طالبت بمظلة موحدة للاستيراد الجماعي.. و«الاقتصاد» مستعدة للتدخل

«تعاونيات»: «العقود الطويلة» مع «الوكيل الحصري» تعرقل الاستيراد المباشر للسلع

قرار تحرير 12 وكالة تجارية شمل مواد تنظيف ومنتجات الألبان والدهون والزيوت والعسل والبيض والعصائر. تصوير: تشاندرا بالان

أكد مسؤولو جمعيات تعاونية في الدولة، أن الوكالات التجارية التي ألغيت في يناير الماضي لاتزال قائمة فعلياً، مشيرين إلى فشل الجمعيات حتى الآن في استيراد سلع غذائية واستهلاكية بشكل مباشر، وفقاً لقرار تحرير الوكالات، على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على صدوره.

وأرجعوا ذلك، إلى رفض شركات دولية توريد السلع للجمعيات مباشرة، نظراً لوجود عقود طويلة المدى مع وكلاء سابقين، فضلاً عن قيام شركات منتجة للسلع بدور «الوكيل»، عن طريق فتح مكاتب لها في الدولة.

وانتقدوا في تصريحات ل «الامارات اليوم» غياب تكتل يجمع الجمعيات أو مظلة موحدة لها، لتنظيم الاستيراد الجماعي المباشر، والحصول على أسعار أقل، للمنافسة في السوق المحلية.

وطالبوا وزارة الاقتصاد بالتدخل لتسهيل عمليات الاستيراد، مشيرين إلى أن الهدف الرئيس من تحرير الوكالات، والمتمثل في خفض أسعار السلع لم يتحقق، وأكدت الوزارة استعدادها للتدخل لحل المشكلات التي تواجه الجمعيات في عمليات الاستيراد المباشر.

يشار إلى أن قرار تحرير 12 وكالة تجارية، الصادر من مجلس الوزراء، وفقاً للقائمة التي أعدتها وزارة الاقتصاد في 22 يناير ،2012 يشمل مواد تنظيف، ومساحيق غسيل، والمواشي الحية، وجميع منتجات الألبان، والدهون والزيوت، والعسل، والبيض، والعصائر بأنواعها، وملح الطعام بأنواعه، والفوط الصحية النسائية، والخميرة، ومياه الشرب بأنواعها، إضافة إلى العلف الحيواني.

عقود قديمة

وتفصيلاً، أكد مدير المشتريات في جمعية الاتحاد التعاونية في دبي، شوقي درويش، أن «الوكالات التجارية التي ألغيت لاتزال قائمة بشكل فعلي، على الرغم من قرار الإلغاء»، لافتاً إلى فشل الجمعيات حتى الآن في استيراد السلع الاستهلاكية بشكل مباشر.

وأضاف أن «هناك عقوداً سارية بالفعل بين شركات دولية مصنعة ووكلاء سلع سابقين، تتضمن شروط البيع والتسويق والتوزيع فترة زمنية طويلة»، مشيراً إلى محاولات عدة للاتصال بشركات كبرى لتوريد بعض السلع التي تم تحريرها من الوكالات التجارية، إلا أن تلك الشركات ترفض ذلك، لأسباب عدة من بينها مراعاة العقود القديمة.

وكشف أن «شركات دولية عدة مصنعة للسلع الغذائية والاستهلاكية، سارعت إلى فتح فروع لها في الدولة، خصوصاً في دبي، وأصبحت هي صاحبة الوكالة، ما أغلق الباب أمام الاستيراد المباشر».

وأفاد بأن «(الاتحاد التعاونية) لجأت إلى مواجهة هذا الوضع عن طريق طرح سلع بديلة تحمل علامة (الاتحاد)، لتحل مكان السلع التي تعسر استيرادها مباشرة، كما تقل أسعارها بنسبة تراوح بين 20 و25٪ عن العلامات التجارية العالمية».

فشل الاستيراد المباشر

من جانبه، قال نائب المدير العام لجمعية أبوظبي التعاونية، فيصل العرشي، إن «الجمعية لم تنجح حتى الآن في أي عملية استيراد مباشر للسلع التي شملها إلغاء الوكالات التجارية في يناير الماضي».

وأوضح أنه «لا يوجد حتى الآن أي اتفاق جماعي مع أي جمعيات أو جهات أخرى على الشراء بصورة جماعية»، لافتاً إلى أنه «لا يمكن لجمعية واحدة أن تستورد بمفردها، لأن الحصول على موافقة الشركة المصنعة على التصدير لغير وكيلها في الدولة، والحصول على أسعار جيدة تقل عن السوق المحلية، أمران يتطلبان شراء كميات ضخمة تغطي احتياجات عدد كبير من الجمعيات فترة طويلة».

وأكد العرشي «ضرورة وجود جهة كبرى تطلع على كميات الطلبيات الخاصة بالجمعيات خلال ستة أشهر أو عام، لتتولى بعدها التفاوض مع الشركات الأم في الخارج باسم الجمعيات، وتحت مظلة واحدة، للحصول على أسعار جيدة تقل عن مستويات الأسعار في السوق المحلية»، مشيراً إلى غياب أي نوع من التنسيق حتى الآن بين الجمعيات.

وأضاف أن «الجمعية جربت الاستيراد المباشر للعديد من السلع ذات العلامات التجارية العالمية، بدلاً من اللجوء للوكيل الحصري، لكنها فشلت نتيجة إصرار الشركة المصنعة على التعاون مع الوكيل السابق فقط»، مستدركاً أن «أصحاب الوكالات القديمة يسعون بشتى الصور إلى السيطرة على السوق، وعدم السماح بدخول مستوردين جدد».

وذكر أن «هناك شركات دولية لجأت خلال الفترة الماضية إلى افتتاح مكاتب لها في الدولة، خصوصاً في أبوظبي ودبي، لتقوم بدور الوكيل المحلي وتتعامل مع تجار التجزئة مباشرة»، داعياً الجهات الحكومية إلى الاتصال مع حكومات الدول التي تعمل ضمنها تلك الشركات الرئيسة، لإيضاح الموقف، ما يمنح ثقلاً ويدعم القطاع الخاص الإماراتي في هذا المجال.

جهد جماعي

إلى ذلك، قال مدير المشتريات في جمعية «الظفرة» التعاونية، علي عبدالفتاح، إن «الجمعية فشلت في استيراد أي منتج تم إلغاء وكالاته التجارية الخاصة»، مؤكداً أن نجاح الاستيراد المباشر يتطلب جهداً جماعياً بقيادة جمعية كبرى أو اتحاد جمعيات، لأن ذلك سيؤدي إلى الحصول على السلع بأسعار أقل، ويخفض مسؤوليات التسويق.

من جانبه، أفاد رئيس جمعية «الإمارات التعاونية»، فريد الشمندي، بأن «الجمعية لا تفكر في استيراد العلامات العالمية للسلع التي تم تحرير وكالاتها التجارية»، مشيراً إلى أن الجمعية توفر منتجات بديلة بجودة عالية وأسعار أقل تحت اسم «التعاون»، بدلاً من استيراد علامات تجارية بأسعار مرتفعة.

أما المدير العام لجمعية «العين» التعاونية، ولاء الراشد، فذكر أن «الاستيراد المباشر للعلامات العالمية يتطلب استيراد كميات كبيرة، للحصول على حسومات سعرية كبيرة، ما يتطلب تحالفات على مستوى عالٍ بين الجمعيات»، لافتاً إلى أن وضع الجمعيات الحالي، والمتعلق بحجم مبيعاتها واحتياجاتها قصيرة المدى من السلع الغذائية والاستهلاكية، وعدم وجود مخازن كبيرة لدى معظمها، لا يسمح بالاستيراد بكميات كبيرة.

وقال إنه «لا يوجد أي اتفاق حالياً بين الجمعيات للاستيراد المباشر»، متفقاً مع نظيريه عبدالفتاح، والعرشي في ضرورة وجود جهة موحدة تعمل تحتها الجمعيات التعاونية، وتتولى مخاطبة الشركات الكبرى باسمها، فضلاً عن التنسيق بين الجمعيات، ومعرفة احتياجاتها، وتنظيم عملية الاستيراد، وتخزين السلع، وتسلمها من الموانئ.

وتابع أن «الجهة الوحيدة التي تستطيع القيام بهذا الدور هو الاتحاد التعاوني الاستهلاكي، خصوصاً أن جميع رؤساء الجمعيات هم أعضاء في مجلس إدارته».

وأرجع الراشد غياب الاستيراد الجماعي المباشر، إلى معارضة جمعيات كبرى في الدولة، وعدم تحمس جمعيات أخرى للفكرة أصلاً، قائلاً إن «هناك مصالح تحرك بعض الجمعيات التي تستفيد من استمرار هذا الوضع، باعتبار أن الاستيراد عن طريق جهة مركزية، يعيق حركتها في التعامل مع الموردين». وأكد أن «الاستيراد الجماعي يجعل الجمعيات التعاونية مصدر قوة، وذات وزن وتأثير في السوق وتساعد على خفض الأسعار».

مستعدون للتدخل

وفي السياق ذاته، قال رئيس الاتحاد التعاوني الاستهلاكي، ماجد رحمة الشامسي، إن «هناك محاولات تجرى للاستيراد الجماعي المباشر، إلا أن نتائجها لم تظهر حتى الآن، ولايزال من المبكر التنبؤ بها»، مضيفاً أن «الأمر يحتاج إلى وقت طويل».

أما وكيل وزارة الاقتصاد، محمد الشحي، فقال إن «الوزارة تشجع عمليات الاستيراد الجماعي المباشر لخفض الأسعار في السوق»، مؤكداً استعداد «الاقتصاد» للتدخل، لحل المشكلات التي تواجه عمليات الاستيراد المباشر خلال الفترة المقبلة. وأضاف أن «قرار تحرير الوكالات التجارية هو لحماية مصالح المستهلكين، ومواجهة أي عمليات احتكار تؤدي إلى عدم استقرار السوق».

تويتر