الآلية الجديدة لرسوم امتياز «دو» و«اتــصالات» ضرورة لتقييم عادل للأسهم
قلل محللون ماليون من التأثير السلبي لقرار وزارة المالية، بشأن رسوم حق الامتياز لشركتي الاتصالات العاملتين في الدولة، مؤسسة الإمارات للاتصالات (اتصالات)، وشركة الإمارات للاتصالات المتكاملة (دو)، الذي أدى إلى هبوط السهمين بالحد الأقصى، وخسارة الأسواق المالية 8.7 مليارات درهم من قيمتها السوقية في جلسة واحدة، بعد أن سجل مؤشرا سوقي «دبي المالي» انخفاضاً بنسبة 1.53٪، و«أبوظبي للأوراق المالية» بنسبة 2.55٪.
وأشاروا إلى أن المستثمرين تجاهلوا حقيقة قوة المركز المالي للشركتين، وأن القراءة المتأنية للتفاصيل تظهر أن تعديل نسب حق الامتياز قد لا يؤثر كثيراً في أرباحها المستقبلية، لافتين إلى أن وجود الآلية الجديدة بشأن رسوم حق الامتياز لشركات الاتصالات، كان ضرورة لمواجهة عدم وضوح الرؤية لدى المستثمرين عن حق الامتياز الذي ستسدده الشركتان في السنوات المقبلة، ما يُمكن المحللين والمستثمرين من تقييم الأسهم على هذا الأساس بدقة أكثر.
وأكدوا أن إعادة النظر في عملية التخطيط الضريبي، وبعض الأساليب المحاسبية المتبعة، يُمكن الشركتين من خفض قيمة الضريبة المستحقة، وتحقيق أقصى استفادة من الوفورات الضريبية.
تخطيط ضريبي
آليات جديدة في سوق أبوظبي للأوراق المالية أكدت رئيسة قسم البحوث والدراسات المالية في شركة الفجر للأوراق المالية، مها كنز، أنه «نظراً لثقل الوزن النسبي لسهم (اتصالات) في المؤشر العام لسوق أبوظبي، فقد كان انخفاض المؤشر فيه أكبر من الانخفاض في سوق دبي المالي، بعد الإعلان عن الآلية الجديدة لرسوم حق الامتياز لشركات الاتصالات». وقالت إن «مثل هذا الأمر يشير إلى أهمية الآليات الجديدة التي اعتمدها سوق أبوظبي وأعلن عنها الأسبوع الجاري، والتي تتعلق باحتساب أسعار الإغلاق ومؤشر السوق». وأضافت أن «إدارة سوق أبوظبي أعلنت أنه ابتداء من بداية عام 2013، ستعتمد آلية جديدة لاحتساب سعر الإغلاق للأسهم، إذ سيتم استحداث مرحلة جديدة من مراحل التداول تسمى (مرحلة ما قبل الإغلاق)، تكون مدتها 10 دقائق قبل انتهاء جلسة التداول، يتم فيها السماح لجميع الوسطاء بإدخال الأوامر إلى نظام التداول الإلكتروني وتعديلها دون تنفيذ»، موضحة أن «النظام الإلكتروني سيحتسب عند انتهاء جلسة التداول سعر الإغلاق، وفقاً للمعايير المتبعة نفسها لاحتساب سعر الافتتاح، وتنفيذ أوامر البيع والشراء كافة، القابلة للتنفيذ على هذا السعر تلقائيا». وأشارت إلى أنه «في ما يخص الآلية الجديدة لاحتساب مؤشر السوق، ستكون على أساس الأسهم الحرة المتاحة للتداول، أي أن وزن كل شركة مدرجة في المؤشر سيعتمد على عدد الأسهم المتاحة للتداول فقط»، لافتة إلى أنه «سيتم استبعاد أثر الأسهم غير الحرة، التي تم تحديدها بأنها الأسهم المملوكة من قبل الجهات الحكومية، وأسهم المؤسسين خلال فترة حظر تداولها، والملكيات التي تبلغ (10٪)، أو أكثر من رأسمال الشركة المدرجة والأسهم غير المودعة».
|
وتفصيلاً، قالت رئيسة قسم البحوث والدراسات المالية في شركة «الفجر» للأوراق المالية، مها كنز، إنه «على الرغم من اختلاف آراء المحللين عن تأثير تلك الآلية الجديدة في المعدل الفعلي للرسوم المقررة، فإن كل ما تحتاج إليه كلتا الشركتين في المرحلة المقبلة، هو إعادة النظر في عملية التخطيط الضريبي، الذي يعد إحدى الأدوات المالية التي تعتمد عليها إدارة الشركات لخفض قيمة الضريبة المستحقة، وتحقيق أقصى استفادة من الوفورات الضريبية التي تنطوي عليها القوانين الموضوعة».
وأضافت أن «التخطيط الضريبي داخل الشركات عملية مستمرة وتظهر في مجالات عدة، منها عند اختيار مصادر التمويل المناسب أو الأساليب المحاسبية المتبعة، مثل توقيت الاعتراف بالإيراد، وعند الحفاظ على المكاسب من تطبيق اتفاقات منع الازدواج الضريبي».
وأشارت إلى أن «دراسات بحثية عدة، أظهرت أن نجاح إدارات الشركات في عملية التخطيط الضريبي، وربطها بالسياسات الاستثمارية والتمويلية لها، يسهمان بقدر كبير في تعظيم قيمتها، من خلال تعزيز الأداء المالي للشركات»، مشترطة لتحقيق ذلك أن تكون تلك الشركات طبقت قواعد الحوكمة، لعدم تقديم معلومات ذات تباين بين المديرين والمراجعين الداخليين.
«اتصالات» و«دو»
وفي ما يتعلق بالتخطيط الضريبي المطلوب في شركتي الاتصالات، أفادت كنز، بأنه «يمكن لـ(اتصالات)، و(دو) تحقيق وفورات ضريبية ضمن الآلية الجديدة بشأن رسوم حق الامتياز، عبر توجيه استثمارات الشركة نحو رفع حصة الإيرادات من العمليات الخارجية، التي تكون معفاة وفق الآلية الجديدة».
وذكرت أن «الشركتين مطالبتان بالعمل على توجيه الاستثمارات الخارجية نحو البلدان التي تقل بها مستويات الضرائب المفروضة عن السقف الذي حددته وزارة المالية للرسوم داخل الإمارات، حتى يكون أقصى مستوى للرسوم، ما هو مقرر داخل الدولة»، داعية الشركتين إلى تعديل سياساتهما بالنسبة للخدمات المقدمة في شكل باقات، والعمل على تفتيت تلك الخدمات، مع التوسع في تقديم الخدمات غير المرخصة من «هيئة تنظيم الاتصالات»، حتى تعظم الإيرادات والأرباح غير الخاضعة للضريبة، إذ لا تخضع الإيرادات أو الأرباح للرسوم المقررة اذا كانت الخدمة منفردة، وتفرض عليها الرسوم اذا دخلت ضمن باقات».
وأكدت أن «إعادة النظر في بعض الأساليب المحاسبية المتبعة لدى الشركتين، يمكن أن تتحقق معها وفورات ضريبية»، مدللة على ذلك بعملية «الإهلاك»، بمعنى أن تستقطع الشركة أكبر قدر للإهلاكات في السنوات التي يرتفع بها معدل الرسوم المخصومة، والعكس في السنوات التي تنخفض فيها الرسوم لتحقيق وفر ضريبي.
وأوضحت أنه «عند تطبيق هذا الأمر على الشركتين، سنجد أن (اتصالات) تخضع لرسوم خلال السنوات الثلاث المقبلة أعلى من المقررة بعام 2016 وما بعدها، وعند استخدام أسلوب القسط المتناقص والذى يكون فيه قسط الإهلاك الذي يُحمّل على حساب الأرباح والخسائر يتناقص سنوياَ، وبالتالي يكون مرتفعا في السنوات الأولى، ومنخفضاً في السنوات الأخيرة، ما يمكنها من تحقيق وفر ضريبي».
وأشارت إلى أن «الأمر يسير بشكل معاكس تماماً بالنسبة لشركة (دو)، إذ ترتفع الرسوم المقررة عليها شيئاً فشيئاً خلال السنوات المقبلة إلى أن تثبت في عام 2016 وما بعدها، وبالتالي فإنه يمكنها تحقيق وفورات ضريبية من خلال اتباع أساليب محاسبية، تعمل على تأجيل بعض النفقات إلى فترات الخضوع للضريبة الأعلى، وتالياً تحقيق أرباح أعلى خلال الفترات التي تنخفض بها الرسوم الضريبية».
واستطردت كنز أنه «يمكن للشركتين تحقيق وفورات ضريبية بطرق مختلفة أولها الاستفادة من التكاليف واجبة الخصم من الوعاء الضريبي، واستخدام بنود كلفة يتم استقطاعها بدلاً من بنود لا تعد كلفة مثل التمويل بالاقتراض بدلاً من التمويل الذاتي»، لافتة إلى أن «الطريقة الثانية تتمثل في العمل على خفض القيمة الحقيقية للضريبة المستحقة، من خلال التأخر في دفعها، والاستفادة من القيمة الزمنية للنقود مثل تقسيط الضريبة المستحقة، أو تأجيل سدادها للاستفادة من تغطية بعض المصروفات ما أمكن ذلك».
انخفاضات قياسية
وعن تأثير الإعلان عن الآلية الجديدة في الأسهم، ذكرت كنز، أن «رسالة وزارة المالية وردت إلى الأسواق المالية صباح جلسة الاثنين الماضي، وعلى أعقابها تم وقف التداول على كل من سهمي (اتصالات) و(دو) مؤقتاً، ولم تُجرَ أي تداولات عليهما بتلك الجلسة».
وأوضحت أنه «مع افتتاح جلسة تداولات الثلاثاء، هبط السهمان بالحد الأقصى، ما انعكس سـلباً على الأسهم الباقية المدرجة في السوقين، لتخسر الأسواق المالية نحو 8.7 مليارات درهم من قيمتها السوقية في الجلسة، بعد أن انخفض مؤشرا سوق دبي المالي بنسبة 1.53٪، وسوق أبوظبي للأوراق المالية بنسـبة 2.55٪».
وأشارت إلى أن «سهمي (اتصالات) و(دو) سجلا تذبذبات سعرية ضمن نطاق ضيق خلال الجلسات التالية، وفي نهاية الأسبوع كانا ضمن قائمة الأسهم الأكثر هبوطاً والأكثر تداولاً، إذ انخفض سهم (دو) بنسبة 10.8٪ ليغلق عند 3.45 دراهم بقيمة تداولات بلغت 118.9 مليون درهم، وسجل سهم (اتصالات) انخفاضاً بنسبة 8.56٪ ليغلق عند 9.08 دراهم وبقيمة تداولات بلغت 275.18 مليون درهم».
وضوح رؤية
من جهته، قال المحلل المالي، علاء الدين علي، إنه «على الرغم من تفاعل الأسواق سلباً مع الآلية الجديدة لتطبيق رسم حق الامتياز الاتحادي على شركات الاتصالات، فإن وجود مثل هذه الآلية كان ضرورة لمواجهة عدم وضوح الرؤية لدي المستثمرين عن حق الامتياز الذي ستسدده الشركتان في السنوات المقبلة».
وأضاف أنه «وفقاً للنظام الجديد، ستتساوى الرسوم التي تدفعها شركتا (اتصالات) و(دو) عن خدماتهما المحلية في عام 2016، ما يحسن شروط المنافسة المستقبلية بين الشركتين من خلال دفع النسبة ذاتها من رسوم الامتياز»، مشيراً إلى أن «وضوح الرؤية لحق الامتياز المطلوب من الشركتين خلال السنوات المقبلة، يمكن المحللين والمستثمرين من تقييم الأسهم على هذا الأساس بدقة أكثر».
وانتقد علي حالة القلق التي سادت الأسواق المالية عقب الإعلان عن الآلية الجديدة، والتي دفعت متعاملين إلى التخلص من سهم (اتصالات) عند الحد الأقصى المسموح به للانخفاض (نسبة 10٪)، منبهاً إلى أن «المستثمرين تجاهلوا حقيقة قوة المركز المالي للشركة، وأن تعديل نسب حق الامتياز لن يؤثر كثيراً في أرباحها المستقبلية».
قراءة متأنية
بدوره، قال المحلل المالي، مصطفى حسن، إن «القراءة المتأنية لتفاصيل الآلية الجديدة تظهر عدداً من الحقائق الواجب الالتفات إليها، أولها أن (دو) كانت مستعدة لمثل هذا القرار، إذ كـانت ترصد مخصـصات مالية لحق الامتياز تصل سنوياً إلى 50٪ من أرباحها، ما حقق لها وفورات مالـية في السنوات السابقة نتيجة سداد حق الامتياز الذي كان بنسبة 20٪ فقط من الأرباح».
وأضاف أن «حق الامتياز لشركة (دو) سيرتفع بدءاً من العام المالي الجاري، إلى 22.5٪، موزعاً بواقع 17.5٪ على الأرباح و5٪ على الإيرادات، وترتفع النسبة العام المقبل إلى 27.5٪، ثم إلى 35٪ في عام 2014 (25٪ على الأرباح و10٪ على الإيرادات)، فيما ستدفع في عام 2015 حق امتياز نسبته 42.5٪ (30٪ على الأرباح و12.5٪ على الإيرادات)، وفي عام 2016 تتساوى (دو) مع (اتصالات) في حق الامتياز بنسبة 45٪».
وأشار إلى أنه «بموجب الآلية الجديدة، ستظل نسبة حق الامتياز المفروضة على (اتصالات) حتى عام 2016، كما هي (50٪)، لكنها ستوزع بواقع 35٪ على الأرباح و15٪ على الإيرادات حتى عام 2015، على أن تنخفض بحلول عام 2016 إلى 45٪، متضمنة 30٪ على الأرباح الصافية و15٪ على الإيرادات»، لافتاً إلى أن «الآلية الجديدة تعفي أرباح الشركات من نشاطها الدولي من رسوم الامتياز، وأعطتها مهلة خمس سنوات لتسوية خسائر شركاتها خارج البلاد، في مقابل أي أرباح تنشأ في دولة المنشأ نفـسها».