إلى التداول كما كان في الماضي، طالما استمرت المخاوف من تطورات الأزمات الاقتصادية في دول العالم المختلفة».
وأكد أن «تحقيق الشركات المحلية نمواً واضحاً في أرباحها عن الربع الثالث، أو إعلانها عن أخبار إيجابية، تُبشر بنمو أرباحها في المستقبل، قد يكون أحد العوامل التي ستعيد البريق لأسواق الأسهم المحلية».
أوضاع عالمية
من جهته، أفاد المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، بأن «التأثيرات السلبية لأوضاع الاقتصاد العالمي على أداء الأسواق المحلية استمرت في الأسبوع الماضي، لتضيف عبئاً إلى المشكلات التي تعانيها الأسواق، بسبب عوامل اقتصادية محلية»، مفسراً ذلك بالقول إن «الحذر الشديد من قبل المتداولين، أضاف مزيداً من التضييق إلى نطاق التحرك السعري، ما انعكس على مزيد من التراجع في قيم التداول».
وأوضح أنه «إضافة إلى شح السيولة، وانسحاب أعداد كبيرة من المستثمرين، وتفضيلهم الودائع المصرفية، وتجنبهم مخاطر الأسواق، بعد أن فقدوا الأمل في إمكانية حصول ارتداد مستدام لفترة معقولة، جاء التهويل الإعلامي العالمي لما يجري في الساحة الأوروبية من تحركات تتـعلق بالديون السيادية، ليعمق من قلق من تبقى من المتداولين في الأسواق المحلية».
وأكد أن «الأسواق المحلية استمرت تلاحق المؤشرات الأميركية في حال الهبوط، وتتخلى عن هذا الارتباط معها عندما تكـون في حـالة ارتفـاع»، مشـيراً إلى أنه «وعنـدما تتـماثل المشكلات الاقتصادية من حيث التحسن أو التباطؤ، فإن أداء الأسواق يتماثل، وعندما يتباين أداء الاقتصاد، يتباين معه أداء الأسواق التي تعد مرآة الاقتصاد وتعكس أوضاعه ومشكلاته».
ولفت إلى أنه «خلال الفترة الممتدة من بداية يوليو الماضي، تراجعت الأسواق المحلية بنسبة 4.7٪، بأقل من تراجع الأسواق الأميركية التي كانت ارتفعت بنسب كبيرة خلال الفترة السابقة، فيما كانت أسواق الدولة مستقرة تقريباً منذ بلوغها القاع في مارس 2009».
ونبه الشماع إلى أن «هذا التطابق في الأداء سيزول عندما تكون أوضاع الاقتصاد غير متشابهة، إذ إن عدداً كبيراً من المستثمرين والمتداولين يشكون أن الأسواق المحلية تحاكي الأميركية فقط في أوقات الهبوط، وهذا صحيح فقط منذ فترة ما بعد الأزمة».
وأوضح أن «آثار الأزمة العالمية في الاقتصاد الإماراتي استمرت، فيما تراجعت نسبياً في الولايات المتحدة، نتيجة للخطط التحفيزية القوية المالية والنقدية، إذ ارتفعت مؤشراتها، فيما بقيت المشكلات التي خلفتها الأزمة المالية قائمة في الاقتصاد المحلي، ما أبقى الأسواق المحلية على حالها دون تحسن، نتيجة لحالة الحذر الشديد التي تجعل المتداولين لا يبقون في الأسواق لأكثر من فترات قصيرة قد لا تزيد على يوم واحد، ما جعل الأسواق تتذبذب في نطاق ضيق، وتبقى في مسار شبه أفقي».
وذكر أن «أوضاع التراجع في الاقتصاد الأميركي التي انعكست على أداء مؤشرات الأسواق المالية، لا تعدو في أن تكون حالة عابرة ومؤقتة نتيجة لافتعال التهويل في أزمة الديون السيادية الأوروبية، وبما سيؤول إلى تحقيق نتائج إيجابية للاقتصاد الأميركي تتمثل بالدرجة الأولى في إحداث خفض ملموس وكبير في أسعار فائدة الرهن العقاري».
وأكد أن «أداء أسواق الأسهم المحلية، الذي تراجعت فيه تداولات الأجانب، لم يعد يرتبط بأداء الأسواق العالمية، وإنما بالعوامل الاقتصادية المحلية التي بدورها تتأثر بالاقتصاد العالمي سواء في مجال مباشر مثل النفط، أو غير مباشر مثل أسعار الصرف، أو الفائدة بسبب ارتباط الدرهم بالدولار»، مبيناً أنه «وفي مثل هذه الحالة، ليس من المهم مراقبة أداء أسواق المال العالمية وتتبع حركتها، بل تتبع حركة العوامل الاقتصادية العالمية، وتأثيراتها في أداء الاقتصاد الإماراتي».
ضخ السيولة
وفي السياق ذاته، جدد المستشار الاقتصادي لبنك أبوظبي الوطني، زياد الدبـاس، تأكـيده أن الأسواق المحلية لاتزال بحاجة إلى ضخ مزيد من السيولة، التي يمكن أن تأتي من استثمارات مؤسساتية.
وقال إن «أداء أسواق الأسهم المحلية في الأسبوع الماضي تأثر سلباً بحالة الحذر والتخوف التي سيطرت على تعاملات المستثمرين الأفراد، بسبب تخوفهم من حدوث أي مستجدات سلبية على صعيد أزمة الديون السيادية في أميركا وأوروبا»، مضيفاً أن «المستثمر المحلي أصبح يدرك جيداً الارتباط النفسي بين الأسواق المحلية والبورصات العالمية».
وأشار الدباس إلى أن «نتائج أعمال الشركات في الربع الثالث ربما ستكون أحد المحفزات»، لكنه ذكر أن «أسواق الأسهم المحلية تجاهلت النتائج المالية للشركات عن الربع الثاني، وتراجعت تحت ضغوط المستجدات الاقتصادية على الساحة العالمية»، داعياً إلى ضرورة تراجع المتعاملين في الأسواق المحلية عن اعتقادهم أن العامل الوحيد الذي سيحرك الأسهم المحلية صعوداً وهبوطاً هو أداء البورصات العالمية والإقليمية، إذ إن الاقتصاد المحلي لديه مقومات خاصة يمكن أن تنعكس إيجاباً على أسواق الأسهم.