«شيك الضمان» يثير جدلاً بين مصرفيين
أثار موضوع شيك الضمان الذي تطلب البنوك من المتعاملين توقيعه لدى الحصول على التسهيلات الائتمانية تبايناً واضحاً في الآراء بين مصرفيين.
ففي الوقت الذي قال مصرفيان إن الشيك ليس شرطاً مفروضاً من قبل البنك المركزي، وأن تقييم ملف المتعامل والالتزام بالحد الائتماني المحدد لكل متعامل، ومعادلة مكافأة نهاية الخدمة قيمة القرض نفسه، أمور ممكن أن تغني عن أخذ الشيك، رأى مصرفيان آخران أن شيك الضمان مهم جداً ولا يمكن الاستغناء عنه، مشيرين إلى أن إعطاء شيك بضمان مكافأة نهاية الخدمة لا يعد كافياً، إذ إنه في بعض الحالات قد يحرم الموظف من مكافأته لأسباب عدة، ما يفوت على البنك ضمان حقه في هذه الحالة.
ليس شرطاً
غير قانوني قال المستشار في القضايا المالية، صلاح الحليان، إن «إجبار البنوك متعامليها على توقيع شيك كنوع من الضمان هو أمر غير قانوني، وفي كثير من دول العالم فإنه لا يؤدي إلى التعرض إلى السجن»، موضحاً أن «وجود قانون للإفلاس من شأنه تنظيم هذه الإشكالية»، لافتاً إلى أن «البنوك من باب العرف دأبت على إجبار المتعامل على توقيع شيك للضمان حتى لو كان راتبه محولاً عندها». وأشار إلى أن «توقيع البنوك اتفاقات مع جهات العمل المختلفة لضمان تحويل مكافأة نهاية الخدمة نظير إدراجها في قوائم الشركات المسموح لموظفيها بالاقتراض من تلك البنوك يعد تعسفاً يستوجب تدخلاً من الجهات المسؤولة»، مشدداً على أن «مكافأة نهاية الخدمة حق أصيل للعامل لا ينبغي المساومة عليه أو حجزه مقدماً مقابل منحه تسهيلات»، وأكد أنه «طالما أن البنوك تمنح المتعاملين قروضاً فوق طاقتهم، فإن عليها تحمّل جزء من المخاطرة»، مشيراً إلى أن «المتعامل تحت ضغط حاجته يقبل بأي شروط، والبنوك تستغل ذلك من جانبها». |
وتفصيلاً، أقر رئيس الفروع والخدمات المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الإمارات لدى بنك «إتش إس بي سي الشرق الأوسط»، مصطفى رمزي، بأن اشتراط البنوك الحصول على شيك ضمان لمنح القروض يعد أحد المتطلبات التي تفرضها البنوك، وأنه ليس شرطاً أو تعليمات صادرة عن المصرف المركزي.
وقال إنه «يجب على البنوك أن تدرك أن تقييم ملف المتعامل الراغب في الاقتراض، والالتزام بنسب الإقراض المحددة، والحد الائتماني الخاص بكل متعامل، يعد أكثر أهمية من شيك الضمان، لأنها عوامل تضمن إلى حد كبير عدم تعثر المتعامل مستقبلاً، ومن ثم يسدد التزاماته ويكون البنك في غنى عن استخدام شيك الضمان»، موضحاً أنه «على الرغم من وجود ضمانات أكثر أهمية، مثل اشتراط تحويل الراتب والحصول على مكافأة نهاية الخدمة، إلا أن شيك الضمان يعد أيضاً متطلباً ضرورياً لبنوك، لاسيما أنها تعمل في مجتمع تكثر فيه أعداد المغتربين بشكل كبير».
ورفض رمزي، في تصريح لـ«الإمارات اليوم»، أن «تستخدم البنوك شيك الضمان الذي يعد أداة لحفظ حقوق البنك، بشكل يسيء إلى المتعامل، مثل أن تستغله لتهديده أو الضغط عليه في حال التعثر لأسباب خارجة عن إرادته».
وأشار إلى أن «المخاوف من عدم الحصول على شيك الضمان حال الانتهاء من سداد كامل قيمة القرض تعد مخاوف غير منطقية، لأن الشيك يعدم عند انتهاء القرض، والمتعامل يمكنه الحصول على شهادة براءة ذمة، فضلاً عن أنه لا يمكن للبنك أن يستخدم الشيك ضد المتعامل الملتزم الذي يعد مكسباً للبنك، ومن ثم لا يكون في مصلحة البنك استغلال شيك الضمان من دون مبرر».
نهاية الخدمة
من جانبه، قال المستشار في بنك أبوظبي الوطني، سيف الشحي، إن «البنوك اعتادت أخذ شيك الضمان إذا لم يكن راتب المتعامل محولاً إليها، خصوصاً في القروض أو بطاقة ائتمان»، موضحاً أنه «يفترض طالما أن هناك راتباً محولاً ومكافأة نهاية الخدمة، أنه لا وجود لأهمية قصوى تفرض أخذ شيك من المتعامل بالمبلغ المقترض»، مستدركاً أن «البنوك المتحفظة في الإقراض تراعي أن يكون مبلغ القرض في حدود مكافأة نهاية الخدمة، لكن هذا لا يمنع من وجود مبالغ أكبر تعطى حتى 20 ضعف الراتب، بحسب نظام القروض الصادر عن المصرف المركزي».
وأضاف الشحي أن «من حق المتعامل رفض التوقيع على شيك ضمان طالما أثبت أن مكافأة نهاية خدمته تعادل ما اقترضه، إلى جانب أن راتبه محول أصلاً إلى البنك»، منوهاً بأن «اهتمام المتعاملين بمعرفة التفاصيل وحقوقهم وواجباتهم من الأمور الضرورية جداً قبل توقيع أي أوراق».
الشيك ضمانة
في المقابل، أكد نائب الرئيس التنفيذي مدير الخدمات المصرفية للأفراد في مصرف الهلال، محمد زقوت، أن «هناك أهمية لأن يوقع المتعامل على شيك ضمان، سواء كان ما حصل عليه من تمويلات يعادل مكافأة نهاية الخدمة أم لا»، موضحاً أن «البنوك تتحسب لعدد من السيناريوهات التي يمكن أن تحدث حتى مع تحويل المتعامل راتبه ومكافأة نهاية الخدمة، منها حدوث مشكلة قد يحرم المتعامل بسببها من مكافأة نهاية خدمته، أو توقف راتبه نظراً لأسباب قانونية».
وأضاف زقوت أنه «من الصعب التزام البنوك بمنح قرض في حدود مكافأة نهاية الخدمة، ومعظم البنوك تمنح قروضاً تراوح بين 15 و20 ضعف الراتب»، لافتاً إلى أن «كثيراً من المتعاملين يعملون في جهات خاصة تسمح لهم بأخذ سلف من مكافأة نهاية الخدمة، وبالتالي لا يضمن البنك وصولها كاملة له في حال ترك الموظف العمل، لذا تفضل البنوك التحوط بشيك يستخدم ضماناً، ولا تلجأ إلى اتخاذ إجراء قانوني بموجبه إلا في حال عدم التزام المتعامل بدفع أقساطه أو انقطاع التواصل معه، وغيرها من المواقف التي تظهر سوء نيته».
يشار إلى أن المصرف المركزي منع البنوك من توقيع المتعامل على شيك غير محدد القيمة أو ما يعرف مصرفياً بـ«شيك على بياض»، وألزم البنوك بوضع كامل مبلغ القرض والفائدة المترتبة عليه في الشيك قبل توقيعه، إلا أنه وبحسب متعاملين فمازالت بنوكهم تطلب منهم التوقيع على شيكات مفتوحة غير محددة القيمة، خصوصاً عند أخذ بطاقة ائتمان.
واتفق مع زقوت الخبير المصرفي، أمجد نصر، الذي قال إن «أخذ شيك الضمان سياسة متبعة من قبل البنوك مقابل منح تسهيلات مصرفية، ومكافأة نهاية الخدمة لا تغني عنه، حتى وإن كانت بقيمة القرض»، مشيراً إلى أنه «في بعض الأحيان، يتم الاستغناء عن الموظف لسوء أمانته، بما يستوجب حرمانه من مكافأة نهاية الخدمة، وتحسباً لهذه الحالة وغيرها تفضل البنوك الاحتفاظ بشيك ضماناً لحقوقها».