ارتفاع مؤشر «إتش إس بي سي».. وخبراء أكدوا أن الإنفاق نما بعد زوال مخاوف المســـتهلكين حول مستقبلهم الوظيفي

زيادة الطلبيـات المحلية وصادرات الشركات في يناير

الشركات الإماراتية زادت نشاط الــــــــــــــــــــــــــــــــــوحدات الإنتاجية استجابة لزيادة الأعمال الجديدة. تصوير: دينيس مالاري

أكد تقرير لبنك «إتش إس بي سي»، تسجيل زيادة كبيرة في طلبيات الشراء الجديدة لشركات القطاع الخاص الإماراتية غير المنتجة للنفط في بداية عام ،2012 نتيجة حدوث زيادة قوية في طلب المتعاملين من السوق المحلية والأسواق الإقليمية.

وأشار التقرير إلى تسجيل الشركات الإماراتية زيادة في طلبات التصدير الجديدة، ما دفعها إلى زيادة النشاط في وحدات العمل خلال يناير المنقضي استجابة لزيادة الأعمال الجديدة، لافتاً إلى أن الشركات حاولت المحافظة على استراتيجيات الأسعار المنافسة، فلم يتم تمرير زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج إلى المتعاملين الشهر الماضي، لذا كانت أسعار المنتجات ثابتة إلى حد كبير خلاله.

وأيد مسؤولون في شركات محلية ما جاء في التقرير، خصوصاً ما يتعلق بزيادة الطلبيات المحلية والصادرات. وعزوا زيادة الطلبيات المحلية إلى عودة إنفاق المستهلكين لما كان عليه قبل الأزمة العالمية بعد زوال مخاوفهم حول مستقبلهم الوظيفي، فضلاً عن ظهور مؤشرات إلى تحسن قطاعات اقتصادية، مثل قطاع البناء، وزيادة الطلبيات من أبوظبي.

وأشاروا إلى أن زيادة الصادرات جاءت لأسباب عدة، أهمها تركيز الشركات على التصدير إلى أسواق جديدة غير تقليدية، ورفع مواصفات منتجاتها لتتوافق مع المواصفات العالمية، فضلاً عن أن الأزمة الأوروبية أحدثت فراغاً في العملية الإنتاجية، ساعد المنتجات الإماراتية على المنافسة في تلك الأسواق.

وتفصيلاً، أكد تقرير لبنك «إتش إس بي سي»، أن شركات القطاع الخاص الإماراتية غير المنتجة للنفط سجلت زيادة قوية في إجمالي الطلبات الجديدة في بداية عام ،2012 إذ أكدت الشركات حدوث زيادة قوية في طلب المتعاملين من السوق المحلية والأسواق الإقليمية، وتسارع معدل النمو في إجمالي الأعمال الجديدة ليصل إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر.

وأشار التقرير إلى تسجيل الشركات زيادة في طلبات التصدير الجديدة خلال يناير الماضي، موضحاً أن تلك الزيادة جاءت أبطأ من الزيادة في إجمالي الأعمال الجديدة، بسبب أن نشاط الشراء من المتعاملين الأوروبيين ظل معلقاً.

ونبه إلى أن الشركات الإماراتية زادت النشاط في وحدات العمل خلال شهر يناير، استجابة لزيادة الأعمال الجديدة، إذ تسارع نمو الإنتاج لدى الشركات الإماراتية غير المنتجة للنفط بمعدل قوي، ما يعد ثاني أسرع معدل في الأشهر الستة الأخيرة، لافتاً إلى أن المعالجة الجيدة للطلبات وسرعة التسليم من قبل الموردين ساعدا على تقليل الأعمال المعلقة لدى الشركات على مدار الشهر. وبحسب تقرير «إتش إس بي سي»، الذي رصد آراء المسؤولين التنفيذيين في أكثر من 400 شركة تعمل في الدولة في مجالات التصنيع والخدمات والإنشاء والبيع بالتجزئة، فإن أوضاع العمل في القطاع الخاص الإماراتي غير العامل بمجال النفط شهدت تحسناً بمعدل سريع في يناير الماضي، بعد التراجع الطفيف الذي شهده في نهاية عام ،2011 موضحاً أن التحسن في تعافي القطاع جاء معتدلاً، إذ تسارع التوسع في الإنتاج وشهدت الأعمال الجديدة زيادة بوتيرة ملحوظة، في حين ظل التوظيف بطيئاً، وظلت الشركات تخطو بخطى حذرة تجاه زيادة ضغوط التكاليف.

وقال إن مؤشر مديري المشتريات الرئيس في الإمارات (هو مؤشر مركب تم إعداده ليقدم مقياساً رقمياً بسيطاً يسهل فهم الأداء الاقتصادي للقطاع الاقتصادي الخاص غير المنتج للنفط) سجل ارتفاعاً من 51.7 نقطة في ديسمبر الماضي إلى 52.4 نقطة في يناير، معتبراً أن صعود المؤشر فوق مستوى 50 نقطة، يعني وصوله إلى المستوى الذي يفصل النمو عن الركود.

من جهته، قال كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بنك «إتش إس بي سي»، سيمون ويليامز، إن «متطلبات العمل المتزايدة شجعت الشركات على زيادة أنشطة الشراء في يناير المنقضي، خصوصاً بعد أن جاء التوسع في شراء مستلزمات الإنتاج قوياً، ووصل إلى أسرع وتيرة له منذ شهر يوليو 2011»، مضيفاً أنه «على الرغم من ذلك، فإن زيادة أنشطة الشراء لم تتم ترجمتها إلى زيادة في مخزون مستلزمات الإنتاج».

وأكد أن «الشركات غير المنتجة للنفط في الإمارات زادت العاملين لديها بمعدل هامشي فقط في يناير، إذ بدت معظم الشركات محجمة عن زيادة مستويات التوظيف في وحدات العمل لديها لاستمرار قوة ضغوط الكلفة».

ونبه إلى أن «أسعار مستلزمات الإنتاج استمرت إجمالاً في الزيادة خلال يناير الماضي، في حين تراجع معدل التضخم للشهر الثاني على التوالي، إلا أنه ظل أعلى من المتوسط على مدار الدراسة».

وأشار إلى أن «البيانات الأخيرة التي رصدها البنك أكدت أن الزيادة الأخيرة في الأسعار جاءت برمتها تقريباً بسبب ارتفاع أسعار الشراء، إذ جاء تضخم أسعار الشراء قوياً، في حين أبقت الشركات الرواتب من دون تغيير عما كانت عليه في ديسمبر الماضي»، لافتاً إلى أن «الشركات حاولت المحافظة على استراتيجيات الأسعار المنافسة، فلم يتم تمرير زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج إلى المتعاملين في يناير، لذا جاءت أسعار المنتجات ثابتة إلى حد كبير الشهر الماضي».

طلبيات أبوظبي

من جانبه، أيد رئيس مجلس إدارة شركة دبي للكابلات «دوكاب»، أحمد بن حسن الشيخ، ما جاء في التقرير، خصوصاً في ما يتعلق بزيادة الطلبيات في السوق المحلية وزيادة الصادرات، عازياً ذلك إلى ظهور مؤشرات أكيدة إلى تحسن سوق البناء وزيادة طلبيات الشراء من شركات البناء في أبوظبي.

وقال إن زيادة صادرات الشركات المحلية جاءت لأسباب عدة، أهمها: تركيز الشركات على التصدير إلى أسواق جديدة غير تقليدية، ورفع مواصفات منتجاتها لتتوافق مع المواصفات العالمية، فضلاً عن أن الأزمة الأوروبية أدت إلى إغلاق بعض المصانع المنتجة في أوروبا أو اندماج بعضها لمواجهة الأزمة، ما أحدث فراغاً في العملية الإنتاجية ساعد المنتجات الإماراتية على المنافسة في تلك الأسواق، لاسيما أن كلفة الإنتاج في السوق المحلية أصبحت أقل من الأسواق الأوروبية»، مؤكداً أن «الشركات المحلية حافظت على أسعار منتجاتها، على الرغم من ارتفاع كلفة مستلزمات الإنتاج من أجل زيادة تنافسية منتجاتها في السوق المحلية ومواجهة المنافسة الشرسة من الشركات الإقليمية والعالمية التي لجأت إلى خفض هامش ربحها».

وأوضح الشيخ أن «شركات محلية عدة، من بينها (دوكاب)، زادت بالفعل من نشاط الوحدات الإنتاجية لتلبية الطلب المتزايد سواء من السوق المحلية أو من أسواق التصدير».

وفسر ذلك بأن بعض الشركات الصناعية كانت تعمل بأقل من طاقتها الإنتاجية طوال السنوات الماضية، لاسيما بعد تأثرها بتداعيات الأزمة المالية العالمية في عام ،2008 إذ اضطرت شركات إلى تقليص حجم العمالة لديها لتقل قدرتها الإنتاجية، وكان من الطبيعي أن تزيد الشركات نشاط وحدات العمل مع رغبتها في زيادة الطاقة الإنتاجية».

مستقبل وظيفي

بدور، عزا مدير التسويق في شركة لصناعة المواد الغذائية، كامل عبدالله، زيادة مبيعات الشركات في السوق المحلية إلى زوال مخاوف المستهلكين حول مستقبلهم الوظيفي، بعد ظهور مؤشرات مؤكدة إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية للشركات.

وأوضح أن «معظم المستهلكين كانوا يتحفظون في الإنفاق بسبب المخاوف من مستقبلهم الوظيفي، إذ كانوا يشترون الضروريات المعيشية فقط، وتالياً انعكس ذلك على مبيعات الشركات إجمالاً، وتبدل الأمر مع زيادة الاستقرار الوظيفي، إذ عاد الإنفاق إلى معدلاته في بداية العام الجديد، ما زاد الطلبيات في السوق المحلية»، لافتا إلى أن «زيادة الصادرات ترجع في المقام الأول إلى زيادة صادرات الشركات المحلية إلى أسواق عدد من الدول كانت تستقبل صادرات بعض الدول العربية التي تشهد اضطرابات سياسية، ما أدى إلى تراجع العملية الإنتاجية وصادرات تلك الدول».

وأشار إلى أن «ما تناوله تقرير (إتش إس بي سي) حول ارتفاع كلفة مستلزمات الإنتاج ومحاولة الشركات الحفاظ على التنافسية السعرية لمنتجاتها يعد أمراً صحيحاً، لاسيما أن الجهات الرسمية ترفض زيادة أسعار المنتجات التي تعد ضرورية لفئات المجتمع كافة، وأهمها المنتجات الغذائية».

تويتر