محللون يطالبون بإجراءات فعالة لتحفيز المؤسسات وتقليل نسبة استثمارات الأفـــــــــــراد من التعاملات اليومية

مخاوف نقص السيولة تعيد التقـــلبات السعرية الحادة إلى الأسهم

صورة

نبه محللون ماليون إلى احتمال تردي أوضاع السيولة في السوق المحلية، نظراً لوجود عوامل عدة تشير إلى ذلك، منها اشتداد أزمة الديون السيادية الأوروبية، ما يعني أن السيولة الأجنبية التي كان يمكن الحصول عليها عبر أسواق مالية عالمية، لن تتوافر حالياً للشركات والمصارف المحلية، نظراً لحاجة هذه الدول إلى تلك السيولة لمعالجة مشكلاتها الداخلية.

ولفتوا إلى أنه في ظل نقص السيولة، فإن أسواق الأسهم المحلية ستستمر في معاناة التقلبات السعرية الحادة، إلى حين اتخاذ إجراءات جذرية لمعالجة وضع السيولة في المصارف، وانتشارها بشكل عادل في الاقتصاد المحلي.

عوامل أثرت في سيولة المصارف

حدد الخبير المالي والمصرفي، نبيل فرحات، ثلاثة عوامل رئيسة أثرت في السيولة في المصارف المحلية، وهي: عدم قدرتها على استقطاب سيولة جديدة كافية، نتيجة نضوب السيولة العالمية، بسبب أزمة الديون السيادية العالمية، وتأجيل بعض الشركات الحكومية سداد القروض المستحقة لمصارف في مواعيدها، ما يعني أن المصارف ستضطر للضغط على متعاملين آخرين لتوفير هذه السيولة، وأخيراً زيادة الطلب، ومزاحمة الشركات الكبيرة للسيولة المتوافرة في المصارف، وتالياً احتكارها وإقصاؤها عن الشركات الصغيرة والمتوسطة والأفراد».

وحدد المحللون عوامل أثرت سلباً في أداء أسواق الأسهم المحلية في الأسبوع الماضي، أهمها تأثر البورصات العالمية، والإقليمية تباعاً، بعدد من المؤثرات، مثل تراجع أسعار النفط، والتطورات على الساحة الإيرانية، واحتدام أزمة الديون الأوروبية، فضلاً عن حاله عدم الاستقرار في دول محيطة بدول مجلس التعاون الخليجي.

وقالوا إن الخلل الهيكلي في السوق والمتمثل في سيطرة الأفراد على التعاملات، وتحكم المضاربين في السوق، أدى إلى خروج أموال مضاربية بشكل كبير بعد عمليات بيع عشوائي، امتدت على مدار الأسبوع، وزادت حدتها في آخر جلستي تداول.

وأكدوا أن قلة عدد المؤسسات المحلية، وإحجام الصناديق السيادية المحلية عن التعامل في أسواق الأسهم الإماراتية، أديا إلى تجاهل المحفزات المحلية لصعود الأسهم، وأهمها نتائج الأعمال الإيجابية للشركات عن الربع الأول، مشددين على أهمية تبني الجهات المسؤولة عن أسواق الأسهم دراسة شاملة تحدد فيها الآليات التي تكفل تحفيز الطلب من قبل المؤسسات المالية، وتقليل نسبة الاستثمار الفردي من التعاملات اليومية، مع ضرورة الاستعانة بتجارب الدول المختلفة في هذا الشأن.

بيع عشوائي

وتفصيلاً، وصف مدير إدارة الأسهم في بنك أبوظبي الوطني، زياد الدباس، ما يحدث في أسواق الأسهم المحلية بأنه «حالة من بيع عشوائي غير منطقي، نتجت عن اختلال هيكلي في السوق، تمثل في سيطرة أفراد على التعاملات، وتحكم مضاربين في السوق». وقال إن «أسواق الأسهم الإماراتية أصبحت تتميز بميزة غير موجودة في بورصات أخرى، وهي أن تعاملات الأفراد غير المؤهلين تتم خارج الصناديق الاستثمارية، بعكس دول العالم التي يستثمر الأفراد فيها في الأوراق المالية عبر صناديق استثمارية تتوافر لديها خبرات وكفاءات لاتخاذ قرارات استثمارية سليمة».

وشدد الدباس على أهمية تبني الجهات المسؤولة عن أسواق الأسهم، لدراسة شاملة تحدد فيها الآليات التي تكفل تحفيز الطلب من قبل المؤسسات المالية، وتقليل نسبة الاستثمار الفردي من التعاملات اليومية، مع ضرورة الاستعانة بتجارب دول مختلفة في هذا الشأن.

وأوضح أن «قلة عدد المؤسسات المحلية المستثمرة في أسواق الأسهم المحلية من شركات تأمين ومحافظ حكومية، وإحجام صناديق سيادية محلية عن التعامل في أسواق الأسهم الإماراتية، جعلا تعاملات الأجانب هي القادرة على تحريك السوق، رغم قلتها».

عوامل مؤثرة

وحدّد الدباس عدداً من العوامل أسهمت في فقدان أسواق الأسهم المحلية المكاسب التي حققتها من الارتفاعات التي حدثت في بداية العام الجاري، أهمها تأثر البورصات العالمية والإقليمية تباعاً بمؤثرات مثل تراجع أسعار النفط، والتطورات على الساحة الإيرانية، وأزمة الديون الأوروبية، فضلاً عن الانتخابات الفرنسية.

وأشار إلى أنه «على الرغم من وجود عوامل خارجية تؤثر سلباً، فإن العوامل الداخلية كان يجب أن تكون محفزاً لصعود الأسهم، وأهمها نتائج الأعمال الإيجابية للشركات عن الربع الأول من العام الجاري»، لافتاً إلى أن سيطرة المضاربين على التعاملات، جعلت الأسهم لا تتفاعل مع تلك الأعمال الإيجابية، بل على العكس، باع مضاربون، لجني أرباح، استغلالاً لتلك النتائج.

تقلبات السيولة

من جهته، قال الخبير المالي والمصرفي، نبيل فرحات، إن «أداء أسواق الأسهم تأثر سلبياً بالتقلبات الحادة للسيولة المحلية، ما انعكس سلباً على الأسواق».

وقال إن «هناك عوامل عدة تشير إلى احتمال تردي أوضاع السيولة في السوق المحلية، منها عودة ملف الديون اليونانية إلى الواجهة، واحتدام أزمة الديون السيادية الأوروبية»، موضحاً أن «مثل هذا الأمر يعني أن السيولة الأجنبية التي كان يمكن الحصول عليها عبر أسواق مالية عالمية، لن تتوافر حالياً للشركات والمصارف المحلية، نظراً لحاجة هذه الدول إلى السيولة لمعالجة مشكلاتها الداخلية».

وأضاف أن «من الأسباب الأخرى المتعلقة بالسيولة، التي أثرت في الأسواق المحلية، عدم الاستقرار الأمني والسياسي في دول محيطة بدول مجلس التعاون الخليجي».

وأكد أن «تلك الحالة أدت إلى تخوف من قبل المستثمرين، من احتمال تقليص تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة حالياً، إلى حين استقرار الأوضاع»، مبيناً أن «التخوفات من نضوب السيولة العالمية، تحدث في وقت فيه حاجة للسيولة في الداخل، لإعادة جدولة وسداد الديون المستحقة على شركات شبه حكومية في الدولة».

ونبه فرحات إلى أن عدم قدرة الشركات شبه الحكومية على الاقتراض من الخارج، أدى إلى توجهها إلى مصارف محلية للاقتراض، ما يؤدي إلى عدم توافر السيولة الكافية لدعم الأنشطة المختلفة، لافتاً إلى أن «معظم السيولة المتوافرة تذهب إلى شركات محدودة، معظمها تابع لجهات حكومية تحتاج أيضاً إلى هذه السيولة لسداد قروض مستحقة».

وشدد على أن «هناك حاجة إلى تقييم الوضع الحالي في المصارف، من حيث توفير سيولة كافية لدعم الشركات شبه الحكومية، وفي الوقت ذاته توفير سيولة كافية لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتالياً دفع حركة الاقتصاد الحقيقي إلى الأمام».

وأشار إلى أنه «على الرغم من محاولة المصرف المركزي معالجة موضوع تمركز القروض المصرفية عند شريحة معينة من الشركات الكبيرة، فإنه لوحظ أخيراً التفاف بعض من هذه الشركات على الموضوع، من خلال اللجوء إلى طرح أدوات ائتمانية جديدة، أو الحصول على استثناءات، ما ينذر بأن مشكلة السيولة لا حل لها، إلا بإمداد الاقتصاد والمصارف بسيولة إضافية، كما حدث في الولايات المتحدة، إذ تم ضخ سيولة حكومية لأهداف تمويل معينة، تخدم توسع أعمال الشركات الصغيرة والمتوسطة فقط»، لافتاً إلى أنه «في ظل نقص السيولة، فإن أسواق الأسهم المحلية ستستمر في معاناة التقلبات السعرية الحادة، إلى حين اتخاذ إجراءات جذرية لمعالجة وضع السيولة في المصارف، وانتشارها بشكل عادل في الاقتصاد المحلي».

تجاهل الإفصاحات

بدورها، أرجعت رئيسة قسم البحوث في شركة الفجر للأوراق المالية، مها كنز، تراجع أداء أسواق الأسهم المحلية إلى عمليات بيع على مدار الأسبوع، ازدادت حدتها خلال جلستي نهايته.

وقالت إن «عمليات البيع تلك لم تراع النتائج الجيدة الواردة ضمن افصاحات الشركات خلال الأسبوع، إذ لم يلتفت إليها المتعاملون، فكان الوضع يعبر عن خروج (أموال مضاربية) بشكل كبير، تأثراً بأخبار سلبية واردة من منطقة اليورو، وهبوط أسواق مجاورة».

ودللت على صحة حديثها، بالإشارة إلى ما تم إعلانه عن نمو أرباح شركة سوق دبي المالي بنسبة 1286٪ من 2.19 مليون درهم، إلى 30.5 مليون درهم في الربع الأول من العام الجاري، إذ وصلت قيمة التداولات في السوق خلال الربع الأول من العام الجاري إلى 20.5 مليار درهم، مقارنة ب10.9 مليارات درهم في الفترة المماثلة من العام الماضي». وأكدت أن «سهم (سوق دبي) لم يتحرك تفاعلاً مع تلك النتائج، سواء قبل الإعلان عنها، أو عقب الإعلان عنها، إذ بدأ السهم العام عند مستوى 1.03 درهم، ثم واكب الحركة الإيجابية للأسواق خلال يناير وفبراير الماضيين، حتى بلغ أعلى مستوياته 1.34 درهم في مارس الماضي، ليبدأ تصحيحاً سعرياً، حتى وصل مع انخفاضه الأسبوع الجاري إلى المستوى نفسه الذي بدأ به العام قرب درهم الواحد.

تويتر