يستهدف منع دخول المواد الرديئة ويزيد العمر الافتراضي للبنايات ويرفع مستوى السلامة

«مواصفـات» تطرح «كـود» إماراتيـاً للبـنـــــاء العام المقبل

أسعار المنتجات الصينية تقل عن نظيرتها الأوروبية بنحو 40٪. تصوير: أسامة أبوغانم

بدأت هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس (مواصفات) إعداد أول كود إماراتي للبناء يتضمن وضع مواصفات قياسية لجميع المواد التي تدخل في عملية البناء في الدولة، بهدف منع دخول مواد البناء الرديئة، وزيادة العمر الافتراضي للبنايات، ورفع مستويات الأمن والسلامة في العقارات السكنية والتجارية في الدولة.

وأكدت الهيئة أنه لن يتم السماح بإنتاج أو استيراد مواد بناء رديئة الصنع أو قليلة الجودة لا تتفق مع المواصفات القياسية الموضوعة ولا تتوافر فيها عناصر الأمان والسلامة، بعد إقرار هذا الكود الموحد خلال العام المقبل.

وكانت «الإمارات اليوم» رصدت زيادة كبيرة في استخدام مواد بناء صينية رخيصة الثمن، اعتبرها البعض قليلة الجودة، إذ أثار مقاولون مخاوف من دخول مواد بناء أساسية رديئة رخيصة الأسعار من أسواق آسيوية، ما يؤثر في مستويات الأمن والسلامة في مباني الدولة.

وقال مقاولون إن هذه المواد تستحوذ على نحو 30 إلى 40٪ من إجمالي سوق مواد البناء في الدولة، وأن أسعارها تقل في المتوسط بحدود 50٪ عن المواد المماثلة المستوردة من دول أوروبية وآسيوية، بينما تقل في بعض المواد بنسبة تصل إلى 95٪.

كود البناء

وتفصيلاً، قال المدير العام بالوكالة لـ«مواصفات»، محمد صالح بدري، لـ«الإمارات اليوم»، إن «هناك قوانين متباينة لأكواد البناء في إماراتي أبوظبي ودبي، بينما لا توجد أكواد بناء في بقية إمارات الدولة حتى الآن»، لافتاً إلى أن «اجتماعات تنسيقية بدأت أخيراً بمشاركة (مواصفات) وحضور ممثلين عن إمارات الدولة المختلفة لوضع الكود الموحد، الذي من المنتظر أن يدخل حيز التنفيذ في عام 2013».

ولفت بدري إلى أن «هذا الكود سيتضمن مواصفات قياسية لمواد البناء الأساسية والتكميلية تضمن جودتها وزيادة قوتها ومتانتها ومنعها من التآكل ورفع درجة مقاومتها للصدأ، وعلى رأس هذه المواد التي ستشملها المواصفات يأتي الحديد والإسمنت والخرسانة بأنواعها والأسلاك الكهربائية وكابلات الكهرباء والأنابيب ومواد التسقيف والزجاج والأدوات الصحية والبلاط وأجهزة التكييف، فضلا عن جميع المواد المستخدمة في أعمال التشطيبات والديكور». وأكد أنه «لن يتم السماح بإنتاج أو استيراد مواد بناء رديئة الصنع أو قليلة الجودة لا تتفق مع المواصفات القياسية الموضوعة، ولا تتوافر فيها عناصر الأمان والسلامة، بعد إقرار هذا الكود الموحد العام المقبل».

وأشار إلى أن «الكود الموحد للبناء سيعمل على زيادة العمر الافتراضي للبنايات، ويجعل العمر الافتراضي للبنايات موحداً في مختلف إمارات الدولة، كما سيعمل على زيادة مقاومة الحرائق وتقليل حدوثها».

وأوضح أنه «سيتم رفع الكود إلى دول مجلس التعاون الخليجي لإقراره بعد ذلك في اجتماعات ستعقد خصيصاً لهذا الغرض بعد الانتهاء منه، بحيث يكون هناك كود خليجيي موحد للبناء يعتمد على المواصفات الإماراتية، ما يرفع من حجم التجارة البينية بين دول الخليج، ويعزز القدرة التنافسية للمصانع الإماراتية في المنطقة، ويؤدي إلى زيادة الاستثمارات العقارية الإماراتية في منطقة الخليج».

واستبعد بدري أن يؤدي تطبيق الكود إلى رفع أسعار مواد البناء، ما يؤثر في كلفة البناء في الدولة، موضحاً أن «الكود لن يؤدي إلى إضافة أعباء على المستهلك، لكنه سيكون في مصلحته في المقام الأول، إذ سيعمل على تحسين الخدمات المرتبطة بالبناء».

مواد رخيصة

إلى ذلك، أكد مقاولون أنهم يحاولون الابتعاد عن استخدام مواد بناء أساسية رخيصة، ويركزون على استخدام مواد البناء الكمالية الرخيصة فقط، بينما رفض آخرون استخدامها واعتبروها رديئة الصنع، وطالبوا بسرعة إقرار مواصفات قياسية تحدد شروطاً لجودة هذه المواد.

وقال المدير العام لشركة بالحصا للمشاريع، محمود قيناوي، إن «مواد البناء الصينية آخذة في الانتشار في الدولة، إذ تستحوذ على نسبة تراوح بين 30 و40٪ من سوق هذه المواد في الدولة».

وأرجع قيناوي هذا الانتشار إلى رخص أسعارها، إذ تنخفض في المتوسط بنسبة 50٪ عن نظيرتيها الأوروبية والآسيوية.

ولفت إلى أن «العديد من الشركات تركز على استخدام مواد البناء الصينية التكميلية التي لا توجد بها تكنولوجيا عالية أو عناصر تتعلق بالأمن والسلامة، مثل السيراميك والبلاط والأسلاك الكهربائية وورق الحائط وتلك المستخدمة في التشطيبات وأعمال الديكور»، موضحاً أن «المواد الصينية أنواع مختلفة، فمنها ما يصنع في الصين، لكن لمصلحة مصانع أوروبية، ويتم الاستيراد في هذه الحالة بشهادة منشأ أوروبية تابعة للشركة الأم، ومنها ما يصنع في الصين نفسها لمصلحة شركات محلية صينية بشهادة منشأ صينية، وهي تنقسم إلى ثلاثة أنواع نخب أول تقل أسعاره في حدود 30٪ عن المواد الأوروبية، ونخب ثانٍ تقل أسعاره بنسبة 40٪ تقريباً، ونخب ثالث قليل الجودة تقل أسعاره بنسبة 50٪ فأكثر عن أسعار المواد الأوروبية والآسيوية المماثلة».

مستويات للجودة

من جانبه، رأى المدير العام لشركة بن ساعد للمقاولات، عدنان بن عقول، أن انتشار مواد البناء الصينية لا يقتصر على الإمارات، بل يمتد ليشمل دول الخليج وبقية دول العالم بصفة عامة.

وأوضح أن «الإنتاج الصيني يتميز بأنه من مستويات عدة للجودة، وتقل أسعاره في حال كان ذا جودة عالية بنسبة 15٪ تقريباً عن مثيله الأوروبي والآسيوي نتيجة انخفاض أجور العمالة»، لافتاً إلى أن «هناك فروقاً سعرية هائلة بين منتجات صينية وأخرى أوروبية، مثل مقابض الأبواب، إذ يتم بيع إحدى النوعيات الصينية في الدولة بسبعة دراهم مقابل 150 درهماً للمقبض الأوروبي، بفارق يتجاوز 95٪».

من جهته، أفاد مدير تطوير المشروعات في شركة «الشعفار للمقاولات»، كريم الشناوي، بأن «مواد البناء التي تدخل الدولة تتميز بجودتها بما فيها المواد الصينية، وأنه يتم التركيز على استخدام المواد الصينية الرخيصة التي تدخل في التشطيبات وتلك الخاصة بالأمن والسلامة».

واعتبر أن «أسعار المنتجات الصينية تقل بنسبة 15 إلى 20٪ مقارنة بمنتجات آسيوية أخرى، وبنسبة 25٪ مقارنة بالمنتجات الأوروبية المماثلة». وأكد أن «جميع المواد التي تدخل الدولة تخضع لاختبارات دقيقة تتعلق بالجودة، وإذا لم تثبت جودتها فإنها تمنع من دخول الدولة».

فروق سعرية

من ناحيته، قال المدير العام لشركة «طنب الكبرى للمقاولات»، إبراهيم خوري، إنه يرفض استخدام مواد البناء الصينية، لأنها رديئة للغاية، على الرغم من أن أسعارها مناسبة تماماً، وأضاف أن «هناك فروقاً سعرية كبيرة في الأسعار بينها وبين بقية المنتجات، إذ إنه على سبيل المثال يصل سعر البورسلين الإسباني إلى 190 درهماً للمتر، بينما يباع الصيني منه بسعر 35 درهماً». وطالب خوري الأجهزة الرقابية بالاهتمام بمراقبة الجودة حماية للمستهلكين، ووضع مواصفات تتضمن حداً أدنى من الجودة لا يمكن النزول عنه.

بدوره، رفض صاحب شركة مقاولات أخرى، فضل عدم ذكر اسمه، استخدام المواد الرخيصة، وقال إن شركات مقاولات لجأت إلى ذلك في محاولة للتقليل من كلفة البناء نتيجة حالة الركود وخروج العديد من الشركات من السوق أخيراً.

وأعرب عن مخاوفه من دخول مواد بناء أساسية زهيدة السعر قليلة الجودة، ما يؤدي إلى «كوارث»، بحسب تعبيره، مطالباً بتشديد الرقابة وسرعة الانتهاء من كود البناء الموحد.

تويتر