تفاؤل «متواضع» للمنشآت الصناعية في أبوظبي بالأوضاع الاقتصادية الحالية
أصدرت إدارة الدراسات بدائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، مؤشر أداء القطاع الصناعي للربع الأول من العام الجاري، وذلك ضمن عدد من المؤشرات التنموية.
وسجل المؤشر العام لأداء القطاع الصناعي نحو 13.6 نقطة، عاكساً مستوى من التفاؤل، ويعزى السبب في تواضع مستوى التفاؤل لدى المنشآت الصناعية إلى انخفاض تفاؤلها تجاه الأوضاع الحالية، إذ أبدت المنشآت الصناعية مستوى ضئيلاً جداً من التفاؤل إزاء الوضع الحالي بلغ نحو 2.78 نقطة، عاكساً بذلك الكثير من التحديات التي تواجه المنشآت الصناعية في أبوظبي بوجه عام، بحسب «اقتصادية أبوظبي».
وجاءت نتائج المؤشر على مستوى المناطق الجغرافية (أبوظبي، العين، المنطقة الغربية) لتعكس التفاؤل الأكبر من جانب المنشآت الصناعية بالمنطقة الغربية بنحو 36 نقطة، تليها مدينة العين بنحو 18 نقطة، وأخيراً منطقة أبوظبي بنحو 16 نقطة، ويأتي ذلك نتيجة استشعار المنشآت في المنطقة الغربية الحجم الكبير للاستثمارات الحكومية التي بدأت تتجه نحو المنطقة بكثافة، والإعلان عن البدء في بناء مناطق صناعية ومنطقة حرة في الرويس ومدينة زايد، ما يعزز آفاق العمل في المنطقة الغربية، وهذا نتيجة تفاؤل المنشآت الصناعية هناك بالنسبة للمبيعات في السوق المحلية أو الدولية، وكذلك ارتفاع حجم الإنتاج والمخزون.
ويعد مؤشر الصناعة من أهم مؤشرات الثقة، إذ يمكن من خلاله قياس درجة ثقة المنشآت الصناعية في الأداء الحالي للاقتصاد والأداء المتوقع له مستقبلياً، وذلك من خلال إجراء مسوح أو استطلاعات رأى المسؤولين في هذا المجال، باعتبارهم الأقدر على التقييم وفقاً لما تتعرض له أعمالهم من ازدهار أو تعثر، وانعكاس ذلك بالتالي على خططهم المستقبلية.
وانخفض مستوى التفاؤل لدى المنشآت الصناعية إزاء الوضع المستقبلي العام الجاري مقارنة بمستواه العام الماضي، إذ بلغ نحو 24.5 نقطة عام ،2012 مقارنة بنحو 28.9 نقطة خلال عام .2011
أما المنشآت الاقتصادية، فعبرت عن تفاؤلها إزاء الأوضاع الاقتصادية للإمارة بشكل عام، إذ سجلت نحو 33 نقطة، فيما كان مستوى التفاؤل أكبر إزاء الأوضاع الاقتصادية المستقبلية للإمارة، في حين أبدت المنشآت نفسها تفاؤلاً حذراً إزاء الأوضاع الحالية لاقتصاد الإمارة.
وفي ما يتعلق بالأوضاع الداخلية للمنشآت الصناعية، ظل مستوى التفاؤل عند مستوى حذر يميل إلى نقطة الحياد، خصوصاً في ما يتعلق بقضايا الأسعار (أسعار المنتجات ومستلزمات الإنتاج والأجور) والمدخلات الأولية (من القوة العاملة ورأس المال المستثمر) والنشاط الاقتصادي لها (المبيعات والإنتاج والمخزون واستغلال الطاقة الإنتاجية).
وتعد أقل المنشآت الصناعية تفاؤلاً المنشآت الصناعية الصغيرة (أقل من 50 عاملاً)، وذلك لأن مناعتها أقل أمام التغيرات السلبية في السوق، إذ إن إنتاجية العمل ورأس المال أقل نسبياً من المنشآت الأكبر، لذا فإن تفاؤلها يكون أقل وهذا يتطابق مع التوقع والنظرية الاقتصادية.
وبالنسبة للمنشآت الصناعية كبيرة الحجم، فإن إنتاجية العمل ورأس المال عادة ما تكون أكبر من المنشآت الصغيرة (بسبب أن الإنتاج يكون بالحجم الكبير في هذه المنشآت)، كما يلاحظ أن تلك المنشآت في الأغلب منشآت تعمل لأغراض التصدير، إلى جانب ارتفاع قدرتها على التسويق خصوصاً في الأسواق الدولية، نظراً لما تمتلكه من كوادر بشرية وقدرات مادية كبيرة مقارنة بالمنشآت الأخرى، بينما المنشآت المتوسطة الحجم ليست بمقدرة المنشآت الكبيرة ووجود مشكلات في الأسواق يجعلها أكثر عرضة للصدمات، التي لا تكون بقدرة المؤسسات الكبيرة في امتصاص الصدمات.
وتعد المنشآت الصناعية بمجال «الصناعات الغذائية» الأكثر تفاؤلاً في أبوظبي إزاء الأوضاع الحالية والمستقبلية، نتيجة لارتفاع الطلب على المنتجات الغذائية بشكل عام داخل الإمارة والدولة بشكل عام.
وعلى خلاف ذلك، فإن المنشآت الصناعية بمجال «صناعات الأخشاب» لديها تشاؤم بشكل نسبي إزاء الأوضاع الحالية، ويعود ذلك إلى ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج والتشاؤم تجاه النمو الاقتصادي.
وتعد صناعات الأخشاب أكثر الصناعات التي تواجه معوقات، تليها الصناعات البتروكيماوية والصناعات الورقية، بينما يعد نشاط إعادة التدوير ونشاط إمدادات الكهرباء والغاز والمياه من أقل الصناعات التي تواجه معوقات.
وأفاد مؤشر أداء القطاع الصناعي بأن معظم المعوقات تشمل جانبي الطلب والعرض معاً، إذ أفاد نحو 15٪ من المنشآت، بأن هناك معوقات تواجهها في جانبي العرض والطلب، بينما أفاد نحو 10٪ إلى معوقات في جانب العرض فقط، ونحو 7٪ إلى معوقات في جانب الطلب فقط، بينما أفاد نحو 68٪ بعدم وجود معوقات تواجه نشاطها.
وتختلف نسب الطاقة المستغلة بالمصانع طبقاً لنوع النشاط، إذ بلغت أعلى معدلاتها في صناعات إمدادات الكهرباء والغاز والمياه وفي صناعات إعادة التدوير وكذلك الصناعات الاستخراجية، وبلغت أدناها في صناعة الأخشاب، وبلغ متوسط نسبة الاستغلال للطاقة الإنتاجية للمصانع في إمارة أبوظبي نحو 75٪، إذ تعد هذه النسبة مرتفعة وقريبة من النسب العالمية.
وحسب المؤشر تكمن الأسباب الرئيسة في صعوبة الحصول على ائتمان من وجهة نظر المنشآت الصناعية في اشتراط البنوك توفير ضمانات كبيرة قد تعجز المنشآت الصناعية عن الوفاء بها، نظراً لانخفاض رأس المال في العديد من الصناعات، خصوصاً الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وبسبب نقص دراسات الجدوى والمعلومات لدى البنوك لتقييم المشروعات وجدواها الاقتصادية.
ومن الأسباب التي أشار إليها المؤشر أيضاً البيروقراطية، كثرة المستندات المطلوبة، طول الإجراءات وتعقيدها، طول الفترة الزمنية للحصول على القروض، ارتفاع معدل الفائدة، قصر فترة السداد، ارتباط التمويل بحجم المنشأة.
أما بالنسبة للأسباب الرئيسة وراء عدم توافر العمالة، خصوصاً العمالة المدربة، فهي تكمن في قوانين العمل والعمال، خصوصاً المتعلقة بعدد العمالة وجلبها من الخارج والقوانين المرتبطة بسكن العمال في «إيكاد»، وارتفاع التكاليف، وارتفاع كلفة الرسوم والغرامات المتعلقة باستخراج التأشيرات والرخص والهوية، وارتفاع أجور العمالة المدربة وانتقالها بعد التدريب.
ومن الأسباب التي رصدها المؤشر في هذا المجال، أن معظم المنشآت الصناعية (نسبة 90٪) تستهدف الأسواق المحلية في أبوظبي، ويعود ذلك إلى ما تواجهه المنشآت الصناعية، خصوصاً الصغيرة، من انخفاض قدرتها التسويقية، إلى جانب العديد من القيود الخاصة بالحصول على قروض والمتعلقة بالعمالة، بمعنى غياب التوجه نحو السوق الدولية بسبب ضعف تنافسية هذه الصناعات، وضعف قدراتها على اختراق الأسواق الخارجية.
وحسب المؤشر، يتطلب ذلك وضع نظم وحوافز داعمة لسياسة التصنيع من أجل التصدير التي ركزت عليها الرؤية الاقتصادية .2030