«دبي الاقتصادي» يطلق مبادرة لتقوية البنية القانونية في الدولة وإعداد قضاة متخـــــــــصصين
قانون الإفلاس قبل نهـاية 2012
أكدت وزارة العدل أن الإمارات ستصدر قانوناً للإفلاس وإعادة هيكلة الشركات قبل نهاية العام الجاري.
وفي وقت دعت فيه الوزارة خلال افتتاح «مؤتمر السياسات العالمي» الذي نظمه مجلس دبي الاقتصادي أمس، تحت عنوان «نحو تشريع قانوني لإعادة الهيكلة المالية والإفلاس من أجل تنمية اقتصادية مستدامة»، إلى إيجاد بيئة قانونية فعالة، تزيد الثقة بمجموعة التشريعات القائمة والمعتمدة في الدولة، اعتبر مجلس دبي الاقتصادي، أن أهمية وجود قانون للإفلاس وإعادة الهيكلة المالية، تكمن في طمأنة المستثمر الأجنبي والمحلي بالحماية في حال صعوبات الإيفاء بالتزاماتهم إزاء الدائنين، مطلقاً مبادرة استراتيجية لتهيئة البنية التحتية القانونية المناسبة، لتطبيق مشروع القانون خلال الفترة المقبلة.
وشدد المحاضرون في المؤتمر على ضرورة وجود كادر متخصص في المؤسسات القضائية، يتعامل مع عمليات الإفلاس، لافتين إلى ضعف النصوص والأحكام القانونية المتعلقة بالتصفية ومحدوديتها في الدولة.
قانون للإفلاس
وتفصيلاً، قال وزير العدل، الدكتور هادف بن جوعان الظاهري، إن «الإمارات ستصدر قانوناً للإفلاس وإعادة هيكلة الشركات قبل نهاية العام الجاري»، مشيراً إلى أن «دراسة القانون تأتي ضمن مجموعة مشروعات قوانين مهمة تدرسها لجان متخصصة في وزارة العدل حالياً، ومنها قانون اتحادي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقانون اتحادي بشأن التحكيم في المعاملات المدنية والتجارية».
وأضاف خلال افتتاح المؤتمر أن «اللجنة الوزارية للتشريعات انتهت من مناقشة مجموعة مهمة من تشريعات في طريقها إلى الإقرار النهائي، والإصدار عبر القنوات الدستورية في الدولة، من بينها مشروع قانون الشركات، ومشروع قانون اتحادي بشأن الدين العام، ومشروع قانون اتحادي بشأن ضمان الأوراق المالية بين البنوك، ومشروع قانون اتحادي بشأن المنافسة.
وأكد أن «الوزارة عملت خلال السنوات الأربع الماضية، بالتعاون مع وزارات وهيئات اتحادية أخرى، وشركاء محليين، على إصدار تشريعات تتعلق بالشأن الاقتصادي والمالي، وتعديل بعض أحكام قوانين سبق إصدارها»، مشيراً إلى إصدار قانون المعلومات الائتمانية، وقانون الإيرادات العامة للدولة، ومرسوم إنشاء مصرف الإمارات للتنمية.
وأشار الظاهري إلى أهمية التنسيق بين وزارة العدل والمؤسسات الوطنية العاملة في المجالات الاقتصادية والمالية لإيجاد بيئة قانونية فعالة»، قائلاً إن «ذلك يؤدي إلى زيادة الثقة بمجموعة التشريعات القائمة والمعتمدة في الدولة».
وأفاد بأن «اقتصاد الإمارات هو ثاني أكبر اقتصاد عربي، إذ جاوزت التجارة غير النفطية لدبي خلال عام 2011 تريليون درهم»، موضحاً أن «المؤتمر يكتسب أهمية في ظل توجه الإمارات لاستصدار قانون حديث يتواءم مع أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال».
وذكر أن «وزارة العدل تعد دورات تدريبية للقضاة الذين سيتولون مسؤولية تطبيق نصوص القانون، كما ابتعثت مجموعة قضاة شباب إلى الولايات المتحدة للتخصص المتعمق في مجال قوانين الإفلاس والإعسار»، داعياً الهيئات القضائية المحلية للسير على المنوال نفسه، للتحضير لتطبيق القانون بشكل يواكب التطورات والمستجدات المحلية والدولية في هذا المجال.
طمأنة المستثمر
من جانبه، قال الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي، هاني الهاملي، إن «دول المنطقة تفتقر إلى قانون فاعل لإعادة الهيكلة المالية والإفلاس، ما أسهم بالتأثير في جاذبية البيئة الاستثمارية، وضياع فرص النمو»، لافتاً إلى أن «أهمية القانون تكمن في طمأنة المستثمر الأجنبي والمحلي بحمايتهم، في حال وجود صعوبات في الإيفاء بالتزاماتهم إزاء الدائنين».
وأضاف أن «منظومة الإفلاس في دول المنطقة، وفي إطار سعيها لتحسين مناخ الاستثمار، ركزت على إزالة المعوقات أمام مزاولة الأعمال، بينما أهملت مسألة الخروج الآمن والسلس للمنشآت المتعثرة من السوق»، مشيراً إلى «مشكلة طول فترة الحصول على عائدات الإفلاس، وارتفاع معدل كلفتها من قيمة الأصول، وانخفاض معدل التغطية».
وأوضح أن «البيئة القانونية هي إحدى أضلاع مثلث التنمية المستدامة، إذ تأتي فضلاً عن البيئة الاقتصادية، وقوامها سوق فاعل يعمل في مناخ تنافسي، إضافة إلى البيئة السياسية والأمنية التي توفر المناخ الآمن للاستثمارات».
ونبه إلى أن «من شأن عدم تلبية استحقاقات الشرط التنظيمي، أن يؤدي إلى بعثرة الجهود التنموية، وتصدع المناخ الاستثماري، ما ينذر بعواقب وخيمة بالنسبة لبيئة الأعمال ككل وسوق العمل ومستقبل الأجيال المقبلة».
وأكد الهاملي أن «المخاطر التجارية وحالات تعثر الشركات عن الإيفاء بالتزاماتها تزداد، وبالتالي اضطرار بعضها لإشهار إفلاسها»، مضيفاً أن «مئات الشركات المتعثرة في دول العالم لاتزال تمارس نشاطاتها حتى اليوم بفضل وجود قوانين مرنة خاصة بإعادة الهيكلة المالية والإفلاس، والتي أفضت إلى حمايتها من مطالبات دائنيها، وسعيهم لتصفية أصول تلك الشركات لاسترجاع حقوقهم في أسرع وقت».
وشدد على ضرورة وجود قانون واضح ينظم عملية إعادة الهيكلة المالية والإفلاس للشركات التي تتعرض لاهتزازات كبيرة وإعسار مالي، وتطبيق لوائح شفافة بشأن خروج مثل هذه الشركات من السوق، مبيناً أن ذلك يؤدي إلى زيادة مرونة الاقتصاد الوطني من حيث إمكانية مواكبة المتغيرات، وتمكين المنشآت من تحقيق أعلى أداء ممكن، وبالتالي دفع عجلة النمو قدماً.
وأوضح أن «اتخاذ الإمارات خطوة متقدمة وصياغة مشروع اتحادي بشأن إعادة الهيكلة المالية والإفلاس، يهدف إلى تعزيز الاستدامة القانونية».
وأطلق الهاملي مبادرة استراتيجية تستهدف تقوية البنية التحتية القانونية، والإطار التنظيمي للإمارات، وهي مشروع شراكة استراتيجية بين مجلس دبي الاقتصادي ووزارة العدل، وبرنامج تطوير القانون التجاري التابع لوزارة التجارة الأميركية، يعدّ بمقتضاها الأخير برامج تدريبية متقدمة للكادر الفني من قضاة، ومساعدي قضاة، ولجان قانونية.
وذكر أن «المبادرة تهدف إلى تهيئة البنية التحتية القانونية المناسبة لتطبيق مشروع قانون إعادة الهيكلة المالية والإفلاس، وسائر مشروعات القوانين الاقتصادية التي تعتزم الحكومة إطلاقها خلال الفترة المقبلة».
وقال إن «دور البرنامج الأميركي في إعداد البرامج التدريبية للكادر الفني في الدولة، يعني السعي إلى استفادة مؤسسات الأعمال الأميركية من النمو الحاصل في الأسواق الخارجية، نتيجة للتحسينات التي تحدثها هذه الأخيرة في بنيتها التنظيمية والتشريعية، ما يعزز مفاهيم الحوكمة، والشفافية، والعدالة».
تعزيز بيئة الأعمال
إلى ذلك، قال رئيس الرابطة الدولية لمتخصصي إعادة الهيكلة والإعسار والإفلاس في بريطانيا، جوردن ستيوارت، إن «أهمية قانون إعادة الهيكلة المالية والإفلاس تكمن في تعزيز بيئة الأعمال لأي دولة»، مضيفاً أن الحيلولة دون وصول حالة المدينين والمعسرين إلى المحاسبة، هو الهدف الرئيس لقانون الإفلاس، إذ يعمل على النهوض بإمكاناتهم، وتبني طرق بديلة لتسوية المنازعات مع الدائنين، للتوصل إلى أفضل حل لهذا الإشكال».
وأكد ستيوارت ضرورة وجود كادر متمرس في المؤسسات القضائية، يتعامل مع عمليات الإفلاس، وما تتطلبه من عمليات إعادة هيكلة مالية، وفض المنازعات التي تنشب بين الدائنين والمدينين، وتقدير الأصول، لافتاً إلى أهمية سيادة ثقافة أعمال تسعى إلى ترسيخ مفاهيم إعادة الهيكلة المالية، والشفافية، والحوكمة.
في السياق ذاته، قال المدير الرئيس في إدارة أمانة سر مجلس إدارة مصرف الإمارات المركزي، إسماعيل البلوشي، إن «لدى المصرف المركزي اختصاصات في إعادة هيكلة، وانقضاء، وتصفية، وشطب الجهات الخاضعة لرقابته»، مشيراً إلى أن «الاختصاصات تتضمن تحوّل، واندماج، وانقضاء، وتصفية وشطب المصارف التجارية».
وأضاف أن «واحداً من أهم المعوقات والصعوبات التي واجهت المصفّين في حالات سابقة في الإمارات، كانت ضعف النصوص والأحكام القانونية المتعلقة بالتصفية، ومحدوديتها».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news