جدل حول توحيد الفتاوى الشرعية للبنوك تحت مظلة المصرف المركزي
اختلف أعضاء في لجان متخصصة في الفتاوى الشرعية بمصارف إسلامية ومصرفيون، حول توحيد هيئات الفتوى والرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية، ضمن لجنة عليا تتبع المصرف المركزي، على غرار قرار هيئة التأمين بتكوين لجنة عليا للفتوى والرقابة الشرعية في شركات التأمين التكافلي.
ورفض أعضاء لجان الفتوى الآراء التي ترى في اختلاف المنتجات المصرفية، التي تطرحها المصارف الإسلامية، نوعاً من الخلاف بين لجان الفتوى حول شرعية هذه المنتجات، عازين ذلك إلى أن عدم إصدار مصارف إسلامية منتجات طرحتها مصارف أخرى، يرجع أولاً إلى عوامل أخرى، مثل عدم جاهزية المصرف تقنياً وفنياً لإصدار المنتج الجديد، أو لترقب نجاحه وثبوت جدواه الاقتصادية في السوق المصرفية قبل إصداره، أو لأن المصارف ترى أن المنتج الجديد قد لا يكون مناسباً للبيئة التي تعمل فيها.
وتفصيلاً، أكد مدير الشريعة في شركة «موارد للتمويل»، مفتي عزيز الرحمن، أن «توحيد لجان الفتوى الشرعية في المصارف الإسلامية أصبح ضرورة، وهو أمر مطبق في عدد من الدول الإسلامية، مثل باكستان وماليزيا والسودان والبحرين».
واقترح أن «يتولى المصرف المركزي اختيار وتعيين أعضاء اللجنة الموحدة، على أن تكون لجنة مستقلة يتولى المصرف المركزي إلزام المصارف الإسلامية بتنفيذ الفتاوى التوجيهية العادية الصادرة عنها»، محدداً مهام اللجنة الموحدة في إصدار التوصيات العامة، والتنسيق بين لجان الهيئات الرقابة الشرعية الخاصة بكل مصرف، فضـلاً عـن إعداد دورات وندوات وبحوث مساندة، ومعاونة المصرف المركزي في إصدار التوجيهات المتعلقة بالمصارف الإسلامية، خصوصاً الأمور المتعلقة بالأحكام الشرعية والفتاوى الفقهية».
ورفض عزيز الرحمن، الآراء التي ترى في اختلاف المنتجات المصرفية، التي تطرحها المصارف الإسلامية خلافاً شرعياً، مسوغاً ذلك بأنه لا يوجد خلاف أو اختلاف في المبادئ الشرعية، قائلاً إن «كل المذاهب الإسلامية والعلماء وجهات الفتوى متفقة على تلك المبادئ، ولكن الخلاف يأتي من اختلاف وجهات النظر في بعض المسائل الفرعيـة، وهـو أمـر مشروع في الفقه الإسلامي».
كذلك، اقترح المتخصص في الصيرفة الإسلامية، الدكتور غسان طاهر طلفاح، أن «تشكل لجنة للرقابة الشرعية تكون تابعة للمصرف المركزي، وتتولى جمع الفتاوى والبحوث والدراسات الإسلامية لتوفيرها لمن يرغب، من أجل التنويع الذي يمثل إضافة وتقوية للصناعة ذاتها»، لكنه رأى أن «توحيد لجان أو هيئات الفتوى والرقابة الشرعية في المصارف العاملة في الدولة ضمن لجنة واحدة تتبع المصرف المركزي، أو وزارة المالية، أو الأوقاف، يعد نوعاً من التضييق على المصارف الإسلامية، ويصعب تنفيذه فعلياً».
وقال إن «اختلاف المنتجات التي تطرحها مصارف إسلامية لا يمكن اعتباره دليلاً على وجود خلاف شرعي، وإنما يعد ظاهرة صحية تؤكـد أن هناك مصارف اجتهدت في إصدار منتجات حديثـة تختلف عن المنتجات الإسلاميـة التقليديـة في قطاع الصيرفة الإسلامية».
بدوره، ذكر نائب الرئيس التنفيذي لمصرف عجمان، محمد عبدالرحمن أميري، أن «دور هيئات الفتوى في البنوك الإسلامية مهم للغاية، إذ تركز دائماً على مصلحة المجتمع ومصلحة العميل بقدر تركيزها على مصلحة البنك، بعكس البنوك التقليدية التي تركز على مصلحة البنك أولاً وأخيراً».
ولاحظ أن «توحيد تلك الهيئات في لجنة عليا واحدة يؤدي إلى بيروقراطية في اتخاذ القرار، لاسيما في ظل وجود ثمانية مصارف إسلامية في الدولة، وعدد من شركات التمويل التي تعمل وفقاً لمتطلبات الشريعة الإسلامية، ووجود نوافذ إسلامية في البنوك التقليدية الأجنبية العاملة في الدولة».
وأوضح أن «وجود أسماء محددة في لجان الفتوى في بنوك عدة، يرجع إلى نقص الكوادر المؤهلة في الوقت الحالي، خصوصاً أن المنصب يتطلب توافر دراية وخبرة بالعمل في القطاع المصرفي، إلى جانب توافر الخبرات الشرعية»، لافتاً إلى أن «اختلاف المنتجات المصرفية التي تطرحها البنوك الإسلامية لا يمكن اعتباره مؤشراً إلى وجود خلاف شرعي حول هذه المنتجات، إذ إن القرار يرجع في المقام الأول إلى إدارة الفتوى في البنك، وهي التي تقرّ المنتج أو ترفضه بالتشاور في ما بين أعضائها من دون أي تدخل من إدارة البنك».