محللون يطالبون بحلول فعلية للسيــولة وفقدان الثقة بأسواق الأسهم
طالب محللون الجهات المسؤولة عن أسواق الأسهم المحلية، بعدم التعويل كثيراً على قرار مؤسسة «مورغان ستانلي» بشأن ترقية أسواق الإمارات، وضمها إلى مؤشر المؤسسة للأسواق الناشئة، مؤكدين أن الاعتقاد بأن الأجانب سيأتون وينقذون الأسواق المالية، وتحل كل مشكلاتها اعتقاد خاطئ، ويصرف النظر عن إيجاد حلول فعلية لإنقاذ أسواق الأسهم المحلية من الانحدار المستمر سواء في الأسعار، أو أحجام التداول، أو في نقص الثقة التي تعاني منها الأسواق منذ أربع سنوات.
ولفتوا إلى أنه على الرغم من أهمية ترقية أسواق الإمارات ضمن مؤشر «مورغان ستانلي»، فإنه لم يكن متوقعاً أن تتدفق السيولة الأجنبية إلى أسواق الأسهم المحلية بمجرد انضمامها إلى هذه المؤشرات العالمية، مرجعين ذلك إلى أن مصادر تلك السيولة الأجنبية تعاني من مشكلات حقيقية، إذ إن الاقتصاد الأميركي لايزال مهدداً بالانزلاق إلى كساد، والدول الأوروبية تعاني من أزمة تفرض عليها الاحتفاظ بالسيولة داخلياً، في حين أن الدول العربية تشهد تغيرات تفرض عليها ضغوطاً اقتصادية كبيرة وخسائر للشركات.
وأوضحوا أن مشكلة الأسواق المحلية تكمن في السيولة المسحوبة من الاقتصاد الإماراتي، لافتين إلى أنه على الرغم من الأثر السلبي الذي أحدثه قرار «مورغان ستانلي»، فإن تفاصيل القرار تتضمن إشارات إيجابية إلى أسواق الأسهم الإماراتية، أهمها إشادة المؤسسات المالية الدولية بالنظم المطبقة، خصوصاً آلية التسليم مقابل الدفع، فضلاً عن عدم تعليق المؤسسة على انخفاض أحجام التداول في الأسواق الإماراتية، باعتباره أمراً سلبياً يعيق الانضمام.
صعوبات اقتصادية
وتفصيلاً، قالت المحللة المالية في شركة الفجر للأوراق المالية، مها كنز، إنه «على الرغم من أهمية ترقية أسواق الإمارات ضمن (مؤشر مورغان ستانلي)، وما يتولد عنه من مزايا تتمثل في إمكانية دخول سيولة أجنبية جديدة، فإن السيولة الأجنبية لم تكن لتتدفق إلى أسواق الأسهم المحلية بمجرد انضمامها إلى هذه المؤشرات العالمية».
وفسرت أن «أكبر اقتصاد في العالم وهو الولايات المتحدة، لايزال مهدداً بالانزلاق إلى هاوية كساد وربما إفلاس، كما أن الدول الأوروبية لاتزال تعاني من أزمة طاحنة تفرض على الجميع تعزيز الأوضاع المالية والاحتفاظ بالسيولة داخليا».
وأضافت أن «تواتر الأخبار السلبية بشأن جنوح الاقتصاد العالمي إلى ركود، وأزمة الديون السيادية في أوروبا أثرت بشكل كبير في اتجاهات وتفضيلات المستثمرين بالميل نحو خفض نسبة المخاطرة لديهم، والتحول من الأسواق الناشئة إلى استثمارات أكثر سيولة وأمانا»، مشيرة إلى أن «الاستثمارات الأجنبية من الدول العربية تواجه كذلك صعوبات، إذ إن دولاً عربية عدة تشهد ثورات وتغيرات جذرية في النظم السياسية، فرضت عليها ضغوطاً اقتصادية كبيرة، وخسائر للشركات جراء عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية».
ضغوط خارجية
من جهته، ذكر الخبير المالي والمصرفي، نبيل فرحات، أن «الأسواق المحلية تتعرض لضغوط خارجية سواء من شركات التصنيف الائتماني التي أصدرت تقارير توضح أن هناك تحديات قد تواجه البنوك وبعض الشركات شبه الحكومية خلال العام المقبل، أو من شركة (مورغان ستانلي) التي أجلت، وللمرة الثالثة، إضافة الإمارات إلى مؤشر الأسواق المالية الناشئة، معللة ذلك بأشياء إضافية جديدة لم تكن في الحسبان»، لافتاً إلى أن «مثل هذه الأمور أصبحت تبعد المستثمر الأجنبي عن أسواق الأسهم المحلية، وتؤثر في تدفق الاستثمار المحلي إلى السوق المحلية».
ومن وجهة نظر فرحات، فإن من الأفضل للإمارات حالياً أن تسحب طلب الدخول في «مورغان ستانلي»، معللاً ذلك بالتأثير السلبي في سمعة ومكانة الإمارات المالية عالمياً، عند رفض الطلب.
وقال إن «الاعتقاد بأن الأجانب سيأتون وينقذون الأسواق المالية لتحل كل مشكلاتها اعتقاد خاطئ، إذ انه يصرف النظر عن إيجاد حلول فعلية لإنقاذ أسواق الأسهم المحلية من الانحدار المستمر، سواء في الأسعار أو أحجام التداول، أو في نقص الثقة التي تعاني منها الأسواق منذ أربع سنوات مضت».
وحذر فرحات من أن الانحدار المستمر في أحجام التداول وأسعار الأسهم، وحالة نقص الثقة التي تمر بها الأسواق المالية منذ عام 2008 قد تستمر إذا لم يتم اتخاذ إجراءات جذرية لإعادة الوضع الطبيعي إلى ما كان عليه ما قبل الأزمة.
عمليات استباقية
بدوره، قال عضو الجمعية الأميركية للمحللين الفنيين، حسام الحسيني، إن «السبب الرئيس وراء تذبذب أسواق الأسهم صعوداً وهبوطاً خلال الأسبوع الماضي، كان تطورات قرار (مورغان ستانلي) بترقية أسواق الأسهم الإماراتية، وإدراجها ضمن مؤشرها للأسواق الناشئة»، موضحاً ذلك بأن الأسواق شهدت مضاربات استباقية، وزيادة في عمليات شراء الأسهم، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها قبل صدور القرار في نهاية الأسبوع، ثم شهدت السوق عمليات بيع ملموسة ومتوقعة في بداية جلسة الخميس بعد الإعلان عن القرار.
وأضاف أن «عمليات التسييل التي حدثت بعد قرار (مورغان ستانلي) بالتأجيل لم تستمر طويلاً، إذ شهدت الأسواق عمليات شراء نسبية أدت إلى استقرار أسعار معظم الأسهم»، معتبراً أن مثل هذه الأمر يظهر أن عمليات البيع تلك كانت مجرد ردة فعل للقرار ولن يستمر تأثيره لفترة طويلة.
وبرأي الحسيني، فإنه وعلى الرغم من الأثر السلبي الذي أحدثه القرار، فإن التفاصيل تتضمن إشارات إيجابية عن أسواق الأسهم الإماراتية أهمها إشادة المؤسسات المالية الدولية بالنظم المطبقة، خصوصاً آلية التسليم مقابل الدفع، فضلاً عن عدم تعليق المؤسسة على انخفاض أحجام التداول في الأسواق الإماراتية كأمر سلبي يعيق الانضمام.
وأكد أن «الملاحظات التي وردت من قبل المؤسسة كانت بسيطة، ويمكن حلها بسهولة، وهي المطالبة برفع القيود الحمائية على ممتلكات الأجانب في الأسواق المحلية لزيادة الثقة، وهي أمور محققة بالفعل من خلال نظام الحافظ الأمين».
وبين أن «الاعتقاد السائد حالياً هو أن السبب الرئيس لتأجيل انضمام الإمارات للمؤشر، هو رغبة المؤسسة في إدراج سوقي الإمارات وقطر في الوقت نفسه، ما دفعها إلى تأجيل القرار إلى حين تسوية ملاحظات حول الحصة المتاحة لتملك الأجانب بالشركات المدرجة، خصوصاً في الشركات الكبيرة في قطر»، مؤكداً أن «التوقعات لأداء الأسواق المحلية خلال الفترة المقبلة تشير إلى أن الأسواق ستعود للدائرة القديمة من حيث سيطرة صغار المضاربين على التداول، وعودة الارتباط بأداء البورصات العالمية، طالما كان العمق المؤسسي غائباً عن الأسواق المحلية».
سحب السيولة
أما المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، فذكر أن «مشكلة الأسواق المحلية ليست في «مورغان ستانلي»، وإنما في السيولة المسحوبة من الاقتصاد الإماراتي.
وقال إن «أسواق الأسهم المحلية تراجعت في جلسة نهاية الأسبوع بقوة أكبر من المعتاد لسلوكها الذي تحاكي به الأسواق العالمية، وذلك على وقع التأجيل الثالث لقرار إضافة أسواق الإمارات لمؤشر الأسواق الناشئة»، مستدركاً أن «الواقع يظهر أن القرار لم يكن مستبعداً في ظل تباطؤ أداء الأسواق المحلية، وانخفاض قيم التداول وأحجامها، وتراجع سيولة الأسهم التي أصبح من العسير بيعها وشراؤها بالسرعة التي تطلبها المؤشرات العالمية للأسواق».
وتابع: «طوال الأسبوع بأكمله، وباستثناء جلسة آخر الأسبوع، كان التقلب في أداء مؤشر الأسواق الإماراتية وفقاً لتقلب أداء الأسواق العالمية، ما يوحي خطأ بأن الحالة التي تسود في العالم من قلق بشأن مستقبل الديون الأوروبية ومستقبل اليورو والإجراءات المتخذة في دول الاتحاد الأوربي، هي التي تؤجج المخاوف في أسواقنا المحلية».
ونبه إلى أن «واقع الحال مختلف تماماً، إذ إن الأسواق المحلية التي تخلو من المستثمرين القادرين على البقاء في السوق حتى لبضعة أيام، تتأرجح يومياً على وقع مخاوف المضاربين اليوميين من خسائر غير قادرين على تحملها، خصوصاً أن قسماً كبيراً منهم يتداول بأموال لا يمتلكها (شراء على المكشوف)».
وأشار إلى أن «ما يدلل على أن أداء المضاربين اليوميين ينتابه الحذر الذي يعبر عن محدودية مواردهم، وعن عدم امتلاكهم لمعظم أموال المضاربة التي يتداولون بها، هو التراجع المتواصل في قيم التداول التي ما انفكت تتراجع ربعاً بعد آخر، وسنة بعد أخرى، منذ الأزمة المالية العالمية»، لافتاً إلى أن «تراجع قيم التداول يعبر بالدرجة الأساسية عن نضوب السيولة في أيدي المضاربين اليوميين، ولدى المصادر التي تمول الشراء على المكشوف، كما تعبر عن عدم رفد الأسواق بأي سيولة جديدة».